قديمًا، اتخذت الفلسفة الإطار الحواري قالبًا لها ليصل إلى الناس، انتشر في اليونان مع المشّائين، ومن ثمّ كان المسرح دربًا مساعدًا لنشر الأفكار الفلسفية في سياق هزلي تارة وواقعي تارة أخرى، في حين اعتمد جان بول سارتر وألبير كامو الرواية لنشر أفكارهما وفلسفتهما الوجودية قبل أن تكتمل نظريّتهما الفلسفيّة، كما فعل نيتشه في فلسفة الإنسان المتفوّق، في “هكذا تكلّم زرادشت“. لكن الفلسفة في كلّ مراحلها المتعاقبة، وبخاصّة في القرن الأخير، اعتمدت أسلوب المقالة الموضوعيّة، والبحث الأكاديمي لعرض أنساقها وتفسيرها وبرهنتها ونقدها. حصرها هذا الأسلوب في دائرة اهتمامات أهل النخبة أو الاختصاص الفلسفي، وجعلها بعيدة من متناول باقي الاختصاصات لصعوبة تناولها وتعقيد لغتها ومصطلحاتها العصيّة على الفهم، وبخاصّة حين تُسلخ من واقعها وسياقها. هذا ما جعل كثيرًا من الأصوات، اليوم، تطلق رصاصة الرحمة على الفلسفة أو تنادي بضرورة الاهتمام بها قبل إعلان موتها، كنسق فكري يُعنى به أهل الاختصاص من دون غيرهم، وقد ابتعد كثيرًا من دائرة اهتمام الناس وقراءاتهم، إلى أن ظهر مؤخّرًا ما يعرف بالعيادات الفلسفية، ودورات فنّ إدارة الحياة التي تتوكأ على الفلسفة وأفكار الفلاسفة الذين اهتموا بفنّ الحياة. في حين أنّ الرواية تعيش عصرها الذهبي، في ظلّ محمولاتها الكثيرة وتوجّهاتها الجديدة في طرح الأمور الفكرية والإيديولوجية والسياسيّة والعلميّة والنفسيّة، ما جعلها تحمل رؤية إلى الكون والعالم، إلى جانب دورها الفنّي والإمتاعي.
سأحاول في هذا المقال أن أظهر كيف يمكن للرواية أن تؤدّي دورًا بارزًا في نقل الفكر الفلسفي من إطاره الجامد إلى متناول الناس، ضمن سياقه الصحيح، وتاليًا في إظهار قدرة الرواية الفلسفية -عبر أشكلة طروحاتها- على تعزيز الوعي النقدي والتنويري ونشره، وإمكانية العلاج بها، على صعيد الفرد والمجتمع والعلاقات، كذلك قدرة الرواية على القيام بدور الفلسفة، ليس كمنازع وخصم، بل كحامل ومساعد على نشرها، وبخاصّة بين الناس غير المتخصّصين في الفلسفة.
وبذلك يكون الطرح الأساسي لهذا المقال، كيف يمكن لنا أن نستثمر الرواية الفلسفيّة، ثقافيًّا في تبسيط الفلسفة، واجتماعيًّا في التدواي بها، وتربويًّا من خلال تدريسها.
ثقافيًّا: في تبسيط الفلسفة ونشرها
لا شكّ في أنّ الرواية الفلسفيّة تشكّل صلة وصل بين الفيلسوف المعتزل في برجه والعوام، بمعنى أنّ كاتب الرواية في الأساس، إمّا أن يكون أستاذ فلسفة غالبًا، وإمّا أن يكون قارئًا للفلسفة، قادرًا على تفكيك أنساقها وتذويبها في قالب روائي، جاعلًا شخصيّاتها تعيش هذه الأفكار، وتنطق بها، وربّما تتداوى بها أيضًا، وفي أفضل الممكنات أن يكون فيلسوفًا. ولا شكّ في أنّ الرواية الفلسفية غالبًا ما يتلقفها قارئ دينامي يتمتع بذات قابلة على إعادة تشكيل وعيها.
تتمتّع الرواية بإمكانات انتشارها كعمل أدبي يلّبي ذائقة كثيرين، باختلاف موضوعاتها وأساليبها، وبلغتها السردية والإخباريّة والتفسيريّة القادرة على مساندة النسق الفلسفي في التبسيط والتحليل والاستنتاج، في إطار جذّاب، يشدّ القارئ إلى تشرّب المنظومة الفلسفيّة من دون أن تكون خطوات واضحة إلى ذلك، أي من دون أن تبدو بمظهر الشارح لنظرية فكريّة، بعيدًا من الشرح الجافّ.
وتشرح أيريس مردوخ الروائية الفيلسوفة والأستاذة الجامعية، وهي من أشهر المنظرّين في هذا الإطار، في حوارها الطويل مع الفيلسوف والشاعر ومقدّم البرامج بريان ماغي: “الأدب يمكن أن يقرأ من قبل الكثيرين ذوي مشارب ومنازع شتّى؛ أمّا الفلسفة فلا تُقرأ إلّا من قبل نخبة قليلة إذا ما قورنت بقرّاء الأدب” [1]. من هنا إمكانيّة وصول الفلسفة إلى أكبر شريحة من الناس عبر الرواية.
ويصرّح ألبير كامو في كتابه أسطورة سيزيف: “الروائيّون الممتازون العظام، هم الروائيون الفلاسفة-أي أضداد كتّاب البحوث-مثل بلزاك، ومليفيل، وستندال، ودوستويفسكي، وبروست، ومالرو، وكافكا…”،[2]. ومن ثمّ يكمل: “والحقّ أنّ تفضيلهم الكتابة بالتصوّرات بدلًا من البحوث المشبعة بالتعليل العقلي يوحي بفكر معيّن يشتركون فيه معًا، بعد أن اقتنعوا بلا فائدة أيّ مبدأ تفسيري، وبعد أن وثقوا من الرسالة التثقيفيّة التي يضطلع بها المظهر المحسوس. وهم يعتبرون أنّ العمل الفنّي بداية ونهاية. إنّه حصاد فلسفة غير معبّر عنها، تفسيرها وتنفيذها. لكنّه يكتمل فقط من خلال مضامين تلك الفلسفة[3].
وفي هذا المجال، يعرض الفيلسوف اللبناني كمال الحاج في موسوعته الفلسفية، عن تلاحم الأدب والفلسفة الذي يجعل من الأدب أدبًا خالدًا:
“أدب لا يتفلسف، وفلسفة لا تتأدّب يبقيان بدون بقاء، لأنّ كلًّا منهما واجب وجودٍ للآخر. وهذا يعني أنّ فلسفة الأدب هي ذاتها أدب الفلسفة. أقصد بالفلسفة الروح الفلسفية، وهذا بنيان. الروح الفلسفيّة هي نزوع إلى تلميح الغيب في كلّ منظور، وإلى تكشّف مادة اللانهاية في نهاية المادّة. الروح الفلسفية تبني حكاية النفس من جديد، من دون أن تشكو مللًا[4]. ويكمل: “الأدب الخالد هو أدب المعضِل… الأديب الخالد هو الذي تحرقه الـ لماذا النقّاقة”[5].
وعند النظر بلمحة سريعة في بعض الروايات الفلسفية، التي ترجمت إلى عشرات اللغات، وبطبعات عديدة، وكيف أدّت دور الوسيط المبسّط للفلسفة، نجد أنّ النرويجي جاستان غارديير في عالم صوفي، نجح في تأريخ الفلسفة في رواية تغني عن عشرات الكتب أو الأصحّ تقدّم توليفة لها، والتي تفاعل معها أساتذة الفلسفة في المدارس بشكل كبير، والطلاب طبعًا، في فهم أبرز التيارات الفلسفية ونشوئها وتطورّها.
وفي قراءة سريعة للروائي الروسي مكسيم غورغي، في فلسفة الشيوعية وقوّة الشعب من خلال روايتيه الأمّ و أين الله، وفي ترجمات أخرى تحت عنوان “اعترافات“، نجد أنّ النسق ليس جاهزًا، لكنّه يستخرج عبر سؤال العالم الروائي، ورغبة الذات في الوصول إلى موضوعها، مع العوامل المساعدة والعوامل المعاكسة، وكيف يمكن للشعب باتحاده أن يكون هو الأعجوبة إذا آمن بقدرته. الرواية الواقعيّة الروسيّة، في مرحلة ما قبل الثورة، وبعدها، أي ما قبل مرحلة الاتحاد السوفياتي وبعده، نأخذ منها مثالًا، “أين الله لمكسيم غورغي، التي يبشّر بواسطتها بأنّ الشعب هم صنّاع الله” وأنّ روح الشعب واتحاده هما القوّة الجديدة”، ورواية الأم، بما تمثّلانه من الظروف المهيّئة للماركسيّة ومسارها.
أمّا الكاتب الفرنسي ألبير كامو، رائد فلسفة العبث والوجوديّة، الذي نال جائزة نوبل للآداب العام 1957، حتى لو جاهر في أكثر من حوار أنّه ليس فيلسوفًا، فلقد كانت نصوصه مبّشرة بفلسفة تتمركز حول معنى الوجود، والإصرار على إيجاد هذا المعنى، زمن الحروب العبثية وآن الخروج من الحرب العالمية الثانية، وما كثرة إنتاجاته الأدبيّة والفكريّة إلا محاولة إثبات محاربة العبث بمعنى ما من أجل الانتصار للحياة، سيصوغه كامو تباعًا في مؤّلفاته، الروائيّة والمسرحيّة والقصصيّة والفكرية وأدب الخاطرة.
ونجح في رواية الغريب التي تحتوي على أفكار ومواقف أثارها في سيزيف. إذ يصوّر انعدام الوحدة بين الإنسان وحياته. المجتمع الذي يعجز عن إقامة علاقة فكريّة أو عاطفيّة مع البطل. إذ إنّ منشأ العبث عنده، نابع من كيفية انتزاع قيم جديدة من عالم سُلب من كلّ قيمة ومعنى، بل هو يصرّ على أن ينكر عليه كلّ قيمة ومعنى. حاول كامو الإجابة باعتقاده في زمانية الموجود باعتبار أنّه موجود في الحاضر وحده، في اللحظة العابرة الفانية، وثانيهم تنوّع التجارب المباشرة”. تمثّل رواية الغريب لكامو التجسيد العدمي للإنسان الأعلى الذي بشّر به الفيلسوف نيتشه بحسب أونفراي. حيث يتحلّى الغريب (ميرسو) بشخصية نافذة ومحيّرة، فضيلته اللامبالاة إزاء مباهج الفضول البشري، الصمت، الوفاء لمُتع اللحظة الراهنة، الإجابة على قدر السؤال، رباطة الجأش ونبذ الانسياق وراء أفراح الجماعة وأحزانها. شخصية الغريب تبشير بأخلاق كلبية للسعادة.
أمّا في الطاعون فيقدّم موقفا أكثر إيجابيّة تجاه المصير الإنساني ويعبر عن أمل متواضع ومحاولة تتسّم بالإصرار. بعض النقّاد جعلوا الطاعون أقرب الى الرواية الأسطورية وهي في وصف صراع ضد وباء وهمي هو الطاعون، كما يشير عنوان الرواية، وباء أصاب وهران 1940، في موقع جغرافي محدّد، إلا أنّه يتناول موضوع يتعدّى مدلوله من الخاصّ إلى العام، من الجزئي إلى الكلّي. وهو ينقل صورة عامّة لموضع الإنسان من الكون، وقد واجهته مشكلة الشرّ وحتميّة المعاناة.
ميلان كونديرا وهو فيلسوف تشيكي-فرنسي يعيش في فرنسا. يؤسّس في رواياته ما بعد الحداثوية لمعنى يبحث عنه، هو معنى الحياة والوجود. له أكثر من إحدى عشرة رواية، تحاول تأصيل التفاهة كما قصد من خلال تأصيل اللامعنى أو محاولاته في سلب المعنى مما اعتدنا عليه، ومحاولته إسباغ معان أخرى في تفكّك علائقها ضمن شبكة تخزّقت البنية التي على أساسها قام انسجامها وتناغمها.
في تتبع لروايات كونديرا جميعها، نجد أنّ البنية الأساس التي بنى عليها عمارته، قائمة على التداعيات حتى صار أسلوبه مع كلّ جديد أكثر تداعيًا، فلا هي رواية ولا هي مقالة فلسفية، وصولا إلى روايته الأخيرة حفلة التفاهة. لقد نجح كونديرا في تصوير فوضى العالم وتفتيته بتفتيت بنية الرواية ولا تناسلها العضوي. وإذا كان عتب بعض الأوساط الأكاديمية على رواياته في المرحلة الأخيرة وتساؤلهم ماذا بقي من مشروعه، وقد كاد الوصال الإنساني أن يكون معدومًا إلا في حيّز المرح وفي سبيله، عدا ذلك، نحن أمام نوع جديد من العلاقات، بين الناس والأشياء وبين الناس، واللافت أنّ الحبّ الرومنسي كما هو متعارف عليه يكاد يكون معدومًا في روايات كونديرا، على العكس من ذلك تمامًا، حصر العلاقات بين النساء والرجال في طبيعته الحيوانية الخالية من أدنى أنواع الشعور الإنساني، حصره في تفنّن غريزي.
البعد الميتافيزيقي في رواياته حاضر بغيابه الكلي، فهو أمر محسوم في كتابات بعدم الحاجة إليه كليا، لأنّ العالم المرئي ينتج تفاهته ولا جدواه، من دون الاتكال على عالم غيبي يستمد منه قيمته الحاضرة.
الألماني هيرمان هيسّه: التفت هيسّه في رواياته إلى الباطن الإنساني والآخر. وقد أبدع في روايته سيدهارتا في الولوج إلى عالم الشرق الأقصى وفلسفته البوذيّة، بأسلوب يضع فيه هذا الفكر في مواجهة الحياة، وإضفاء معان إلى الحياة من خلال منظورها. وفي التمييز بين الدين البوذي أو الفلسفة البوذيّة، لا بدّ من الإشارة إنّ البوذية بدأت “كفلسفة حياة، مشدّدة على الاستبصار والجهد البشريين. لكنّها مع تطوّرها أمست تؤّول كطريقة دينية، كبحث عن الخلاص قائم على الايمان ببوذا وتعاليمه. لعلّ الأفضل بدلًا من الاصرار على كونها واحدًا او آخر من هذين، الإقرار انّه في آسيا حيث نشأت البوذية ومورست لخمسة وعشرين قرنًا، لا ينظر للدين والفلسفة كفعاليتين متعارضتين[6]. نجح هيرمان هيسه في رواية سيدهارتا أن ينقل إلينا في 138 صفحة، حياة شخصية عاشت زمن بوذا، لكنّها استطاعت من خلال تنقلاتها ومراحلها ومحطّاتها أن تقدّم نسقًا من الأفكار إذا جمعناها تظهر لنا كيف يعاش هذا الفكر بطريقة محسوسة، وبذلك تنقل الينا النظري والمجرد الى فعل حياتي بيوميّاته وتفاصيله وسقطاته وتجليّاته. كيف يمكن للإنسان المعاصر أن يرى الى تقنيات دحر المعاناة ليستخرج منظومة متكاملة عن التفكر البوذي. وهو ما سنتوسّع به في هذا الفصل إجابة عن سؤال العالم الروائي فيه.
الأرجنتيني باولو كويللو: لا يمكن أن نهمل نتاج باولو كويللو وبخاصّة في ما يتعلّق بالنزعة الروحانية، وقد ترجم إلى أكثر من سبعين لغة، وثمّة نسق فلسفي واضح في رواياته، ما يحتّم علينا الإقرار بنتاجه الروائي وتصنيفه ضمن الرواية الفكرية عبر روحانيّة تتوسّل المادة سبيلًا للوصول إلى اللامتناهي، روحانية لا تحارب الأديان، لكنّها تنفصل عنها كليًّا في الطريق إلى الهدف، مع قدرة لافتة على استخدام مصطلحاتها بما يقنع القارئ أن يجعلها رافدًا لفكره، فيطمئنّ إليها، ومن ثمّ يبشّر من خلالها بأفكاره التي تتناقض معها كليًّا. هي صوفية تلجأ إلى الحكمة التي لا تفصل العالم الحسيّ عن العالم الماورائي، بل تعمد الى التوفيق بينهما، والإصغاء إلى متطلّبات النفس والروح والجسد.
فقارئ باولو كويللو، يجد أنّه يكثّف اهتمامه بالروحانية التي تأخذ من الصوفية المتعارف عليها بعدها الماورائي في احترام التناغم الكوني، هذا التناغم الذي لا يتأتّى إلّا من الوعي الباطني، وفعليًا هو البعد المشترك بين الجمعيات الغنوصية أو السرية، التي تتّخذ في الصوفية منحى العرفانية، وفي الجمعيات التي تعنى بالبارابسيكولوجيا أو الإيزوتريك المنحى التجاوزي في احترام هذا التناغم الكوني والإيمان بقدرة الإنسان على كتابة مصيره، أو التحكّم بقدره كما هو معروف في مصطلحاتهم.
الإيطالي أمبرتو إيكو: يغوص إيكو على فلسفات العصور الوسطى. وإذا توقفّنا قليلًا عند أشهر رواياته، “اسم الوردة“، في فلسفات العصور الوسطى. وعربيًا، يمكن أن تكون رواية “عزازيل” تجسيدًا لتلك المرحلة، ليوسف زيدان من مصر، والتي تدور أحداثها في القرن الخامس الميلادي بين صعيد مصر وشمال سوريا، وتضيء على الصراع المذهبي الداخلي بين آباء الكنيسة من ناحية، والمؤمنين الجدد والوثنيّة المتراجعة من ناحية أخرى، عقب تبنّي الامبراطوريّة الرومانيّة للمسيحيّة.
ثمّة الكثير من الروايات الفلسفية المهمّة، التي لا يمكن أن نوردها جميعها هنا، لكن تجدر الإشارة إلى الجهد المبذول في هذا الإطار، في كتاب (جان فرانسوا ماركيه” بعنوان”مرايا الهوية، الأدب المسكون بالفلسفة، ترجمة كميل داغر، المنظّمة العربيّة للترجمة)، يمكن أن نفيد منه، وقد عالج فيه الرواية الخيميائية وتناهي الصغر عند فكتور هوغو، ولامعقولية بروست، وكآبة كيركيغارد، كذلك كتاب جان لويس كريتيان في كتابه الوعي والرواية، ومعالجته لروايات ستاندال وبالزاك وصامويل بيكت وغيرهم.
