
الديداكتيك :مجموع الطرائق والتقنيات والوسائل التي تساعد على تدريس مادة معينة (Reuchlin.M.1974) – المحرر
تشكل العلوم الديداكتيكية للمواد المُدرَّسة، في العديد من الدول، مادة أكاديمية متواجدة في رحاب الجامعات و/أو مراكز تكوين المدرِّسين. إنها –أي تلك العلوم- تركز على العمليات التعليمية والتعلمية والتكوينية، ليس بشكل عام، ولكن ضمن مجال محدد. وهي تفترض بذلك أن طبيعة مادة دراسية هي التي تحدد شروط نجاح التعلُّمات أو التكوين ذي الصلة. وهكذا فالمتخصص في ديداكتيك الرياضيات يرى أن التلميذ إن كان أكثر راحة في تعلُّم هذا التخصص من تعلم لغته الأم، فذلك لكونه يحافظ على علاقة أوثق مع الرياضيات مقارنة باللغة الأم.
يعتبر ظهور العلوم الديداكتيكية للمواد المُدرَّسة، من الناحية التاريخية، متأخرًا نسبيًا: أي أقل من 40 سنة بفرنسا.
يهدف عرضي هذا أولًا إلى تقديم وصف لتطور العلوم الديداكتيكية للمواد المدرَّسة، جاعلين من ديداكتيك العلوم نقطة ارتكازنا. بعد ذلك سنعمل على أَشْكَلَنَة العلاقات بين العلوم الديداكتيكية للمواد المدرَّسة وثلاث أسئلة معاصرة تخترق المؤسسة المدرسية بفرنسا:
- مسألة معنى المدرسة ومعنى المعارف. فالتلاميذ، وقد غمرهم مجتمع يبحث هو نفسه عن معنى لمستقبله، المُواجهون بحالةٍ من الريبة فيما يخص التفوق المدرسي/التفوق الاجتماعي، والمواجهون بالتكنولوجيات الحديثة، لا ينفكون يتساءلون عن معنى المدرسة ومعنى المعارف المدرَّسة بها، علمًا أن التفوق المدرسي لا يضمن دومًا التفوق الاجتماعي ما دامت المعرفة متاحة دوما بالمجان على الشاشات [الزرقاء].
- ثم مسألة العلاقة بالمعرفة. فالتصور الديداكتيكي يفترض بشكل مسبق أن قضايا التعلم مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالمضامين المدرَّسة. مُذّاك، تميزت العلوم الديداكتيكية للمواد المدرَّسة عن التصور الذي كان برنار شارلو من الداعين الرئيسيين له؛
- وأخيرًا، مسألة الثقافة التي تشكل الركيزة الأساسية للمدرسة والتي تطفو باستمرار ضمن سياقه الفرنسي. فكيف يمكن للعلوم الديداكتيكية للمواد المدرَّسة تيسير التعلمات المدرسية وجعلها تتجاوب مع المدرسة التي هي مجال النفاذ إلى هذه الثقافة؟
المشروع الأولي للعلوم الديداكتيكية للمواد المدرَّسة
ظهرت العلوم الديداكتيكية للمواد المدرَّسة في مجالي الرياضيات والعلوم، بشكل متزامن تقريبًا، سنوات 1970-1975. كان ذلك قبل أربعين سنة.
بالنسبة للرياضيات، دفعت هذه العلوم الديداكتيكية الباحثين الجامعيين إلى مواجهة سؤال مزدوج:
- السؤال الأول تعلق بطبيعة الرياضيات ذاتها. إذ أعقاب الصدمة التي تلقتها الولايات المتحدة الأمريكية إثر إرسال السبوتنيك الروسي إلى القمر، أخذت الرياضيات المدرّسة بهذا البلاد صفة News maths المترجمة هنا بفرنسا إلى الرياضيات الحديثة. الأمر يتعلق بمقاربة جديدة تمامًا للرياضيات، مقاربة مشْبعة بالنظرية البنيوية. مما جعل نظرية المجموعات، مثلًا، تعيد النظر بشكل كلي في علم الحساب.
- السؤال الثاني يتعلق بالتلميذ. فأحداث 1968 قادت إلى اعتباره أكثر كفاعل لتعلُّماته وليس موضوعًا لها. وقد اعتُبر جون بياجيه مرجعًا في مجال علم النفس البيداغوجي المعرفي. وهكذا دفع ديداكتيك الرياضيات بعدد من الرياضيين وعلماء النفس وعلماء الاجتماع واللسانيين إلى القيام ببحوث جماعية. وسيتم إضفاء الطابع المؤسسي على هذا المجال من خلال ما عاشته الجامعات إبان إحداث مؤسسات البحث في تدريس الرياضيات (IREM التي انشئت سنة 1968)، ثم وجود دراسات الدكتورة (الأولى عام 1975)، وتنظيم حلقة دراسية وطنية (1978)، ونشر مجلة وطنية عام 1983([1]).
