المُقدَّمة:
يُعدُّ أدبُ الرِّحلةِ littérature de voyage جِنْسًا أدبِيًّا من الأجناس الأدبية المُسْتقرَّةِ les genres littéraires établis، مُتاخِمًا لِبقيَّةِ أنواع الكتابة الذاتيَّة الأخرى كالمُذكِّرات واليوْمِيَّات والسِّيرة الذَّاتيَّة ومحكي الطُّفُولة، وَسِجِلًّا إثْنوغرافيًّا [1] هَامًّا يَصِفُ الشُّعوب ويُقدِّمُ صُورةً حيَّةً عنْ أنْشِطتها ومُعتقداتها وعاداتها وحياتها اليوميَّة، باِعْتِبارِ الرِّحْلَةَ إحْدى أهمِّ نوافِذِ المعْرِفةِ على ثقافاتِ الشُّعوبِ وحضاراتها. وقدْ اِكْتَسَبَ هذا اللَّونُ من الأدبِ اِنْتِشَارًا واسِعًا مُنْذُ القِدمِ لِجمْعِهِ بيْن عناصِرِ الصَّنْعةِ الأدبيَّة من ناحية وتَقْديمِ صُورةٍ نابِضَةٍ عن حياة الأمم والبُلْدانِ في أسلوبٍ بَعيدٍ عن الكِتابةِ التَّأريخيَّةِ الجافَّةِ. ولئِنْ كانت نشْأةُ أدبِ الرِّحْلَةِ عند العربِ في العُصُورِ الوُسْطى راجعةً إلى رحلاتِ الحجِّ والعُمرة والتِّجارة والمِلاحة والاِستكْشاف بدا خلالها التحيُّزُ إلى أنْساقِ الثَّقافة العربيَّة الإسلاميَّة واضِحًا عِنْد الرحَّالة العرب القُدامى فإنَّها تعودُ في العَصْرِ الحديث إلى رحلات طلَبِ العلْمِ نحو الغرْبِ الَّذِي شكَّلَ محطَّة عِلميَّة هامَّةً لطُلَّاب العلم خلال القرن التاسع عشر طلبًا للْعِلْمِ أو محاولةً للوقوفِ على أسبابِ تقدُّمِ و اِزْدهار الآخر الغربي و بَحْثًا عن إجابات للأسْئِلةِ الَّتي أرَّقتْ هاجسَ العربيِّ حوْلَ سِرِّ تقدَّم هذا الآخر وتفوُّقهِ في مُقابل تراجع الذَّات العربيَّة وتقهقرها. وقدْ دوَّن بعْضُ هؤلاء الرحَّالةُ أخبار رحلاتِهم في مؤلَّفات قائمةِ بذاتها [2] كمحمود تيمور في أثرهِ أبو الهول يطير أو توفيق الحكيم في كتابه عصفور من الشَّرق أو سُهيل إدريس في مُؤلَّفِهِ الحيّ اللاتيني في حين أدمج بعْضهم الآخر حديث تِلك الرحلات طِيَّ سيرهم الذاتيَّة أو مُذكَّراتهم [3] كميخائيل نُعيمة في سيرته سبعون أو فدوى طوقان في سيرتها رحلة جبليَّة رحلة صعْبة التي خصَّصت خِلالها حيِّزًا نصِّيًا هامًّا للحديثِ عن رِحلتها إلى إنجلترا [4] و تصْوير اللِقاءِ الحضاريِّ مع الآخر الغربيِّ الَّذِي وجدت فيهِ فُرْصةً هامَّةً لاخْتِبارِ قِمَّةِ اِنْحِدارِ الذَّاتِ العربيَّةِ وتأخُّرها مُقارنة بتفوُّقِ الآخر الغربيِّ على جُلِّ المُسْتوياتِ وفُرْصةً لاكْتِشاف الصُّورة المُشرقة لدى الغربِ بعد أن غدت صورته مُشوَّشة بِفعل العُنف الذي مارسه الاسْتعمار الغربي ولإدراك صورة العربي في مرآته كما تمثَّلها هو عنْه.
ما سُنحاولُ الإجابة عنهُ عبْر هذه الورقةِ، ما تجليَّات صُورة الغربِ في المحكي الرَّحلي لفدوى طوقان؟ ما ملامحُ العربي ناظرًا ومنظورًا إليْه؟ ما مظاهر الاخْتلاف الثقافي بين العرب والغرب؟ وكيف تجلَّت عبر هذا النصِّ؟
1- صورة الآخر [5] الغربي مِنْ منظور عربي / السَّاردة
“يشكِّلُ الآخرُ بِالنِّسْبةِ للرَّاوي جُزءًا أساسيًّا في بِناءِ الرِّحْلةِ من كافَّةِ المُستوياتِ باعْتبارِ أنَّ السَّفرَ هُوَ “مرْآةُ الأعاجِيبِ” ومِرْآةُ النَّفْسِ الَّتِي لا تَرَى تَفَاصِيلها إلَّا بالانْتِقالِ والاِغْترابِ والاِحْتكاكِ مع آراءِ وسُلوكياتِ وتقاليدِ الغيْرِ، والاصْطِدامِ بِبَعْضِها والتَّوافُقِ مع البعْضِ الآخرِ“[6] . فـــمحكي الرِّحْلةِ ليْس مُجرَّدَ خِطابٍ سَرْدِيٍّ لتجربةٍ ذاتيَّةٍ في الارْتحال في زمان ومكان معْلوميْنِ بلْ هو مَصْدرٌ لِوصْفِ ثقافات الشُّعوبِ والبُلْدانِ التي يمرُّ بها الرحَّالةُ وتصْويرِ ما يعْترضه من ظواهر جغرافيَّة وأمور اجْتماعيَّة، بهدفِ تقريب صورة الآخرِ من ذهن القارئِ وتصحيح ما يحمله من تمثُّلاتٍ وصُور نمطيَّة عنهُ. فمحكي الرحلة بهذا المعنى بِمثابةِ المِصْفاةِ التي تُخلِّصُ صُورة الآخر وتشُذِّبُها ممَّا علق بها من تصوُّرات موسومةٍ بالدُّونيَّة والتَّأخُّرِ تُغذِّيها المرْويَّات التاريخية والأدبية والدينيَّة.
