من أكثر الطّروحات تأثيرًا التي طرأت على الفلسفة هو طرح «الرّيضنة» (mathematization) في القرنين السّادس عشر والسّابع عشر. ويشير هذا الطّرح إلى محاولة تطبيق المناهج الرّياضيّة في مجالات العلوم الأخرى، ومن ضمنها الفلسفة، انطلاقًا من اعتقادٍ يقول بقدرة الرّياضيّات على التّوصّل إلى حقائقَ موضوعيّةٍ واكتشافاتٍ جديدةٍ. لكنّ طرح الرّيضنة ليس وليدًا «من العدم» (ex nihilo)، إذ تعود أصول هذا الطّرح إلى زمن الإغريق. أضف إلى ذلك أنّ محاولات ريضنة الطّبيعة في عصر النّهضة بزغت من ترجمة الكتب الهندسيّة والرّياضيّة لـ«إقليدس» (Euclid) و«أرخميدس» (Archimedes). والنّجاح الذي نتج من دمج الرّياضيّات بعلم الفلك (astronomy) أعطى زخمًا إضافيًّا للرّيضنة، إذ شجّع ذلك الفلاسفة على تطبيق المنهج الرّياضيّ في الفلسفة، وأبرز هؤلاء كان الفيلسوف وعالم الرّياضيّات الفرنسيّ «رينيه ديكارت» (R. Descartes).
أصول طرح الرّيضنة في الفلسفة
قد تبدو الرّيضنة محاولةً حديثةً نسبيًّا ظهرت خلال النّهضة الأوروبيّة، إنّما هذا الطّرح متجذّرٌ في تاريخ الفلسفة منذ أيّام الفلاسفة «الما قبل السّقراطيّين» (Pre-Socratics)، وتحديدًا عند «فيثاغورَس» (Pythagoras) الذي فسّر الكون والوجود من خلال الأرقام، لكنّ الرّيضنة اتّخذت معه ومع أتباعه ميلاً دغمائيًّا (dogmatic)، إذ تحوّلت الأرقام إلى نوعٍ من القوى الماورائيّة، وباتت في منزلة المقدّس الدّينيّ، ما أعطى الرّيضنة الفيثاغوريّة صفة المغالاة. لكنّ تأثير «فيثاغورَس» والفيثاغوريّين لم ينقطِعْ، حتّى أنّه بلغ «أفلاطون» الذي عبّر في الكتاب السّابع من «جمهوريّته» عن ذلك الطّرح:
«الهندسة ستوجّه النّفس نحو الحقيقة، وستخلق روح الفلسفة»
لكنّ الانعطاف التّجريبيّ بدأ مع اعتراض أرسطو على هذا التوجّه، حيث رأى في ختام الكتاب الثّاني من «الميتافيزيقا» (Metaphysics) أنّه لا يمكننا اختزال المادّة والحركة إلى مبادئَ رياضيّةٍ، فالرّياضيّات تصلح لدراسة الأشياء المجرّدة، بيدَ أنّ الطّبيعة مؤلّفةٌ من المادّة، كما أنّ الرّياضيّات لا تستوعب العلاقات السّببيّة بين الأجسام الطّبيعيّة. هكذا لا بدّ من التّخلّي عن طرح الرّيضنة في العلم الطّبيعيّ لصالح التّجريب والوقائع المادّيّة، مع الاحتفاظ بالتّحليلات الرّياضيّة في بعض العلوم، كالبصريّات (Optics).
واستمرّ الجدال في القرون الوسطى حول مكانة الرّياضيّات في دراسة «الظّواهر الفيزيائيّة» (Physical phenomena)، لكنّ هيمنة «الفلسفة الاسكولائيّة» (Scholastic Philosophy) أخّرت أيّ تقدّمٍ في هذا المجال. وبقيت الأمور محصورةً بالمنظور «الذّرائعيّ» (instrumentalist) الذي دافع عنه الاسكولائيّون حتّى قيام الثّورة العلميّة في أوروبا التي استبدلت هذا المنظور برؤيةٍ «واقعيّةٍ» (realist) للطّبيعة.
