بقلم جوديث لوك
ما يجب معرفته
كان طلبًا غير معتاد من الوالدين للعلاج؛ أخبرني والدا طفلة تبلغ من العمر ثماني سنوات أن كل شيء يبدو جيدًا الآن، لكنهما كانا قلقين بشأن نهجهما في التربية وما قد يحدث لطفلتهما على مر السنين، هل يمكنني، بوصفي طبيبة نفسية إكلينيكية، رؤية طفلتهما كل ستة أشهر لطمأنتهما بأنها تنمو بشكل مناسب ولا تظهر أي علامات على القلق أو الاكتئاب؟ كنت مفتونة؛ الجلسات التي يريدونها بدت معادلة نفسية لصيانة السيارة.
على الرغم من أن الطلب المحدد كان غير معتاد؛ فإن القلق الذي يحفزه كان مألوفًا لي. أجد أن أعدادًا متزايدة من الآباء مرعوبون من تربية أطفالهم بشكل “خاطئ” خائفين من أن يعاني طفلهم أو يواجه تحديًا يضر برفاهية طفلهما المستقبلية.
ليس من المستغرب أن يكون السؤال الأول المبتذل للطبيب النفسي أو الأخصائي النفسي عن طفولة المريض؛ من المعروف الآن جيدًا أن التجارب المبكرة في الحياة يمكن أن يكون لها تأثير دائم على الرفاهية الحالية والمستقبلية، وهذا يشمل الطريقة التي يُربى بها الطفل. دعمت العديد من الدراسات قيمة بعض الأفعال والأساليب التربوية على غيرها، على سبيل المثال؛ ارتباط الوالدين عاطفيًّا، وضع قواعد واضحة، تقديم الثناء، المشاركة في الدراسات المنزلية، دعم استقلالية الطفل، وقضاء المزيد من الوقت النوعي مع أطفالهم، ارتبطت بنتائج مفيدة مختلفة، بما في ذلك تقدير الذات لدى الأطفال، الاعتماد على النفس، الشعور بالأمان، النجاح الأكاديمي والعلاقات بين الأقران. كان نشر هذا البحث من المجلات العلمية إلى عامة الناس فعالًا بشكل ملحوظ؛ إذ يبذل العديد من الآباء والأمهات المزيد من الجهد والوقت في أنشطة التربية مقارنة بما كانوا يفعلونه قبل 50 عامًا، لكن الخطر يكمن في أن بعضهم يتبنى هذه الممارسات إلى حد مفرط ينتهي بعدم فائدتها للطفل.
في كتابه “الطفل المتفائل” (2011م)، يناقش عالم النفس الأمريكي مارتن سليجمان العواقب السلبية للمبالغة في تنفيذ إجراءات التربية “الجيدة”، افترض أنه عندما يركز الآباء بشكل مفرط على تحسين مشاعر الأطفال الجيدة من خلال تقديم الثناء السطحي بكثرة بغض النظر عن الجهد، فإن ذلك يمنع الأطفال من أداء الإنجازات التي لها احتمال أكبر لبناء احترام ذاتي حقيقي، فقط عندما تُتاح لهم الفرصة للتغلب على التحديات يجب أن يحصل الأطفال على التقدير المناسب لجهودهم.