أما ظهور ديداكتيك العلوم (يجمع الفيزياء، والتكنولوجيا والبيولوجيا) فقد اقترن بظهور ديداكتيك الرياضيات واتبع مسارًا موازيًا له، لكنه غير متطابق.
- ظهور متوازٍ لكونه صادر عن تساؤلات همّت موضوع المضامين وضعية التلميذ. وهكذا، ففي مجال البيولوجيا، وبالتحديد مع ظهور البيولوجيا الجزيئية رفقة الفرنسيين الثلاثة جاكوب، ومونو ولووف الحاصلين على جائزة نوبل سنة 1965، تم إثارة مسألة ما يجب تدريسه وبرز على إثره نموذج براديغمي جديد لتفسير الحياة اعتُمد فيه على الخلية وليس الجسم. هنا أيضًا ستدفع أحداث 1968 إلى اتخاذ كثير من الحذر واليقظة بشأن مراعاة فكر التلميذ، وسيشكّل جون بياجيه مرجعية علمية قوية. ترجمة هذا التوجه على أرض الواقع سيتم، مرة أخرى، من خلال تنظيم دورات دراسية يستفيد منها طلبة الدكتوراه، وكذا ضمن مجلات وندوات.
- لكنه مسار غير متطابق لكون المفاهيم التي تم العمل عليها، والتي قامت عليها ديداكتيك العلوم لن تكون هي نفسها مفاهيم ديداكتيك الرياضيات. وسنعود إلى هذا بعد حين.
تثبيت العلوم الديداكتيكية للمواد المدرَّسة كميادين للبحث في الفضاء الجامعي سيتقوى، ابتداءً من سنة 1980، من خلال فتح مراكز جديدة لتكوين المدرسين (IUFM) التي عوضت مدارس المعلمين Ecoles normales. وقد اِعتبر مكوِّنو هذه المراكز أن الديداكتيك سيشكل الصيغة الرسمية الواجب التشبث بها. وسيسمى أساتذة المعاهد الجامعية لتكوين المعلمين، الذين سموا أولا بأساتذة المادة التدريسية، ثم مكوِّنين، وأخيرا بديداكتيكيين.
وستلحق بهذه ديداكتيك اللغة الفرنسية، وديداكتيك الفنون التشكيلية، وأخرى للغات الحية، وأخرى للعلوم الانسانية، وغيرها.
الأطروحات المقدمة، والمناصب الجامعية المحدثة، والمجلات الصادرة، والندوات والحلقات الدراسية المنظمة فيما بين 1990 و1995، أضفت جميعها الطابع الرسمي والمؤسساتي على الكثير منها بغية أن تشكل العلوم الديداكتيكية بفرنسا مجالًا للبحث، والممارسة والتكوين المحددة تحديدًا جيدًا. سيتم غض الطرف عن صيغ الهيكلة التي باشرتها هذه العملية على المستوى النظري والمؤسساتي. وبهذا، سيبتعد بعض البيداغوجيين عن الديداكتيك معتبرين أن البيداغوجيا قد اهتمت دوما بالمضامين، وبالمثل سيفعل بعض الفلاسفة مستنكرين غياب مسألة القيم أو أخلاق التواصل، الأمر الذي سيهتم به بعض علماء الاجتماع بشكل غير مباشر من خلال علم اجتماع المنهج.
تطور النظر في العلوم الديالكتيكية للمواد المدرَّسة
لقد تحدثنا حتى الآن عن ظهور العلوم الديداكتيكية للمواد المدرَّسة المرتبط بثلاث ظواهر: إشكالية المضامين الواجب تدريسها، نظرة جديدة للتلميذ وأخيرًا تساؤلات بصدد التكوين.
لنتوقف الآن لاستقصاء التطورات التي عرفتها هذه العلوم الديداكتيكية للمواد المدرَّسة خلال الأربعين سنة الماضية.
- يمكن قراءة هذا التطور على مستوى المفاهيم التي حشدتها مختلف العلوم الديداكتيكية منذ 1970
يتعين القيام بدراسة كل تخصص أكاديمي على حدة. سيتم اكتشاف الطريقة التي مَفْصَل بها كل علم ديداكتيكي لهذه التخصصات الأكاديمية بعض المفاهيم.
وهكذا، نجد أن المفهومين الأولين اللذين تم اختيارهما من قبل الرياضيات كانا هما النقل الديداكتيكي (أي كيف يتم لمعرفة أكاديمية أو ممارسة اجتماعية موجودة خارج النظام المدرسي أن يُعاد تأويلها حسب المستويات الدراسية المختلفة) والتعاقد الديداكتيكي (أي الطريقة التي تبلغ بها مادة مُدرّسة إلى ربط نوع خاص من العلاقة بين المدرس والتلاميذ وبين التلاميذ أنفسهم). النقل الديداكتيكي، وبالتالي الانتباه القوي للمضامين وذلك ربما لأن تأثر المعارف الرياضية بالممارسات الاجتماعية ضعيف بالمقارنة مع حالة العلوم، ثم إن الباحثين الجامعيين كانوا في طليعة المهتمين بالعلم الديداكتيكي الناشئ. ثم التعاقد الديداكتيكي لكون مجال التفاعلات الذاتوية الرسمية وغير الرسمية أول ما يلاحظه الباحثون الجامعيون عند زيارتهم لواقع الأقسام.