لقد تناولتْ فدوى طوقان في محكيها الرَّحلي مسألة اللقاء الحضاري بالآخر الغربي فصوَّرتْ مظاهر تفوُّقِهِ ونقلت صُورتهُ الحقيقيَّة كما أدركتها والمُخْتلِفةِ كُلَّ الاخْتلاف عن الصُّورة التي تمثَّلتها عنهُ، فالآخر الغربي يَتجَلَّى في المُتخيَّل الإسلامي عدُوًّا مارقًا خارجًا عن المِلَّةِ، فالغرْبُ هُم “الصَّليبيُّون، المُشركون، الكافِرون، الوثنيُّون ودارهُم دار حَرْبٍ حلَّتْ مُحاربَتهُ حتَّى آخر الزَّمانِ… أمَّا في الحُكم السِّياسي فهَذِه المُجتمعات وضيعةٌ لا مُسْتقرَّ فيها للرُّوحانيَّةِ لِأنَّها لا تُطبِّقُ الشَّريعَةَ… وعليْه فالغرْبُ ثَقافيًّا هُو الانْحلالُ الخُلُقِي والتَّفلُّتُ والنَّواميسُ غيْرُ المضْبوطةِ بِضابِطٍ” [7]. إنَّ المُحدِّدَ الرَّئيسَ لهذه الصُّورة النَّمطيَّة للآخر الغربي هو المنْظومة العقائِديَّة والقيميَّة المُوجِّهة لِسُلوك الأفرادِ والجماعات والبانية لِتفْكيرهم إذْ ” تُعْتبرُ الأدْيانُ عُمومًا والأدْيانُ الكِتابيَّةُ على وجْهِ أخصٍّ، دَعوات لِلْإجْماعِ أوْ ما نُسمِّيهِ “التَّوحيد” وهي الَّتي أسَّست أو أنْشَأت صُورة للآخر المُختلفة عقديًّا بِإعطائِها صِفاتٍ سلبيَّةٍ كامِلةٍ، مثْل الكُفْر والخُروج والإثْم والإبليسيَّة… بعْد أن كانت هُناك صِفات ذات مضمون ثقافي أو حضاري، حيْثُ كان اليُونانيُّون والرُّومان يُطلقون على الآخر صِفات مثل الهمج والبربر. وأصْبح الإيمان باللهِ أو العقيدة معيار تمْييزٍ وامْتيازًا للمُؤمنين مُقابل الآخر. لِذلك كان اليهُودُ “شعب الله المُختار” وخوطب المسيحيون بأنَّهم ملح الأرْضِ ونور العالمِ أما المُسلمون فهم خيْرُ أمَّةٍ أُخرجت للنَّاسِ” [8].
إنَّ هذا ” الوعي الإسلاميَّ الحادَّ بالتفوُّقِ، باعْتبارِ الدِّينِ الإسلامي يُمثِّلُ التَّتويجَ المُطلقَ للدِّينِ، والعربُ خيْرُ أمَّةٍ اُخرجت للنَّاسِ إلخ، اِنْعكسَ بِشكْلٍ كبيرٍ في الصُّورِ والمواقِفِ التي صَاغها عنِ الآخرِ“[9]. فقد أفْرز الدِّينُ الإسلاميُّ عالميْن: عالم إسلامي يسُودهُ النَّقاء والنِّظام وعالم جاهلي ينخُرهُ الفساد “ويجيءُ هذا الشُّعورُ بالاسْتعلاء لِأنَّ اللهَ فضَّلَ المُؤمنَ الَّذِي يمْتازُ من الآخرينَ بِعقيدة مُسْلمةٍ وسطَ أمواج الجاهِليَّةِ فهذا اِسْتعلاءٌ بِالإيمانِ، على القوى التي حادت عن منهج الإيمانِ“[10].
إنَّ “الانْتماء إلى ثقافةِ الفاتِح الغالبِ الحاكمِ قد جعل الأساس الدِّيني والحضاريَّ معيارًا لوصْف الأشياءِ في إطارِ مقولة التَّقبيح والتَّحسين والحُكم على أنماط السُّلوك وألوان المُعْتقدِ وأنواع العُرفِ في ضوْءِ الاعْتقاد بِأفضليَّةِ ثقافةِ الذَّات على ثقافة الآخرِ“[11] فتوهَّم العربُ أنَّهم أفضل الشُّعوب وأصفاها وأنْقاها واعْتبرُوا الآخر المُختلف عنهم عدُوًّا اسْتعماريًّا يُشكِّلُ خطرًا مُحدقًا يُهدِّدُ وجودهم ويهدِّدُ هويَّتهُم، ينتهكُ القوانين الدُّوليَّة ويعملُ على بسْط نفوذه وسيطرتهِ عليهم اقْتصاديًّا وتعليميًّا وثقافيًّا.
هذه الصُّورةُ تتَأسَّسُ خاصَّةً عبر عمليَّة التَّنشئة الاجتماعيَّة باعتبارها “عمليّة تهيئة وتدريب للأفراد تساعدهم على الانْدماج في مجتمعاتهم منْ خلالِ تَثْبِيتِ وتجْذيرِ أنْسَاقِ الثَّقَافةِ الاجتماعيَّةِ كالمَنْظومة القِيَميّة للمُجْتَمَعِ والمَعَايير المُوجِّهة لِسُلُوكيات الأفراد وتَصَرُّفاتهم ولا تقْتصرُ التنْشئة الاجتماعيَّة على طَوْر مُعَيَّنْ في الحَيَاةِ بل تسْتمرُّ حتى مرحلة الكهولة والشيخوخة“[12]، تُكرِّسُها الأسرة الوسَطَ الأوَّلَ والقناةَ الأساسيَّة التي يجري فيها نقْلُ المنظومة القيميَّة وتزيد من رسوخها المدرسة الحاضن الثاني للتنشئة الاجتماعيَّة. غير أنّ هذه الصورة صورة خاطئة أبعد ما تكون عنِ العفويَّةِ تُغذِّي ظاهرة الكُره تُجاه الآخر وتنبذُهُ ولا تحترم ثقافتهُ أو خصوصيتهُ الحضاريَّة وهو ما جعل الفرْد العربي يحملُ في مُخيِلتهِ صُورًا ضبابيَّة مُشوَّشةً ومُتداخلة عن الغرْبِ، فكانت الرِّحلةُ إليْه مُحاولة إعادة إنتاج له واِستكشاف المسكوت عنهُ في هذا الغرب المُتخيَّلِ لا سيما بعد نجاحهِ وهيمنته. من هنا نفهم الجوهر الحقيقي للرحلة وهو التخلص من مؤثرات الماضي والتجرُّد من كل الأحكام المُسبقة لتطوير معرفتنا بالآخر.
