
في عام 1999، حين عرض المخرج الروسي ألكسندر سوكوروف واحدًا من أوائل أفلامه الكبرى، بعنوان: «مولوخ»، تدفّق المتفرجون لمشاهدته وقد لفتَ نظرهم حقًا ما كانوا قد قرأوه عنه، وما يعرفون عن مخرجه من كونه مساعدًا في الماضي لشاعر السينما الروسية الأكبر: أندريه تاركوفسكي.
يومها حظي «مولوخ» بإعجابٍ عام، لكنّ المتفرجين ظلّوا على ظمئهم، ليس بفعل الفيلم ذاته، إنما بفعل ما تردد يومها من أنّ هذا الفيلم الذي يتحدث عن أيامٍ من الحياة الشخصية للدكتاتور النازي: أدولف هتلر، إنما يشكل جزءًا أوّل من «ثلاثية» سينمائية، يسعى سوكوروف إلى تحقيقها؛ ليتحدّث من خلالها عن ثلاثةٍ من كِبار دكتاتوريّ القرن العشرين.
بدايةً يومها لم تكن هناك ثمّة مؤشرات عن مَن سيكون الدكتاتوريان الآخران بعد هتلر. راحت التكهنات تظهر، ولكن ما إن مضى عامان حتى عاد سوكوروف مرّة أخرى إلى كان، وفي جعبته فيلم بعنوان: «طوروس» (2001)، مصدّرًا المكانة الأساسية فيه للينين مؤسس الاتحاد السوفياتي، باعتباره الديكتاتور الثاني للثلاثية. إذن، مَن سيكون الثالث؟ كان ذلكم هو السؤال الجديد، دون أن يخطر في بال أحدٍ يومها بأنّ اهتمام سوكوروف، سوف ينصبّ في الجزء الثالث على الإمبراطور الياباني هيروهيتو. وكان ذلك في فيلم «الشمس»، الذي سيمضي أربع سنوات قبل أن يعرض في دورة 2005 من «كان».
ومع إعلان هذا الأخير، سيلوح في الأفق فيلمًا رابعًا، سيُكمل الثلاثية التي تقرّر أن تكون رباعية. لكن المفاجأة كانت بأنّ ذلك الجزء الختامي كان مقتبسًا وإن بتصرف، عن «فاوست» غوته، دون أن يبدو في ظاهر الأمور على الأقلّ قبل اكتمال إنجاز الفيلم، بأنه يحلّق حول ديكتاتور رابع. ولاحقًا، حين ظهر الفيلم في عام 2011، انكشف مبرّر وجود فاوست بين الطغاة الثلاثة، بل انكشف أنّ مشروع سوكوروف كلّه، الذي استغرق إنجازه نحو خمسة عشر عامًا؛ إنما صُمّم في الأساس ليوصل إلى تلك النتيجة.
مشروع فلسفي
لم يُصمَّم كمشروع سياسي، بل كمشروع فلسفي؛ سوكوروف لم يحقّق الأجزاء الثلاثة الأولى كمؤرخ يستخدم السينما لتقديم أطروحة إيديولوجية حول التوتاليتارية والطغيان، وحتى لَئِن كان سيتبين لاحقًا أنّ الشخصيات التاريخية الثلاث التي تحدّث عنها في الأفلام الثلاثة الأولى، يجمع بينها – عدا عن دكتاتوريتها – كما يجمع بين الأفلام الثلاثة التي تناولها سوكوروف فيها، كون هذا الأخير قد التقطها في لحظة سقوطٍ مدوٍّ لمشروعها على الصعيد الشخصي على الأقل، وأنّ الطغاة الثلاثة – كل في زمنه وعلى طريقته – انطلقوا في نشاطهم السياسي من عداءٍ لروسيا، لكن ما ظلّ غامضًا بعض الشيء – رغم كل الكتابات النقدية المعمقة التي طاولتها، وعشرات المقابلات الصحفية التي أُجريت مع مبدعها – هو القاسم المشترك الجوهري الذي يجمع بينها، ويبرّر وجودها بعيدًا من الصفات السياسية المشتركة.
