بقلم إس. روفوس
النقاط الرئيسية
- يواجه الأشخاص البالغين الطفوليين احتقارًا ورفضًا على نطاق واسع في المجتمع، وغالبًا لا يعرفون سبب ذلك.
- ما هو الأمر المتعلق بقلة النضج العاطفي—وهي حالة مؤلمة— الذي يثير غضبًا شديدًا وقلة في التعاطف؟
- ينظر الناس إلى عدم النضج العاطفي بنظرة قاسية على إنه خيار شخصي، وليس كنتيجة سلبية لمواقف عائلية أو صدمات نفسية.
خلال محاكمة التشهير التي جرت العام الماضي بين الممثلين آمبر هيرد وجوني ديب، تم تشغيل الصوت لحادثة قامت خلالها هيرد، بعد أن اعترفت بضربه، بتوجيه ما هو بوجهة نظرها الإهانة القصوى لديب.
“إنك طفل.” قالت بغضب “إنك مثل الطفل. فانضج تبًا لك!”
بالنسبة لعدد كبير منا، إن هذه الإهانة مألوفة للغاية.
فما هو الشيء المتعلق بعدم النضج، أو حتى ما يبدو لنا كعدم النضج، الذي يثير هذا الغضب بهذه الشدة؟
قم بهذه التجربة: ابحث في جوجل عن “الاكتئاب”. ستؤدي نتائج بحثك إلى ظهور منشورات شخصية تحفز التعاطف، ودراسات علمية، وتوجيهات لمساعدة الذات، وخطوط ساخنة للأزمات.
والآن أبحث عن مصطلح “عدم النضج العاطفي”
فستكون النتائج، كما اكتشفت للتو، منحرفة نسبيًا، وساخرة بشكل لا يرحم. تظهر عناوين “النرجسية = عدم النضج العاطفي” ازدراءً نموذجيًا، إلى جانب العشرات من العناوين الأخرى ومنها “5 علامات على شخص غير ناضج عاطفيًا”، و”5 علامات تدل على قلة النضج العاطفي” و”6 علامات تحذر من عدم النضج العاطفي”، و”8 علامات على عدم النضج العاطفي” وأيضًا “10 علامات تدل على عدم نضج الشخص عاطفيًا”، “12 سلوكًا طفوليًا يدمر العلاقات”، وما إلى ذلك من العناوين.
فهذه التصريحات التي تشوه صورهم وتدفعهم بالشعور “كالغير” لم تُكتب من قِبل أشخاص غير ناضجين عاطفيًا، ولم يتم كتابتها من أجلهم، ولكنها دائمًا تتحدث عنهم كمحور الموضوع. ففي هذه المقالات، يتم تصوير الأشخاص البالغين الطفوليين—حين يكونون في دور الآباء أو الأزواج—كعينات سامة غريبة تغزو البيئة. قد تنتشر نفس النبرة في المحتوى المتعلق بالعناكب أو البلوط السام، ولكنها في ذلك الحين تشمل المزيد من البيانات العلمية.
تحذر إحدى المقالات التي تحتوي على قوائم بأنه ” إذا كان لدى شريك حياتك بعض هذه العادات المزعجة” إذًا يعني ذلك “أنه غير ناضج عاطفيًا”.
ومقالة أخرى ترثي أن “التعامل مع شخص غير ناضج عاطفيًا أمرًا محبطًا للغاية” لأنهم “أشخاص جاهلون، ويفتقرون إلى التعاطف، يكون سلوكهم متهورًا، وغضبهم سريعًا.”
يمكنك تقريبًا سماع أصوات صفارات الإنذار وهي تحذر: ابتعد! إنه إنسان سام! فبكوني شخص بالغ طفولي، ما يمكنني استنتاجه هو: نحن مكروهون.
صورة معقدة من دون سبب واضح
وحتى في المزيد من الدراسات، يشخص الخبراء البالغين غير الناضجين عاطفيًا بأنهم أنانيون، ومتفجرون، وغير متعاطفين، وكثيري الجدال، وعديمي الرحمة، ومتشددين، ومتجاوزين للحدود، ومفرطين في الثقة، ومندفعين، وجبناء، وليس لهم إدراك بالذات.
ليس كل الأشخاص البالغين الطفوليين—ولا حتى جميع الأطفال— لديهم كل تلك السمات الطفولية. يُظهر البعض منا بعضًا منها و/أو غيرها يمكن وصفها بشكل أقل ازدراءً— مثل عدم الأمان، والسلبية، والهشاشة، والأداء، والسذاجة، والتجنب، والتشاؤم، واليقظة المفرطة، والقلق، والمماطلة، وكراهية الذات، والإرهاق السريع.
