أوراق ودراسات

الظُلمة الضرورية لفارس الظلام

تود مِجاوين - ترجمة: طارق عثمان

الحق، أن الجوكر هو مساهمة نولان الأهم في قصة باتمان. بالطبع هذه الشخصية موجودة من قبل فيلم نولان بكثير، بل قد ظهرت حتى في أول فيلم عن باتمان الذي أخرجه تيم بيرتون في 1989، ناهيك عن وجوده في القصص المصورة والمسلسلات التليفزيونية. إنه العدو الأساسي لباتمان. لكن نولان قد أعطى الجوكر شكلًا جديدًا في فارس الظلام. فعوضًا عن أن يظل مجرد مجرم هزلي، أضحى الجوكر المركز الإيتيقي للفيلم، وقد أضحى كذلك لأنه اختلاق(fiction) محض من دون أية حقيقة مؤسسة، مظهر محض من دون أي وجود واقعي. إن خلق هذه الشخصية يمثّل لحظة محورية في الفحص السينمائي الذي يقدمه نولان في جميع أعماله للكذب والاختلاق.

إن الجوكر، وليس باتمان، هو من يقدم التوصيف الأشد فصاحة للموضع الإيتيقي الذي يشغلانه سويًا. إنه ينتصب في مواجهة الإيتيقا التبعاتية والنفعية التي تحكم جوثام، ويحاول أن يحلل هذه الإيتيقا حتى يتسنى له فهم ما يدفع البشر إلى تبنيها. فكما يراها الجوكر، شتى المجموعات في جوثام، وبالرغم من اختلافاتها الظاهرة، منغمسة جميعها في إيتيقا واحدة يسميها بـ”التخطيط والتدبير الأخلاقي الخفي” (scheming). أي أنهم لا يتصرفون بناءً على صحة أو خطأ الفعل نفسه وإنما بغرض تحقيق هدف ما نهائي. وبفعلهم ذلك، يحطون من شأن أفعالهم ويجردوها من أساسها من الحرية (أي الاختيار المحض للقيام بفعل ما أو عدم القيام به من دون الطمع في جني شيء من وراءه). إن التدبير والتخطط يجعل صاحبه عبدًا لهدف تدبيره وخطته.

 

لتحميل الورقة : فارس الظلام – منصة معنى

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى