تمهيد [1]
شهدت منظومة أدب الذات في العقود الأخيرة تطوُّرًا ملحوظًا على ما كانت عليه عند جيل الروّاد، فقد وجد الكُتّابُ في هذا النوع من الأدب مجالًا خصبًا يُغري بالكتابة، وسرد وقائع حيواتهم، والحوادث المستجدّة فيها من مرضٍ، أو اعتقالٍ، أو اضطهادٍ، أو رحلات. تبين قُدرة هذا الجنس الكتابيِّ على استيعاب هذه الحمولة الدلالية التي تعجز بقية الأجناس الأدبية على احتوائها لاِحالتها المُباشرة على الواقِعِ، وعلى حياة الشخصيّةِ المترجمةِ لذتها، فبدأت تطفو على السطح مجموعة من الأشكال الكتابية الجديدة؛ كأدب السجون، وأدب الرحلة، ومحكيّ الطفولة، واليوميات، وأدب المرض، والعاهات، يُغذّيها في ذلك رغبة جامحة من قِبل أصحابها في البوح والاعتراف، دون اكتراثٍ كبير بالأشكال الجمالية للكتابة السِّيرذاتيّة.
1. في تقديم النصّ وتأصيله أجناسيًّا
عن دار مسكيلياني للنَّشْر صدرت سنة 2017، ترجمة لرواية الصحفي الفرنسي: جان دومينيك بوبي Jean-Dominique Bauby (1952-1997)، «بذلة الغوص والفراشة»، نقلها إلى العربية في لغة متينة سَلِسَة الروائي والمترجم التونسي شوقي البرنوصي[2]. يُمثِّلُ هذا النصُّ بُعدًا جديدًا من أبعاد الكتابة السيرذاتية عامّة، وفي سيرة المؤلِّف خاصّة؛ لا سيما أنَّهُ أقدم على إنْشائهِ عَقِبَ تعرُّضِهِ لِجلْطة أدَّتْ إلى إصابتهِ بما يُسمّى بِمُتلازمة المُنْحبس إثْر تعطُّلٍ حاد في القلْبِ والأوْعِيَةِ، فابتدع طريقة جديدة في الكتابة حيثُ تُعرضُ عليه الأبجديّةُ الفرنسيّة وفق نظام ESA، وهي لعبة تفاضليّة يُعمدُ فيها إلى تبويب كلِّ حرفٍ حسب تكراره في اللغة الفرنسيّة إلى أن يستوقف محدَّثته / مساعدته في الكتابة برمشة عين واحدة إشارة للحرف المتوجِّبِ عليها تسجيله ثمّ يتكرَّرُ الأمر نفْسُهُ مع الأحرف التالية حتى يتحصَّلوا على كلمات تامّةٍ ومن ثُمّ مقاطع جملٍ واضِحةٍ[3]، وتُسمّى هذه الطريقة: «الفحص بمساعدة شريك»[4]، لتستغرق عمليّة تأليفه سنتين متتاليتين، وقد ظهر هذا النصُّ بين دفتيّ كتاب يوم 6 مارس 1997، وفارق كاتبه الحياة بعدها بثلاثة أيام.
وعلى الرغم من ثراء المسيرة الفكرية للمؤلِّف إلّا أنه لم يُخلّف عددًا هامًا من الكتابات باستثناء ما كان يُحبّرهُ من مقالات صحفية أو كتابه الأوّل Raoul lévy un aventurier du cinéma[5]، ولم يُعرف عن الرَّجُل أيُّ نشاط كتابي إبداعي؛ لا سيما في مجال كتابات أدب الذات، وهو ما يدفعُنا إلى اعتباره طارئًا و مُستجدًّا في هذا الحقل الكتابي، بعد أن جعلت منه مأساة الإعاقة مدفوعًا إلى الكتابة؛ فـ«المُترجمُ لذاته يحتاجُ إلى كتابةِ حياتهِ الشَّخصيّة لغايةِ إرْساءِ تواصُل ذاتيٍّ بالدّرجةِ الأولى؛ ذلِك أنّهُ يهْدِفُ من خلالِ الفِعل السِّيرذاتي إلى توظيفِ المكتوب لبلْورةِ المعِيشِ الموسومِ بالتراكُمِ والتّداخُلِ، فالتّبْعيدُ اللغوي يعملُ على إخضاعِ وقائِعِ الحياةِ إلى وحْدةٍ معْقوليّةٍ تُمكِّنُ صاحب السيرة الذّاتيّة ما بعْدِيًّا من تفهُّمِ المنْطِقِ التّاريخِي المُتحكِّمِ بالمادَّةِ الحياتيّةِ، وتشْتدُّ هذهِ الحاجةُ لفهْمِ أطوارِ الحياةِ لدى الكُتّابِ الذين يُعايشُون فترات تحوُّلٍ اسْتثنائيّةٍ من شأنِها أن تجعلهُم عُرضةً لاهتزازاتٍ سياسيّة، أو إيديولوجيّة، وبالتّالي فهي تُؤثّرُ في توازنهم النّفْسي وتُخلخلُ مقوِّمات هويّاتهم بِفعْلِ وُقوعهم في سياقات تحوُّلاتٍ كُبرى تجُرُّهم إلى دوائِرِ صراع عنيفة».[6]
والأمْرُ ذاتهُ ينْطبقُ على من يتعرّضُون إلى انتكاسات صحيّة أو أمراض مُفاجئة لا يجدون خلالها من مؤنس يُخفّفُ عنهم آلامها غير الكتابة. وعلى هذا النّحو انْدفع جان دومينيك بوبي إلى تدوين بعض فترات حياته بحثًا عن اسْتعادة توازنه المُعرَّضِ للانهيار، ورغبة في ترميم ذاته التي حطّمها المرضُ، فجاء نصُّهُ مُضمَّخًا بمعاني الألم والوجَعِ في «لُغةٍ جسديّةٍ ضاغِطةٍ حلّت في جسدِ اللغةِ»[7]، يُغذّيه في ذلك رغبته الجامحة في تحدّي الإعاقة التي ألمّت به، الأمر الذي يُحيلنا إلى جدلية العلاقة التفاعليّة بين الكتابة والإعاقة، هذه العلاقة القديمة نسبيًّا في الأدب، والتي نجد أصداءها في عدد من أثار الأدب الغربي؛ ككتاب: «قصّة حياتي العجيبة»[8] للأمريكية هيلين كيلر التي فقدت السمع والبصر في سنٍّ مبكِّرة جدًّا، أو السيرة الذاتيّة: «قدمي اليُسرى»[9] للكاتب والرسام الإيرلندي كريستي براون الذي اُصيب بشلل دماغيّ، ولم يبق معافًا من جسده إلا رجله اليسرى التي كانت سبب شهرته، ونجاحه، وقد ظلّ مدينًا لها بذلك، وكذلك كتاب: «الدفتر الأسود»[10] للشاعر والمؤلف الفرنسي جو بوسكيه الذي اُصيب برصاصة ألمانية في سن العشرين ظل على إثرها مشلولًا شللًا نصفيًا إلى وفاته، ناهيك عن «مُذكرات كفيف»[11] لصاحب النظرية التفكيكية جاك دريدا الَّذي ألّفهُ بعد إصابته بمرض أعاقه عنْ تحريك عينه اليُسرى، إضافة إلى الرسائل[12] التي خلّفتها الفنانة المكسيكية فريدا كاهلو التي اُصيبت بشلل الأطفال الَّذي خلّفَ لها إعاقة في ساقها اليُمنى فاتخذت من الرسم – رسم البورتريهات خاصة – المتنفّسَ الوحيد لتعبها وآلامها. لقد مثّلت الإعاقة نسقًا ثقافيًّا، وثيمة توجِّه الكتابة الإبداعية عند هؤلاء، لتغدو بذلك الكتابة عن الإعاقة استراتيجية من استراتيجيات دحض الصّورة النمطيّة السّائِدة من أنّ ذا الإعاقة شخصٌ عاجز يعيشُ على هامش المجتمع.
بهذا المعنى تُصبح الكتابة عن الإعاقة تجربةً تنزاحُ الذات فيها انزياحًا واضحًا عن الخِطاب الجمعي السّائد، وتُقوِّضُ مقولاته، وتُصحِّحُ تمثلاته. أمّا في الأدبِ العربي الحديث فقد كان طه حسين أول من أرسى سُنّة الكتابة عن الإعاقة، وعلى نهجه سار أغْلبُ الكُتّاب المٌحدثين تأثُّرًا بهِ، باعتباره مرجعيّةً إبداعيّةً؛ بل إنّ جيلًا واسعًا من النسويّات عبّرن عن إعجابهنّ به، واعتبرنه رمزًا، غيْر أنّ طه حسين لمْ يُفرد لها -الإعاقة- مؤلَّفًا بعينه؛ بلْ جاءَ حديثهُ عن إعاقته البصريّة عارضًا في تضاعيف خطابه السيرذاتي كأن يتحدّثَ عما تسبّبت فيه عاهته من مواقف محرجة في بداية كلِّ مرحلة من مراحلِ الدّراسة، أو ما واجهه من سوء تعامل من الآخرين، إلا أنه لم يكن ليُفرد لها حيزًا نصيًّا مُستقلًا بذاته، فهو يعْتبرها آفةً عادية من الآفات الكثيرة التي تعرضُ لبعْض النّاس في حياتهم.
ورغم أنّ طه حسين عبّد الطريق أمام الكُتاب من بعده فإنّ الواجهة الأدبية العربية ظلّت تعاني شُحًّا ونُقصًا ملموسًا في الكتابات حول هذا الموضوع، نظرًا لاعتبار أنّ الإعاقة ظلّت لحقب طويلة أمرًا منبوذًا في الثقافة العربية الإسلامية، وهو ما جعل أمر الكتابة عنها غير مطروح بالنسبة للأدباء؛ باستثناء بعض المؤلفين الذين تجرؤوا على الخوض في تفاصيل رحلاتهم العلاجية كجمال الغيطاني في مؤلفه: «كتاب الألم»[13]، الّذي ضمّ ثلاث مجموعات هي الخطوط الفاصلة، ومقاربة الأبد، وأيام الجمر، أو رضوى عاشور التي ضمّنت سيرتها الذاتية حديثًا عن رحلتها العلاجية في محاربة السرطان في كتابها: «أثقل من رضوى».[14]
أمّا في مجال الحديث عن تجربة الإعاقة فيُمثل كتاب: «مذاق الصبر»[15] لمحمد عيد العريمي، و«للألم وجه آخر»[16] لأحمد بن حمد الحجِّي نموذجين للكتابة حول تجربة الإعاقة في الأدب العربي الحديث يتسمان بالفرادة والطرافة في الطرح.
وفي السياق ذاته اِتخذ العديد من المؤلفين العرب الذين كتبوا باللغة الفرنسية من شخصيات حاملة للإعاقة مادة لمتونهم الروائية وصوروها شخصيات فاعلةٍ كالطاهر بن جلون (1947)، في مؤلّفهِ: «السعادة الزوجية» le bonheur conjugal[17]، الذي يتحدّث خلاله عن قصّة رسّام مشهور يجد نفسه على كرسيّ مُتحرِّكٍ عقب سكتة دماغيّةٍ معرِّجًا على المقاطع الهامّة في حياتهِ كتدهور علاقته الزوجيّة، مُصوِّرًا الراحة والعناية اللتين لقيهما من طرف ممرضته، وفي مؤلّفه: «ليلة القدر»la nuit sacrée [18]، يروي بن جلّون قصّة امرأة فاقدة للبصر تجد متعتها الجنسيّة مع زهرة، الفتاة التي وٌلدت أنثى و ترعرعت كرجل من قِبل والدها الذي أراد ذلك.
وكذلك الروائية المغربية لمياء بالرادة، التي تصف عبر روايتها: «ملكة النسيان» la reine de l’oubli [19] الحياة اليومية لشخص مُصاب بالزهايمر دون استعمال هذه العبارة طيلة الرواية، مُفضلة الحديث عن شخص يُعاني من اضطربات في تذكُّر الأشياء من حوله، لاعتقادها الجازم أنّ القيمة الحقيقية في الأدب تكمن في تخليصه من كل الكلمات الواصمة.
من خلال ما ذكرناه، نلاحظ بوضوح ندرة الكتابات بالعربية التي تناولت مسألة الإعاقة في الفنّ والأدب، الأمر الذي دفع المترجمين إلى نقل بعض هذه الآثار الأدبية إلى العربية سدّا للنقص الذي تشهده مكتباتنا في هذا اللون من الكتابة. واشتغالنا على هذا الأثر بالذات يرجع إلى أسباب مختلفة أهمها في نظرنا ريادة الغرب وسبقه في طرق هذه المسألة، مما نجم عنه تنامي وعي الكُتّاب بهذا الضرب من الكتابة فأخذ يتشكّلُ بذلك عندهم عدد هام من النُصوص الواضحة الحدود والملامح، تتناول تجربة الإعاقة بكامل تفاصيلها ودقائقها كهذا الكتاب، محلِّ الدّرسِ الذي كرسّه الكاتب للحديث عن تجربة تعايشه مع إعاقته المستجدّة، والتركيز على جوانب معاناته النفسية والجسدية تحت وطأة الألم.
نيّة الكاتب لم تكُن تتّجه منذ البداية نحو إنْشاء مشروع سيرذاتي، يستجيبُ لِخصُوصيات الكتابة السيرذاتيّة الأجناسيّة، بقدر ما كانت نيته متَّجهةً إلى توثيق تجربة المرض والإعاقة من الرفض إلى التصالح والتعايش معها ومُشاطرتها مع الآخرين لإفادتهم ولتصحيح تمثُّلاتهم، وهو ما يُفسّر غياب أهم مقوّمات الكتابة السيرذاتية من ميثاق سيرذاتي يُعلن اندراج النص، وانتمائه أجناسيًّا إلى جنس السيرة الذاتية، وتغطية لأهم مراحل مسيرته الخاصة؛ إذ اقتصر السّارد وهو ينشئ هذا النصّ على فترة زمنية مخصوصة تمتد زمانيًا منذ استفاقته من غيبوبته بعد عشرين يومًا من تعرّضه لجلطة دماغية حادة، حتى الانتهاء من إملاء الكتاب على مساعدته؛ أيّ بعد سنتين تقريبًا اِتخذ فيه الكاتب بنية زمنية معكوسة فعمد إلى تقطيع الملفوظ التذكّري إلى لوحات مستقلّة دلاليًا، وسم كل لوحة بعنوان يُجملُ معانيها، واعتمد لبنائها تقنية الومضة الورائية في إطار عدٍّ تنازلي بدأهُ بلحظة استفاقته من غيبوبته ثمّ اكتشاف إعاقته، وصولاً إلى اللوحة قبل الأخيرة «يوم في الحياة»، التي سبقت دخول السارد الغيبوبة، انتهاءً بلوحة «العودة»، وكأنها عود على بدء، الأمر الذي أوقع النص في التعتيم والالتباس الأجناسي؛ فلا هو بالرواية كما تم الإشارة إلى ذلك على غلاف الكتاب، ولا هو بالسيرة الذاتية لافتقاره لأبرز شروط الكتابة السيرذاتية، ولا هو باليوميات لأنّ التأريخ في اليوميات هو شرطها الأساسي الذي يجعل منها ممكنة.
ويضطلع التاريخ في اليوميات بدور الميثاق الأجناسي الذي يستبعد سواها من «مذكرات»، و«سيرة ذاتية»، و«تخييل ذاتي»، و«رواية»[20]. ولا يمكن عدّه ضمن أدب الاعتراف، أو الشهادات، لكن يظلُّ جنسُ المذكرات هو الأقرب إلى هذا النصِّ و الأرجح، بيدَ أنّ مسألة التصنيف والتأصيل في تُربة أجناسية معينة ليس بالأمر الهام بمكان، لانطوائه على قصة تحدٍّ شجاع تربك القارئ، وتعمق وعيه في فهم العالم، والنفس من جديد.
2. سيرة المرض
ينخرطُ هذا النصّ ضمن ما يُمكن تسميتهُ بأدب الأقليات أو الفئات المضطهدة اجتماعيًا، وتنبع فرادة وخصوصية هذا النوع من النصوص من جهة اخْتلاف موضوعاتها عن السّائد، هذا الاختلاف من شأنه أن يُفرز اختلافًا بيّنًا في خصوصية الخطاب؛ أيّ في الهوية السرديّة لمنشئ النصّ؛ إذْ تنْهضُ الكتابة لدى ذوي الإعاقات على جُملة من الأقطاب الدلالية يربط بينها خيط رفيع مشترك به تنزاح عن المرجعيات الفكرية المعتادة في كتابة أدب الذات وتؤسس لتجربة رائدة في الكتابة.
بُني النصّ على أزمنة ثلاثة: ماضٍ يستدعيه الكاتب بين الحين و الآخرِ ويبتعث مشاهده ولوحاته انتشاء وتلذُّذًا بها، وحاضر قاتم يعاني السّارد وطأته وألمه، ومُستقبل يستبقه خوفًا وخشية من غد مجهول، شحذها الكاتب بتصوير معاناته، وما خلَّفته فيه تجربة الإعاقة من وجع جسدِيّ، وأذًى نفسيّ عميقين؛ فيُصوّر جسده المنهك المُتهاوي «الغضَّ، والمهتوك، والمليء بالتشوُّهات، جسد لم يُلازمني إلّا ليُذيقني الألم»[21]، هذا الوجع الجسدي لا يقلُّ عنه وجع آخر أعمق منه وهو الوجع النّفسي؛ إذْ يُشير إلى ذلك قائلاً: «كان لتعطُّلِ التواصُل وطأته عليَّ»[22]؛ فوجع الجسد مُفضٍ لا محالة إلى وجع الروحِ ولا أشدّ اِيلام من تعايشك مع جسدٍ غريبٍ عنك، لا هو بالجسد المألوف الذي اعتدته، ولا هو بالجسد القادر على أن تتكيف معه، لقد وجد بوبي نفسه أسير جسد كسيح توقفت جميع أعضائه عن الاشتغال باستثناء قلب ينبضُ تشبُّثا بالحياة، ورمش عين يسرى هو صلته الوحيدة بالعالم الخارجي، لقد ظلَّ هذا الجسد ضاغطًا بكلِّ ثقله على روحه الجامحة المُنطلقةِ كبذلة غوص تأسره، وتحدُّ من انطلاقته. ويتعمّقُ شعور بوبي بالأسى وهو عاجز عن احتضان ابنيه ومشاركتهما اللعب، يقول في هذا السياق: «اجْتاحتني موجةٌ من الحُزن. هو ذا تيوفيل، ابني جالسًا أمامي بأدب وجهه على بعد خمسين سنتيمترًا عن وجهي، و أنا أبوه لا أملكُ حتّى حقّي البسيط في تمرير يدي على شعره الكثِّ، والإمساك بقفاه الخفيفةِ كالريشة، وهصر جسدهِ الصغير الناضحِ نعومةً و دفئًا. كيف أقولها له؟ هذا فظيعٌ، هذا جائر، هذا بغيض، أم هذا شنيع؟ فجأة انهرْتُ تمامًا. جرت دموعي وانْفلتت من حلقي حشرجةٌ أفزعت ثيوفيل».[23]
إنه إحساسٌ عميق بالوجع أشبه بالعُقم النفسي، حيث يُشعر ذو الإعاقة أنه في حالة شلل معنوي. ويتعمّق هذا الإحساس بفظاعة الواقع المرير عندما يجد نفسه عاجزًا عن قضاء أبسط حاجاته فيُصبح تحت سيطرة الآخر، لا حول له ولا قُوة، يُشير إلى ذلك قائلاً: «في يوم بعيْنهِ، يبدو لي مُضحكًا أنْ صِرتُ وأنا في الرابعة والأربعين، أُحمّمُ، وأُقلبُ، وتُمسحُ عنّي الأوساخُ، وأُقمّطُ مثل رضيع، بل وقد يُشعرني ذلك في ارتداد طفولي كاملٍ بلذّة مُحيّرةٍ. ثُمّ يأتي الغد فيبدو كُلّ ما سلف مدعاةً للشفقة، وتختلطُ دمعتي برغوة الحلاقةِ».[24] مُرتدًّا في الأثناء إلى الماضي عاقدًا مُقابلة ضديدة بين ماكان عليه وما آل إليهِ خاصّة عندما يذكر حدث الاستحمام الأسبوعي وما يُولده فيه ذلك من حنين إلى أمس ولّى لن يعود يعقبه شعور بالخيبة والغبن، يتحدّثُ عن ذلك قائلًا: «أمّا الاستحمام الأسبوعي فيُغرقني في مزيج من الضيق والابتهاج في آن. فاللذّةُ المُقترنة بلحظة الغطس في حوض الاستحمام سُرعان ما يعقبُها حنين إلى اللهو بالماء، مُتعتي الخالصة في حياتي السابقة، مُمسكًا بفنجان شاي أو بكأسِ وسكي، بكتاب جيد أو برزمة جرائد، كُنتُ أتسلّى طويلًا بحلِّ الحنفيّات بأصابع قدميّ قليلة هي تلك اللحظات التي أشعرُ عند استحضار متعتها بفظاعة واقعي الراهن. من حُسن الحظّ أنّي لا أملكُ الوقت لإغراقي في الكآبة».[25]
بيْدَ أنَّ هذا الاستسلام للواقع القاتم المرير لم يستمرَّ طويلاً عند السارد فسرعان ما قبل فكرة تعايشه مع هذه الإعاقة، واعترف وأقرَّ ضمنيًا بذلك؛ فالتصالح مع العاهة بعد رفضها يُمثّل أولى درجات سلم الشّفاء، ويُشير بوبي إلى ذلك بقوله: «في النهاية كانت صدمة الكُرسي شافية، صارت الأمورُ أكثر وضوحًا، كففْتُ عن بناء المشاريع الوهمية واستطعتُ أن أُحرّرَ الأصدقاء من صمْتهم، لم يعُد الموضوع مُحرّمًا بدأنا نتحدّثُ عن متلازمة المُنحبس، من المُحتمل إذن أن تمضي بِضْعة أعوام قبل أن أتمكن من تحريك أصابع قدميّ». [26]
إنّ التأقلم النفسي مع الإعاقة لا سيما إن كانت مُستجدّة ليست بالأمر البسيط؛ إذْ يحتاجُ عزمًا شديدًا، ورباطة جأش، بدءًا بالتحرّر من مكبلات الماضي (ما كان عليه هذا الجسد قبل إصابته بالعاهات)، ثمّ تقبل الأمر الواقع (فقدان عضو أو بعض الأعضاء)، والاستعداد للمستقبل المُحتمل (إمكانية تدهور الحالة أكثر)، يقول الساردُ: «بات عالمي مقسومًا بين أولئك الذين عرفوني سابقًا والآخرين، على أيِّ هيئة ماضية سيتخيلونني يا تُرى؟ فليس في غرفتي حتّى مُجرّدُ صورة أريهم إيّاها».[27]
لقد آمن الساردُ ألا علاج أنجع وأقوى من علاج ذاته بذاته فتخيّر الكتابة سبيلًا يُعوِّضُ بها هذا النُّقص الذي حلّ به ليُثبت للجميع أن قوة الإرادة من شأنها أن تصهر المرض أو الإعاقة، مهما كان نوعهما، وليُبرهن لمن هم حوله أهليته، وفاعليته، ولتقديمِ صورة مُختلِفةٍ عن حامل الإعاقة مُفارقة للصورة النمطية المُكرّسة عنه، في مُقابل تفعيل صورةِ ذي الإعاقة القادر المُنتج الفاعلِ؛ إذْ «يُؤكّدُ أدلر Adler على أنّ الشُّعور بالنقص داءٌ مُفيدٌ، فهو شُعورٌ يولدُ وينمو طبيعيًّا يُشابهُ توتُّرًا مؤلِمًا يتطلّبُ حلًّا لتخفيفه، ويُسيطرُ الشعور بالنقصِ على الحياة النفسيّة. و نجدهُ محدّدًا بوضوح في مشاعر عدم الاكتفاء، وعدم الكمال في الجهود المتواصلة التي تبذلها الكائنات البشرية والإنسانية».[28]
بهذا تغدو الكتابة حول موضوع الإعاقة سلاحًا ذا حدَّيْن؛ فهي من جهة ضرب من التّحليل الذاتي الّذي يُعتبر «أسلوبًا في العلاج النفسي، ويُمكن اعتبار الكتابات الذاتيّة من أهم الكتابات التي يُوظّفُ فيها التحليل الذاتي بوصفه ممارسةً كتابية تُمثِّلُ نشاطًا مُكيِّفًا لبنية الشخصية الفرديّة، بِما يُفرزه من وعيٍ جديدٍ بالذات، وهو غير الوعي النرجسي الزائف»[29]؛ فتصير الكتابة بذلك أشبه برئة ثالثة تمنح ذا الإعاقة طاقة متجدّدة. وهي إلى ذلك فرصةٌ أوّلاً لإفادة المُتلقّي وإشراكه تجربة تحدِّي الإعاقة خاصّة لذوي الإعاقة، وثانيًا لتصحيح التمثّلات التي ترسّخت في المخيال الجمعي حول ذي الإعاقة، يتحدّث السارد عن ذلك قائلاً: «في مقهى فلور أحد تلك المعاقل الرئيسية للعجرفة الباريسية، حيثُ تنطلقُ النمائم اِنطلاق الحمام الزاجِلِ، كان بعضُ خِلّاني قد سمِعوا تافهين مجهولين يتحاورون بشراهة نسور اِكتشفت لتوِّها غزالةً مبقورة البطنِ: أتراك علمْت أنّ ب قد تحوّل إلى بقلٍ؟ قال أحدهم: بالطّبع بلغني ذلك. بقل؟ نعم، بقل. كان الزمن زمن سلم، وبالتالي لم يكُن أحد ليطلق النار على ناشري الأخبار الزائفة. لذا إن أنا أردتُ إثبات أنّي ما أزالُ أملك قُدرة فكريّةً أعلى ممّا لدى نبتة «لحية التيس»، وجب عليّ ألّا أعتمد إلّا على نفسي». [30]
إنّ الكتابة عن الإعاقة ليْست بالأمرِ الهيّن ولا السّهل، لاعتبارات عِدّةٍ أهمها الوضع الجسدي والنّفسي للمترجم لذاته، الذي يكون تحت وطأة العلاج و الألم من جهة، ومن جهة أخرى لكونِ الإعاقة كحالة اجتماعية ظلّت أمرًا منبوذًا في ظلّ ثقافة إقصائية مهيمنة. لقد ظلّت الكتابة عن الإعاقة أمرًا صعْبًا يحتاج تحديًا شجاعًا ومحاولات جريئة؛ إلا أن جان دومينيك بوبي تعامل مع «مرضه النادر بالكثير من البرود، وكأن ذهنه يفكر بجسد آخر في سخرية كبيرة من الألم ومن الموت. فكان يتقبّل ما حدث له دون فزع ولا انفعال»[31] لتغدو الكتابة عن الجسد المعاق سخرية واستهزاء لا بالمرض فقط، بل من واقع كسيح بمجمله، فقد مثّلت الإعاقة بالنّسبة لبوبي مناسبةً اكتشف خلالها المعدن الحقيقي للمُحيطين به؛ إذْ يشير إلى ذلك قائلًا: «وفي ظاهرة غريبة لانقلاب الأوضاع، لاح لي أنّ أولئك الّذين أقمت معهم أبسط العلاقات هم من يضغطون إلى أقصى حدٍّ في طرح هذه الأسئلة الجوهريّة، وأنّ خفّتهم تحجب عمقهم. هل كُنت أعمى وأصمّ؟ أم أنّ نور المأساة ضروري ليُنير لرجلٍ نهاره الحقيقيَّ»[32]، لقد كشفت مأساة الإعاقة لبوبي معدن الكثيرين من حوله، وأماطت اللثام عمّا ينطوي عليه هذا العالم من ظلم وغطرسة في زمن موبوء انتفت فيه القيم، واستشرى مكانها الاستبداد والعُنف الرمزي الذي يُعدّ أقوى درجات العنف، وقد كشفت لنا الرحلة العلاجية للساردِ غطرسة الأطباء المشرفين على علاجه، كالطبيب الذي أقدم على خياطة جفن العين اليُمنى يقول في معرض حديثه عنه: «هذا الساذج، ولأن كان يقضي أيامه في تفحُّص بؤبؤ الآخرينَ، لا يُحسنُ رغم ذلك قراءة النظرات. كان مثالاً للطبيب اللامبالي والمتغطرس المُستبدِّ».[33]
في الواقع فإنّ نموذج هذا الطبيب المتعالي لا يُعدُّ سوى عينة بسيطة من عجرفة عدد هائل من الأطباء مثله إذ يتحدّثُ بوبي في سياق آخر عن وحشية الطاقم الطبّي قائلاً: «في البداية أجفلني بعضهم. فلم أرَ فيهم إلّا سجّانين شرسين وأضلاع مؤامرة كريهةٍ. بعد ذلك كرهتُ آخرين لمّا لووا لي ذراعي واضعين إيّاي على الأريكة منْسِيًّا لِليلةٍ بأكملها أمام التلفزيون متروكًا في وضعيّة مؤلمة برغم إنكاري لذلك».[34] ويتحدّثُ في مناسبة أخرى عن تعامل واحد من الطاقم الطبي معه في نوع من الساديّة، والتلذذ بتعذيبه فيقول: «يُشيرُ لي الساقي بوضعها على فمي. أنفّذُ الأمر فيبدأُ سائلٌ عنبريٌّ بطعم الزنجبيل بالسيلانِ. يجتاحني شعور بالحرارةِ من منبت شعري إلى أخمص قدميَّ برهة من الوقتِ. أشعر برغبةٍ في التوقف عن الشرب، والنزول قليلاً عن المقعد ومع ذلك أواصلُ العبّ بجرعات طويلة، عاجزًا عن إتيان أدنى حركة. ألقي نظرات ذاهلةٍ إلى الساقي لأجلب انتباهه؛ فيُجيبني بضحكة مُلغزة وتتشوّه من حولي الأصوات والوجوه».[35]
لقد قُلبت المُعادلة وصار ذو الإعاقة منتجًا فاعلاً يتحدى الإعاقة بصبر وإصرار، وانقلبت الإعاقة من محنة تؤرق الإنسان، وتحدّ من طاقاته المنتجة إلى فرصة تعمق وعيه على فهم العالم، والنفس من جديد، واختبار ممكنات النفس وقدراتها، وهي إلى ذلك تحرّك شهواتنا في البقاء والخلود، ولا شيء أبقى في اعتقادنا ممّا يخلفه المرء من منجزات. إنّ الإعاقة الحق بهذا المعنى هي تلك الكامنة في نفوس المضطهدين المتغطرسين الذي ينتقصون من الآخر بحجة اختلافه، وقصوره، وعدم فاعليته. إنّ الإعاقة الحق هي عجزك عن قبول الآخر، وإدماجه، وتمثّل احتياجاته الخاصة. إذن الكتابة عن الإعاقة تعرية لواقع غاشم يسوده الظلم، والاضطهاد، وفهم عميق لما يحيط بنا.
