تغيّر المناخ يمكن أن يغيّر حركة المَد والجزر
مع ارتفاع مستوى سطح البحر، قد تنحسر موجات المد والجزر الهائلةالسابقة. ما الذي قد يعنيه هذا بالنسبة لطاقة المد والجزر؟ بقلم: دوج جونسون الصورة من موقع جيتي توجد في طيّات أمواج المد والجزر ثروة هائلة من الطاقة. تتولد طاقةالمد والجزر في المقام الأول بسبب جاذبية القمر، ويسهل التنبؤ بها أكثر منطاقة الرياح، فضلاً عن عملها بشكلٍ جيد جنباً إلى جنب مع الطاقةالشمسية، حيث تولد الكهرباء ليلاً بعد غروب الشمس، عندما يستمر الناسفي تشغيل أجهزة الحاسوب وأجهزة التلفزيون وغيرها من الأجهزةالإلكترونية. على الصعيد العالمي، يمكن لطاقة المد والجزر أن تنتج ما بين150 إلى 800 ساعة من التيراواط من الطاقة المتجددة سنوياً، ويُعد هذاأكثر من إنتاج كندا الإجمالي للطاقة من الرياح والمياه والطاقة النوويةوالوقود الأحفوري وغيرها من المصادر الأخرى في عام 2019. تولى أهمية كبيرة للموقع عند توليد طاقة المد والجزر. لإنتاج الطاقة، تحتاج مولدات المد والجزر إلى تيارات سريعة أو تغير كبير في مستوىسطح البحر بين ارتفاع المد والجزر وانخفاضه. ويعد خليج فندي، فيمنطقة كندا الأطلسية، مرشحاً مثالياً. يرتفع المد والجزر في الخليجوينخفض بما يصل إلى 12 متراً، مما يعني أن للخليج أحد أكبر نطاقاتالمد والجزر في العالم. ولكن، تُعد تيارات الموقع ونطاق المد والجزر الخاص به، وإمكانيتهلتوليد طاقة المد والجزر، عواقب معقدة ناتجة عن عوامل مختلفة، بما فيذلك عرض الموقع وطوله وشكله، والتدفق من الأنهار، وارتفاع مستوىسطح البحر. وهذا المتغير الأخير – مستوى سطح البحر – هو ما يهددبإحداث تغيير جذري في خطط توليد طاقة المد والجزر في العالم. في بحث حديث، أظهر العلماء، ومن بينهم دانيال خوجاستيه، خبيرديناميكا الموائع في جامعة نيو ساوث ويلز في أستراليا، كيف يمكن أنيؤدي ارتفاع مستوى سطح البحر إلى المساس بقابلية توليد طاقة المدوالجزر في المواقع حول العالم، مما يحوّل المواقع الرئيسة لتوليد الطاقةحالياً إلى مواقع عديمة الفائدة. توصّل دانيال وزملاؤه إلى هذا الاستنتاج بعد نمذجة 978 مصبًّاً افتراضياً مختلفاً بأشكال مختلفة، ونطاقات مد وجزر مختلفة، ومعدلاتارتفاع مختلفة لمستوى سطح البحر، من بين عوامل أخرى. يقول دانيال إنهعلى الرغم من أن مصبات الأنهار لم تكن مبنيةً على مواقع حقيقية، إلا أنها"تمثّل بشكل معقول المقاسات الهندسية للعديد من مصبات الأنهار فيجميع أنحاء العالم". ومن بين مصبَّات الأنهار الافتراضية البالغ عددها 978، كان لدى 54 منها تيارات سريعة بما يكفي لتشغيل توربينات المد والجزر. انخفض هذاالعدد إلى 47 في عمليات المحاكاة عند ارتفاع مستوى سطح البحر بمقدارمتر واحد. وعند ارتفاع مستوى سطح البحر بمقدار مترين، انخفض هذاالعدد إلى 40. يقول دانيال إنه في بعض مصبَّات الأنهار، حتى في تلكالتي حافظت على إمكانات توليد طاقة المد والجزر، كانت البقعة الفعليةداخل مصبّ النهر حيث تتدفق المياه بالسرعة اللازمة للتوليد تتحرك خلالالمحاكاة. يقول دانيال إن ارتفاع مستوى سطح البحر "سيؤدي إلى إزاحة أو إزالةأو إنشاء مواقع مثالية جديدة للتوليد عبر نطاق النظام". وبالنسبة لأولئكالذين يتطلعون إلى إنشاء بنية تحتية لتوليد طاقة المد والجزر – بمعداتمصممة لتدوم لعقودٍ من الزمن – قد يمثّل ذلك مشكلة كبيرة. يقولُ روبرت نيكولز، الخبيرُ في ارتفاعِ مستوى سطح البحر في جامعةEast Anglia في إنجلترا، وهو لم يشارك في البحث، إن المجموعاتالتي تسعى إلى بِناءِ محطاتِ طاقةِ المد والجَزْر"لا ينبغي أن تسعى لبدءِ هذا المشروع دون أيّ معرفةٍ سابقة، ويجب أن يكون لديهم فهمٌ معقولٌ للعواقبِ المحتمَلة". ومع ذلك، يقول روبرت إن ارتفاع مستوى سطح البحر المتوقع لن يكونله على الأرجح تأثيرٌ كبيرٌ بما يكفي لإعاقةِ توليدِ طاقة المد والجَزْر بشكلخطير. وعلى الرغم من أننا يمكن أن نشهدَ ارتفاعاً بمقدارِ مترٍ واحدٍ فيمستوى سطح البحر بحلول نهايةِ القرن، إلا أنه يقول إن عملياتِ توليدِ طاقةِ المد والجَزْر قد لا تستمر لفترةٍ طويلة. ففي فرنسا على سبيل المثال، منالمتوقع أن تستمرَّ العمليةُ المخطَّطُ لها في brittany لمدة 25 عاماً تقريباً، إلا أن محطة رانس لتوليد طاقة المد والجَزْر تعمل منذ عامِ ألفٍ وتسعمائةٍ وستةٍ وستين، وما زالت تُولِّد الطاقة. ومع ذلك، فإن البنية التحتية للطاقة عادةً ما تُسخَّرُ للعمل بعد فترةطويلة من انتهاء عمرها الافتراضي. وفي الوقت نفسه، عمليةُ توليد طاقةالمد والجَزْر حساسةٌ بشكل خادع للتغيراتِ في ظروفِ البحر. على سبيلالمثال، تتناسب الطاقة المتولِّدةُ من توربيناتِ تيار المد والجَزْر مع سرعةالتيار المُكَعَّبة، مما يعني أن خفضَ سرعةِ التيار إلى النصف، يؤدي إلىخفضِ إنتاج الطاقة إلى الثُمُن. يقول إيفان هاي، عالِمُ المناخ بجامعةSouthampton في إنجلترا: "إن عمليةَ توليدِ طاقةِ المد والجَزْر حساسةٌ جداً لهذه التغيرات". ومن خلال البحث بشكل أعمق في الأنماط، وجَدَ دانيال وزملاؤه أنأنواعاً مُحدَّدةً من مَصَبَّاتِ الأنهار ستكون أفضلَ في الاحتفاظِ بقُدراتهاعلى توليدِ طاقة المد والجَزْر. على سبيل المثال، التوربيناتُ المَبْنيَّةُ فيمَصبَّات الأنهار المتقاربة –أي المسطحات المائية التي تضيق عند الاتجاهبعيداً عن البحر– سوف تصمد بشكل أفضل من تلك الموجودة في مَصبَّاتالأنهار التي تظل بنفس العَرض عند الاتجاه نحو مصدر المياه. ومع ارتفاعمستوى سطح البحر، تضيق هذه الممراتُ المائيةُ المتقاربةُ باتجاه اليابسة، مما يُوجِّهُ طاقةَ المد والجَزْر عبرَ مساحةٍ أصغر. ولكن حتى مَصبَّاتالأنهار المتقاربة ستكون بشكل عام أقلَّ فعالية في توليد طاقة المد والجَزْرفي المستقبل. واستناداً إلى بحثه الخاص، يقول إيفان إن ارتفاع مستوى سطح البحرسيؤثّر على المد والجَزْر بعدةِ طرقٍ أخرى، حيث يذكر أن الأثرينالكبيرين يتمثّلان في تغيّر المواقع قليلةِ المد والجَزْر وتغيّر الرنين. المواقع قليلةُ المد والجَزْر Amphidromic Points هي المواقع التييوجد فيها نطاقُ مَدٍّ وجَزْرٍ ضئيلٍ أو معدوم. تتشكَّلُ تلك النقاط فيالمسطحاتِ المائيةِ الكبيرةِ، مثل بحر الشمال، ولكنها تتشكَّل أيضاً فيمسطحات مائية أخرى مثل خليج Hudson في كندا. ويتحرك المدُّ فيدائرة كبيرة بالقرب من تلك المواقع. ستؤدي المياه العميقة، الناجمةُ عنارتفاع مستوى سطح البحر، إلى تحريكِ الماء في هذه المواقع، ممايَتَسَبَّبُ في إصابةِ السواحلِ القريبةِ بنقاطٍ مختلفةٍ من المدِّ والجَزْرالمرتفعِ والمنخفض. يقول إيفان إن العاملَ التالي، وهو الرنين، مألوفٌ لأيّ شخصٍ دَفَعَ شخصاً ما على الأرجوحةِ من قبل. حيث يَجِدُ إيفان عند دفعِهِ لابنته، أنهإذا دفعها في الوقت المناسب، فسوف ترتفع أعلى فأعلى. ولكن إذا دفعها فيالوقت الخطأ (على سبيل المثال، عندما تكون في منتصف ارتفاعها) ينقطعالتدفق. يقول إيفان إن كلَّ جزءٍ من الساحل له تَرَدُّدُ رنينٍ خاصٍ به، يحددهشكلُه وعرضُه وعمقُه. كلما اقترب تردُّدُ الرنين المتأصلُ في منطقةٍ مامن دورة المد والجَزْر للقمر –أي اثنتا عشرة ساعة واثنتان وأربعوندقيقة– كلما كان المدُّ والجَزْر أكبر. يبلغ تردد رنين خليج Fundy حوالياثنتي عشرة ساعة ونصف، وهو ما يفسّر حركةَ المدِّ والجَزْر العاليةَ فيالخليج. ومع ذلك، فإن ارتفاع مستوى سطح البحر يمكن أن يُغَيّرَ ترددَّ الرنين في منطقةٍ ما، ليكون أقربَ إلى دورة القمر أو أبعدَ منها، مما يغيرنطاقَ المدِّ والجَزْرِ المحلي – وصلاحيته لتوليدِ طاقةِ المد والجَزْر. في الوقت الحالي، لا تشكّل طاقةُ المدِّ والجَزْر جزءاً كبيراً من إنتاجالطاقة العالمي – إلا أن هذا المجالَ متزايدُ النمو، ومع نموِّه، قد يكون منالصعب اختيارُ المواقعِ المثاليةِ للتوربينات – خاصةً تلك التي تعمل علىالمدى الطويل. وللتغلبِ على هذه المشكلة، يقول دانيال إنه يجب استثمارُ المزيدِ في إعدادِ عملياتِ طاقةِ مدٍّ وجَزْرٍ أصغرَ حجماً وقابلةٍ للنقل: ...