أما في العلوم فقد كانت مفاهيم الممارسة الاجتماعية، والتمثلات، والهدف-العائق هي التي برزت كمفاهيم ذات أولوية. وقد كانت التمثلات والهدف-العائق ذات أفضلية عن النقل لأن رواد ديداكتيك العلوم كانوا، ربما، مدرسين بمعاهد التكوين المحدثة أكثر مما كانوا جامعيين كما هو الحال بالنسبة للرياضيات.
- يمكن قراءة هذا التطور على مستوى المفاهيم المستحدثة من قبل مختلف العلوم الديداكتيكية.
يوضح مؤرخ العلوم بيير ثويليي Pierre Thuillier في كتابه “رهانات وتحديات العلم”، اعتمادًا على نموذج البيولوجيا الجزيئية، وعلى مفهوم البراديغم لدى كوهن، أن العلم خلال تطوره يمر بثلاثة مراحل.
- في البدء تكون هنالك مرحلة رومانسية. مرحلة من شأنها أن تؤدي إلى توسع الأبحاث، وبروز أفكارٍ جديدة، هي بمثابة توجه جديد في الرؤية، كما تؤدي إلى بزوغ براديغم جديد. إنها المرحلة التي تطرح فيها قضايا جديدة، وتظهر إبانها حلول جديدة. نظرتنا فيها للأمور لا تكون البتة كالسابق. وهذا ما سمح، في ديداكتيك الرياضيات وديداكتيك العلوم، بظهور مفهوميْ النقل الديداكتيكي أو مفهوم التمثلات.
- تلحق بها مرحلة دينامية، وهي فرصة لتقديم إجابات جديدة عن قضايا لم تعالج إلى ذلك الحين بمفاهيم أنشئت في المرحلة الرومانتيكية. فمن خلال مفهوم النقل الديداكتيكي يتم الشُروع في النظر إلى المضامين المدرَّسة في مختلف المستويات الدراسية بطريقة مختلفة وذلك للوقوف على التعقيدات المؤثرة، والصلة، إن وجدت، التي تجمع هذه المفاهيم بالممارسات الاجتماعية. أما مفهوم التمثُّل فيجعلنا نأخذ بعين الاعتبار ما ينقله كل متعلم، بل وكل مدرس، من التمثلات الخاصة بهم في ارتباط بالمضمون المدرَّس أو الذي سيتم اكتسابه، وأن هناك فرق بين المحتوى المُكتسب والمحتوى المناسب حقًا.
- ستؤدي المرحلة الأكاديمية، التي ستعقب المرحلة الرومانسية، إلى استقرار الإطار البحثي، إلى حين حدوث ثورة علمية تعيد النظر في هذا البراديغم وتقترح آخر. هذه المرحلة الأخيرة تُظهر بطريقة ما حدود العلم. وأعتقد أن بإمكاننا التساؤل حول ما إن كانت العلوم الديداكتيكية للمواد المدرَّسة تتواجد حاليًا خارج المرحلة الأكاديمية، فهي لم تعد تنشئ مفاهيم جديدة.
ما الذي نستخلصه من هذه الجولة السريعة جدًا؟ أسلم أن الديداكتيك لا يزال في حالة توقُّف: إنه يستخدم تساؤلاته ومفاهيمه الخاصة بمختلف المضامين المعرفية المتعلقة بالمادة التي يهتم بها.
وعليه يتحتم على المختصين في الديداكتيك أن يتساءلوا حول الطريقة التي يشتغلون بها لمعالجة القضايا الجديدة التي يكون التلاميذ سببًا في ظهورها بمدرسةٍ تعمل على تضخيم نفوذها دون أن تعمل بالضرورة على دمقرطة هذا النفوذ. وقد أشرتُ في المقدمة إلى أن قضايا جديدة تظهر بالمدرسة. هذه القضايا تتجمع كلها حول مسألة المعنى، والعلاقة بالمعرفة وبالثقافة.
لذا عنْونتُ هذا الجزء الثالث ب: الديداكتيك اليوم عند مفترق ثلاث مسائل مطروحة على كل المدارس: مسألة المعنى، مسألة الثقافة ومسألة العلاقة بالمعرفة.