3. وظائف البوح / الكتابة
إنّ كتابة الذات في الأدب تقترن اقترانًا واضحًا بالبوح، والاعتراف، وقد كان جان دومينيك بوبي، جريئًا في اعترافاته سخيًّا في ذلك، وعلى الرغم من ضآلة الحيز النصي نسبيًّا فقد راوح بين وصف معاناته الجسدية والنفسية في الغرفة 119، بالمستشفى البحري ببارك، مرتدًّا بين الحين والآخر إلى الماضي يبعثُ مشاهدًا حيّة، وصورًا نابضة عندما كان ينعم بكامل عافيته، وفي فترات زمنية متباعدة تعبيرًا عن حنينه العارم إلى هذا الماضي السعيد، وكأن عملية التذكر بذلك ممكن من ممكنات سعادة الراوي؛ إذْ عبّر عن ذلك قائلاً: «باستعادتها إنما أسعى لاستعادة ذاتي»[36]، وقد بلغ البوح أوجه في نصّ: «أثر الثعبان»[37] الذي خصصه للحديث عن رحلة الحجّ إلى «لوردز»، مع جوزفين، ولم يتحفّظ خلاله السارد عن الصدح بالمستور.
إنّ كتابة تجربة الإعاقة عند جان دومينيك بوبي، كتابة تطهيرية بالأساس تعمل على تنقية الكاتب، وتطهير نفسه من الأحزان، والأدران، إنها كتابة موغلة في الذاكرة يقف خلالها الكاتب على أهم المحطات التي عاشها في حياته قبل أن يداهمه المرض؛ فيستعيد حياته، وباستعادتها يرمّم أجزاء ذاته المتأزمة. وهي إلى ذلك نوع من محاسبة الذات، وتأنيب الضمير على إهدار الفُرص، كما يعبّرُ هو عن ذلك: «النساء اللاتي لم نهتدِ إلى حبّهنَّ، الممكنات التي لم نغتنم، ولحظات السعادة التي تركناها تطير. اليوم يبدو لي أنّ وجودي برمّته لم يكُن إلّا تشكيلًا لقائمة المُهدرات».[38] أو ربما هي تعبير عن ندم، ومحاولة التكفير عن خطأ اُرتكب في الماضي، كاحتقاره لصديق طفولة يُدعى أوليقي، وقد عبّر الكاتب عن ذلك بقوله: «أشعرُ بشيء من الندم على ازدرائي له؛ لأنّني من الآن فصاعدًا سأغار منه، ومن براعته في فنِّ اختراع الحكايا. لسْتُ مُتأكِّدًا بالمرّة من بلوغي مثل حنكته، حتّى لو بدأتُ أنا أيضًا في اختلاق أقدار مجيدة لِنفْسي على سبيل التعويض».[39]
إنّ الكتابة عن تجربة الإعاقة والبوح بما يعتمر في ذات المتلفظ من أوجاع، وما يشعر به من حنين عارم لذكريات ماضية، يتنزل لدى جان دومينيك بوبي في سياق عملية توثيقية يصوّر أثناءها رحلة العلاج، وما عاشه من معاناة، وما لمسه خلالها من تعامل المحيطين معه، واعتراف باح خلاله بأحداث وذكريات منقضية، واعتراف بفضل بعض المحيطين به؛ ككلود ماندبيل، مساعدته في الكتابة التي شبّهها بالملاك الحارسِ: «وهي من وضع شفرة التواصل التي لولاها لعُزلت عن العالم للأسف»،[40] على حدِّ تعبيره.
[divider style=”solid” top=”20″ bottom=”20″]
[1] نُشير إلى أننا نستعمل هنا مصطلح سيرذاتي بمعناه الدلالي الواسع الذي يضم كل كتابات الذات .