اجتماعيًا: في تعزيز الوعي النقدي المجتمعي والمصالحة مع الذات ولعالم
تلعب الرواية الفلسفيّة دورًا تنويريًّا على مستوى التطبيق، في المجتمع، وأبرز أدوارها أنّها تجعل قرّاءها يمتلكون الجرأة على إعادة تموضع الفكر وممارسة النقد الذاتي، لأنّ الرواية الفلسفيّة، بتعدّد أصواتها وتياراتها، المتناقضة حينًا، والمتكاملة حينًا آخر، قادرة على إرباك وضعية القارئ الفكرية، حين يضع نفسه في فضائها، ويتماهى مع أيّ مأزق وجودي أو اجتماعي عاشته إحدى الشخصيّات، المنطلقات والمآزم والمتاهات والحلول. إذ يصبح دورُها أقرب إلى ترجمة أخلاقيّة وحياتيّة تنقل جوهر الفكر من ماهيّته النظريّة إلى أفقه التطبيقيّة، عبر اتخاذ الأفعال وردّات الأفعال والنتائج المترتّبة، لأنّها تختزن الكثير من التجارب والخبرات، “فالرواية جهد يرمي إلى فتح آفاق جديدة أمام الوعي البشري وقد باتت اليوم مصنعًا يعجّ بالخبرات وتوصيف خارطة التضاريس التي تواجه الجنس البشري بكلّ معوّقاتها[7]“. إذ تصبح الفكرة في الرواية أقرب إلى الإفهام عبر نقلها إلى الواقع الحسّي والعالم المعيش، كخارطة لحل الأزمات، أو تقليبها من وجوهها كافّة، من خلال تحوّلات الشخصيّات في طرق تعاملها مع واقعها، وفي إبرام المصالحة المنشودة مع الذات والعالم. من هنا؛ لا بدّ لنا من الكلام على دور الرواية الفلسفيّة في التداوي النفسي والفكري، ويمكن لنا أن تكون روايات إرفين يالوم أبرز مثال على ذلك.
العلاج بالرواية الفلسفية:
لا شكّ في أنّ هذا العنوان جاء تماهيًا مع كتاب سعيد ناشيد التداوي بالفلسفة، الصادر عن دار التنوير، الذي استوحى بدوره العنوان من عزاءات الفلسفة لآلان دي بوتون، وأفاد ممّا قدّمه لوك فيري وأندريه كونت سبونفيل في هذا المجال، كذلك ما قدّمه فنّ العيش لشوبنهاور وأفكار نيتشه في كتاباته، وأيضًا من المدارس الرواقية والأبيقورية وغيرها. لقد قرّب كتاب سعيد ناشيد في هذا الكتاب، الفلسفة الى الناس، بلغة عربيّة واضحة وممتعة، ومعجم حياتي معاصر، وبسّطها وبوبّها في موضوعات تهتم بحرفة عيش اليومي عند الإنسان المعاصر، لكنها بقيت في إطار المقالة، بقيت في إطار الأفكار التي لم تجعل من الحياة حكاية بشخصيات، تتطوّر أفكارهم أو تتحول ضمن سياقات حياتية معيّنة.
جاء في كتاب جان لويس كريتيان، الفيلسوف والشاعر الفرنسي، أنّ الرواية” كانت بالنسبة إلى البعض، خصوصًا إلى المتشدّدين وسيلة للتضليل والإخلال بالآداب، وكانت بالنسبة إلى البعض الآخر بمثابة مدرسة للحياة وشعلة تضيء لهم دروبهم وتغني تجربتهم الحياتيّة. فكيف السبيل إلى معرفة الآخر ونقل المعارف والتجارب الحياتيّة إلّا عن طريق الرواية؟ [8]، “بينما كانت الرواية الكلاسيكية تتناول حياة الناس، أصبحت الرواية الحديثة تتغلغل في مكمون سريرة الشخصيات…”[9].
ما هي المفاعيل النفسية التي يمكن أن تحقّقها الرواية؟ يقول كريتيان: “في الرواية يتعرّى القلب الإنساني من خلال المونولوج. ويرى جيسي مايتز في كتابه تطوّر الرواية العالمية أنّ: “الرواية يمكن أن تكون علاجًا في حالات خاصّة: ثمّة جانب براغماتي مرتبط بالفنّ الروائي يمكن أن يوفّر في حالات خاصّة علاجًا وافيًا لبعض الاضطرابات الذهانية وبخاصّة لتلك الحالة -الإكلينيكيّة المسماة (الذهان الهوسي-الاكتئابي، التي تعرف بين العامّة ب الاكتئاب الثنائي القطب…ثمّة حالات موثٌّرة حكى فيها كتّاب الرواية عن تجاربهم الخاصّة وكيف ساهم انغماسهم في العمل الروائي على تخطّي الأطوار الصعبة من اضطراباتهم الذهانيّة المدمّرة وبشكل عجز عن إنجازه عقار بروزاك. ..ذهب بعض الأطباء إلى اعتماد الكتابة الروائيّة كوصفة علاجيّة-في حالات محدّدة بعينها- ما يعمل على كبح التشويش الخارجي مع الضوضاء البشعة المقترنة به، ودفع الأفراد نحو محض التركيز على سماع أصواتهم الداخليّة الثريّة المدفونة تحت غبار الإهمال والتجاهل… وقد تتماهى تجربة الكتابة الروائيّة في هذا الإطار مع الكشوف العرفانيّة والفيوض التصوّفية المقترنة بها… وربّما يدعّم هذا الرأي كون أغلب الكتّاب-الروائيين- المجيدين والمميّزين ذوي تجارب مفارقة للوعي البشري العادي وأقرب إلى استجلاب البصيرة منهم: هيرمان هيسه، دوريس ليسنغ، نيكوس كازانتزاكيس.. ولم يغفل هؤلاء عن توثيق تجاربهم الكاشفة القريبة من الفيوض العرفانية في بعض الحالات”[10]، هذا على مستوى كتابتها، أمّا على مستوى تلقيّها، فيمكن أن نستعرض قدرة روايات إرفين يالوم على إعطاء بعد استرشادي وعلاجي.