الديداكتيك اليوم عند مفترق ثلاث مسائل: مسألة المعنى، مسألة الثقافة ومسألة العلاقة بالمعرفة
- الديالكتيك والمعنى
هذا المؤتمر من حيث هو كذلك لا معنى له البتة. فالمعنى في حد ذاته لا يكمن في وضعية ما. التربية البدنية والرياضية ليس لها معنى في حد ذاتها يفوق أو يقل عن الذي للرياضيات. وإنكم لتجدون مداخلتي ذات أو غير ذات معنى. إذ المعنى شخصيّ، ونادرًا ما يكون محددًا، وكما قال جيل دولوز في مؤلفه “منطق المعنى” فالمعنى كامن في علاقة الذات مع الذات، علاقة الذات مع الآخرين، وعلاقتها بالعالم.
تقريري هذا ستجدون له معنى ربما لأنه يجيب عن سؤال مطروح لديكم لم تجدوا له جوابًا أو أنه يطرح سؤالًا لم يسبق لكم طرحه. فالمعنى، في هذه الحالة، هو في علاقة الذات مع نفسها.
وإما أن هذا المؤتمر قد يكون له معنى لأنه يساعدكم على إعادة النظر في طريقتكم في التفكير والتصرف مع تلامذتكم، أو مع زملائكم أو في علاقتكم مع إدارتكم إزاء المنهجية المتبعة، والأنشطة أو التقييمات التي تقومون بها. هنا يكون المعنى في علاقة الذات مع الآخرين. زد على ذلك أنكم ستجدون معنى في هذا المؤتمر لكونه يسمح لكم بالتفاعل مع زميل لكم لا تعرفونه.
أو أن هذا المؤتمر له معنى لكونه سيفتح أمامكم أفكارًا تتجاوز شخصك، تتجاوز وضعيتك المهنية وينفتح على أفكار تفسح المجال للوضعية الإنسانية للإنسان. المعنى هنا في علاقة الذات بالعالم. وبما أن مداخلتي باللغة الفرنسية، فقد تجدون لها معنى مادامت أنها قد تلامس قضايا برازيلية.
في كتاب صادر منذ عشرين سنة تقريبًا، “إعطاء معنى للمدرسة”، اقترحت أربع خطوات تساعد الطفل، الذي تأخذه المدرسة بعين الاعتبار، على إيجاد معنى لها:
- باعتباره تلميذًا ابستيمولوجيًا. ذلك بجعله قادرًا على أخذ مسافة كافية بينه وبين المعرفة التي عليه التمكن منها ووضعها في خضم المواد المدرَّسة، ومن خلال تثمين العلاقات بمعارف أخرى ذات الصلة بنفس المادة أو بمواد أخرى، ومن خلال التكيف مع الظروف التاريخية والاجتماعية عند ظهورها.
- باعتباره تلميذًا ذا استراتيجية. يدرك ما يمكن أن يكون مفيدًا له من ضمن المعارف المكتسبة، سواء على مستوى مشروعه الشخصي، أو على مستوى مشروعه المهني. ثم يكون قادرًا على القيام باختيارات إبان استثماراته المدرسية.
- باعتباره تلميذًا ذا منهجية. إذ يحافظ دومًا على المسافة الكافية بالنسبة لطريقة تصرفه مع المدرس أو إزاء مهمة تستدعي القيام بالإجراء الأفضل. كذا يتملَّك منهجية.
- باعتباره تلميذًا محلِّلًا. إنه قادر على تفسير الطريقة التي اكتسب بها هذه المعرفة أو تلك، وكيف يمكن بلورة الفكر من خلال الرهان الميتا-معرفي.
لقد تحولت العلوم الديالكتيكية للمواد المدرَّسة نحو مسألة المعنى بالتركيز على المستوى البيداغوجي على مفهوم وضعية الأشْكَلة problématisation والاستقصاء inquiry، بالاهتمام بالوضعيات-المشكلة، وبتمثلات التلاميذ و، أبعد من ذلك، بالأبستمولوجيا ومن ثمة ببَنْيَنَةِ المعرفة في تاريخ المعارف وبالتالي بفكرة العائق الابستمولوجي.
أقترح أن تقوم العلوم الديداكتيكية للمواد المدرَّسة بالتنظير أكثر لمسألة المعنى من موادها. لربما، بقيامها بذلك، ستصل، صحبة عالم الاجتماع ألان تورين، إلى اعتبار أن المعنى يكمن في الطموح الديموقراطي المتيقظ للنفاذ إلى العقل، وإلى قيمة التاريخ وتحقيق الحرية. إن مساعدة التلاميذ على تبني معنىً بصدد درس البيولوجيا سيؤدي الى الاقتباس من تاريخ العلوم لإظهار، في آن، واحد الطابع المعروف والغير المؤكد للمفاهيم، لتجسيد فكرة العائق الابستيمي، والدحض… ومن ثم فمساعدة التلاميذ على تبني معنى درس البيولوجيا سيؤدي بهم إلى اكتشاف العلاقة بين المعارف المستعملة وبعض الحوارات الديموقراطية (أسئلة حول تغذيتنا، ومستقبل الكوكب، والإنجاب أو نهاية الحياة، والعلاقة بين البيولوجيا والصيدلانية، بين الإنتاج النباتي أو الحيواني والمسارات القصيرة للتغذية…).