غاليلي وقراءة كتاب الطّبيعة
تلك الرّؤية الواقعيّة رفضت موقف الذّرائعيّة القائلة بأنّ عمل «الفيزياء الرّياضيّة» (mathematical physics) لا يقتصر إلاّ على حساب الظّواهر الفيزيائيّة من دون التوصّل لحقائقَ. فلم تعد تُحسبُ الظّواهر الفيزيائيّة بغضّ النّظر عن صدق النّموذج الهندسيّ للفيزياء الرّياضيّة، بل إنّ هندسة الظّواهر الفيزيائيّة ستحتّم صدق حساب الفيزياء الرّياضيّة.
هذه المقاربة العلميّة الجديدة أوضحها «غاليلي» (Galileo Galilei) في كتابه «المجرِّب» (Il Saggiatore) سنة 1623 مهاجمًا منهج «قالها بنفسه» (Ipse Dixit) الدّغمائيّ، والذي سيطر على معظم الفلسفة الاسكولائيّة، حيث يؤكّد فيه غاليلي أنّ الرّياضيّات هي لغةُ الطّبيعة. فالطّبيعة هي مجموعةٌ من الدّوائر والمثلّثات والمربّعات الهندسيّة، وهذه الأشكال الهندسيّة هي اللّغة التي تخاطبنا الطّبيعة من خلالها، وعلى المرء دراسة تلك اللّغة وفهمها كي يتمكّن من قراءة كتاب الطّبيعة. ولعلّ أوضح مثالٍ على ذلك هو «متتالية فيبوناتشي» (Fibonacci sequence)، التي تظهر في الأشكال اللّولبيّة الطّبيعيّة، حيث نجد أنّ أعداد أجزاء اللّوالب يرتبط بعضها ببعضٍ تباعًا كما في تلك المتتالية: 0، 1، 1، 2، 3، 5، 8، 13، 21، 34، 55، 89…
وهكذا أصبحت «قوانين الطبيعة» (Laws of Nature) رياضيّةً، فتمّت ريضنة الحركة والمادّة، ونتج عن ذلك فكرة «الرّياضيّات الكلّيّة» (Mathesis Universalis) التي استبدلت النّسخة المسيحيّة للفلسفة الطّبيعيّة الأرسطوطاليّة برؤيةٍ هندسيّةٍ وإقليديّةٍ (Euclidean) للكون الذي بات مع غاليلي لامتناهيًا. إذ إنّ مفهومَ «الرّياضيّات الكلّيّة»، الذي نادى به غاليلي والقائم على الدّراسة العدديّة (Quantitative) عوضًا عن تلك الدّراسة النّوعيّة (Qualitative)، والذي يشمل الفروع المعرفيّة جميعَها، كما يعطيها الدقّة والتنظيم التي كانت تفتقر إليهما تلك العلوم، هذا المفهوم يفسّر الكون الماديّ تفسيرًا رياضيًّا، أيّ تُفسَّرُ الظّواهر الفيزيائية بحركاتٍ آليّةٍ (Mechanic movements) وأشكالٍ هندسيّةٍ (Geometric figures).
وبسبب تطوّر المناهج الرّياضيّة، وتعدّد استخداماتها في الملاحة، والفنون، والبناء…، بالإضافة إلى زيادةٍ في طلب المهندسين للعمل، احتلّ المشتغل بالرّياضيّات مقامًا بارزًا في المجتمع، وعلا شأن مركزه في الجامعات.
تلك العوامل كلّها ساهمت في دفع الفلاسفة إلى تطبيق مناهج الرّياضيّات في الفلسفة، الأمر الذي أدّى لاحقًا إلى ولادة «الفلسفة الآليّة» (Mechanical philosophy). ولعلّ ديكارت هو الفيلسوف الأبرز الذي استخدم طرح الرّيضنة في فلسفته.