إذا اعتمدنا على شخصياتنا الفطرية، وطفولتنا الفعلية وآلاف العوامل الأخرى، فإن العديد من البالغين الأطفال متعاطفون إلى درجة إنكار الذات المزمن، وهادئون إلى درجة السماح للآخرين دائمًا بممارسة ما يريدون، وخجولين إلى درجة الاجترار المعيق وكثيرو التفكير والندم إلى درجة اتهام الذات الشريرة وإيذاء النفس.
إن الشخص البالغ ذا التصرفات الطفولية والوقح والمتبجح والنرجسي يعبر عن مثال سهل ومبتذل يحجب صورة أكبر ومتعددة الطبقات.
إذا كانت هذه التصرفات الطفولية لدى البالغين ناتجة من عدم اكتساب بعض المهارات الاجتماعية التي تم إزاحتها أو منعها من خلال بروتوكولات الأسرة أو صدمات الطفولة، وإذا كانت طفولية البالغين تنتج عن تربيتهم—غالبًا وسط الفوضى والسلوكيات غير اللائقة— من قبل بالغين طفوليين، فإنهم يستحقون التعاطف.
ويمكنني أن أقول هذا لأنني شخص بالغ ذا تصرفات طفولية، ونشأت على أيدي أبوين طفوليين، وبسبب هذا كافحت، عبثًا، لكي أحصل على أي تعاطف منهم.
ومع ذلك، فمن المثير للاهتمام أنه حتى الخبراء يميلون إلى تشويه صورة الأشخاص البالغين الطفوليين، إما بخفة، أو بحدة. فنحن الأعداء. نحن ناتجين عن فشل في النظام، مع التشديد على كلمة الفشل.
الشخص البالغ الطفولي باعتباره كائنًا غريبًا وآخر
لكن لماذا؟ هل نحن مكروهون أكثر من غيرنا بسبب “غرابتنا”؟
فللوهلة الأولى، يبدو الأشخاص البالغين الطفوليين وكأنهم مثل أي بالغ طبيعي. نرتدي البدلات ونتحدث بصوتٍ عالٍ. نحن نحلق شعرنا، ونقود، ونطبخ، ونعمل—حسنًا… الأغلب منا يفعل ذلك.
فلا تظهر غرابتنا على الفور، ولا نعلن نحن عن اختلافاتنا من خلال إحضار الدمى إلى العمل أو تناول طعام الأطفال— مرة أخرى: الأغلب منا لا يفعل ذلك.
لذا، مثل كائنات الخيال العلمي الفضائية، فإننا نغري أبناء الأرض البالغين العاديين إلى الاعتقاد بأننا مثلهم تمامًا. فقط عندما “يتعرفون” علينا، وعندما يسمحون للأشخاص البالغين الطفوليين بالدخول إلى حياتهم، يدركون مدى غرابتنا.
فهل يشعرون بالخيانة بعد هذا؟ بالخداع والصدمة—كما لو أننا خدعناهم عمدًا، من أجل احتياجاتنا الأنانية؟
إن نقدهم اللاذع في المقالات والإهانات، مثل الذي قالته آمبر هيرد، يُشير ضمنًا إلى أننا نختار أن نكون كما نحن، ونرفض التغيير بشكل فظ. إن هز أصابعهم الغاضبة والسخرية يوحي بأنهم يعتقدون أننا نعتقد أننا نتصرف بذكاء: وأننا نريد أن نكتم وندوس ونتهرب من المسؤوليات بينما يعالج البالغون الأمراض، ويطلقون الصواريخ ويأدون واجباتهم.
نعم: ففي بعض النواحي، تكون الحياة أسهل للبالغين الطفوليين. نحن نتهرب من العديد من المواقف التي يضطر الآخرين مواجهتها. ومع ذلك، فإن الحياة أصعب علينا أيضًا بطرق لا يستطيع كارهونا فهمها. البعض منا يكره نفسه بقدر ما يكرهنا الآخرون. نحن نتهرب، لكن الكثير منا أصبحوا بالغين بما يكفي للاعتراف بجبننا، فنحن نستشعر كلفته علينا وعلى الآخرين، ونفكر: هل من الممكن أن يقتلنا العار؟
كأشخاص بالغين بيولوجيًا، إننا نفتقر إلى ترف براءة الأطفال وجهلهم. إلى حد ما، إننا على علم بكل شيء. أحيانًا ما تستشعر أعضائنا البالغة التي تقطعت بها السبل والمختنقة ما هو الخطأ، مدركة أننا لا نستطيع أن نجعل أنفسنا ناضجين بسرعة، مهما كان الأمر الذي قد يتطلبه.
(وفق اتفاقية خاصة بين مؤسسة معنى الثقافية، ومنصة سيكولوجي توداي).
تُرجمت هذه المقالة بدعم من مبادرة «ترجم»، إحدى مبادرات هيئة الأدب والنشر والترجمة.

الآراء والأفكار الواردة في المقالة تمثّل وِجهة نَظر المؤلف فقط.