- العلاقة بالمعرفة والديداكتيك
الحديث عن العلاقة بالمعرفة يعني أن نوافق على أن التلاميذ يحافظون على علاقة معينة، مع بعض التداول مع المعرفة. إننا نتحدث عن علاقة بالمعرفة كما نتحدث عن علاقة حب. التقارب بين العلاقة بالمعرفة وعلاقة الحب ليست من قبيل الصدفة. ألم يكتب فرويد أن “التعلم هو استثمار الرغبة في موضوع معرفي”؟ لا وجود لتعلم مدرسي دون رغبة في التعلم، دون العمل على العيش مع المعرفة وكل ما يجسد اكتسابها رابط متعة، علاقة من طبيعة شبقية.
إلا أنه وعوض استعمال عبارة الارتباط، أو العلاقة أو تداول المعرفة، نحبذ عليها تعبير ال “علاقة بالمعرفة”. مصطلح ال “علاقة ب ..” هي أكثر غموضا من سابقاتها. وعلاقة الفرد بالمعرفة تعني أن شيئًا ما فضفاضًا، غيرَ متعمّد، وعائمًا موجود بينه وبين المعرفة. فكرة الـ”علاقة ب …” تحيل على عملية غير واعية بالتأكيد، غير متعمدة، غير مرغوب فيها بين شخص وبين المعرفة. ويعتبر ب. شارلو، من جهة، أن الذي يتم التعبير عنه في العلاقة بالمعرفة هي هوية الفرد نفسه المتكونة من ” مجموعة من المعايير، والممارسات، والدوافع والأهداف المشتركة في الزمان”، و، من جهة أخرى، أنه من المناسب والشرعي الحديث عن علاقة مجموعةٍ بالمعرفة، لكون علاقة شخص بالمعرفة تنبثق من علاقةٍ بالمعرفة من قبل مجموعة (أو المجموعات) ينتمي هو إليها (عائلته، وسطه الاجتماعي).
إن العلوم الديداكتيكية قد تم تشكيلها من خلال الحكم على مدى أهمية خصوصية المحتوى وذلك بغية تملُّكه. وبذلك تراهن العلوم الديداكتيكية بشكل غير مباشر على حقيقة أن علاقة التلميذ بالمعرفة هي مُحدِّدة إبان اكتسابها. قبل ذلك كانت الابستمولوجيا تستجيب لهذه الوضعية. فيها تكمن خصوصية المحتوى المُّدرَّس. وبعبارة أخرى، إن طبيعة الأسئلة التي تُجيب عليها مادةٌ مدرَّسة، وخصوصية المنهج المتبع للإجابة عن هذه الأسئلة وأيضا مجموع الوقائع، والمفاهيم، والنظريات والبراديغم الخاص بهذه المادة هي التي تنشئ إما علاقة قرب أو علاقة بعد بين التلميذ وهذه المعرفة.
تلامس إذن العلوم الديداكتيكية للمواد المدرَّسة مسألة العلاقة بالمعرفة لكن ضمن رؤية معرفية. وباستعادة بعض المفاهيم كمفهوم التمثلات الاجتماعية مثلًا، سيكون مثيرًا للاهتمام تمديد هذه الرؤية في إطار مقاربة، هي في نفس الوقت، اجتماعية وتحليل نفسية أكثر مادامت العلاقة بالمعرفة ليست سطحية بل عميقة، أقصد علاقة هوية.
ج) الثقافة، الانطولوجية والديداكتيك
يمكن الإعلان عن المشروع المدرسي بطرق عديدة.
إيميل دوركهايم، أبُ السوسيولوجيا، يجيب عن السؤال “لماذا المدرسة؟” بقوله: لتكوين العامل، وتكوين المواطن وتكوين الشخص. لكن المشروع المدرسي ليس لتكوين الشخص أو العامل، لكنه يهتم بهما معًا في نفس الوقت، وهو أمر غير بيِّن في وقتنا الحالي.
يمكننا أيضا الإجابة عن سؤال “لماذا المدرسة؟” بقولنا لأجل تنشئة اجتماعية بواسطة التربية. إننا لا نعطي الأولوية، من جهة، للقسم أو للمعارف المدرَّسة به ولا، من جهة ثانية، للساحة أو الأنشطة المدرسية التكميلية التي ستُمكّن من استدخال معايير وقيم المجتمع الذي ينتمي إليه الفرد، فتساعده على بناء هويته الاجتماعية. الغرض من اكتساب المعارف يتجاوز المعارف، إذ هو في خدمة التنشئة الاجتماعية ([2]).
هذه النقطة الأخيرة هي جزءٌ من فكرة الثقافة كغاية قصوى للمدرسة. فالتنشئة الاجتماعية بواسطة المعارف تؤدي إلى جعل المعارف في خدمة الثقافة. لذا الثقافة هي أكثر من مجموع المعارف، بل وتتجاوز مجموع المواد المدرسة. وأعتقد حقًا أن الثقافة التي تعمل المدرسة جاهدة على إكسابها للتلاميذ كان قوامها كل مادة مدرَّسة بواسطة الإجابة عن أسئلة ذات طابع أنطولوجي. دعوني أوضح فكرتي.