منهج ديكارت الفلسفيّ والمشروع الغاليليّ
إنّ الفلسفة الدّيكارتيّة هي ابنة عصرها، بمعنى أنّها تأثّرت بروح القرن السّابع عشر العلميّة. فقد عرف ديكارت قوّة مناهج العلوم الرّياضيّة، كما أراد إكمال مشروع غاليلي، حيث بدا ذلك واضحًا في «القواعد» (Regulae). لكنّ ديكارت في كتاباته اللاّحقة أسقط مشروع «الرّياضيّات الكلّيّة» من فلسفته، واحتفظ بفكرة أهمّيّة البراهين الرياضيّة في الفلسفة كنموذجٍ للجلاء واليقين. وقد عبّر ديكارت في الجزء الأوّل من «حديث الطّريقة» (Discours de la méthode) عن إيمانه بأنّ الرّياضيّات، إلى جانب اللاّهوت، توصل إلى اليقين:
«لقد استمتعت بالرّياضيّات خصوصًا، بسبب يقين (certitude) وجلاء (l’évidence) تحليلاتها.»
فالآراء والأحكام الفلسفيّة تتبدّل وتتغيّر من مكانٍ إلى آخر ومن زمانٍ إلى آخر، إلاّ الرّياضيّات والحقائق الرّياضيّة التي هي في ذاتها حقائقُ عقليّةٌ ثابتةٌ. وهنا يبرز الرّدّ الدّيكارتيّ على الأرسطوطاليّة، حيث يذهب أرسطو والفلسفة الاسكولائيّة إلى وضع المقولات (categories) التي لا تضيف إلى معرفتنا شيئًا جديدًا بل تكتفي بالوصف، لكنّ منهج ديكارت، المستوحى من الرّياضيّات، سيكشف لنا مفاهيمَ جديدةً ويوصل إلى اليقين والحقيقة، وكما يقول ديكارت: «وحدهم الرّياضيّون استطاعوا أنْ يكتشفوا بعض البراهين».
لكنّ ديكارت لم يكتفِ بريضنة منهجه الفلسفيّ بل أراد توسيع الرّيضنة لتشمل الفيزياء. ويتّضح هذا في ثنائيّته (dualism)، حيث ينقسم الوجود إلى: الشّيء المفكّر (res cogitans) والشّيء الممتدّ (res extensa)، وهذا الأخير يُمكن التّوصّل إلى دراسته رياضيًّا لأنّه يتبع القوانين الآليّة.
ولأنّ العالم المادّيّ هو امتدادٌ وحركةٌ، فسيكون الكون بأسره، وكذلك كلّ جسمٍ، آلةٌ. إذن إنّ الفيزياء الدّيكارتيّة في أساسها هندسيّةٌ وآليّةٌ، ويكتب ديكارت في رسالةٍ وجّهها لصديقه «مرسين» (Marin Mersenne) سنة 1638:
(Toute m’a physique n’est autre chose que géométrie)
«إنّ مذهبي الفيزيائيّ بكامله ليس شيئًا سوى الهندسة»
الرّياضيّات كأداةٍ لدراسة آليّة الأجسام عند ديكارت
هكذا إنّ كلّ شيءٍ خاضعٌ للآليّة عند ديكارت ماعدا اللّه والرّوح، لأنّ جوهرهما ليس مادّيًّا، والكون محدودٌ ومحكومٌ بقوانينَ آليّةٍ. لكنّ الرّيضنة الدّيكارتيّة توسّعت مجدّدًا لتشمل الفيزيولوجيا أيضًا، فإذا سلّمنا بوجود جوهرين: الفكرُ والامتدادُ، فسيشير ذلك إلى أنّ كلّ ما ليس له أية علاقةٍ بالفكر هو من الامتداد، وتاليًا يكون مادّةً خالصةً (Pure Matter).
