«الكتاب الجيّد هو ذلك الصديق الذي لا يخونك أبدًا، إنه يمنحك المعرفة والإلهام والتسلية في آنٍ واحد» جورج برنارد شو
يستقبل الإنسان المعاصر محتوى ما فتئ يزداد اختلافًا وتناقضًا وسرعةً مع كل دقيقة تمضي، وسرعة الاستقبال هذه لن تخلق إلا ذهنًا أغبش ضبابي القناعات. وإنْ أضفنا إلى هذا الإشكال تراجع التأمل لدى الإنسان المعاصر، وتخلفه عن مساءلة طبيعة الأشياء وحقائقها من حوله؛ سنرى أن ذلك كله قد أفضى إلى أزمة السعي لديه -إنْ كان واعيًا- خلف منصات مساندة تلملم شتاته الفكري؛ بل وحتى متابعة هذه المنصات المساندة ما زال كثير من القراء المبتدئين يرونها مهمة شاقة تتطلب تكريس وقت كبير لاصطياد ما قد يجدونه من مواد رصينة في هذه المنصات يتوقع منها أن تحميهم من هذا الشتات، وتقيم فكرهم على أرض راسخة يستندون عليها.
لذا ليس بالمصادفة، ولا بالغريب، ما حظيت به مجلة الفيلسوف الجديد «محبوبة القُرّاء» من انتشار وشعبية واسعة بين القُرّاء العرب في السنوات القليلة الماضية.
ويعُزى ذلك لتميُّزها في تسليط تأملاتها حول جوانب حياتيّة مهمة بعيدة كل البعد عن القشور السطحية اليومية التي ترتطمُ بأحداث يومنا. تُطرح بمقالات مدروسة وسهلة القراءة، تخلق للفلسفة جسر اتصال بالعالم المتنوع الذي نعيش فيه. ولاستكشافها أيضًا لقضايا مهمة في عصرنا سُطِرت بعناية فائقة ولمراعاتها للاختلاف النوعي لوعيّ قُرّائها ومستوياتهم، وذلك فقط بمنحهم محتوى أصيلًا ذا رؤى جديدة وتحليلات عميقة تصحبهم في أروقة التساؤل والتفكير، وتحميهم من تلك الأزمة الضبابيّة؛ بل يجوز القول إنها أحدثت نقلة نوعيّة هامّة في توجّه قُرّاء كُثر، ومهّدت لهم طريقًا هامًا وحصينًا لساحة الفلسفة، أو حتى القراءة!
إلّا أنه وقبل الاستحواذ على حقوقها العربيّة من منصّة معنى، قاسى فريق العمل لحظات من التردُّد والارتباك ناحية هذه الخطوة الحاسمة لصدى القراءة في العالم العربيّ، لِما كانت تبرزه المؤشرات المخيّبة للآمال في كلّ مرّة عند قيامهم بدراسة للجدوى، تؤكد حقيقة تراجعٍ المجتمعات في الإقبال على قراءة المجلّات، فكما هو واضح أن سوقها أصبح ماضيًا يصعُب أن يشقّ طريقه في عصرنا الراهن.
انطلاقة الفيلسوف الجديد
لاحقًا، وباستعدادٍ شجاع من الهدهد وفريقه لأبعاد هذا القرار، استحوذت معنى في عام ٢٠١٩ على حقوق إصدار النسخة العربية من المجلة، ولا يمكننا إنكار ما واجهته من تحديّات في بادئ الأمر، تتعلَّقُ برفض أكبر متاجر الكتب في المملكة والخليج لإتاحة المجلة للجمهور عبر منافذهم وتوزيعها، للحُجّة ذاتها من انخفاضٍ في اقتناء المجلات الثقافية في سوق النشر والتوزيع، فكان الحلّ الوحيد والمبدئي احتضانها من بعض المتاجر الصغرى في مختلف المناطق.
وبـفضل مـحتواهـا الـمتنوع والـراقـي، قـدمـت الـفيلسوف الجـديـد للشـباب العرب فـرصـة فـريـدة لاسـتكشاف الــثقافــة والــفلسفة والأدب بــطريــقة جديدة. فكانت أيام معدودة حتى جاء خبر نفاد الطبعة الأولى بأكملها من المتاجر، ناهيك عن الضجة الملفتة في شبكات التواصل الاجتماعي، حيث تهافت القراء حول هذا الثراء المعرفيّ وتفاخروا باكتشافه.
فصار التساؤل الجديد الذي أحياه هذا النجاح الباهر، هل حقًّا شغف القارئ العربيّ في تراجعٍ كما تخيّلناه؟ تصوّر يستحيلُ عبوره أو حتى الموافقة عليه.
لكون تجربة مثل هذه أحيت عالم المجلات المفقود من جديد، وأحيت انطفاء الكثير من القُراء العرب، وزادتهم ارتباطًا بهذا العالم.
منذ ذلك الحين حظيت المجلة على إقبال متزايد، باعت فيها حتى الآن أكثر من ١٠ آلاف نسخة من كل عدد من أعدادها.
لقد كان نجاحًا مدويًا، دفع المتجر الكبير بإعادة افتتاح قسم المجلات مرة أخرى وطلب توفير أكبر عدد ممكن من المجلة، لتتصدر المجلة قوائم الإصدارات الأكثر مبيعًا لعام كامل.
وأخيرًا لـم تـكن الـفيلسوف الجـديـد مجـرد مـصدر ثـقافـي راقٍ بـل كـانـت أيضًا محـركًـا لخـلق فـرص عـمل عـــالـــية الـــجودة فـــي الـــقطاع الـــثقافـــي الـــسعودي. مـــن خـــلال دعـــمها للمترجمين والـــمصممين وبمـبيعاتـها الـعالـية، سـاهـمت و بجدارة فـي تـوفـير فـرص عـمل مـهمة ومسـتدامـة تـعزز مـن تـطور هـذا القطاع الحيوي.
احتفاءً بمثل هذا الإنجاز المعرفيّ، والإقبال العالي، يسرّ منصة معنى فتح باب استقبال طلبات المعلنين والشركاء لخدمة «مجلة الفيلسوف الجديد» من جديد، لتحقيق باب الاستدامة والتنمية الفكريّة.
نرحّب بالشركاء الاستراتيجيين المهتمين عبر منتجاتهم بالثقافة وسبل الحياة الطيّبة، والإثراء المعرفيّ، ويؤكد الهدهد بأن هذه فرصة ذهبية لتنمية القطاع وخلق فرص مشتركة تحقق الغايات العليا للمعلنين والشركاء.
للتفاصيل راسلونا على البريد التالي/