في مادة الحساب يقترب الانسان، مع العدد، من اللانهائي والغير القابل للقياس. أما اللانهائي، فباعتماد العدد الأكبر بشكل غير متناه لعدم وجود بداية للعدِّ (والأطفال الصغار يقولون إن الأعداد قادرة على الصعود إلى السماء)، وبالأصغر بشكل لانهائي لوجود لانهائية من الأعداد العشرية بين عددين عشريين. وأما غير القابل للقياس، فلكون 22/7([3]) والذي نرمز له ب π هو بالفعل عددٌ لكنه غير قابل للقياس فهو مكون من لا عدد له من الأرقام بعد الفاصلة. فاللانهائي في الرياضيات المرتبط بالزمان والمكان يؤثر على اللانهائي الأنطولوجي. المؤمن يعتبر الله مؤشرا على للانهائي من خلال صفاتيْه: أبَدي وواسع. لا يمكن للإله أن يكون محدودًا، بل هو الكمال الذي لا حدود لكماله. فالإله، من حيث لا نهائيته، هو أقصى ما يمكن أن يكون كمصطلح لسلسلة الوقائع الطارئة في العالم، كمسببات نهائية كافية. التعداد فرصة لشق قنطرة نحو أسئلة ميتافيزيقية. بالنسبة لغير المؤمن، اللانهائي حاضر في لانهائية المسائل المرتبطة برؤية مادية للصدفة والضرورة التي تعود في الأصل إلى الانسان.
الهندسة تجعل التلميذ في إزاء اتخاذ موقف وفهم الأشياء الواقعية أو المثالية في الفضاء. الخط المستقيم الذي يستعصي تحديد طبيعته (مجموعة النقط؟) يستحيل رسمه (إنه لانهائي وبالتالي من الضروري أن يزيد عن الورقة التي يرسمه التلميذ عليها)، تمامًا مثل الدائرة أو أي شكل آخر هندسي ليست سوى مُثُل فكرية. لن يكون أبدًا من الممكن رسم دائرة تتحدد في صيغتها المثالية كمجموعة من النقط الواقعة على مسافة متساوية من نقطة ثابتة، المركز. فالهندسة تواجهنا بمسألة الواقع، من خلال البرهنة على عدم إمكانية الوصول إليه.
مع الاحتمالات، التي ساهم فيها باسكال بشكل كبير، من الممكن التركيز على مفهومي الصدفة والإحصائيات. إنها تجربة مثيرة للاهتمام إذ من الممكن اكتشاف أن الارتياب المرتبط بالصدفة يمكن تفسيره في كثير من الأحيان (باستثناء بعض الحالات التي تكون فيها المحددات أكبر من أن يتم حديدها كما هو الحال بالنسبة لرهان اللوتو). ف “ما نسميه صدفة ليس ولن يكون إلا سببًا نجهله لمؤثر معروف.”، كما يرى فولتير. فالاحتمالات تواجهنا بغير المتوقع، بالذي لا يمكن التنبؤ به والقابل أحيانا للتفسير.
بالعودة إلى الأمثلة السابقة، قد نتفق أن قضايا ميتافيزيقية قوية جدًا مثل اللانهائي، مثل الفكر، الواقع، الصدفة، والنتائج المترتبة عنها كالترتيب، المقارنة، القياس، المكان، الزمن هي مرتبطة بتعليم الرياضيات ابتداء من المدرسة الابتدائية. لذا فتعليم الرياضيات هو أكثر من محاولة إجراء عملية حسابية، أو تفكيك معادلات، أو البرهنة، ولا حتى حلّ قضايا. إنه الاهتمام بتلك المسائل القادمة من فجر التاريخ. وحين يعطيه حل المسائل هيئة، فذاك يكون بمثابة إيجاد منهج زمني هو موجود دائمًا وأبدًا.
بالنسبة لعلوم الحياة والأرض
يشكل الكائن الحي، بظهوره وبنموه وحتى نهاية حياته، المسألة الأساسية التي يطرحها الجميع بغية الاجابة عن قضايا مثيل “من هو الكائن الحي؟ هل هناك طبيعة إنسانية تقربنا من بعضنا البعض وتميزنا عن الكائنات الحية الأخرى؟”.
من الناحية البيولوجية تتم الاجابة عن هذه المسائل بتوضيح مفاهيم علم الوراثة العرقي phylogenèse (تاريخ تطور نوع أو مجموعة أنواع التي بينها صلة قرابة، وذلك حتى يتم فهم تطورها على النحو الأفضل وتصنيف هذه الأنواع وفقًا لقرابتها)، ومفاهيم علم تطور الكائن الفرد l’ontogenèse (الذي يصف التطور التدريجي للكائن الحي من الحمل إلى الممات)، ومفاهيم علم التكاثر الذاتي l’autopoïèse (قدرة الكائن الحي على الحفاظ على بنيته في بيئة متغيرة) ثم علم التوالد (مجموع العمليات التي تضمن للكائن الحي الاستمرارية، من خلال إنجاب أفراد آخرين).