ولأنّ النّباتاتَ والحيواناتَ غيرُ قادرةٍ على التّفكير فهي مجرّد مادّةٍ متحرّكةٍ أو آلاتٍ (automata). كذلك إنّ الإنسان من دون روحٍ هو مجرّد حيوانٍ، أي إنّه آلةٌ لا يفكّر ولا يعي نفسه. وعلى هذا الأساس ينفي ديكارت، بطرحه الفلسفيّ حول ارتباط الرّوح بالفكر، أيّة روحٍ لدى الحيوان الذي يدعوه بـ«الحيوان الآلة» (Bête Machine)، فالحيوانات أجسامٌ حيّةٌ تُفسَّر حركاتها آليًّا. ويبدو أنّ إيمان ديكارت الكاثوليكيّ كان له الأثر الأكبر في صياغة هذا الطّرح.
ولأنّ أجسامَ البشر والحيوانات آلاتٌ، فهي تخضع عند ديكارت لقوانينَ الطّبيعةِ الكلّيّة، أي لقوانين الامتداد والحركة. لذا من المفيد دراسة الجسم البشريّ أو الحيوانيّ دراسةً رياضيّةً وتفسير عمله تبعًا للقوانين الميكانيكيّة.
ولكنْ لا بدّ لنا أنْ نسألَ هل تُعدُّ ريضنة ديكارت للفلسفة ريضنةً؟ لا، ليست كذلك بالمعنى الضيّق للّفظة، بل بمعناها الواسع، فالريّاضيّات ليست سوى الأداة السّليمة للاشتغال بالفلسفة. إذ تقوم الرّيضنة الدّيكارتيّة على محاكاة الطريقة الرّياضيّة في البرهنة للوصول إلى الحقائق واليقين. ويبدو أنّ تلك المحاكاة هي النّموذج الذي صيغ على أساسه كلّ عملٍ فلسفيّ تلا ديكارت، ونخصّ بذكر «سبينوزا» (B. Spinoza) حيث اتّبع في كتابه «علم الأخلاق» (Ethica) «المنهج الهندسيّ» (Geometrical method) القائم على:
- «التّعريف» (Definitio)
- «البديهيّة» (Axioma)
- «القضيّة» (Propositio)
- «البرهان» (Demonstratio)
- «اللاّزمة» (Corollium)
- «الحاشية» (Scholium)
لذا إنّ الرّياضيّات هي الأنموذج الذي ينبغي على كلّ فيلسوفٍ الاقتداء به للوصول إلى اليقين. لكنّ الرّياضيّات ليست حقيقةً في ذاتها، بل إنّ طابعها الجلائيّ هو «أنموذجُ المعرفة» (Model of Knowledge) الذي يصاغ على شاكلته كل استنتاجٍ عقليّ. إذ إنّ اعتماد «المنهج الرياضيّ» (Mathematical method) في البحث الفلسفيّ يمكّن العقل من تفسير الأشياء بكلّيّتها، والولوج إلى ماهيّات الأمور.
إرث ريضنة الفلسفة
ليس من السّهل تتبّع الإرث الذي تركه طرح الرّيضنة في الفلسفة، وما تفرّع عنه من إشكاليّاتٍ لاهوتيّةٍ، فلسفيّةٍ، لسانيّةٍ، وغيرها. فمن الواضح أنّ ريضنة الطّبيعة، منذ إعلانها مع غاليلي، أحدثت زلزالاً فكريًّا في الغرب المسيحيّ.