لقد جاءت رحلة فدوى طوقان رغبة في الوقوف على مظاهر النَّهضة الإنجليزية وسرِّها من ناحية والانعتاق من إسار التخلُّف والجهل السَّائد في موطنها الأصلي من ناحية أخرى. فتناولت بالوصف مظاهر التفاوت والاختلاف الحضاري بين إنجلترا وموطنها، كوصف الجانب العمراني مثل الشَّوراع “الفسيحة النَّظيفة الخالية إلَّا من دفقٍ منهمر من السيَّارات“[13] والميادين، حَيْثُ تقول الساردة واصفةً ميدان بيكادلي الشَّهير “هذا ميدان بيكادلي الشَّهير، مواكبُ من النَّاسِ من كُلِّ الأجناسِ، آلافُ من السيَّاراتِ تتدفَّقُ كسيْلٍ عارمٍ من الجهات الأرْبعِ. هرج ومرجٌ وحركة دائبة. طالعتْني المباني الفخمة الكلاسيكيَّة، طالعتْني نافورة تصُبُّ مياهها كفِضَّةٍ سائِلةٍ يتحلَّقُها فِتيانٌ وفتيات بِثيابهنَّ المُزركشة المُلوَّنة. طالعني تمثال شاهق جذَّابٌ لِفتى نحيل مُجنَّح أوْقفهُ صانِعهُ على قدَمهِ اليُسْرى وعلَّقَ رِجْلهُ اليُمنى في الهواءِ وحملهُ في يدهِ قوسًا وسهْمًا على وشك الانْطلاقِ. هذا إذن تمثال إيروس إله الحُبِّ“[14]. والحانات “المسقوفةِ بالقش… تَتَميَّزُ بِطابعٍ ذي حميميَّةٍ خاصَّةٍ“[15] والكنائس التي كانت ترافق “ميسز فيتهام إليها”. إنَّ اختلاف نمط العمارة الإنجليزية عن العمارة الإسلامية ببلاد المشْرق أثار إعجاب السَّاردة وأسر لبَّها لا سيما أمام محافظة الشَّعب الإنجليزي على مخزونه المعماري وتعزيزه وتطويرهِ. ولم تغفل السَّاردةُ عن وصف مظاهر النهضة الثقافية الأوروبية فالثقافة يدبُّ دبيبها في كل مكان تصلُ إليه والجمهور متجاوب معها ومُقبلٌ عليها كالمكتبات والمسارح والمتاحف التي كان أول عهد الساردة بها خلال زيارتها لإنجلترا تقول في ذلك “كان “أشموليان” أوَّل متحفٍ للفُنونِ التِّشكيليَّةِ أشاهدهُ في حياتي ومنذئذ أُصبْتُ بالإدمانِ على التردُّدِ على المتاحفِ كلَّما اُتيحت لي زيارةُ لندن أو سواها من عواصم أوروبا“[16]، ينْضاف إلى ما سبق ذكره تركيز السَّاردة على وصْفِ الجانب الاجْتماعي بِتسليط الضَّوءِ على ملامح صورة الإنسان الإنجليزي في إنسانيَّتِهِ إذْ “عُني الرحَّالة العربُ بالأمور الاجْتماعيَّة عنايةً شديدةً فاقتْ عِنايتهم بالأمورِ الأُخرى وأكْسَبتْ رحلاتهم أهميَّةً كبيرةً“[17]. لقد كانت رحلة السَّاردة فُرصة لاكتشاف الآخر والتعرُّفِ على صانع الحضارة والمدنيَّة بعد أن عرفته مُستعمِرًا فظًّا مُستبيحًا لوطنها، لقد تجلَّى لها الآخرُ الإنجليزي ذاتًا مُتحضِّرةً عرفَ ” في تلك البِلاد الخضراء كيْف يُسيطرُ على تقطيع الأشجارِ ويُحافِظُ بِعمليَّة التَّحريجِ على هذا الإرثِ الثَّمينِ، فهْو لا ينْشُر شجرةً قبْل أنْ تكون قدْ طلعت بِجانِبها ونبتتْ شجرة أخرى… إنَّها طبيعةٌ يحْرصُون على الحِفاظِ عليْها كُلَّ الحِرْصِ“[18] إنَّ هذا الوعي الحادّ بقيمة الطبيعة والحرْص الشديدِ على الحفاظ عليْها يُصاحبهُ “وعي اسْتهلاكيٌّ عجيبٌ يتمتَّعُ بهِ الإنكليز. كُلُّ الإنكليز. وهو وعْيٌ قلَّما عرفْناهُ نحْنُ العربُ. هذا ما لاحظْتهُ خِلال إقامتِي في إنكلترا. كُلُّ شيْءٍ مُقدَّرٌ ومحْسُوب مهْما قلَّت قيمتهُ الماديَّة. وكلِمة تبذير موجودة فقط في القاموس الإنكليزي. وأمَّا عمليًّا فلا أثر لها في حياتهم. تقِفُ المرأة الإنكليزيَّة بِدُكَّانِ البقالةِ لتطْلُبَ نِصْف خِيارةٍ، حبَّة دُراق، حبَّة بندورة، ربع فرخةٍ فلا تشْتري أكثر مِمَّا يكفيها“[19]. وكثيرةٌ هي الصُّور الإيجابيَّة الأخرى التي تُقدِّمُها السَّاردة عن الشَّعب الإنجليزي فهو شعب هادئٌ تقول “كان أكثر ما أحْببْتُهُ ذلك الطابع الإنكليزي المُتجسَّد في الصَّوت الخفيض في أثناء الحديث وفي الصَّمت المُخيّم في الأماكن العامَّة كالحافلات وصفوف الانتظار“[20]، وتُؤكدُ السَّاردة على صفة التحرُّر التي يتمتعُ بها هذا الشَّعبُ فالحُبُّ على “قارعة الطَّريقِ، في كُلِّ مكانٍ والقُبلةُ بيْن الجِنْسيْنِ سهْلةُ التناوُلِ بلْ قُل رخيصة جدًّا وكأنَّها ظاهرةٌ بيولوجيَّة مألوفة كشُرب الماء“[21] عكس ما يعيشُهُ الشَّرقُ حيثُ مازال مجرَّدُ تبادل مشاعر الحبُّ من المحظورات والتابوهات.
إنَّ الحُكم المُسْبقُ “حين يتكوَّنُ يتكرَّسُ في التَّداولِ العام، يكْتسِبُ طابع الاسْتمراريَّةِ في الذَّاكرة والمُخيَّلة ويصْعُبُ بعد ذلك زعزعته وتغييرهُ“[22] فتكون الرحلة كما أشرنا إلى ذلك آنِفًا فُرصة هامةً للرحَّالةِ لاختبارِ مدى صِدق هذه التصوُّرات والأحكام العالقة بذهنه تُجاه الآخر وبناء تصوُّر جديد مُغاير ينأى به عن علاقة الصِّدام والعداء وتأسيسِ علاقة تثاقف. وقد كان اكْتشاف السَّاردة ميْل بعْض الإنجليز للسلْم ومناهضة كل أشكال الحرْبِ والتوسُّع الاسْتعماري بمثابة الصَّدمةِ، تُشير إلى ذلك قائِلةً “أدْهشني وسرَّني سُرورًا هائِلًا، أنا التي نشأتُ في ظلِّ الاسْتعمار البريطاني البغيضِ لبِلادي، أدهشني وسرَّني أنْ أعرف أنَّ هناك كُتَّابًا وأدباء وشُعراء وفنَّانين مُعاصرين لا يُؤمنون بالاسْتعمار ويبغضون العُنصريَّة ويتهكمون على الملكيَّة كنظام“[23].
لقد تبيَّنت السَّاردة من خلال هذه الرِّحلةِ درجة التمدُّن والوعي التي يتميَّزُ بها المُجتمع الإنجليزي وهو ما ولَّد لديها شُعورا بالدُّونيَّةِ والتَّأخُّرِ وعجزت عن الإجابة عمَّا يؤرقها من أسئلة لا سيما سُؤال الهويَّة وهو سُؤال على حدِّ تعبيرها “تصْعُبُ الإجابةُ عَليهِ لِشدَّةِ الفرْقِ والاخْتلافِ بيْن الفِكر الغرْبِي والفِكر الشَّرْقِي فلِكُلِّ بلدٍ تقاليدهُ وأفكارهُ ومبادئه وظروفهِ والشَّرق هو الشَّرق والغرب هو الغرب ولا يلْتقيان“[24].
أبدت السَّاردةُ موقِفًا إيجابيًّا من نمط العيش الإنجليزي ما عدا ما يتنافرُ مع دينها الإسلامي وعاداتها المشرقيَّة كإهمال المُسنِّينَ في بيوتٍ “فقد اِتَّضح لي أنَّها لا تحُلُّ مُشكلة الشَّيخوخةِ حلًّا جذرِيًّا كما كُنتُ أتصوَّرُ. ذلك أنَّ تفكُّكَ الروابط العائِليَّة في البلاد المُتحضِّرة. يُترك نزلاءُ بيت المُسنِّين في عُزلةٍ تامَّةٍ عن العالمِ ومتى شاخ الإنسانُ هُناك ملَّ من وجودهِ الآخرونَ ولا يبْقى من يهْتمُّ بهِ عكْسَ الحال في الدول النَّاميةِ حيْثُ لا تزالُ الألفةُ ولا يزالُ الترابطُ الإنساني يمْنحانِ الدِّفء لمنْ دخلوا في صقيعِ الشَّيخوخةِ ويُخفِّفانِ من شعورهم بالوحدة والاغْتراب“[25]. إنَّ الجانب المُشرق للآخر الغربي يُخفي لا شكَّ جانبًا آخر مُظلم فقد أفرزت الحياة المدنيَّة ظواهر اجتماعيَّة جديدة أربكت توازن العائلة فانْخرمت علاقاتها وتوتَّرت بين الآباء والأبْناء وفي هذا الإطار تُشير الساردةُ إلى “صراع الأجْيالِ المُتمثِّلِ في الهُوَّةِ السَّحيقةِ التي تفْصِلُ مفاهيم جيلِ الأبْناءِ عن مفاهيم جيلِ الآباءِ“[26].
