بقلم: تمار تشانسكي
النقاط الرئيسية
- يؤدي الشعور بالتوتر أو بالأزمات إلى استجابة الكر أو الفر مما يسبب الشعور بالانفصال عن أنفسنا.
- يمكننا الخروج من حالة استجابة الكر أو الفر باستخدام عبارات متعاطفة تزيل الشعور بالعجلة وإصدار الأحكام.
- تسمية المشاعر التي لديك، بدلًا من مجرد الشعور بها، هو ما يساعدنا على الثبات في مشاعرنا.
- استراتيجيات التفكير النزولية أو التدريجية مثل التجزئة والتصور تساعدنا على تنظيم مشاعرنا.
“من المفهوم تمامًا أنك تشعر بهذه الطريقة الآن.”
تخيل حقًا—لو قال لنا شخص ما هذه الكلمات البسيطة في أكثر لحظاتنا إرهاقًا. هل سيمكنك أن تشعر بالراحة؟ هل سيمكنك تنفس الصعداء بكل أريحية؟
فإن التعاطف، سواء من أنفسنا أو من شخص آخر، هو أقوى عملية إعادة ضبط تدريجية عندما نشعر بالتوتر.
من المفهوم تمامًا ومن المتوقع في الأوقات العاصفة أننا سنشعر بالتوتر والقلق، سواء كانت المصاعب تأتي من حياتنا الخاصة، أو أحداث العالم، أو مزيج من الاثنين معًا.
ولكن مع استمرارية الحياة، فالمتوقع منا هو أن نتصرف كما لو أن كل شيء على ما يرام. هناك عدم تطابق بين الواقع الداخلي والخارجي ونظامنا العصبي يعرف ذلك. إن إزالة تلك التوقعات ومقايضتها من أجل الفهم يعد تحولًا قويًا من حالة استجابة الكر أو الفر إلى وضع الاتصال والتعافي.
الاتصال بالنفس في خضم التوتر
أن أقول “أنا مستاء، وهذا شيء طبيعي.” مقابل أن أقول “لا تستاء، انه مجرد…”
سواء كنا مرهقين وخائفين من الأعراض الجسدية غير المريحة للتوتر، أو نستجيب لأخبار مفجعة على الهاتف، فإن كلمات القبول والدعم تكون بمثابة تدخل “الإسعافات الأولية” لنظامنا العصبي. إن أول وأقوى استراتيجية تدريجية أو “نزوليه” لتثبيت مشاعرنا هي إضافة التعاطف، وإضافة عبارة “لا بأس بذلك” إلى كل ما نشعر به. وهذا يختلف تمامًا عن القول بأننا بخير! هذه الكلمات والأفكار تحدد مكاننا عندما نشعر بالضياع.
تسمى هذه الإستراتيجية بالتدريجية أو “النزولية/من الأعلى للأسفل” لأن الإطار المعرفي يتحدث إلى الدماغ (الأعلى) والذي يقوم بعد ذلك “بإنذار” بقية الجسم (الأسفل) بأننا لسنا في خطر. إذا تمكنّا من التحدث عما نشعر به، وسرد الموقف، فإننا لسنا في وضع رد الفعل.
ها هي بعض الاستراتيجيات الأخرى من النمط النزولي التي يمكنك تجربتها عند الشعور بالقلق والإرهاق.
إن استجابة الكر أو الفر هي رد فعل تلقائي، وليس خطأ منا: أحيانًا تبدو المشاعر وكأنها حالات طوارئ يجب إيقافها أو إصلاحها على الفور. نحن بحاجة إلى تحديد “التعديلات” التدريجية والاستراتيجيات الفعالة في إخراجنا من وضع الطوارئ. كلما زادت معرفتنا وممارستنا لأدوات التبديل التي تناسبنا بشكل أفضل، زادت سرعة عملها. في الواقع، مجرد معرفة إلى أين نتجه بعد ذلك يساعدنا على الشعور بقدر أقل من الضياع وأكثر استعدادًا.
تعاطف مع نفسك: قد يبدو الأمر واضحًا، ولكن في كثير من الأحيان عندما نكون في حالة من الإرهاق العاطفي والجسدي، فإن استجابتنا الأولية ليست أن نكون متعاطفين مع أنفسنا، بل إصدار الحكم والخوف: ما هي مشكلتي؟ لماذا افعل هذا؟ لماذا لا يمكنني أن اتوقف؟ إن أهمية هذا الأمر تتجاوز مجرد الضرر الناجم عن عدم تعاملنا بلطف مع أنفسنا. إن الاستجابة للشعور بوجود شيء داخلي خاطئ مع المزيد من الشعور بأن هناك خطأ ما، والمزيد من عدم اليقين يبقي استجابة الكر أو الفر مستمرة ويبقي دوامة القلق على استمرار دائم. بدلًا من ذلك، يمكنك أن تكون متعاطفًا بفعل التالي: “هذا صعب جدًا بالنسبة لي الآن. سأساعد نفسي على قدر ما أستطيع.” وأنه “من المفهوم تمامًا أنني أشعر بهذه الطريقة. يبدو الأمر معقولًا. هذه ردة فعلي الطبيعية. إنه أمر تلقائي. عقلي يحاول حمايتي، وهذا أمر مفهوم، ولكنه ليس استجابة مفيدة في الوقت الحالي. هناك أشياء يمكنني القيام بها لمساعدة نفسي في إعادة ضبط تفكيري.”