فقد كانت الرّيضنة الدّافع الأبرز لانتقال اللاّهوتيّين من التّيّار «العقلانيّ» (rationalist) إلى التّيّار «التّجريبيّ» (empiricist)، خصوصًا بعد مغالاة العقلانيّين، وتحديدًا «كريستيان ولف» (C. Wolff)، في تأكيدهم على اليقين الذي تبلغه الريّاضيّات. وهذا ما أقلق اللاّهوتيّين اللّوثريّين الألمان حول مكانة اللّه في العالم إذا سُحِبَ اليقينُ من العقيدة واستُبدِل بالبراهين الرّياضيّة. أضف إلى ذلك أنّ خطورة الرّيضنة تكمن في اعتبار الطّبيعة آلةً خاضعةً للقوانين تعمل من دون مشغّلٍ لها (أي من دون إلهٍ)، الأمر الذي سيؤدّي إلى الإلحاد، وفلسفة «توماس هوبز» (T. Hobbes) أوضح مثالٍ على ذلك، كما سينسف ذلك الاعتبارُ الموقفَ المسيحيّ من الإرادة الحرّة ويقدّم «الضّرورانيّة» (necessitarianism) كطرحٍ بديلٍ عنها.
وقد أثارت الرّيضنة مسألة دقّة اللّغة الطّبيعيّة، وتحديدًا مع «لايبنيتز» (G. W. Leibniz) الذي اقترح استخدام الرّسوم بدلاً من «اللّغة العاديّة» (ordinary language) للتّعبير بوضوحٍ عن المعاني العلميّة، والميتافزيقيّة، والرّياضيّة. إذ وضع لايبنيتز على هذا الأساس فكرة «الكتابة الكلّية» (Characteristica Universalis). ولعلّ تلك الفكرة هي التي ألهمت الفلاسفة التّحليليّين لإقامة لغةٍ مثاليّةٍ على غرار الكتابة الرّمزيّة للرّياضيّات، خصوصًا مع «غوتلوب فريغه» (G. Frege) و«برتراند راسل» (B. Russell) و«حلقة فيينا» (Vienna Circle). حيث اعتبر هؤلاء أنّ أصل المشاكل الفلسفيّة تكمن في استعمال اللّغة الطّبيعيّة التي تحتوي على الكثير من الغموض واللّبس، منطلقين من مبدأ يقول بأنّ القضايا تكون في المنطق الرّمزيّ القائم على «الإيديوغرامات» (Ideograms) أكثر دقّةً من تلك الكامنة في المنطق الصّوريّ الذي يستعمل اللّغة العاديّة الطّبيعيّة.
لكنّما الإرث الحقيقيّ للرّيضنة عمومًا يكمن في أنّ الرّياضيّات أصبحت جزءًا أساسيًّا من كلّ علمٍ (الفيزياء، الكيمياء، الأحياء…)، وشرطًا أساسيًّا لممارسته. وقد تكون الرّيضنة هي الإنجاز الحقيقيّ والجذريّ الذي قدّمته الثّورة العلميّة للأجيال.
Références :
– Descartes, René, Discours de la méthode pour bien conduire sa raison, et chercher la vérité dans les sciences, Edition J’ai Lu – collection Librio: France, 2013.
– Descartes, René, Correspondance 1, œuvres complètes VIII, éditions Gallimard- collection Tel: France, 2013.
References:
– Aristotle, Metaphysics, translated by C. D. C. Reeve, Hackett Publishing Company: United States, 2016.
– Copleston, Frederick, A history of Western philosophy, vol. IV, modern philosophy: From Descartes to Leibniz, Image edition: United States, 1993.
– Group of authors, The Cambridge companion to Galileo, Cambridge University Press: UK, 1999.
– Group of authors, The language of nature: reassessing the mathematization of naturel philosophy in the seventeenth century, Minnesota studies in the philosophy of science, vol. 20, Minnesota University Press: Minneapolis, 1st edition, 2016.
– Nadler, Steven, Spinoza’s Ethics an introduction, Cambridge University Press: UK, 2006.
– Plato, the Republic, translated by Benjamin Jowett, Dover Publications: United States, 1st edition, 2000.