بقلم: مات ريشتيل
رفعت 41 ولاية ومقاطعة كولومبيا دعوى قضائية يوم الثلاثاء على منصة ميتا، الشركة الأم لفيسبوك وإنستغرام وواتساب وماسنجر، بحجة أن الشركة استخدمت عن عمد مزايا على منصاتها لدفع الأطفال إلى استخدامها بشكل إلزامي، وقد سبق للشركة أن صرحت بأن مواقع التواصل الاجتماعي الخاصة بها آمنة للصغار والشباب.
وأفادت الولايات في الدعوى المرفوعة أمام المحكمة الفيدرالية: “لقد سخرت ميتا تقنيات قوية وغير مسبوقة؛ لإغراء الشباب والمراهقين، وإشراكهم والإيقاع بهم في النهاية، ودافعها وراء ذلك هو الربح”.
وتثير الاتهامات الموجهة في الدعوى سؤالًا أعمق بشأن السلوك: هل أصبح الشباب مدمنين على وسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت؟ إليكم ما وجده البحث.
ما الذي يجعل وسائل التواصل الاجتماعي جذابة جدًّا؟
يقول الخبراء الذين يدرسون استخدامات الإنترنت، إن جاذبية وسائل التواصل الاجتماعي تنشأ من الطريقة التي يلعب بها المحتوى مع حوافزنا العصبية، بحيث يجد المستهلكون صعوبة في الابتعاد عن تدفق المعلومات الواردة.
وقال ديفيد جرينفيلد، عالم النفس ومؤسس مركز إدمان الإنترنت والتقنية في ويست هارتفورد بولاية كونيتيكت، إن الأجهزة تجذب المستخدمين ببعض الأساليب القوية؛ فالأول هو “التعزيز المتقطع” الذي يخلق فكرة أن المستخدم يمكن أن يحصل على مكافأة في أي وقت، ولكن عندما تأتي المكافأة لا يمكن توقعها، وأردف: “هذا تمامًا مثل مَكِنَةِ القمار”، وكما يجري إغراء مستخدمي مَكِنة القمار بالأضواء والأصوات، كذلك يجري إغراء مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي بالمعلومات والمكافآت المصممة خصيصًا لتتناسب مع اهتماماتهم وأذواقهم.
وأشار إلى أن البالغين معرضون للخطر ولكن الشباب أشد تعرضًا لذلك؛ لأن مناطق الدماغ التي تشارك في مقاومة الإغراءات والمكافأة لا تكون متطورة عند الأطفال والمراهقين كما هو الحال عند البالغين، وقال الدكتور جرينفيلد عن المستهلكين الشباب: “إن الأمر كله يتعلق بالاندفاع، لا بالسيطرة على هذا الاندفاع”.
وأضاف أن دماغ المراهق يتناغم بخاصّة مع الروابط الاجتماعية، و”إن وسائل التواصل الاجتماعي كلّها فرصة مثالية لخلق علاقات مع الآخرين”.
وردّت منصة ميتا على الدعوى القضائية بالقول إنها اتخذت كثيرًا من الخطوات لدعم الأسر والمراهقين، وصرحت الشركة في بيان: “نشعر بخيبة أمل لأن المدعين العامين اختاروا هذا المسار بدلًا من العمل مع الشركات في أنحاء المجال جميعها؛ لإنشاء معايير واضحة ومناسبة للعمر لكثير من التطبيقات التي يستخدمها المراهقون”.
هل الإجبار يساوي الإدمان؟
قدم المجتمع العلمي لسنوات كثيرة تعريفًا للإدمان فيما يتعلق بالمواد مثل المخدرات، وليس السلوكات مثل المقامرة أو استخدام الإنترنت، وقد تغير ذلك تدريجيًّا، ففي عام 2013م قدم الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية فكرة إدمان ألعاب الإنترنت، وهو المرجع الرسمي لحالات الصحة العقلية، ولكنه بيَّن أن هناك ما يبرر إجراء مزيد من الدراسات قبل الإعلان رسميًّا عن الحالة.
وقد بحثت دراسة لاحقة في توسيع التعريف ليشمل “إدمان الإنترنت”، واقترح المؤلف استكشاف معايير التشخيص واللغة بشكل أعمق، مشيرًا على سبيل المثال إلى أن مصطلحات مثل “الاستخدام الإشكالي” وحتى كلمة “الإنترنت” مفتوحة لتفسيرات واسعة النطاق، وذلك نظرًا للأشكال الكثيرة التي يمكن أن تأخذها المعلومات، وطريقة توصيلها.
وقال الدكتور مايكل ريتش، وهو مدير مختبر Digital Wellness في مستشفى بوسطن للأطفال، إنه لا يشجع على استخدام كلمة “الإدمان”؛ لأن الإنترنت يمكن أن يكون مفيدًا، وأيضًا ضروريًّا للحياة اليومية إذا استُخدم بفاعلية وضمن حدود، وأردف: “أفضّل مصطلح “الاستخدام الإشكالي لوسائل الإعلام عبر الإنترنت، وهو مصطلح اكتسب رواجًا في السنوات الأخيرة”.
وقد وافق الدكتور جرينفيلد على أن هناك استخدامات قيّمة للإنترنت واضحة، وأن تحديد مقدار الاستخدام الزائد يمكن أن يختلف، ولكنه قال أيضًا إن هناك حالات واضحة تعارض الاستخدام المفرط مع المدرسة والنوم والجوانب الحيوية الأخرى للحياة الصحية، وأضاف أن كثيرًا من المستهلكين الشباب “لا يستطيعون ترك الأمر، فالإنترنت بمنزلة حقنة عملاقة، والمحتوى، بما في ذلك وسائل التواصل الاجتماعي مثل منصة ميتا، يمثل الأدوية نفسانيّةَ التأثير”.
(وفق اتفاقية خاصة بين مؤسسة معنى الثقافية، ومنصة نيويورك تايمز).
تُرجمت هذه المقالة بدعم من مبادرة «ترجم»، إحدى مبادرات هيئة الأدب والنشر والترجمة.
الآراء والأفكار الواردة في المقالة تمثّل وِجهة نَظر المؤلف فقط.