بعد القيام بهذا، تبرز ثلاث مفاهيم: “الفرد”، “الكائن الحي” و”الذات”.
منذ أرسطو تم التفكير في مفهوم الفرد باعتباره كائنًا حيًا (الموجود داخل القشرة الجسدية التي يمكننا رؤيتها)، وكأن البيولوجية تشكل المجال المميز لتصميم المفاهيم الفردية وللهوية. وكأن الذات النفسية (كلمة الذات بالنسبة لكارل يونغ تميّز شخصًا بعينه بشكل يتجاوز ما يمكن تصوره، باعتبار هذا التصور ذاتًا) تمتزج بالذات البيولوجية.
مفهوم الكائن الحي الذي تقوم عليه جميع علوم الحياة تتساءل بشأن هذه الكائنات الحية الضخمة التي تشكل مستعمرات الحشرات الاجتماعية والتي، على الخصوص، من الممكن التساؤل عن إمكانية اعتبارها كائنات حية.
فيما يتعلق بالذات، يجسد علم المناعة هذه المفارقة: فالشخص الذي خضع لعملية زرع (التي تعني على المستوى النفسي الحفاظ عليه في الحياة وأمله في العيش) يطور آليات رفض هذا المكسب غير المشروع (مما يجسد على المستوى البيولوجي اعترافًا لا واعيًا بما هو غريب عنه، والذي يتعارض مع طموحه النفسي). وكأن الذات البيولوجية تجهل الذات النفسية.
هذه المفاهيم الثلاثة للفرد، والكائن الحي، والذات تُبرز قضايا أنطولوجية مثل “الذات والآخر أو الواحد والمتعدد” (تقترح الفيسيولوجية تفسيرًا وحيدًا لعمل الأجهزة العضوية؛ الطب وحده يوضح المختلف عن الشائع)، وقضية “هل أنا جسدي أو شيء آخر غيره؟ (الذي يبرز حين لا أنجح أن أقوم جسديًا بما أرغب القيام به وتُطرح مسألة العلاقة بين الجسد والفكر بالمعنى الضيق، بين المادة والفكر بالمعنى الواسع)، أو قضية اللحظة التي تكون فيها كلمة الحياة مبررة (مع مسألة بداية ونهاية الحياة؛ هل الجنين كائن بشري، وهل الحياة توجد بعد تخطيط كهربائي مسطح؟)، وقضية الوحدة في التعدد (ففيل ورجل وميكروب هم ثلاث كائنات حية أما من الناحية الخارجية [الظاهرة] هناك القليل من النقاط المشتركة).
علم البيئة هو، ضمن البرامج المدرَّسة، فرع من البيولوجية يندرج تحت عنوان علوم الحياة والأرض. الدراسات المتعلقة بالنظم الإيكولوجية، و، بشكل أوسع، المحيط الحيوي هي الأخرى موضوع تأمل فلسفي. فعلى الحدود بين علم البيئة والمجتمع تطفو عدة قضايا، ويشكل ظهور مسائل أخلاقية جديدة تطورًا طبيعيًا يحيل على التنوع البيولوجي إبان ممارسات التنمية المستدامة، والآثار المختلفة للكائنات المُعدلة وراثيًا على الأنظمة البيئية، والاجتماعية والاقتصادية.
هكذا يبدو تدريس علوم الحياة والأرض كمحرِّك لقضايا أخلاقية وسيكولوجية، وكفرصة لتجاوز رؤىً اختزالية أو حيوية والوصول إلى مسائل أنطولوجية على غرار ما أوضحه جاك مونو في كتابه “الصدفة والضرورة” (مونو، 1970)، وسار على نهجه فرانسيسكو فاريلا (1988) باستخدام مفهوم الانبثاق émergence. إنها أسئلة، لاتزال دون أجوبة نهائية، تجسد حقًا فكرة القضايا الأساسية للمواد المدرَّسة: حين تساعد أسئلة ذات علاقة داخلية بمادة تدريسية معينة، والتي تحمل في داخلها أجوبة عنها، على التساؤل بشكل موسع فلسفيا، أنطولوجيا وميتافيزيقيةً.
استنتاج مؤقت
بالنسبة للنموذج الذي يقترحه بيير تويليه المتعلق بتطور المواد المدرَّسة، يطرح بصفة غير مباشرة أن العلوم الديداكتيكية للمواد المدرَّسة، التي لم تعد قادرة على صياغة مفاهيم جديدة، قد بلغت مرحلة أكاديمية تتطابق واستقرار الإطار البحثي، في انتظار ثورة علمية تعيد الاعتبار لهذا البراديغم.