لذا صحيح بالنسبة إلى الروسي حتى الأعماق سوكوروف، بأنّ هتلر غزا بلاده وقتل الملايين من شعبه، وصحيح أنّ لينين أزال روسيا نفسها من الوجود ليقيم إمبراطورية اتحادية تنسف تاريخها من أساسه، ثم صحيح أيضًا أنّ هيروهيتو الحاكم نصف – الإله للإمبراطورية التي افتتحت القرن العشرين بإذلال بلاده الروسية، ما تسبب بثورتين متعاقبتين نسفت ثانيهما (1917) الوطن الروسي بكليّته لصالح أُممية هلامية.
وكل ذلك لا يكفي لأن يكون مبرّرًا لوجود ثلاثية سينمائية تجمعهم. مهما يكن من أمر، كان لا بد من انتظار الجزء الرابع لتوضيح الأمور، إذ كان البعض يتوقع مثلاً أن يكون الجزء الرابع عن نابوليون كطاغية معادٍ لروسيا المقدسة وغازيًا لأرضها، لكن المفاجأة كانت في فاوست. لماذا فاوست؟ وكيف فاوست؟ وأيّ منطق حكم الأمر برمته؟.. الحقيقة أننا قبل محاولة الإجابة على هذه الأسئلة، قد يكون من الأفضل لنا التوقف عند الأفلام المعنية، بغية وضع القارئ في إطار ما نتحدّث عنه.
هتلر: بداية السقوط
في «مولوخ» نجدنا في ربيع عام 1942، قبل أشهر قليلة من بدء سقوط النازية بفضل معركة ستالينغراد، حيث يأوي أدولف هتلر إلى منزله المنعزل «بيرغوف ريتريت»، على قمّة تلٍّ بعيد بين جبال الألب البافارية، داخل بيرشتسجادن في بافاريا، ليمضي بعضًا من وقته الطويل مع رفيقته إيفا براون، في محاولةٍ منه للعثور على عزاءٍ يخفف عنه وطأة إدراكه أن معركة ستالينغراد لن تكون سوى بدءٍ للإعلان عن هزيمة مشروعه، ومن ثمّ عن نهايةٍ مشؤومة لرهانه الذي سنعود إليه باعتباره الكلمة المفتاح هنا.
بينما كان مشغول البال هنا، كانت إيفا براون تقضي وقت فراغها في أنشطةٍ تافهة مثل الرقص عارية بشكلٍ غريب الأطوار، والدندنة على وقع موسيقى الطراز العسكري، والبحث في أغراض عشيقها الشخصية. وبالطبع شعرت براون بسعادةٍ غامرة، حين علمت بأنّ حبيبها “إدي”، كما تسميه بمودة، قد انضم إليها في زيارة.
وفيما يرافق هتلر ضيوفه: جوزيف غوبلز، وماجدا غوبلز، ومارتن بورمان، وكاهن في جلساتٍ ينبغي أن تتسم بالمرح والثرثرة، راح هتلر يتحدث بتوترٍ حول أمور تتراوح بين الغذاء والصحة وتغير المناخ، وصولًا إلى السياسة في زمن الحرب.
ذات لحظة بعد تجوال بين المناظر الطبيعية الجبلية، يبدي هتلر مشاعر الظفر، حين تُنقل إليه أخبار الانتصارات العسكرية التي تحقّقها قواته. ثم في مشهد آخر يعبق بالسخرية السياسية يتصرف الفوهرر، وكأنه لم يسمع من قبل عن معسكر اعتقال أوشفيتز.
وقرب نهاية زيارة هتلر، تذكّره إيفا براون بأن لا يمكن لأحدٍ أن يفلت من الموت أو يدّعي بأنه معصوم من الخطأ؛ في محاولةٍ منها لكشف نقطة ضعف خفية بداخله، إذ كان يشرع بالانطلاق في موكبه لمواصلة الحملة العسكرية لألمانيا النازية.