الأميركي إرفين يالوم، وهو طبيب نفسي أميركي ومتخصّص في الفلسفة وأستاذ جامعي بارز، استطاع من خلال ثلاثيّته طرح أفكار أبرز فلاسفة التفكيك في العالم الغربي الحديث، في رواياته: “حين بكى نيتشه،”علاج شوبنهاور” و”مأزق سبينوزا”.
تنبع أهمية رواياته في العلاج بالفلسفة، وبخاصة الروايتين الأوليين، من كونه دمج في هذه الروايات بين العيادة النفسية والعيادة الفلسفية، إذ تُطرح العيادة الفلسفية وما تقدّمه في مقابل العيادة النفسية، وذلك من خلال سجالات نفسيّة فلسفية، تطمح إلى إنقاذ الإنسان من مآزمه، وحثّه على البوح والكلام والاعتراف، كائنًا من كان، أكان طبيبًا أو مفكّرًا أو مريضًا، كمرحلة أولى، في محاولة لاستبصار ذاته في هذا العالم، وإقامة علاقات صحيحة مع الآخر. أهمّ ما في هذه الروايات أيضًا، أنّ الطبيب يلجأ إلى طبيب، أي أنّ كلّ مدرسة فكرية بحاجة إلى مدرسة أخرى، تنفتح عليها وتتفاعل معها، وهنا ما يوجب على المرء عدم حصر الحقيقة أو العلاج في زاوية واحدة، والتوجّه إلى الانفتاح على الأفكار، أنّها تبحث في المآزق النفسية والوجودية التي يعاني منها معظم الناس، وبخاصّة أمام الموت والمرض والرغبة والحبّ والمهّدئات الغيبية، مستحضرا أبرز أفكار الفلاسفة في معالجتهم لهذه الموضوعات. وإذا كانت رواية “حين بكى نيتشه” قد حُصرت في طبيعة العلاج النفسي في مقابل الفكري بين نيتشه وطبيبه، في العيادات المغلقة، فقد انتقل في علاج شوبنهاور الى إظهار فشل الطبّ النفسي وبروز العلاج بالفكر وبخاصة فكر شوبنهاور، لكن المفارقة هنا، أنّ العلاج يظهر جماعيًّا، بالبوح والاعتراف أمام مجموعة تتشارك أزمات مختلفة، وأنّ مفكّرًا معروفًا بتشاؤمه وانعزاله ينتج إنقاذًا للنفس في محيطها المجتمعي. كذلك، تكمن أهمية هذه الروايات أنّها تضيء على ماضي الشخصية وحاضرها، وتدرّبها على منطق فكري أو استراتيجيات تساعدها على اكتشاف ذاتها وأزماتها لتتمكّن من حلّها. هي محاولة لإيجاد علاج لليأس والكآبة والوحدة الألم ومثيرات الشفقة على الذات والآخر، كره الذات، تأثير نظرة الآخرين على حياتنا، وتاليًا نظرتنا الى أنفسنا ومدى معرفتنا لطاقاتها وقيمتها وقدراتها، الشيخوخة والضعف والعجر، الخوف من الموت، دوافع الانتحار، القوّة، الواجب، الوعي واللاوعي، حبّ القدر، التغلّب على اليأس التحّول من “هكذا كان” الى “هكذا أردتُ أن أكون”، إيجاد حقيقة الإنسان الخاصّة، الصداقة، الكتابة، المكاشفة تمزيق المعاني الوهميّة، وغيرها.
خلاصة الكلام في أهمية هذه الروايات، على مستوى التداوي بها، انّها تنقل الفكر من اختبار العالم كما هو الى اختبار النسخة الشخصية التي يصنعها الإنسان لهذا العالم، ومعالجة الكيان الخام، والالتفات الى شوبنهاور، الذي تجاوز كانط، فنظر الى الدوافع المظلمة في الدواخل الإنسانية والبحث في الجنس والدين والانتحار والإدمان وكيفية تجاوزها عبر قيادة الإرادة.