أعتقد أني برهنت على أن العلوم الديداكتيكية للمواد المدرَّسة يمكنها أن تؤَّسس على مركزةٍ على مفاهيم للمعنى، أو العلاقة بالمعرفة أو الثقافة المتقاربة بينها وذلك لكونها مفاهيم محاطة ببعد أنثروبولوجي.
وتشكل العلاقة بالمعرفة نظرية مرجعية لتحليل الأداء المدرسي في شموليته. فإن تحدثنا عن علاقة التلميذ بالمعرفة كان من اللازم استعمال هذا المفهوم بالنسبة لجميع أطر المدرسة من مدرسين، وهيأة التأطير، والآباء وأولياء الأمور. علاوة على أن مسألة العلاقة بالمعرفة هي براديغم حقيقي أكثر من كونها نظرية مرجعية، إذ هي معيار لمدى وضوح الشيء المدرسي.
أما المعنى، الذي نجده في كل من الفلسفة والتحليل النفسي، فيشكل أحد الأسئلة الأساسية التي يطرحها كل موضوع، كل وضعية، كل شخص على الذي يعمل على استيعابه، وإيجاد دلالة له. هنا يبرز تياران كبيران. المؤمنون بالمنطق الذين يختصرون المعنى في “صادق/خاطئ” أو “لا معنى له/له معنى”. والمناصرون للتأويل الذين يتبنون فكرة حرية الحكم، والذين بعيدًا من أن يختزلوا المعنى في قطبين اثنين، يحيلون على معاني متعددة، وعلى تأويلات ممكنة غير محدودة.
إذا كانت العلاقة بالمعرفة تشكل براديغمًا يسمح بتحليل وفهم المسلكيات المدرسية للفاعلين المنتمين لهذه المؤسسة، فالمعنى هو في آن واحد يتعدى ودون مستوى هذا البراديغم. المعنى الذي يكوِّنه أو لا يكوِّنه التلميذ عن المدرسة باعتبارها مؤسسة لنشر المعارف هو ناتج في جزء كبير منه عن علاقتها بالمعرفة. فالمعنى هو في نفس الآن نتيجتها وسببها.
وأما الثقافة، ومن خلال البعد الأنطولوجي الذي تدعمه كل المضامين المعرفية هي الهدف الذي تصبو إليه المدرسة: مساعدة التلميذ على اكتشاف أن المواد المدرَّسة والمعارف التي تضمها هي وسيلة لمقاربة قضايا فلسفية رئيسية ذات بعد كوني.
لذلك نرى أن العلوم الديداكتيكية للمواد المدرَّسة –التي تهتم بقضايا التعلم، والتعليم والتكوين- داخل حقل معرفي وممارساتي ذات الصلة بمادة للنقل، لها أسس ابستيمولوجية (التي لاتزال العلوم الديداكتيكية للمواد المدرَّسة تهتم بها) وكذلك أنطولوجية.
وعليه كيف يمكن تعريف العلوم الديداكتيكية للمواد المدرَّسة؟ إنها مقاربة ابستيمو-أنطولو-أنتروبولوجية لقضايا نقل المعارف والممارسات الخاصة بمادة تعليمية.
[1] – <http://www.persee.fr/web/revues/home/prescript/article/rfp_0556-7807_1986_num_76_1_1503>. Accès le: 22 fév. 2015.
[2] – من الممكن الإشارة إلى أن المشروع المدرسي يكمن في إبراز الغيرية داخل علاقة غير متكافئة. نقول الغيرية لكون التلميذ سيكون غير ما ينوي المدرس خلقه منه. وقيمة التكافؤ لتحديد الموقف الخاص بالمدرس. وعدم التماثل لكون المدرس كي يتبنى موقفا أفقيا إزاء التلميذ عليه ألَّا يخفي الموقف العمودي الذي يعتمده.
[3] – الأرقام الستة عشر الأولى من الترميز العشري ل π هي 3،141 592 653 589 793. وفي سنة 2007 عرفنا أكثر من 1012 عددا عشريا ل π.
RÉFÉRENCE
ARTIGUE, M.; DOUADY, R. La didactique des mathématiques en France – Emergence d’un champ scientifique. Disponible au Persée: <http://www.persee.fr/web/revues/home/prescript/article/rfp_0556-7807_1986_num_76_1_ 1503>. Accès le: 22 fév. 2015.
MONOD J. Le hasard et la nécessité, Essai sur la philosophie naturelle de la biologie moderne. Paris: éditions du Seuil, 1970
VARÉLA, F. Autonomie et connaissance, essai sur le vivant. Paris: éditions du Seuil, Seuil, 1988
المصدر
*Develay, Michel, Donner du sens aux savoirs: la didactique, quarante ans après. Educar em Revista [en linea] 2015, (Octubre-Diciembre) : [Fecha de consulta: 18 de mayo de 2019] Disponible en:<http://www.redalyc.org/articulo.oa?id=155043164010> ISSN 0104-4060