لاحظ المشاعر التي تشعر بها وقم بتسميتها: على الرغم من أنه قد يكون الأمر مربكًا أن تكون في حالة من الذعر، إلا أنه من المقلق أكثر أن نكون منشغلين بالحمل العاطفي الزائد لدرجة أننا لا نعرف حتى ما نشعر به. إن تسمية ما يحدث تشغل قشرة الفص الجبهي، وهو الجزء الذي يفكر في دماغك، بدلًا من الجهاز النطاقي (رد الفعل الانفعالي). إن قولك على سبيل المثال، “انني أشعر بالحزن، أو هذا ذعر، هذا قلق، ولا بأس من أن أشعر بذلك”، يضع عقلك في “المسار الصحيح”. فهو يساعد على التأكيد على أن هذه ليست حالة طارئة، بل مجرد شعور— مهما كان صعبًا.
صحّح طريقة حديثك مع نفسك: حتى في أوقات الشدة والأزمات، يؤدي القلق إلى تضخيم حالة الحيرة: كل شيء فظيع، لا شيء آمن، لا شيء على ما يرام. تقبل أن هذا هو ما تشعر به 100% ولكن قم بتعديل العبارات لجعلها أكثر دقة: أشعر أن كل شيء فظيع. لدي فكرة أن لا شيء آمن. عقلي يقول إن لا شيء على ما يرام، لكنني أعلم أن هذا تفكيري فحسب، وليس الحقيقة.
قم باستشارة مستشاريك الداخليين: سواء كنت في حالة من الذعر أو الضيق، يمكننا الحصول على القبول والمنظور، حتى لو كنا لوحدنا. من خلال تمرين أسميه “لجنة الاحتمالات” يمكننا استخدام مخيلتنا لحشد الدعم والتشاور مع المستشارين الموثوقين في اللحظات الصعبة – حتى دون علمهم. قم باختيار أربعة أشخاص تحترمهم، حقيقيين أو خياليين: الدالاي لاما، جدتك الحكيمة، معلمتك في الصف الأول، وفي عقلك، تخيل وجوههم الطيبة وهي تنظر في عينيك. اطلب منهم المساعدة—ما رأيكم؟ ماذا عليّ أن أفعل؟ دع وجهة نظرهم “المقترضة” ترشدك.
استخدم التصوّر المرئي: استخدم خيالك لتنغمس في مشهد يبعث الهدوء. ربما هو المشي في حديقة— ماذا ترى، أو تشتم، أو تشعر به على طول الطريق، أو أنك على الشاطئ تسمع صوت الأمواج، وتشعر بالشمس، وصوت طيور النورس. ربما كنت تتخيل التأرجح اللطيف وأنت مستلقٍ على أرجوحة، وعظمة طير البلشون أثناء الطيران، والتفتح البطيء لزهرة اللوتس، بتلة واحدة تلو الأخرى. لا يهم ما تتصوره. ارخِ كتفيك ودع أنفاسك تكون ناعمة وبطيئة بينما تتعمق في المشهد المهدئ الذي تستدعيه في خيالك.
الإلهاء والتجزئة ليسا مفيدين لك فحسب، بل هما ضروريان أيضًا: نعم، فلا يعدّ هذا تناقضًا… إن الإلهاء هو “الخطوة الثانية” الممتازة بعد الخطوة الأولى والتي هي: ملاحظة أنفسنا وتهدئتها، ثم نقرر عدم الانخراط فيما يزعجنا. يعد خلق مسافة نفسية وأخذ فترات راحة أمرًا مهمًا بشكل خاص في الأزمات المستمرة أو المواقف العصيبة. بدلًا من القلق على مدار الساعة، يمكنك تحديد مواعيد منتظمة مع نفسك للتحقق من الأخبار أو الاستماع بشكل كامل إلى مخاوفك. إذا جاءت الأفكار خارج “ساعات العمل”، قم بتنمية هذه الممارسة لجعل تلك الأفكار تنتظر حتى الوقت المحدد لها. هذا سوف يساعد على استعادة الشعور بالسيطرة.
من الأفضل أن نجد طريق العودة إلى المركز، خاصة في أوقات الاضطرابات، عندما تكون لدينا خريطة طريق. احتفظ باستراتيجياتك في متناول يدك، ضع هاتفك جانبًا، وانظر حولك إلى الأشخاص الموجودين في حياتك، أو الأشجار خارج نافذتك، أو كلبك الوفي بجانبك، أو مجموعة الأشخاص الذين يمكن لعين عقلك أن تستحضرهم والذين تعرف أنهم يدعمونك… نحن لسنا وحدنا.
(وفق اتفاقية خاصة بين مؤسسة معنى الثقافية، ومنصة سيكولوجي توداي).
تُرجمت هذه المقالة بدعم من مبادرة «ترجم»، إحدى مبادرات هيئة الأدب والنشر والترجمة.

الآراء والأفكار الواردة في المقالة تمثّل وِجهة نَظر المؤلف فقط.