منذ ذلك الحين، صاغ العلماء مصطلحات مثل “التربية المروحية” و”التربية المفرطة” لوصف نوع من التربية يتضمن رعاية مفرطة، بما في ذلك الحماية الزائدة، وعدم السماح للطفل باتخاذ قراراته الخاصة، والمبالغة في العاطفة، ووضع توقعات أكاديمية واجتماعية عالية جدًّا للطفل، وقد ارتبط هذا النهج التربوي بعواقب ضارة للأطفال في الوقت الحالي وفي مراحل لاحقة من حياتهم، بما في ذلك زيادة القلق، وضعف مهارات القيادة والإبداع، وزيادة النرجسية، وتقليل مهارات التنظيم الذاتي، وزيادة استهلاك الكحول، وانخفاض الرضا عن الحياة، وتقليل تحمل الضغوط. التربية المفرطة هي نهج ذو نية حسنة، وهذا ما يجعل من الصعب رؤية الضرر الذي تسببه، مثل غيرها من الأفعال التي تبدو خيرية ولكن لها نتائج ضارة غير مقصودة، نحن أقل ميلًا للتشكيك في فوائد التربية المفرطة لأن الأهداف تبدو إيجابية على السطح. التدخلات الأبوية مثل مساعدة المراهقين في واجباتهم المدرسية، أو تحرير الأطفال من أي أعمال منزلية (حتى يتمكنوا من الاستمتاع بطفولتهم)، أو استجواب حكم المعلم عندما تكون نتائج الأطفال مخيبة للآمال، يمكن أن تبدو اختيارات جيدة ومحببة؛ ولكن في الواقع فإنها تخاطر بإحباط استقلالية الأطفال وثقتهم ومهاراتهم.
ما يجعل المخاطر طويلة الأجل لأفعال التربية المفرطة خبيثة بشكل خاص هو أنه يمكن أن تكون هناك فوائد على المدى القصير، على سبيل المثال، عندما يعبر الطفل عن تردد في المشاركة في كرنفال السباحة المدرسي ويسمح له أحد الوالدين بتجنبه، قد يؤدي ذلك إلى تحسُّن فوري في مزاج الطفل، لكن إذا تكررت هذه الحالات كثيرًا؛ فإن السيناريوهات نفسها -أو المشابهة لها- تزيد من خطر تطوير الطفل مشكلات طويلة الأجل في مواجهة التحديات. وبالمثل، فكر في الوالدين الذين يذكرون ابنتهم المراهقة باستمرار بواجباتها المدرسية، من المحتمل أن تستمر في تحقيق أداء جيد في المدرسة، ولكن إذا لم يتغير الوضع قطّ؛ فلن تواجه أبدًا عواقب عدم تنظيمها الشخصي، ولن تتاح لها الفرصة لتعلم التنظيم الذاتي والدافعية الشخصية. للأسف، تُعزز التربية المفرطة من خلال آثارها المرحب بها على المدى القصير، قد يكون من غير البديهي للوالدين المحبين أن يصرا على مشاركة الطفل القلق في السباق، أو أن يسمحا للمراهقة بنسيان واجباتها المدرسية وتقديم أداء سيئ مؤقتًا في المدرسة.
ماذا تفعل؟
إذًا، ما الذي يجب أن يفعله الوالد؟ كيف يمكنك أن تثق في اختياراتك بشكل مريح إذا كان ما يبدو صحيحًا غالبًا ما يكون خاطئًا؟ ربما لا تبدو فكرة فحص نفسي للطفل كل ستة أشهر سخيفة جدًّا؛ لكنني لم أوافق في النهاية على رؤية طفل هؤلاء الآباء، بدلًا من ذلك، طلبت من الآباء العودة، وقدمت جلسة حيث أخبرتهم بضرورة السعي لتحقيق أهداف مختلفة في تربيتهم، شجعتهم على عدم التركيز فقط على ضمان سعادة ونجاح طفلهم في الوقت الحاضر، بل على تطوير خمس مهارات ستكون مفيدة على المدى الطويل: الصلابة، التنظيم الذاتي، القدرة على الابتكار، الاحترام والمسؤولية؛ أوضحت أن التركيز على هذه القدرات سيمنح ابنتهم فرصة أفضل للنجاح في المستقبل، بغض النظر عن التحديات التي قد تواجهها، وإليكم السبب.
مع الصمود والقدرة على التحمل، سيكون لدى أطفالكم القدرة على التعافي من الظروف الصعبة والتغلب على المصاعب، بغض النظر عن الموقف الذي قد يواجهونه الآن أو في المستقبل، وتمنحهم الصلابة الثقة لمواجهة العالم يوميًّا لأنهم يؤمنون بأنهم سيتمكنون من التعامل مع أي شيء يحدث، سيمكنهم ذلك من عيش حياة أكثر إثارة، وتحقيق المزيد دون الخوف من الفشل أو الصعوبة.