إنَّ ما يحمله جُلُّ العربِ من تصوُّرات عن المرأة الغربيَّة المُعاصرة يكادُ يكون ضئيلًا مُتواضِعًا إذْ يشيعُ في ظنِّ العامَّةِ أنَّ المرأة هناك قد حقَّقت من الانتصارات والمكاسب الشَّيء الكثير غير أنَّ هذا التصوُّر خاطِئٌ ” فإذا بالصَّحافةِ تفيضُ بِأخبار الجِنْسِ السَّاخنة جِدًّا. فالمرأةُ لا تزالُ تُطالبُ بِمساواتها مع الرَّجُلِ في الآخر إنَّها تقُوم بِنفْس العملِ والكفاءةِ كالرَّجُلِ ولكنَّها تنالُ أجرًا أقلَّ لأنَّها بِكُلِّ بساطةٍ امرأة. وكذلك فإنَّ الوصايا التي تقولُ “مكان المرأة بيْتُها” و”المرأة يجبُ أنْ تُرى ولا تُسْمع أو تفْعل أيَّ شيْءٍ يُمكنُ أنْ يجرح غُرور زوجها وخيلاءهُ” مثلُ هذه الوصايا كانَ هُناكَ من لا يزالُ يُنادي بِها. كما كان هُناكَ من يحْملُ الفِكرةَ التي تقُولُ أنَّ المرأة تابِعٌ يدور في فلك الرَّجُلِ أو الفكرة التي تقُولُ أنَّ الوقْت والنُّقُود المبذولة في تعليم الفتاةِ هُما وقْتٌ ونقُود ضائِعة “[27]. فالمرأة الغربيَّة تعيشُ وضعًا هشًّا مُتأرْجِحًا بيْن مظلَّةِ القوانين والتِّشريعات التي تهِبُها ما للرَّجُل من امتيازاتٍ في جُلِّ الميادِينِ وجمود العقليَّات وتأخُّرها [ثقافة مجتمع ما المُركِّبةِ من العادات والتقاليد التي تُسيِّرهُ].
لقد تطوَّرت علاقة السَّاردة بالآخر الغربي من التوجُّسِ والخيفة إلى الاندهاش والشعور بالدونيَّةِ وصُولًا إلى التعايُشِ والتماهي مع هذهِ الاختلاف الحضاري وليْس أدلَّ على ذلك من تحوُّلها من الاشمئزاز والنفور من لحم الخنزير إلى إقبالها على تجهيزه كُلَّ صباح للسيدة فيتهام إلى جانب إقبالها على ارتياد الحانات الأمر الذي لا تستطيع القيام به في وطنها إضافة إلى تصالحها مع عقيدة الغرب وإقبالها على الكنائس وحضور الصلوات فيها بعد أن منعت سابقًا من حضُور دروس في اللغة الإنجليزية عند راهبة مسيحيَّة.
كانت رحلة فدوى طوقان صوب الغرب بحْثًا عن أسباب تفوُّقِهِ وهربًا من قيود تخلُّفِ المجتمع “بقوانينه ونظمهِ وضغوطاتهِ التي يمارسها على الأفراد يكبتُ المرْأة ويُعلِّمها منذ صغرها كيف تُصْبحُ أنثى فتُسلبُ منها حريتها وتُقتلُ شخصيتها كي يتمكن من تعزيز سيادته الذكوريّة والحفاظ عليها“[28] وفي ذلك تقولُ “لقد عرفْتُ في إنجلترا فرحة السجين بلحظة الخروج إلى الفضاءِ والنور لا يحُسُّ بِجمال الحريَّة وبروعة امتلاكها إلَّا أولئك الذين حُرموا منها“[29] فأمكنها أن تعيش مُختلف التجارب التي منها حرمت في موطنها كتجربة الحبِّ التي خاضتها وهي طفلة وصودر على إثرها حقها في الدراسة لتجد في شقيق الروح A.G الجنَّة الضائعة والفردوس المفقود ، و تتحدَّثُ الساردة عن هذه التجربةِ قائلةً “كانت تجربةً باهرة ستظلُّ ذكراها تبعثُ بالدِّفء غلى القلْبِ طوال الحياةِ وإلى أنْ ينطفئ هذا القلبُ في رماد الموتِ. كان شقيق الروح A.G جنَّةً لقيتُ في ظلِّها الهُدوء والسَّلام والراحة والسكينة. إنسان مُؤنسٌ، وديعٌ، بجانبهِ كان يغيبُ شعُوري الدائم بِأنِّي قد اُلقي بي في عالم أقوى مني“[30]. فالرِّحلة عند فدوى طوقان تتجاوز معناها الظاهري لتستحيل عندها ضربا من ضروب إثبات الذات واستراتيجية من استراتيجيات التمرُّد على أنساق الثقافة الذكورية المُهيمنة.
2- صورة الأنا في مرآة الآخر الغربي
للرِّحلة نحو بلاد الغرب وجهانِ وجه ظاهر معلوم هو اِكتشاف الآخر والاِطِّلاع على ملامح اختلافهِ حضاريًّا ووجه ثانٍ مُبطن هو قراءة الأنا في مرآة الأخر لتتحوَّل الرحلة من الاكتشاف إلى النقد الذاتي Auto – critique فتُصبح الرحلة علاوة على أنها مسار ارتحالي في المكان والزمان لتصحيح حسابات الأنا والاقتراب من الآخر، وسيلة علاجيَّة بها تقف الذات على أخطائها وعيوبها وتكتشف عبرها نظرة الآخر إليها وما يُوجِّهُها فـــ “الآخر الغربي يمُدُّ العربِي أو المُسْلِم بِوسائِلِ تعريفهِ لهُ ومُقاومتهِ لهُ. وهو بِشكْلٍ عام يمدُّهُ بِمراجعَ الفِكر النَّقْدي حالِمًا أنْ يكُونَ نقْدِيًّا“[31].
فقد تفطَّنت السَّاردة خلال إقامتها عند السيِّدة “فيتهام” إلى الصُّورة التي كان يتمثُّلها الغربيون عن الشَّرق والعرب بِصفةٍ عامَّةٍ تقول “أقبلت علي الابْنة الطِّفلة وشقيقُها وبدءا يُدردشان معي. وكانت الدَّردشة أسْئلة غريبةً: هل لديكم كراسي في بلاد العرب؟ هل تنامون على أسِرَّةٍ؟ هل تشْربون الماء بِكؤوسٍ بلوريَّة؟ قلْتُ: ماذا تظُنَّانِ؟ وتذكَّرتُ أطفال عائلة “فرينيش” وأسئلتهم المُشابهة. إنَّ كلمة عرب لا تعكسُ في خيال الغربيين إلَّا صُورة الخيمة والصَّحراء والجملِ. فتحْتُ حقيبةَ يدي وأخْرجْتُ منْها بعْض الصُّور الفوتوغرافيَّة المأخوذة في دارنا القديمةِ وكان معِي بعْضُ صُورٍ لمدينة نابلْس اُخِذت من زوايا مُختلفة وظهرتْ فيها بعضُ المباني الشَّاهقة وحديقة البلديَّة بِأشجارها السامِقة وأزهارها المُتنوِّعة فكانت الدَّهشة والاسْتغراب. سلتني [كذا] الطِّفلةُ أن أرسُم لها شيْئًا في دفترها أيَّ شيْءٍ. رسمْتُ بيْتًا بدرج مع حديقةٍ حوْل البيْت. رأت الأُمُّ الرسم وسألتني أنْ كُنَّا نعْرِفُ الدُّرْج في بلادنا. من الغريبِ أنْ تلتصقَ صورةُ الخيمة والصَّحراءِ بِأذهان البريطانيين بِهذا الشَّكلِ كأنهُم لم يسْتعمروا بلادنا لعِدة عقُودٍ. إنَّ الشيء الوحيد الذي يعرفونهُ عنَّا هو تعدُّد الزوجات. وهي الحقيقة التي لم أستطع تبريرها بحال من الأحوالِ“[32].