آخر أيام لينين
في الفيلم الثاني: «طوروس»، يقدَّم لنا سوكوروف لينين – مؤسس الاتحاد السوفياتي – بعيدًا عن هالته التاريخية الضخمة، حيث صوّره كإنسان عادي UK سوفياتي، يعيش في مواجهة المرض بعد محاولة الاغتيال التي أقعدته وجعلته عاجزًا عن القيام بمهامه السياسية. وها هو الآن يكشف لنا دون أن يدرك ذلك، أنّ صاحب الشخصية التاريخية بات مجرد رجل عاجز عن تغيير أيّ شيء في مصير بلدٍ لم يقع بعد كليًا تحت سيطرته، أو مصير عائلته المحرجة، أو مصير شخصه المتدهور.
وهكذا يتحدث الفيلم بشكلٍ خاص عن الأيام الأخيرة في حياة لينين. تبدأ بمشهدٍ خلف أبوابٍ مغلقة لغرفة لينين التي تفتح أبوابها المتعددة وتغلق تباعًا؛ ومن خلال الأبواب نرى أقارب الرجل العجوز المريض وهوَ يراقبهم فيما هم يراقبونه أيضًا؛ محاولين بذلك رصد وضعه ساعة بساعةٍ في قلقٍ ورعب، ويقتربون منه بين فينةٍ وأخرى محاولين التخفيف من كربه والاعتناء بجسده العاجز.
الحقيقة أن قوّة الفيلم تأتي هنا، من هذا الرفض للمنظور التاريخي المعتمد، من خلال الوصف الدقيق لرجلٍ عجوز، وأحيانًا من منظور الشخصيات الثلاث القريبة التي تحدّق في الكاميرا التي لا تتوقف عن رصد «الزعيم»، ما يجعل أكثر جوانبه تفاهة تلوح حين تقترب منه الكاميرا التي غالبًا ما تكون عن قربٍ منه على أية حال، وبقدر ما يقترب منه طبيبه الذي كان هو من حدّث الكاميرا عن المرض والموت في بداية الفيلم، أو زوجة لينين وأخته اللتين تراقبانه عن كثبٍ، فيما يشتد قلقهما حين يظهر ستالين في الجزء الثاني من الفيلم ظهورًا يدلّ على أنّ القرار السياسي أُفلت من يد لينين.
في المشاهد الأخيرة، يُترك لينين وحيدًا تمامًا – لأوّل مرّة في الفيلم – في ساحة إقامته في المستشفى. وتلك الوحدة هي إذن، كل ما بقي من «الثوريّ الكبير»، ومن السُّلطة المطلَقة التي كانت له.
هيروهيتو، وماك آرثر
من فيلم لينين ننتقل إلى الفيلم الثالث: «الشمس»، إلى الأيام الأخيرة للحرب العالمية الثانية، إلى لحظةٍ كانت فيها اليابان تعاني من الهزيمة، فيما يتذكّر الإمبراطور هيروهيتو سنوات الحرب الأخيرة. إنه هيروهيتو شمس اليابان الذي تم تصويره على أنه لا يزال محاطًا بطاقمه اليقظ من رجالٍ يعتنون بكل احتياجاته الشخصية.
وعندما يتلقّى هيروهيتو تقريرًا كاشفًا عن هزيمةٍ وشيكة؛ يبدو على الفور منفصلاً تمامًا عمّا يحدث، إذ ينطلق بكل هدوءٍ في تلاوة أبيات شِعرٍ – لا علاقة لها بما يحدث في اليابان – كتبها أسلافه. وفي الوقت ذاته يعبّر عمّا لديه من اهتمامٍ بعلوم الأحياء البحرية، وفي هذا السياق لا يتورع مساعدوه عن إمتاعه بعيناتٍ جديدة من تلك الأحياء، يتم تسليمها إلى مكتبته، حتى في الأيام والساعات الأخيرة التي سبقت وصول القوات الأمريكية إلى عتبة باب قصره.