تربويًّا: في تدريس الفلسفة من خلال الرواية:
موضوع تدريس الفلسفة من خلال الرواية هو موضوع جديد الطرح، لم يسبق للمناهج التربويّة (عربيًا)، أن عرضت مشروعًا مماثلًا، على مستوى المرحلة الدراسيّة الثانوية على الرغم من كونه فعّالًا في تنمية الحسّ النقدي عند طلاب هذه المرحلة. كذلك، كمقرّر في المرحلة الجامعية لغير المتخصصين في الفلسفة. إذ يمكن للرواية الفلسفيّة أن تقوم بإرباك الوضعيّة الفكريّة عند المتلقّي، وتاليًا قدرة هذه الأخيرة على الفصل بين الواقعي والمتخيّل، الحدث التاريخي والرواية. هم طلّاب يهجسون بالأسئلة الميتافيزيقيّة، وقد يجدون إجابات كثيرة لها في الروايات الفلسفيّة، تنمّي لديهم حسّ المقاربات والقبول بالتعدّديات على أنّها أمر قابل للنقاش والحوار. كذلك، تدريس الرواية الفلسفيّة، كمقرّر خاصّ، على مستوى المرحلة الجامعيّة، لغير المتخصّصين بها. هذا لا يعني أنّنا لا نأخذ بالحسبان مقرّر الأدب والفلسفة. لكنّه يبتعد في طرحه عن غايات طرحنا، تدريسًا وأهدافًا. فنحن نطرح هنا أن تدرّس الرواية الفلسفيّة كمقرّر اختياري لطلاب المرحلة الجامعيّة من الاختصاصات كافّة. في اختصاص الفلسفة، يمكن لهذا المقرّر أن يدرّس كممهّد ينطلق منه الطالب في سنته الأولى ليتعرّف على التيارات الفلسفيّة كافة ممّا ينتظره من توسّع على المستوى النظري، آخذين بعين الاعتبار محتوى المقررات الأخرى وعناوينها، لينسجم اختيار الروايات معها، فتمّهد لها. وعلى صعيد الآداب، كون الرواية فنًّا أدبيًّا يدرّس، يمكن الغوص عند الطالب على هذه التيارات الفكرية عبر هذا الفنّ.
أمّا في كيفيّة تفصيلها وتوصيفها ضمن مقررات، وتاليًا المناهج التي يمكن أن تدرّس بها، فهذا يمكن العمل عليه وفاقًا للمرحلة التي ستدرّس فيها، والأهداف المرجوة من كلّ رواية تحمل تيارًا فكريًّا معيّنًا. ولا بدّ بل اختيار تيارات الروايات واتجاهاتها، طرح إشكاليات لا بدّ منها، على سبيل المثال: هل يجب اعتماد تقنيّة معيّنة في طرح الأسئلة في الرواية، أم أنّ الأهميّة تكمن في تقنيّة الإجابة بين الامتثال والاجتزاء؟
كيف يمكن أن نستخرج نسقًا فلسفيًا من رواية؟ وإلى أيّ مدى يمكن للمنهج البنيوي التكويني، والمنهج السيميائي السردي أن يسهما في استخراج هذا النسق؟ أو ربّما إمكان اعتماد مناهج أخرى؟ من هم الأساتذة المؤهلون لمواكبة ذلك؟ كيفية تدريبهم؟ هل هم أساتذة الفلسفة أم أساتذة الرواية؟
هذه إشكاليات تطول الإجابات عنها وفقًا للمراحل والجهات التربوية المهتمة، وبخاصّة لما ندركه اليوم من أهمية الجمع بين اختصاصين أو ثلاثة في ميدان العلوم الإنسانيّة، الأدب والفلسفة، التربية، ويصبّ في مصلحة فتح المسارات بعضها على بعض، ما يخدم القدرة التوليفيّة عند المتلقّي، أكان طالبًا أم أستاذًا.
لذلك، قد نسمح لأنفسنا القول إنّ تدريس الرواية الفلسفيّة يمكن أن ينمّي الحسّ النقدي من خلال المقارنات والانفتاح على التوليفات الممكنة، لأنّ الرواية الفلسفيّة قادرة على عرض التعدّديات الفكريّة والتيارات الفلسفيّة ضمن سياقاتها الزمنية المتعاقبة أو الواحدة، في مكان جغرافي واحد، أو أمكنة متعدّدة، ما قد يجعل المنهج السيميائيّ-السرديّ، كذلك المنهج البنيويّ التكوينيّ، قادرين على توضيح الشروط التاريخية والزمانيّة للتيار الفلسفي، عبر درس فضاءات الأمكنة والأزمنة عند تفكيكها في الرواية، ليتمّ الانتقال إلى دراسة المنظور الإيديولوجي فيها.