التدليل الزائد من قبل الوالدين يقلل من قدرة الأطفال على تطوير اللابة والصمود؛ لأنه يحرمهم من فرصة تعلم كيفية التعامل مع الانزعاج أو الإحراج العرضي الذي قد يشعرون به عند تحدي أنفسهم في السعي لتحقيق هدف ما. الأطفال المدللون سيبدؤون في تضييق حياتهم وأداء الأنشطة التي يضمنون النجاح فيها فقط، ويبقون في سيطرة كاملة على بيئتهم المباشرة. يمكنك تعزيز صلابة أطفالك من خلال السماح لهم بمواجهة تحديات مناسبة لأعمارهم، وأقترح البدء بأمور صغيرة في هذا، مثل عدم التدخل فورًا عندما يواجهون نتائج محبطة قليلًا، على سبيل المثال، دعهم يستمرون في محاولاتهم لترتيب الكتل أو ربط أربطة أحذيتهم، حتى عندما يواجهون صعوبات في البداية؛ في الوقت نفسه، تأكد من مدح أطفالك على جهودهم الحقيقية والمثابرة، عندما ينجحون، سيساعدهم ذلك على فهم الصفات التي مكنتهم من التغلب على تحدٍّ أو تعلم مهارة جديدة. ملاحظة صمودهم في مواجهة المهمات الصعبة ستشجع أطفالك أيضًا على الاعتقاد بأن لديهم القوة المطلوبة لمواجهة التجارب المستقبلية.
مع زيادة التنظيم الذاتي، سيكون أطفالك أكثر قدرة على مقاومة فعل شيءٍ ممتع فورًا، سعيًا وراء هدف مستقبلي أكبر، مثل إنهاء واجباتهم المدرسية في فترة بعد الظهر بدلًا من الجلوس أمام نتفليكس؛ مقاومة شراء الحلويات في طريق العودة من المدرسة، حتى يتمكنوا من التوفير لشراء لعبة نينتندو جديدة؛ أو العمل بجد على ممارسة حركات التزلج لإتقان حيل جديدة رغم السقطات والإخفاقات العرضية.
تقريبًا كل شيء جيد في الحياة -المهن الناجحة، الأعمال التجارية، العلاقات، المساعي الإبداعية- يعتمد على التنظيم الذاتي الذي يتضمن الحفاظ على “الطهي البطيء”، بدلًا من الاستسلام لإغراء الإشباع الفوري، إذا كنت تضمن دائمًا أن يكون أطفالك سعداء وناجحين في الوقت الحالي؛ فلن يحصلوا على الفرصة لاكتشاف قيمة تجاهل تفضيلاتهم الحالية أو مزاجهم المؤقت أحيانًا من أجل فائدتهم المستقبلية. هناك عدة طرائق لتطوير مهارات التنظيم الذاتي لدى أطفالك؛ أعدَّ الثبات في الثلاثة راءات: القواعد، الروتين، والعواقب، حدد بعض القواعد الأساسية والروتينات المتوقعة لأطفالك ليتبعوها، مثل عادات الصباح من الاستيقاظ، تناول الإفطار وارتداء ملابس المدرسة قبل اللعب بألعابهم، والعواقب الثابتة والهادئة تساعد أيضًا؛ سيكون أطفالك أقل احتمالًا لتجاوز الحدود إذا كانوا يعلمون أن تجاهل التعليمات يعني فقدان نوع ما من الامتياز، حتى لو كان مؤقتًا، ومع مرور الوقت، قاوم إغراء تذكيرهم دائمًا بمسؤولياتهم، وعلى المدى الطويل، سيكون دافعهم الداخلي حافزًا أكثر فعالية من تذكيراتك التي تعمل كـ “منبه خارجي” دائمًا يرن لهم.