ومع اقتراب الأمريكيين الوشيك، يتم وضع الإمبراطور في مخبأ يقع تحت قصره الإمبراطوري في طوكيو. وهناك يبدأ هيروهيتو بالتفكير في أساس الصراع، قبل أن يعرف أنّ الأميركيين قد بعثوا إليه القائد العسكري الأمريكي الجنرال دوغلاس ماك آرثر، حاملًا شروط الاستسلام ومكلفًا بإحضاره عبر أنقاض طوكيو، لحضور اجتماع يتعلّق باحتلال الحلفاء لليابان.
لكن حين يلتقي هيروهيتو بماك آرثر، سرعان ما تقوم علاقة ودية بين العدوَين اللدودين رغم الاختلافات الجذرية بين شخصيتيهما، لا سيما بعد أن تقاسما العشاء وتدخين السيجار. ثم لاحقًا يعود هيروهيتو إلى مقرّه بعد اعترافه بأن الحرب إنما كانت فشلاً شخصيًا له بقدر ما كانت هزيمة لبلاده. ومنطلقًا للعالم النووي الجديد يحاول الإمبراطور إعادة بناء بلاده – الذي مزقته الحرب، وقنبلتيّ هيروشيما وناغازاكي – كدولة دستورية متطورة بالكامل، بينما لا يزال مستقبله الشخصي هو نفسه، موضع شك، وقد تأرجح مصيره أخيرًا، بين أن يُعامَل إمّا كإمبراطور لليابان، أو كمجرم حرب.
البحث عن الروح داخل الجسد
عبر هذا التأرجح ذاته، يقودنا سوكوروف في «فاوست» إلى ألمانيا العتيقة، من خلال نزولٍ مبدئيّ عبر الغيوم، يستدعي ذكرى الفيلم النازي الذي حقّقته مخرجة هتلر المفضلة: ليني ريفستهال «انتصار الإرادة»، ليصل إلى زيارة «فاوست» في المختبر الذي يحمل اسمه، والذي ظلّ غامرًا بظلاله مساعده الذليل، المشغول بنحت جثةٍ عارية.
تنزلق الكاميرا – كما يذكرنا منشور الفيلم – التي تتحرك باستمرارٍ مع فرشاةٍ قريبة من الجثة، وصولاً إلى إزالة الأعضاء التي يقوم بها فاوست، لنفهم فور ذلك أنّ هذا الأخير لا يعمل هنا بغية فهم الخصائص الفيزيائية للجسد، ولكن لاكتشاف ما يعتقد بأنه يحتوي عليه: مقرّ الروح في الجسد الإنساني.
ونحن بالطبع نعرف المكانة الفضلى للروح في مسرحية غوته، باعتبارها المصدر الأسمى لجوهر الإرادة الإنسانية، تلك الإرادة التي سيمنحها نيتشه المكانة الأولى بين مقومات الشخصية الإنسانية، لترتبط دائمًا بالرهان الذي يخوضه الإنسان بالنسبة إلى كل ما يعيشه في حياته بالطبع. والزمن الجليّ هنا أنّ في هذا المشهد بالتحديد، يكمن جوهر ما يسعى سوكوروف لأن يقوله لنا، ولكن مع ذلك كله ينبغي علينا هنا ألا نستنتج أنّ أهمية هذا المشهد تنبع من اهتماماتٍ بيولوجية أو حتى مسرحية.
في نهاية الأمر – وهذا ما يعمل عليه سوكوروف بشكلٍ أساسي في هذا المشهد المركزي في فيلمه – تأتي أسطورة غوته كما دونّها الأديب والمفكر الألماني الكبير، في استلهامٍ لكُثر سبقوه – بالتعامل معها إبداعيًا وعلميًا – من مصادر أقدم؛ لتصبح منذ غوته على الأقلّ واحدة من الأساطير الأدبية المؤسِسة للحداثة، المتنبئة بالإمكانات الشيطانية المدمرة الكامنة في العقلانية البشرية.