إنَّ هذه الصُّورة النمطيَّة التي ذكرتها الكاتبةُ تكاد تكون ثابتةً في ذهن جُلّ الغربيين الذين لم تسنح لهم فرصة زيارة الشرق والتعرُّفِ عليه عن كثب وهي تتشكَّلُ عبر عِدَّة قنواتٍ أهمُّها الكنيسة، فقد تأسَّستْ صُورة الإسلام لدى المسيحِ اِسْتنادًا إلى كتابات المسيحيِّين، هَذِهِ الصُّورة بدأت بالتبلور لدى مسيحيي الشرق وقد كان القِدِّيس يوحنَّا الدِّمشقي (676م-749م) أوَّل من بدأ يُؤسِّسُ لِهذا السِّجالِ العقائِدي بيْن المسيحيَّة والإسْلام، مُعتبرًا الإسلام مُجرَّد هرطقةٍ مسيحيَّةٍ ودينا وثنيًّا – باعتبار أن الوثنية قد هددت المسيحية عدَّة مرَّاتٍ -يكْثُرُ فيه الانتحالُ من التوراة والإنجيلِ وأنَّهُ دين عُنفٍ ووحشيَّة، مُسيئًا للرسول محاولًا تشويه صورتهِ[33] و”فضْلًا عن الطبيعةِ الوثنيَّةِ وعن التكوين العنيف للعقيدة الإسلاميَّة، اِنخرط الكُتَّابُ المسيحيُّون ورجال الكنيسةِ في معمعةِ التَّجريحِ والانتقاصِ بِكُلِّ الطرائِقِ والوسائِلِ من النبِيِّ باعْتبارهِ رسُوًلا وإنسانًا… لقد عمل رجال الكنيسةِ المسيحيين على بِناء سيرة ذاتيَّةٍ للنَّبِيِّ خاصَّةٍ بهم لعبتْ فيها المُخيِّلة دورًا كبيرًا في إنتاج الصُّور واختلاق الأكاذيب… فالنبِيُّ عندهم رجُلٌ شبقِيٌّ، ينغمسُ في عوالم اللذَّةِ بشكل عبثي. يقُول بتعدُّد النساءِ وبالتمتُّعِ بالحياةِ معهُنَّ… لقد نُعت المُسلمون بكونهم يُمارسون الشُّذوذ الجنسي ولا يتورَّعون في جعْلِ الجنسِ مسألةً حيويَّةً في علاقاتهم ووجودهم… فكيف لنبيٍّ ولمن اِتبعهُ أن يدَّعي الإتيان بمشروع إلاهي وهو غيرُ قادرٍ على الترفُّعِ عن غرائزهِ البسيطة والتحرُّر من إغراءات اللذَّة والحياة العابرة؟“[34]. وقد مثَّلت هذه الأفكارُ مرجعياتٍ وأُطرًا نظريَّة اِنتقلت لدى مسيحيي الغرب وتبلورت أكثر. “فلئن رأى المُسلمون على مدى قرونٍ طويلة أن العالم ينْقسمُ إلى داريْنِ “دار الإسلام” و “دار الحرب” فإنَّ الكاثوليكيَّة ترى أنَّ الجهاز الإيديولوجي الذي نظم البناء الرمزي للخِطاب إنَّما كان قائِمًا على المُقابلةِ الدلاليَّة بين الحديْنِ أو بين التابعيْن: الموجب / السالب“[35].
ينضاف إلى مسألة الجانب الديني عُنصر آخر لا يقلُّ أهميَّة وهو الاسْتشراق[36] الذي ظهر “كفعاليَّةٍ من فعاليَّات التمركز الغربي على الذات وقد شكَّلَ الشَّرقُ في إطارهِ موضوعًا لتفكيرٍ نتجت عنهُ دراسات وأبحاث وأقوال مُختلفة، بدا فيها الشرقيُّ نمطًا مُلتبِسًا ومُفْعمًا بالأساطير والتصوُّرات المغلوطة وظهر فيهِ الشَّرْقُ مُغايرًا ومُفارقًا لواقِع الشَّرقِ ذاتهِ مع أنَّ الشَّرق ليْس كيانًا واحِدًا، لكن الأبحاث والدراسات الاستشراقيَّة صورتهُ بناء على مُسبقات وأحكام التمركز الغربي”[37].
إنَّ الاسْتشراق بوصفه علمًا يدرسُ الشَّرق في لغته وفنونه وديانته يُعدُّ وسيلة ناجعةً تُقرِّبُ من المتلقِّي الغربي صورةً حيَّة عن الشَّرق ومُتساكنيه وتعرِّفهُ بحضارته والجوانب المخفيَّة فيها، غير أنَّ ما يُؤاخذُ على المُستشْرقِ أنَّهُ “حمل على عاتقهِ عِبْئًا ثقيلًا ولمْ يستطِعْ التخلُّص من إرثٍ ذاتيٍّ وبِخاصَّةٍ في مواقِف العدائيَّة الثقافيَّة بل إنَّهُ احْتفظ بها كما يرى إدوارد سعيد“[38] الأمر الذي رسَّخ صُورة متخيَّلة عن الشرقِ يلوح فيها عالمًا موسومًا بالتخلُّفِ والجهل، يسودهُ الاستبداد و”وُصفت الشُّعوبُ في العالم اللاغربي بِأنها ناقِصةٌ في قدراتها السياسيَّة والثقافيَّة والحضاريَّة، واُعتبرت أوضاعها الراكدة عاملًا مُعرقِلًا للتقدُّم البشري وهذا ما يجعلُ الرأي العام الأوروبيَّ في القرن التاسع عشر يُجنَّدُ ويُعبَّأ من أجل التهيئة للاسْتعمار، فاعتبرت أوروبا نفْسها مسؤولةً للقِيام بدور حضاريٍ تمديني للشَّرقِ“[39]. تجسَّدت هذه المهمَّةُ عبرَ حركة الاسْتعمار إذْ اعْتبرت القُوى الاسْتعماريَّة الغربيَّة نفْسها مسؤولةً عن إخراج الشعوب الشَّرقيَّة من ظُلمات الجهل والتَّخلُّفِ وإلحاقهم بركب الحضارةِ.
أمَّا الرافد الثالث الذي يُغذِّي هذه الصورة ويدعمها فهو ما تتضمنه الكُتب المدرسية، فالسمتان السائدتان في مجموعة السمات التي تخُصُّ العرب هما الماضويَّة وتجنُّب العرب في الزمن الحاضر[40] إذْ تنتمي صُورة العربِ ضِمن النصُوص المُختارةِ في البرامجِ التعليميَّةِ الغربيَّة زمانيًّا إمَّا إلى القرون الوُسطى (الأدب الملحمي، قصص ألف ليلة وليلة) أو إلى الفترة الاسْتعماريَّة أمَّا مكانيًّا فإمَّا في الصَّحراء الشَّاسعةِ الغير مُحدَّدة حيْثُ الجفافُ والقحْطُ والحرُّ هي السِّماتُ الغالبةُ أو في مُدنٍ هامِشيَّةٍ فقيرةٍ أو مخيَّمات لاجئين أو أحياء قِصْديريَّة يرْتفعُ فيها منسوب الكثافة السُكَّانيَّةِ نتيجة ارْتفاع مُعدَّلِ الولادات.
تُصوِّرُ الكُتبُ المدرسيَّةُ الغربيَّة العربَ شعْبًا تابِعًا خاضِعًا كسُولاً ضعيف الإنتاج مُقابل فاعليَّة الغرب وتفوُّقهم أو بدوار رُحَّلًا أجلافًا لا وطن لهم “فلا وجود في الكُتبِ لمُدنٍ عربيَّةٍ وعمارةٍ عربيَّة وفنون عربيَّة… أمَّا المجال الحضري فقد نُسبَ إليْه دائمًا أنَّهُ مجال إسلامي لا عربي، وكأنَّ العروبة والتمدُّن لا يجتمعانِ في نظرِ مؤلِّفِي كتبِ الجغرافيا المدرسيَّة… وعِندما تناولتْ هذه الكُتُبُ المسألة الفلسطينيَّة والحروب الإسرائيليَّة –العربيَّة- الَّتي تُشكِّلُ فيها الأراضي الموضوع الأساسي للنِّزاع، لاحظْنا أنَّ النظرة السائدة بيْن المُؤلِّفين لا تنْسِبُ إلى الفلسطينيِّين والعرب أراضي خاصَّة بهم، في حين اِنزوت النظرة الأخرى في الأراضي على حساب الفلسطينيين“[41]. “فالمناهج الدراسيَّة في الغرب لا تذكُرُ عن العربِ والمسلمين إلَّا قليلًا من الأحداثِ التاريخيَّةِ التي تُظهرُ تفوُّقَ أوروبَّا أو انتصاراتها على المسلمين، كذلك فإنَّ صورة الإسلام والمسلمين لا تزال مُشوَّهة في كثير من الكتب الدِّراسيَّة الأوروبيَّة… بل إنَّ المُغالطات الغربيَّة تصِلُ إلى حدِّ أن تمَّ نسبةُ ما قامَ به علماء العرب والمسلمين إلى علماء غربيين“[42].
تضافرت جُملة هذه العوامل في تكريسِ صورة نمطيَّة ضبابيَّة ومُشوشة عن الشَّرق فرسمته عالما مُتخيِّلا خارج التاريخ وساهم الشَّرقُ في دعم هذه الصورة وترسيخها بدخلنتها وقبولها إضافةً إلى إقراره بمركزية الغرب وتفوُّقهِ.
بِناءً على ما تقدَّمُ نستطيعُ أنْ نتبيَّنَ سرَّ هذه النظرة الغربيَّة المشوبةِ بالاحتقار والدونيَّة للآخر الشرقي إنها نظرة تتأسسُ على “صُور تندرج في الزّمن الممتدّ وخاصّة منها الصّور النّمطيّة لأنّ النّمط يرتكز بالأساس على مفارقات تاريخيّة أو بالأحرى هو غير تاريخي بما أنّه يُظهر ويبرهن خارج نقطة زمنيّة محدّدة على جوهر ثقافة وطبيعة شعب ما أو على جزء أساسيّ منها“[43] والتي ساهمت في تعميق الهوة بين العالمين وتأجيج الصراع بيْنهما.
الخاتمة:
يتموضع المحكي الرحلي لدى فدوى طوقان في تضاعيفِ المحكي السيرذاتي في مساحات غير منعزلة بل في حالة تمفصُل يتقاطع فيها السَّرد الذاتي بالوصف الخارجي والباطني، تناولت عبره الساردة وصف اللقاء الحضاري بالغرب وتفاعلها وتماهيها معه. لقد كانت الرحلة بالنسبة إليها فرصة لتصحيح الذات حساباتها مع نفسها ومساءلة الأحكام المُسبقة التي عبرها ارتسمت صورة الآخر في مخيِّلتها، فكانت المُعاينة والاتصال المُباشر بالآخر طريقًا لإدراك صورته الحقيقيَّة وتقريبها من ذهن القارئ وفي الآن نفسه مُناسبةً لمُشاهدة صورتها بصفتها ذاتا شرقيَّة في مرآة الآخر فألفتْها صورة ضبابيَّة مشوَّشةً مشحونةً بالتمثُّلات الخاطئة وقائمةً على الاخْتزالِ ولئن تغيَّرت نظرة السَّاردة نحو هذا الآخر على ما كانت عليه بداية وصولها إلى إنجلترا فتدرَّجت من التوجُّس والتعامل الحذر إلى الانبهار والإقرار بالعجز والتفاوت وصُولا إلى التثاقُفِ والانْفِتاحِ، فَإنَّ نظرة الآخر الغربي ظلَّتْ على ما كانت عليه لم تتزحْزح كثيرًا، من هنا يأتي إقرارنا بدور الرحْلةِ في دحْضِ التصوُّرات الخاطئةِ مع ما يتناقضُ مع هوياتنا الثقافيَّة.
[1] L’ethnographie est une méthode en sciences sociales dont l’objet est l’étude descriptive et analytique, sur le terrain, des mœurs et des coutumes de populations déterminées. Le mot, composé du préfixe « ethno » « toute classe d’êtres d’origine ou de condition commune ») et du suffixe « graphie » signifie littéralement « description des peuples ».( https://fr.wikipedia.org/wiki/Ethnographie )
الإثنوغرافيا L’ethnographie: نظريَّةٌ في العُلوم الإجتماعيَّة هدفُها الدِّراسةُ الوصْفيَّة التَّحْلِيليَّة في مجال العادات والتقاليد لأحد الشُّعوب المُعيَّنة، تتركَّبُ هذه الكلمة من سابقة (إثنو): كل فئة من البشَر ذات المنشأ أو الحالة الواحِدة، ولاحقة (غرافيا) التي تدلُّ أدبيًّا على معنى (وصْف الشُّعوب). [نحن نُعرِّب]
[2] يُشيرُ حُسين نصَّار في مُؤلَّفِهِ أدبُ الرِّحْلةِ أنَّ النَّثْرَ هُو الموقع الطبيعي للرِّحلةِ و ِلذَلِكَ يُمكنُ أن تجدَ فيهِ أشكالًا فنيَّةً مُختلفةً و أنماطًا مُتعدِّدة (حُسين نصَّار، أدبُ الرِّحْلَةِ، الشَّرِكة المِصْريَّة العالميَّة للْنَّشْرِ، ط 1، 1991، ص 15).
[3] كثيرًا ما يُضمَّنُ المحكي الرَّحلي في الخطابات المرجعيَّة لإضفاء البُعد الواقِعِي على الأحْداث لا سيما أمام اِكْتِساح وتفشِّي أدبِ الرِّحْلةِ التَّخْييلي الَّذِي اِحْتوى من الغرائِبِ والعجائِبِ ما يصْعُبُ أنْ يُصدِّقَها عقْلٌ.