[2] شوقي البرنوصي (1977) كاتب و صحفي ثقافي تونسي و عضو مؤسس لصالون ناس الديكامرون للآداب و الفنون من إصداراته مجموعة شعرية بعنوان «كسرت المرآة بأجنحتي» (2013) و ترجمة رواية «بذلة الغوص و الفراشة» لجان دومينيك بوبي (2017) و رواية «مأزق تشايكوفسكي»(2018) .
[3] اُنظر جان دومينيك بوبي ، بذلة الغوص و الفراشة ، ص ص 23،24 .
[4] لمزيد الاِطِّلاع على هذا المفهوم يُمكن الرجوع إلى :
David R. Beukelman, Pat Mirenda , Communication alternative et améliorée : Aider les enfants et les adultes avec des difficultés de communication , traduit de l’anglais par Emanuelle Prudhon et Elsa Valliet , 1 re édition , octobre 2017 , deboeck superieur .
[5] Raoul Lévy, un aventurier du cinéma, Éditions Lattès, 1994.
[6] جليلة الطريطر ، « أيّةُ حياةٍ هي ؟ » أو « سيرة البدايات » لعبد الرّحمان مجيد الرّبيعي ، الحياة الثقافية ، سبتمبر 2009 ، ص 84 .
[7] جليلة الطريطر ، كتابة الهويّة الأنثويّة في السِّيرة الذّاتيّة العربيّة الحديثة ، الحياة الثقافيّة ، سبتمبر 2008 ، ص 09 .
[8] Helen Keller , Sourde , Muette , Aveugle ,Histoire de ma vie , Petite Biblio Payot , 2001 .
[9] Christy Brown , My Left Foot , Random House , 2014 .
[10] Joë Bousquet , le cahier noir , La Musardine, 2018
[11] Jacques Derrida , Mémoires d’aveugle. L’autoportrait et autres ruines, Réunion des Musées Nationaux, 1990 .
[12] Frida Kahlo , Frida Kahlo Par Frida Kahlo , traduit par Christilla Vasserot , Contempoary French Fiction, 2009 .
[13] جمال الغيطاني ، كتاب الألم ، الهيئة المصريّة العامة للكتاب ، 2008 .
[14] رضوى عاشور ، أثقل من رضوى ، دار الشروق ، ط 1 ، 2013 .
[15] محمد عيد العريمي ، مذاق الصبر ، دار الفارابي للنّشر ، بيروت ، 2001 .
[16] أحمد بم حمد الحجِّي ، للألم وجه آخر ، منشورات وزارة التراث و الثقافة بالتعاون مع دار الانتشار العربي في بيروت ، 2015 .
[17] Tahar Ben Jalloun , le bonheur conjugal , gallimard .
[18] Tahar Ben Jalloun , la nuit sacrée ,éditions du seuil , 1987 .
[19] Lamia Berrada , la reine de l’oubli , la cheminante , 2013 .
[20] كمال الرياحي ، اليوميات أسلوب حياة ، الموقع الإلكتروني ضفة ثالثة ، 20/09/2017 www.alaraby.co.uk/diffah/opinions/2017/9/17 /اليوميات–أسلوب–حياة اطلعت عليه بتاريخ 31/10/2018
[21] جان دومينيك بوبي ، بذلة الغوص و الفراشة ، ترجمة شوقي البرنوصي ، مسكيلياني للنشر و التوزيع ، ط 1 ، 2017 ، ص 12 .
[22] المصدر نفسه ، ص 41 .
[23] جان دومينيك بوبي ، بذلة الغوص و الفراشة ، ص 71 .
[24] المصدر نفسه ، ص 20.
[25] المصدر نفسه ، الصفحة نفسها .
[26] جان دومينيك بوبي ، بذلة الغوص و الفراشة ، ص 15
[27] المصدر نفسه ، ص 82 .
[28] سليمان عبد الواحد يوسف إبراهيم ، سيكولوجية ذوي الإعاقة الحسية ، الأصم و الكفيف بين الطاقة المُعطلة و القوى المنتجة ، إيتراك للطباعة و النشر و التوزيع ، 2010 ، ط 1 ، ص ص 303-304
[29] جليلة الطريطر ، كتابة الهويّة الأنثوية في السيرة الذاتية العربية الحديثة ، ص 22
[30] جان دومينيك بوبي ، بذلة الغوص و الفراشة ، ص 78
[31] كمال الرياحي ، «بذلة الغوص و الفراشة » الكتابة برمش العين ، ضفة ثالثة ، 12 يوليو 2017 ، www.alaraby.co.uk/diffah/books/2017/7/10/بذلة–الغوص–والفراشة–الكتابة–برمش–العين ، اِطّلعت عليه بتاريخ 12/10/2018
[32] جان دومينيك بوبي ، بذلة الغوص و الفراشة ، ص 79 .
[33] المصدر نفسه ، ص 55
[34] المصدر نفسه ، ص 104 .
[35] جان دومينيك بوبي ، بذلة الغوص و الفراشة ، ص ص 52-53 .
[36] المصدر نفسه ، ص 21
[37] المصدر نفسه ، ص 61 .
[38] جان دومينيك بوبي ، بذلة الغوص و الفراشة ، ص 89 .
[39] المصدر نفسه ، ص 108 .
[40] المصدر نفسه ، ص 41 .