ومرّة أخرى سيكون من الصعب استنتاج أنّ أيًّا من هذا يثير اهتمام سكوروف بشكلٍ كبير. ففيما يتعلق بما يثير اهتمامه، يصف المخرج فيلم «فاوست» بأنّ ما أراده بهذا الفيلم الرابع، ما هو إلاّ تتويج للأفلام الثلاثة الأولى، برابطٍ يجمع بينها. ويقول ببساطةٍ بأنّ هذا الرابط ليس سوى: «الرهان الفاوستي».
ولَئِن كان كل من الأفلام الثلاثة – «مولوخ»، و«طوروس» و«الشمس» -، يصوّر طغاة من القرن العشرين في الحياة الواقعية، بدلاً من تصوير شخصية بروميثية آتية من الأسطورة والأدب. فإن سوكوروف أراد من خلال «فاوست»، أن يصوّر النموذج النمطي الأوليّ للمصابين بجنون العظمة القاتل في القرن الماضي، أيّ من الذين نجد الواحد منهم على استعدادٍ للتضحية بروحه، ناهيك عن تضحيته بالعالم؛ لإشباع رغبته الملحّة في الخلود الفاوستي، الذي سيبدو لنا في الأفلام الثلاثة معًا مضحكًا، بالرغم من مأساويته ودمويته.
البُعد المشترك
ما يهمّ بالنسبة إلى ألكسندر سوكوروف، يكاد ينحصر في عثوره على ذلك البُعد المشترك، لكن دون أن يخبرنا بما إن كان قد رغب في الوصول إليه عن عمدٍ منذ بداية اشتغاله على «الرباعية»، في وقتٍ كان كُثر يتوقعون منه – كما أشرنا أعلاه – أن يكون واحدًا من أجزاء الرباعية عن نابليون في حملته الفاشلة على روسيا، وتحديدًا لأسبابٍ روسية، كما لأسبابٍ تتعلق بجنون العظمة.
بيدَ أنّ المخرج الروسي سيقول أنه استبعد الفكرة لأسبابٍ عديدة، منها أنّ نابليون لا ينتمي إلى القرن العشرين، كما أنّ حملته الروسية لم تكن هي مَن قضت عليه، ناهيكَِ عن أنّ رهانه لم يكن فاوستيًّا. لذا ما يهم سوكوروف هنا إنما ذلك الرهان الذي حرك دكتاتورييّ القرن العشرين الكِبار، واصلاً بهم إلى تلك اللحظة التي أدركوا فيها سقوط رهانهم، اللحظة التي حين صوّرها المخرج في كل فيلم يخصّ واحدًا منهم، عادَ ليلتقطها جمعيًا معًا في دلالاتها الفلسفية والسيكولوجية أيضًا؛ محاولاً بعد كل شيء أنّ يجعلهم يكتشفون ما حدث لهم بأنفسهم، لكن بعد أن يكون الأوان قد فات والخسارة قد وقعت.
وبهذا فقط.. بهذا الإلحاح على الشعور الذاتي وأهميته، تمكّن سوكوروف من أن يؤكد بأنه قد حقّق فيلمًا واحدًا متعدد الأجزاء، فيلمًا عن السقوط المدويّ من الأعالي إلى الحضيض – الذي يعيشه أصحابه قبيل وصولهم إلى نهاياتهم الحتمية – لكن دون أن يتخذ من ذلك درسًا تاريخيًا، أو درسًا في الأخلاق، أو في السياسة، بل اتخذ من ذلك درسًا في الطبيعة الإنسانية، وربما درسًا في طبيعة ذلك الدكتاتور الصغير الكامن في داخل كل منّا، والذي نحاول قمعه والتصغير من شأنه، حتى اللحظة التي نمتلك فيها من السُّلطة مقدارًا يدفعنا إلى إيقاظه.