وصف القدرة على الابتكار هو قدرة أطفالك على تعديل أفعالهم لتناسب الوضع الحالي، يتطلب الأمر أكثر من مجرد القدرة على التكيف مع الظروف المتغيرة. الأطفال المبتكرون قادرون على تعديل سلوكاتهم والاستجابة بشكل مناسب للوضع المتغير، يعتمد ذلك على إيجاد حلول وسط الفوضى، واختيار التركيز على طرائق التكيف بدلًا من البحث عن شخص لإلقاء اللوم عليه أو الانغماس في دور الضحية. إذا استخدمت مواردك الخاصة لحل مشكلات أطفالك؛ فلن يحصلوا على فرصة لتعلم كيفية التكيف، أنت تخاطر بوضع نفسك كالحلّال وقد يستمر أطفالك في الاعتماد عليك لحل المشكلات، حتى في سن يجب عليهم فيه حل المواقف بأنفسهم. في الواقع، أصبح مصطلح “الأبوة الهليكوبترية” شائعًا عندما لاحظ موظفو الجامعات استمرار الآباء في التدخل وحل مشكلات أطفالهم الجامعيين، مثل الاتصال بالمحاضرين لطلب وقت إضافي لطفلهم لإكمال واجب، أو محاولة توظيف مربية لطهي الطعام وتنظيف المنزل لطفلهم الجامعي. عندما لا يُطلب من الأطفال التكيف، حتى في مرحلة البلوغ؛ فإنهم لن يتعلموا أبدًا كيفية التكيف والتأقلم وسيكونون أكثر تأثرًا بالتحديات الحتمية التي تواجههم.
تطوير موارد أطفالك أمر بسيط إلى حد ما: توقف عن حل مشكلاتهم لهم، ابدأ بالسماح لأطفالك بمواجهة المزيد من التحديات المناسبة لأعمارهم كل عام، مثل أن يسألوا النادل عن مكان الحمام بدلًا من أن تسأل أنت، أو تشجيعهم على التحدث إلى معلمهم حول أين أخطؤوا في مقالهم، بدلًا من التدخل للسؤال نيابة عنهم، يمكنك أيضًا دفعهم لحل المزيد من المشكلات بأنفسهم في المنزل، مثلما يحدث عندما يتجادلون مع أشقائهم حول التلفاز أو الكمبيوتر، استراتيجية أخرى هي لعب الأدوار الافتراضية، على سبيل المثال، اسألهم ماذا سيفعلون إذا نسوا غداءهم المدرسي.
الاحترام ضروري للاندماج في المجتمع الأوسع، على الرغم من أنه يرتبط عادةً بإعطاء الاحترام المناسب لشخصيات السلطة واتباع الأعراف الاجتماعية في المنزل والمدرسة؛ فإن تعليم الأطفال الاحترام يتجاوز ذلك ليشمل مراعاة حقوق ومشاعر الآخرين، إذا جعلت أطفالك يعتقدون باستمرار أنهم أهم الأشخاص في الغرفة؛ فلن يطوروا الاحترام والقدرة على التكيف مع مجموعة متنوعة من البيئات. التلاعب بالمواقف للسماح لأطفالك بالفوز أو الانتصار يعني أنهم لن يتعلموا الشعور بالراحة عندما يتألق الآخرون، هذا سيضرهم على المدى الطويل؛ ما يجعلهم خيارات أقل جاذبية كأعضاء في الفريق أو زملاء في العمل.
عند ولادة الطفل، يجب على الأسرة أن تتكيف تمامًا مع احتياجات الطفل، ولكن ببطء وبمرور الوقت، يجب على الطفل أن يتعلم التكيف ليكون جزءًا من الفريق والتكيف مع الجميع؛ لذلك من الضروري أن تبدأ في بناء احترام أطفالك لاحتياجات الآخرين وتشجيعهم على عدم توقع أن يكونوا مركز الاهتمام طوال الوقت خلال سنواتهم الصغيرة. علم أطفالك أن يأخذوا دورهم في الألعاب، وأن يستمعوا للآخرين على مائدة العشاء بالإضافة إلى التحدث، وأن يتعاونوا في استخدام الموارد النادرة، مثل مشاركة التلفاز مع أشقائهم، أو عدم الإصرار على الحصول على آخر قطعة من الكعكة أو البيتزا، امدحهم عندما يظهرون هذه المهارات وكن حذرًا من إعطاء الكثير من الاهتمام لأي سلوكات مزعجة تسعى لجذب الانتباه التي يظهرونها.