تفترض لغة الرواية بعدًا جماليًّا مع ما يستتبعه من اعتماد لغة أدبيّة تكثر من المجاز والمحسّنات البيانيّة والبديعيّة، ما يجعل التباس الدلالة والمبالغات أمرًا لا مفرّ منه. وهذا قد يبعدها عن وضوح اللغة الفلسفيّة ومصطلحاتها التي تشكّل جزءًا من ماهيّتها. وهي قضيّة يمكن أن يحسمها كاتب الرواية الفلسفيّة، حين يكون فيلسوفًا-أديبًا، أو أستاذًا في الفلسفة-أديبًا، يتقن احترام نقاء الوضوح الفلسفي، مع التصوير الحسيّ للفكر المجرّد من دون أن يمسّ بجوهر الفكرة المقصودة، مبعدًا التباس الدلالة عن مقولاته، محافظًا على البعدين الفلسفي والفنّي في روايته الفلسفيّة. وهذا لا يقصي مسؤوليّةَ المتلقّي وذكاءه في التمييز بين البعدين، لاقتناص الغاية المرجوّة من العمل.
إذًا، تقوم أهمية استثمار الرواية الفلسفية تربويًّا، بتمكين الطلاب من أدوات نقد الفكر بالفكر، عبر أشكلة الأسئلة، واستخراج سؤال العالم الروائي، وتاليًا المنظومة الفلسفية التي تحكم العمل.
عند الاقتراب من البعد التطبيقي في كيفية اختيار الروايات الفلسفية لتدريسها، تستوقفنا إشكالية اختيار التيارات الفلسفية التي يجد الطالب فيها إجاباته، أو فلنقل، التي تقترب من هواجسه وتقدّم له آليات التفكير المنطقي والسليم لبناء عمارة فكريّة تعينه على العيش المطمئنّ، بعيدًا عن شقاء الإنسان المعاصر. وهنا أجدني أستحضر الاتجاهات الفلسفيّة التي عرضها الفيلسوف الفرنسي لوك فيري، بالتعاون مع كلود كبلياي، في كتابه أجمل قصّة في تاريخ الفلسفة، ترجمة محمود جماعة، دار التنوير. لماذا لوك فيري؟ لأنّه من الفلاسفة المعاصرين الذين حاولوا دمج الفلسفات الشرقية والغربية من دون إهمال بعضها، وقد صاغ من تراكماته المعرفية، ما يشبه لوحة بانورامية عن منطلقات الفلسفة وأهدافها، وبخاصّة حاجتنا إليها في العالم المعاصر وكيفيّة فهمها، ما يجعل تعريفاته تقترب من هدف البحث الذي نقوم به، وبخاصّة في ربطه الفلسفة بالحياة: “أن نحيا جيّدًا ونضفي معنى على وجودنا ونحدّد فيمَ تتمثّل حياة طيّبة بالنسبة إلينا نحن البشر، الفانين، تلك هي المسألة التي حاولت في نظرنا الإجابة عنها كلّ الفلسفات”[11]. ولا بدّ من الإشارة هنا، إلى أنّ المقاربة التربوية للرواية الفلسفية، تُترك للأساتذة الذي يعملون على منهج متكامل يلائم تطلّعات المجتمع الفكرية والتربوية، مع الأهداف والكفاءات المرجوّة، أي أنّ ذلك يمكن أن يتمّ بالتنسيق مع الخطّة التربوية لمنسّقي المناهج، وفاقًا لرؤية تجديديّة متكاملة. نموذج لوك فيري في طرح الفلسفات، يمكن أن يكون واحدًا من نماذج عديدة، ونكرّر أنّ اعتماد أي نموذج في طريقة تدريس الرواية الفلسفية تعود إلى الخطّة التربوية المتكاملة لواضعيها.
وفي الختام، لا بدّ من الإشارة إلى أنّ طرق استثمار الرواية الفلسفية والإفادة منها على مختلف المستويات كثيرة، ويتوجّب علينا البدء بإقامة مشروع جدّي حول ذلك، وفقًا لرؤية تربوية ومجتمعيّة جديدة، بدءًا من مدارسنا وجامعاتنا العربية.
[1] أيريس مردوخ، نزهة فلسفية في غابة الأدب، ترجمة لطيفة الدليمي، دار المدى، ص 21.
[2] كامو، أسطورة سيزيف، ترجمة أنيس زكي حسن، منشورات دار مكتبة الحياة، لبنان، ص 114.
[3] كامو، أسطورة سيزيف، ص 119-120.
[4] كمال الحاج، الموسوعة الفلسفية، جزء10، ص 60
[5] كمال الحاج، جزء 10، ص 60
[6] جون كولر، الفلسفات الآسيويّة، ترجمة نصير فليح، المنظمّة العربيّة للترجمة، ص 103.
[7] جيسي ماتز، تطور الرواية الحديثة، ترجمة لطفية الدليمي، ص 13
[8] جان لويس كريتيان، الوعي والرواية، ترجمة: سميّة الجرّاح، المنظّمة العربيّة للترجمة، ص8
[9] جان لويس كريتيان، الوعي والرواية، ص8
[10] لطفية الدليمي، تقديم كتاب تطور الرواية الحديثة، جيسي ماتز، ص8-9-10-11
[11] لوك فيري وكلود كيلباي، ص: 21