[4] اِمْتدَّتْ هَذِهِ الرِّحلةُ بالسَّاردةِ نحو السَّنتيْنِ اِنْطلَقَتْ من موطنها فلسْطين أواخِرَ شهْر مارِس 1962 صوْب لُندن فأكسفورد حيثُ اسْتقرَّ بها المقامُ هُناك.
[5] يُعرَّفُ الآخرُ بِأنَّهُ المُخْتَلِفُ إثْنِيًّا أو عِرْقِيًّا أو دينيًّا أو ثقافيًّا أو إيديولوجيًّا من مُجْتمعٍ واحِدٍ (أيْ داخِلَ رُقْعةٍ جُغْرافيَّةٍ واحِدة) أو منْ مُجْتمعٍ آخر، وهو مفهوم اِخترعهُ واِستنبطه الغرب عندما بدأ يعي ذاتهُ ويشْعرُ بتضخُّمها و تميُّزها عنِ الشَّرْقِ. وتتَشكَّلُ صُورتهُ نتيجة سيْرورةٍ تاريخيَّةٍ واِجْتماعيَّة مُعقَّدة تتولَّدُ عنها هذه الصُّورُ السَّلبيَّة والخاطِئة عنهُ. لمزيد النَّظر في مفهومي الذَّات والآخر راجع:
– فتحي أبو العينين، مقال بعنوان، صورة الذات وصورة الآخر في الخِطاب الروائي العربِي: تحليل سوسيولوجي لرواية “محاولة الخروج”، صورة الآخر العربي ناظرًا ومنظورًا إليْهِ، مركز دراسات الوحدة العربيَّة، تحرير الطاهر لبيب، ط 1، بيروت ، 1999، ص 812.
– فيلهو هارلي، مقال بعنوان ، مفهوم ومواريث “العدو” في ضوء عمليَّة التَّوحيد والسِّياسات الأوروبيَّة، المرجع السَّابق، ص 55.
– حسن شحاتة، الذات والآخر في الشَّرق والغرب: صُور ودلالات وإشكاليَّات، دار العالم العربي، ط 1، 2008، ص 23.
– شُعيْب حليفي، الرِّحْلة في الأدب العربي، الهيْئة العامَّة لِقُصور الثَّقافة، أفريل، 2002، ص 296-297.
[6] شُعيْب حليفي، الرِّحْلة في الأدب العربي، ص 301.
[7] دلال البزري ، مقال بعنوان ، الآخر: المُفارقة الضَّروريَّة، صورة الآخر العربي ناظرًا ومنظورًا إليْهِ، تحرير الطاهر لبيب، ص 105.
[8] حيدر إبْراهيم علي ، مقال بعنوان ، صُورةُ الآخر المُختلِفة فِكريًّا: سوسيولوجيَّة الاخْتلاف والتعصُّب، صورة الآخر العربي ناظرًا ومنظورًا إليْهِ، تحرير الطاهر لبيب، ص 113.
[9] محمد نور الدِّين أفاية، الغرب المُتخيَّل: صُور الآخر في الفكر العربي الإسلامي الوسيط، المركز الثقافي العربي، ط 1، الدار البيضاء ، 2000 ، ص 88.
[10] حيدر إبْراهيم علي ، مقال بعنوان ، صُورةُ الآخر المُختلِفة فِكريًّا: سوسيولوجيَّة الاخْتلاف والتعصُّب، صورة الآخر العربي ناظرًا ومنظورًا إليْهِ، تحرير الطاهر لبيب، ص 122.
[11] محمد بن الطيِّب ، مقال بعنوان ، صورة الآخر في أدب الرحلة قديما، صورة الآخر في الثقافة العربيَّة الإسلاميَّة: أعمال النَّدوة المُنعقِدة في إطار وحدة “البحْث حوار الثقافات”، من 12 إلى 14 أفريل 2007، بإشراف وتقديم ومُراجعة: توفيق بن عامر، كلية العلوم الإنسانية و الاجتماعيَّة بتونس ، 2011، ص 167.
[12] ضو سليم، الشَّخصيَّات الذُّكوريَّة في سيرة فدوى طوقان الذاتيَّة رحلة جبليَّة رِحلة صعبة، مُقاربة جندريَّة، بحث مُقدَّم لنيل شهادة الماجستير في اللغة والآداب والحضارة العربية، تحت إشراف جليلة طريطر، كليَّة العلوم الإنسانيَّة والاجْتماعيَّة بتونس، 2017/2018، ص 23.
[13] فدوى طوقان، رحلة جبليَّة رحلة صعبة، دار الشُّروق للنَّشر والتوزيع، ط 4، عمَّان، 2005، ص 171.
[14] فدوى طوقان، رحلة جبليَّة رحلة صعبة ، ص 172.
[15] المصْدر نفْسهُ، ص 175.
[16] المصدر نفسه، ص 181.
[17] حُسين نصَّار، أدب الرِّحلة، ص 120.
[18] فدوى طوقان، رحلة جبليَّة رِحلة صَعبة، ص ص 175 -180.
[19] المصدر نفْسه، ص 186.
[20] المصدر نفْسه، ص 193.
[21] المصدر نفْسه، ص 194.
[22] محمد نور الدين أفاية، الغرب المُتخيَّل: صورة الآخر في الفكر العربي الإسلامي الوسيط، ص 22.
[23] فدوى طوقان، رحلة جبليَّة رحلة صعبة، ص 187.
[24] المصدر نفْسه، ص 194.
[25] المصدر نفْسه، ص 199.
[26] المصدر نفْسُهُ، ص 196.
[27] المصدر نفْسُهُ، الصَّفحة نفْسها.
[28] ضو سليم، الشخصيات الذكورية في سيرة فدوى طوقان رحلة جبليَّة رحلة صعبة مقاربة جندريَّة، ص 99.
[29] فدوى طوقان، رحلة جبلية رحلة صعبة، ص 174 .
[30] المصدر نفْسه ، ص 202.
[31] الطاهر لبيب، الآخر في الثقافة العربيَّة، صورة الآخر العربي ناظرًا ومنظورًا إليْهِ، تحرير الطاهر لبيب، ص 196.
[32] فدوى طوقان، رحلة جبليَّة رحلة صعبة، ص 195.
[33] تُصوِّرُ الكنيسةُ الكاثوليكيَّة الإسلام أدْنى منزِلةً من المسيحيَّة فتنعتهُ بدين المُتعةِ الجسديَّة وتُلقِّبُ محمد باعث الإسلام بِألقاب شأنهُ شأن اليهُودِ (اُنظر: آنزو باتشي، مقال بعنوان ، الكنيسة الكاثوليكية والإسلام، صورة الآخر العربي ناظرًا ومنظورًا إليْهِ، تحرير الطاهر لبيب، ص 512).
[34] محمد نور الدين أفاية، الغرب المُتخيَّل، ص ص 138-139.
[35] آنزو باتشي، الكنيسة الكاثوليكية و الإسلام ، صورة الآخر العربي ناظرًا و منظورًا إليْهِ، تحرير الطاهر لبيب، ص 513.
[36] يُعرَّفُ الاستشراقُ بِأنهُ مجموع معارف الشُعوبِ الشَّرقيَّة وأفكارهم الفلسفيَّة وعاداتهم، معرفة لغتهم، علومهم، عاداتهم وتاريخ الشرق، إنَّهُ نظام الذين يدعون أن الشعوب الغربيَّة مدينون للشرق بأصولهم ولغاتهم وعلومهم وفنونهم.