المسؤولية هي امتداد للاحترام وتشمل أطفالك في فعل أشياء تفيد الأشخاص من حولهم والمجتمع بشكل عام، قد تكون أنشطة بسيطة، مثل التحدث بصوت منخفض في مكان عام، أو السماح لشخص أكبر سنًّا بأخذ مقعدهم في الحافلة، يعني ذلك أن تكون مسؤولًا عن الأخطاء التي ترتكبها، والاعتراف بها وتصحيحها عندما تفعل الشيء الخطأ.
عندما تعطي الأولوية لحقوق أطفالك على مسؤولياتهم، فإنك تمنعهم من تعلم مهارة المساءلة ومن تجربة فوائد الرفاهية الناتجة عن المساهمة في المجتمع. ذكر أطفالك أن هناك سعادة متساوية -إن لم تكن أكبر- في ما يفعلونه للآخرين مقارنة بما يفعله الآخرون لهم. إحدى أكثر الطرائق فعالية لتعليم أطفالك المسؤولية هي تكليفهم بالأعمال المنزلية منذ سن مبكرة؛ يمكن للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين ثلاث سنوات المساعدة في إعداد الطاولة والشعور بأنهم أعضاء مساهمون في الأسرة، وكلما بدأت في ذلك مبكرًا تقبل أطفالك أنهم بحاجة إلى المساهمة في الأسرة من خلال أعمال الخدمة. شجع دافعيتهم بربط حقوقهم، مثل وقت الشاشة والمال المخصص لهم، بمسؤولياتهم، مثل أداء الأعمال المنزلية المنتظمة. تشمل الطرائق الأخرى لمساعدة أطفالك على تطوير حس المسؤولية: دعوتهم للتبرع بجزء من مصروفهم أو ممتلكاتهم للجمعيات الخيرية؛ منحهم الفرصة لتحمل المسؤولية الكاملة عن احتياجات حيوان أليف (بافتراض أنهم في سن كافية)؛ منحهم الفرصة لمساعدة جيرانك؛ ومنحهم الفرص لأداء أعمال تطوعية.
نقاط رئيسة – كيف تربي طفلاً مرنًا
- تشير الأبحاث الحديثة إلى أن العديد من الآباء المعاصرين يحمون ويرعون ويساعدون أطفالهم بشكل مفرط؛ مما يقلل من مهارات أطفالهم ويضر بسلامتهم.
- مصطلحات مثل “التربية المفرطة” أو “التربية المروحية” تصف هذه الأساليب المتطرفة في التربية.
- حاول تجنب توفير “طفولة مثالية” خالية من التحديات لأطفالك، بدلًا من ذلك اسمح لأطفالك بمواجهة المهمات المناسبة لأعمارهم؛ حتى يتمكنوا من تطوير المهارات الأساسية مثل الصلابة، والتنظيم الذاتي، والابتكار، والاحترام، والمسؤولية.
- مكّن أطفالك من مواجهة المشاعر غير المريحة في بعض الأحيان في سعيهم لتحقيق أهدافهم؛ سيساعدهم ذلك في تطوير المهارات الأساسية، على سبيل المثال، اسمح لهم بالاستمرار في تحدٍّ، مثل تعلم تكديس الكتل، بدلًا من التدخل وفعل ذلك نيابة عنهم، دعهم يواجهوا عواقب عدم تنظيمهم الأكاديمي حتى تتاح لهم الفرصة لتطوير مهارات التنظيم والتنظيم الذاتي.
- عليك أيضًا أن تكون يقظًا تجاه البيئة الحالية في العديد من المدارس التي -رغم نواياها الحسنة- تحرم الطلاب من التحديات أو المسؤوليات المناسبة لأعمارهم، استخدم نفوذك لتشجيع المعلمين والمدارس على الاستمرار في تحديد المهمات التي تطور نضج الطلاب وقدرتهم على التحمل.
تعلم المزيد
بالتأكيد، ليس كل الأطفال يولدون بالطباع نفسها؛ بعضهم أكثر استقلالية وقدرة بطبيعتهم من الآخرين، لكن لمجرد أن طفلك قد يبدو فاقدًا للمهارات، فهذا لا يعني أنه يجب عليك التدخل أكثر لتعويض النقص الملحوظ. من الناحية السريرية، أجد أنه عندما يعلق الآباء تسميات على أطفالهم في سن مبكرة، يمكن أن تصبح هذه التسميات نبوءات تحقق ذاتها تقريبًا، على سبيل المثال، إذا وسم الآباء طفلًا بأنه أكثر كسلًا من شقيقه؛، فإنهم غالبًا ما يذكرون هذا الطفل بمسؤولياته أكثر من الشقيق “المنظم” بشكل أكبر، مع مرور الوقت يجعل هذا الطفل “الكسول” أقل احتمالًا لتطوير التنظيم الذاتي والإحساس بالمسؤولية، في حين يصبح شقيقه أكثر استعدادًا. وبالمثل، قد يواجه الطفل الموصوف بأنه “واثق” الكثير من التحديات دون مساعدة الوالدين؛ مما يعزز من قدرته على التحمل، في حين أن شقيقه الموصوف بأنه “خجول” يكون مفرط الحماية والمساعدة؛ مما يؤدي إلى تقليص استقلاليته أكثر.
لمواجهة ذلك؛ حاول تجنب تصنيف أطفالك بأن لديهم صفات معينة في وقت مبكر من تطورهم، قاوم ميولك لتبسيط شخصياتهم، وحاول ألا تخبرهم بما حكمت عليه بأنه شخصيتهم “الطبيعية”، كن على دراية بأن كل مرة تتدخل فيها وتساعدهم، فإن أفعالك تخاطر بإعلامهم بما تعتقده عن قدراتهم؛ مما يجعلهم يشعرون بأنهم أقل قدرة على مواجهة التحديات. قضية أخرى يجب أن تكون على علم بها هي أن محاولاتك الخاصة للمساهمة في استقلالية ومهارات أطفالك يمكن أن تُستَغَل من قبل الآخرين بنوايا حسنة ولكن بأفعال ضارة. بشكل غير رسمي، سمعت تقارير تفيد بأن بعض المعلمين والمدارس يبالغون في مساعدة الأطفال ولا يسمحون لهم بمواجهة التحديات، على سبيل المثال، من خلال عرض تعديل بطاقات التقرير حتى لا يُحبطوا أو يُؤذوا بعلامات أقل (ربما بناءً على إصرار الوالدين).
الأمهات والآباء الذين يبالغون في الرعاية الأبوية لديهم أيضًا توقعات من المدرسة يمكن أن تكون غير منتجة، وعلماء النفس التربويون يعتبرون المشاركة اليومية للبالغين في واجبات أطفال المدارس الثانوية غير ملائمة من الناحية التطورية. ومع ذلك، أظهرتْ دراستي الخاصة لمئات الآباء في بريزبين Brisbane أن أولئك الذين يؤيدون ممارسات الرعاية الأبوية المفرطة يميلون أيضًا إلى توقع أن يتحمل معلمو المراهقين مسؤولية أكبر عن أداء المراهق واجباته المنزلية، وكانوا أكثر ميلًا إلى عدِّ مراهقهم يفتقر إلى الدعم الكافي. قد يكون هذا التوقع هو السبب في الزيادة المبلغ عنها في “الاستحقاق الأكاديمي”؛ اعتقاد الطلاب بأنهم يجب أن يحصلوا على درجات جيدة وأن المعلمين أو المحاضرين هم المسؤولون الأساسيون عن نجاحهم أو فشلهم في التعلم.