L’orientalisme se définit comme “l’ensemble des connaissances des peuples orientaux, de leurs idées philosophiques ou de leurs mœurs, la connaissance des langues, des sciences, des mœurs, de l’histoire de l’Orient. C’est le système de ceux qui prétendent que les peuples d’Occident doivent à l’Orient leurs origines, leurs langues, leurs sciences et leurs arts”, (https://www.cairn.info/revue-d-histoire-litteraire-de-la-france-2004-1-page-71.htm#pa6 )
لمزيد الإطلاع على مفهوم الاسْتشراق راجع:
– محمد بوزواوي، قاموس مصطلحات الأدب، دار مدني الجزائر، 2003، ص ص 21 -22.
– إدوارد سعيد، الاسْتشراق، المعرفة، السلطة والإنشاء، ترجمة كمال أبوديب ، ط 5، مؤسسة الأبحاث العربية بيروت، 1981، ص 71.
[37] حسن شحاتة، الذات و الآخر في الشَّرق والغرب: صُور ودلالات وإشكاليَّات، ص 26.
[38] محمد نجيب بوطالب ، مقال بعنوان ، العلوم الاجتماعيَّة والاستشراق: صورة المجتمع العربي الإسلامي، صورة الآخر العربي ناظرًا ومنظورًا إليْهِ، تحرير الطاهر لبيب، ص 448.
[39] المرجع نفسه، ص ص 437-438
[40] اُنظر مارلين نصْر، مقال بعنوان ، صورة العرب والإسلام في الكتب المدرسيَّة الفرنسيَّة، صورة المجتمع العربي الإسلامي، صورة الآخر العربي ناظرًا ومنظورًا إليْهِ، تحرير الطاهر لبيب، ص 465.
[41] مارلين نصر، المرجع السابق، ص ص 468-470.
[42] حيدر إبراهيم علي، مقال بعنوان ، صورة الآخر المختلفة فكريًّا: سوسيولوجيَّة الاختلاف والتعصُّب، صورة الآخر العربي ناظرًا ومنظورًا إليْهِ، تحرير الطاهر لبيب، ص 113-114.
[43] Les images appartiennent au temps long, et plus particulièrement les images stéréotypées, parce que le stéréotype est foncièrement anachronique, ou mieux a-chronique, en ce qu’il sert à montrer (et à démontrer), en dehors d’un temps historiquement défini, l’essence, ou une part essentielle, de la culture (et de la nature) d’un peuple. (Pageaux, Daniel-Henri (2003), Trente Essais de Littérature Comparée ou la Corne d’Amalthée, Paris, L’Harmattan, p13.
قائمة المصَادر و المراجع
المصادر
طوقان ( فدوى ) ، رحلة جبليَّة رحلة صعبة، دار الشُّروق للنَّشر والتوزيع، ط 4، عمَّان ، 2005 .
المراجع
1.كتب عربية
إبْراهيم علي ( حيدر ) ، مقال بعنوان ، صُورةُ الآخر المُختلِفة فِكريًّا: سوسيولوجيَّة الاخْتلاف والتعصُّب، صورة الآخر العربي ناظرًا ومنظورًا إليْهِ، مركز دراسات الوحدة العربيَّة ، تحرير الطاهر لبيب ، ط 1، بيروت ، 1999.
أبو العينين (فتحي) ، مقال بعنوان، صورة الذات وصورة الآخر في الخِطاب الروائي العربِي: تحليل سوسيولوجي لرواية “محاولة الخروج”، صورة الآخر العربي ناظرًا ومنظورًا إليْهِ، مركز دراسات الوحدة العربيَّة، تحرير الطاهر لبيب، ط 1، بيروت ، 1999.
أفاية (محمد نور الدِّين ) ، الغرب المُتخيَّل: صُور الآخر في الفكر العربي الإسلامي الوسيط، المركز الثقافي العربي، ط 1، الدار البيضاء ، 2000 .
باتشي (آنزو ) ، مقال بعنوان ، الكنيسة الكاثوليكية و الإسلام ، صورة الآخر العربي ناظرًا و منظورًا إليْهِ، مركز دراسات الوحدة العربيَّة ، تحرير الطاهر لبيب ، ط 1، بيروت ، 1999.
البزري ( دلال ) ، مقال بعنوان ، الآخر: المُفارقة الضَّروريَّة، صورة الآخر العربي ناظرًا ومنظورًا إليْهِ، مركز دراسات الوحدة العربيَّة ، تحرير الطاهر لبيب ، ط 1، بيروت ، 1999.
بن الطيِّب ( محمد )، مقال بعنوان ، صورة الآخر في أدب الرحلة قديما، صورة الآخر في الثقافة العربيَّة الإسلاميَّة: أعمال النَّدوة المُنعقِدة في إطار وحدة “البحْث حوار الثقافات”، من 12 إلى 14 أفريل 2007، بإشراف وتقديم ومُراجعة: توفيق بن عامر، كلية العلوم الإنسانية و الاجتماعيَّة بتونس ، 2011 .
بوطالب ( محمد نجيب ) ، مقال بعنوان ، العلوم الاجتماعيَّة والاستشراق: صورة المجتمع العربي الإسلامي، صورة الآخر العربي ناظرًا ومنظورًا إليْهِ، مركز دراسات الوحدة العربيَّة ، تحرير الطاهر لبيب ، ط 1، بيروت ، 1999.
بوزواوي (محمد ) ، قاموس مصطلحات الأدب، دار مدني الجزائر، 2003 .
حليفي ( شُعيْب ) ، الرِّحْلة في الأدب العربي، الهيْئة العامَّة لِقُصور الثَّقافة، أفريل، 2002 .
سعيد (إدوارد ) ، الاسْتشراق، المعرفة، السلطة والإنشاء، ترجمة كمال أبوديب ، ط 5، مؤسسة الأبحاث العربية بيروت، 1981.
سليم (ضو ) ، الشَّخصيَّات الذُّكوريَّة في سيرة فدوى طوقان الذاتيَّة رحلة جبليَّة رِحلة صعبة، مُقاربة جندريَّة، بحث مُقدَّم لنيل شهادة الماجستير في اللغة والأداب والحضارة العربية، تحت إشراف جليلة طريطر، كليَّة العلوم الإنسانيَّة والاجْتماعيَّة بتونس، 2017/2018 .
شحاتة (حسن) ، الذات والآخر في الشَّرق والغرب: صُور ودلالات وإشكاليَّات، دار العالم العربي، ط 1، 2008 .
نصَّار (حُسين) ، أدبُ الرِّحْلَةِ، الشَّرِكة المِصْريَّة العالميَّة للْنَّشْرِ، ط 1، 1991
نصْر (مارلين ) ، مقال بعنوان ، صورة العرب والإسلام في الكتب المدرسيَّة الفرنسيَّة، صورة المجتمع العربي الإسلامي، صورة الآخر العربي ناظرًا ومنظورًا إليْهِ، تحرير الطاهر لبيب.
هارلي (فيلهو ) ، مقال بعنوان ، مفهوم ومواريث “العدو” في ضوء عمليَّة التَّوحيد والسِّياسات الأوروبيَّة، صورة الآخر العربي ناظرًا ومنظورًا إليْهِ، مركز دراسات الوحدة العربيَّة، تحرير الطاهر لبيب، ط 1، بيروت ، 1999.
- كتب أجنبية
Pageaux, Daniel-Henri (2003), Trente Essais de Littérature Comparée ou la Corne d’Amalthée, Paris, L’Harmattan, p13.
- مراجع إلكترونية
https://fr.wikipedia.org/wiki/Ethnographie
https://www.cairn.info/revue-d-histoire-litteraire-de-la-france-2004-1-page-71.htm#pa6