لمواجهة هذه التأثيرات الثقافية؛ قد تحتاج إلى أن تكون صوت العقل في مجتمع مدرسة أطفالك من خلال تشجيع المدرسة ومعلميها على الاستمرار في وضع مطالب وتحديات مناسبة للطلاب، قاوم إغراء ضمان أن يكون أطفالك دائمًا في فصلهم المفضل، مثل الذي يضم أفضل صديق لهم أو معلمهم المفضل؛ هذا يمكن أن يساعدهم على تعلم كيفية التعامل مع التحديات المؤقتة وتطوير المهارات الاجتماعية لتكوين أصدقاء جدد أو تعلم كيفية التعامل مع أسلوب تدريس مختلف. تسهيل الأمور من خلال “التربية بالجزازة” يجعل أطفالك مستعدين فقط للطرائق السهلة، الوجود المستمر حول أطفالك يجعلهم يعتمدون على وجودك بشكل أكبر، بوصفك شخصًا يحبهم أكثر، لا تسأل نفسك ما الذي يمكنك فعله لمساعدة أطفالك كل يوم، بل ما الذي يمكنك فعله لمساعدتهم على مساعدة أنفسهم؛ هذا هو الفعل التربوي الذي سيعدهم حقًّا للمطبات والانعطافات والمنعطفات في رحلات الحياة التي تنتظرهم.
روابط وكتب
مجلة “Greater Good” من جامعة كاليفورنيا، بيركلي تقدم مقاطع فيديو قصيرة تستند إلى الأبحاث حول التربية مع نصائح مفيدة وعملية.
كتبت مقالًا لموقع “The Parents” يعالج مشكلات السماح للأطفال باختيار فصولهم المدرسية بناءً على مجموعات الأصدقاء أو المعلمين المفضلين، وقدمت استراتيجيات عملية لمساعدتك على مساعدة أطفالك في التعامل عندما لا تكون توزيع الفصول كما أرادوا.
في حلقة حديثة من “Life Education Parenting Podcast” تحدثت عن مساعدة الأطفال على العودة إلى الروتين المدرسي بعد إغلاق COVID-19، وقدمت نصائح عملية لمساعدتهم على الخروج من منطقة الراحة وجعلهم يشعرون بأنهم قادرون على التعامل مع التحديات المستقبلية.
تصف هذه المقالة في “BBC Worklife” النتائج البحثية الأخيرة التي تشير إلى أن التربية بالمروحية يمكن أن تؤثر سلبًا على تطوير مهارات القيادة لدى الأطفال.
“طفل البونساي: لماذا تحد التربية الحديثة من إمكانات الأطفال واستراتيجيات عملية لتغيير ذلك” (2015م). في هذا الكتاب، أصف لماذا يُشجَّع الآباء الحديثون على إعطاء الأطفال طفولات مثالية خالية من التحديات، ولماذا قد يقلل ذلك عن غير قصد من ثقة الأطفال وقدراتهم، أتبعه باستراتيجيات عملية لضمان أن يكون الآباء كافين في رعايتهم وتطلباتهم من أطفالهم لمساعدتهم على الوصول إلى إمكاناتهم.
في كتابها المؤثر “العقلية: علم النفس الجديد للنجاح” (2006م)، تصف عالمة النفس الأمريكية كارول دويك كيفية تعديل الثناء لمساعدة الأطفال على تبني عقلية النمو، ولكن احذر من تحذير دويك من الإفراط في الثناء على جهد غير موجود والتسبب في العديد من المشكلات.
في كتاب “أمة تحت العلاج: كيف تقوض ثقافة المساعدة الاعتماد على الذات” (2005م)، تدعونا الكاتبة والفيلسوفة الأمريكية كريستينا هوف سومرز والطبيبة النفسية الأمريكية سالي ساتيل إلى التشكيك في افتراض الهشاشة، والإفراط في استخدام مصطلح الصدمة، والمساعدة العلاجية المفرطة أحيانًا، والتي يعتقد المؤلفون أنها تجعل الأطفال أضعف وليس أقوى.
(وفق اتفاقية خاصة بين مؤسسة معنى الثقافية، ومنصة سايكي).
تُرجمت هذه المقالة بدعم من مبادرة «ترجم»، إحدى مبادرات هيئة الأدب والنشر والترجمة.

الآراء والأفكار الواردة في المقالة تمثّل وِجهة نَظر المؤلف فقط.