
وَصلْتَ إلى مفترق طرقٍ، بينما كنْتَ تستمتع بالمشي على مهل في الغابة. يمكنك التوقّف للتّفكير في ما يجب أن تفعله، ثمّ تقرّر أن تكمل طريقك نحو اليمين. وفقًا لبعض الفلاسفة، إذا كنت تتمتّع “بإرادة حرّة” في ذلك الوقت، لكنْت تصرّفت بشكلٍ مختلفٍ.
يميل الفلاسفة إلى توخّي الحذر في التّعامل مع الأمور النّظريّة؛ إنّ توجّهك نحو اليسار هو عمل عقليّ، يختلف عن اتّخاذك قرارًا بالذّهاب نحو اليمين. ولكنْ قد نقول: ” في الواقع، إنّ اتّخاذ قرار ما، بعد إمعان بالتّفكير قليلًا قبل الشّروع بالفعل – على سبيل المثال، اتّخاذ المسار الأيمن بعد ثلاثين ثانية إضافيّة من التّفكير – هو منحى آخر للتّصرّف بشكل مختلف. تشمل البدائل الأخرى، قرار العودة أو الجلوس لبعض الوقت. النّقطة الرئيسة هنا، وفقًا للفلاسفة، هي أنّه إذا قرّرت بحريّة أن تكمل طريقك يمينًا، فربّما كان بإمكانك فعل شيء آخر بديلًا في الوقت عينه، الّذي اتّخذت فيه هذا القرار.
من أين تأتي هذه الفكرة ؟ وفقًا لبعض الفلاسفة، يتعلّق الأمر بالفرضيّة التّالية؛ في عالم افتراضيّ يشبه كوننا تمامًا من حيث التّاريخ وقوانين الطّبيعة، كان بإمكانك اتّخاذ قرار آخر في هذا الوقت. في الكون الواقعيّ، قرّرت أن تسلك الطّريق اليمنى عند الظّهيرة. وفي كون نظير محتمل – يمكن أن يتحوّل إلى واقع – له التّاريخ نفسه وقوانين الطّبيعة ذاتها، ستسلك طريقًا مختلفًا عند الظّهر. سيوفّر لنا مساحةً من الكلام، أن أطلق على هذه الفرضيّة مصطلح “الانفتاح” (Openness).
هل يناسب “الانفتاح” تجربتك في اتّخاذ القرار، على الأقلّ في بعض الحالات؟ أتوقّع أنّك ستقول “نعم”. أنا لا أقصد، أنّك تختبر عوالم محتملة أخرى. السّؤال هو ما إذا كان يبدو لك أحيانًا، أنّه عندما تقرّر القيام بشيء ما، ترى أنّه كان بإمكانك القيام بشيء آخر بدلاً من قرارك الأوّل – وليس فقط بمعنى أنّه إذا كان الظّرف أو قوانين الطبيعة مختلفيْن، لكنْت ربّما اتّخذت قرارًا مختلفًا. إجابتك “نعم”، على أغلب الظّن.
وفقًا “للانفتاح”، كيف تجري عمليّات اتّخاذ القرارات الخاصّة بك ؟ قد يجيب على هذه المسألة، هذا الأنموذج البسيط. عندما تكون غير مستقرّ بشأن ما يجب أن تفعله، فإن معتقداتك ورغباتك وأمنياتك وآمالك وعاداتك وتفكيرك وما شابه ذلك، تتحوّل إلى عجلة “روليت” عصبيّة صغيرة في رأسك؛ تحتوي العجلة على ألف رقعة، تمثّل الرّقعات النّتائج. على سبيل المثال، قد تشير مئتا رقعة إلى قرارك باتّخاذ الطّريق اليسرى عند الظّهر، بينما تشير مئتا رقعة أخرى إلى قرارك بسلوك الطّريق اليمنى. إنّ الاستمرار في التّفكير عند الظّهر بشأن أيّ طريق ستسلك، يمكن أن تمثّلها خمسمئة رقعة. ويمكن تقسيم المئات المتبقيّة إلى قرارات، مثل العودة أو الجلوس، وما إلى ذلك…عندما يتمّ تفعيل العجلة، تبدأ كرةٌ عصبيّةٌ صغيرة بالدّوران حول الرّقع، تدور الكرة حتى تستقرّ في النّهاية على إحدى الرّقع. يمثّل وقوفها على رقعة ما النّتيجة؛ مثلًا، اتّخاذ القرار بالتّوجّه نحو اليمين أو الاستمرار في التّفكير في ما يجب القيام به. في حين، تمثّل خانتان متجاورتان، النّتيجة نفسها فقط عندما يتمّ تمثيل نتيجة واحدة بأكثر من خمسمئة رقعة. وما يحدّد توزيع الرّقع هي الأشياء الّتي ذكرتها سابقًا – معتقداتك ورغباتك واستدلالك…إلخ.
أنا لا أدّعي أنّ هذا هو النّموذج الوحيد، الّذي يمثّل عمليّة اتّخاذ القرار في حالة “الانفتاح”. لكنّه أنموذج مناسب، وقد يساعدك على التّفكير في طبيعة “الانفتاح”. يشير النّموذج، إلى أنّ قرارك باتّخاذ الطّريق اليمنى عند الظّهر، كان جزءًا من مسألة حظّ. وإلى أن استقرّت الكرة على الرّقعة الّتي تمثّل هذا القرار، كانت هناك فرصة أن تقع الكرة على رقعة ما تعكس نتيجة مختلفة.
يمكن أن يكون “الانفتاح” مخيفًا ! تخيّلوا رئيسًا يعتقد أنّه من الأفضل ألّا يأمر بشنّ هجوم نوويّ، ولكنّه يفكّر في القيام به على أيّ حال. إنّه يختبر الانفتاح ، زرّ الإطلاق أمامه، والضّغط عليه تمثّله رقعات عدّة على عجلة القيادة. من المحتمل أن يؤدّي الضّغط على الزرّ، إلى نشوب حرب عالمية ثالثة، وهذا الأمر يدركه الرّئيس تمامًا.
على أنّي أفضّل قصّةً أقلّ إثارة للخوف؛ “جو” يشعر بخيبة أمل، نتيجة حظّه السيّئ، تمّ طرده من الكلّيّة بسبب الغشّ قبل بضعة أشهر، وقد تبرّأ منْه والداه. كان يكافح من أجل تغطية نفقاته…رثى “جو” حاله لأحد معارفه السّطحيّين، فعرض عليه هذا الأخير أن يبيعه بندقيّة. قال له: “بهذه، يمكنك جمع الكثير من الأموال بسرعة”. هنا، تبدأ عجلة “جو” بالدّوران، لم يرتكب جريمة عنيفة بعد، كما أنّه لم يتعامل مع البندقية قطّ، لكنّه منفتح على الاحتمال، قرّر شراء البندقيّة. في كون آخر محتمل، يحمل المعطيات ذاتها، بما في ذلك اللّحظة الّتي يفكّر فيها “جو” باتّخاذ قرار مماثل، قد يرفض عرض هذا الرّجل.
بعد ذلك بيوميْن، تعود البندقيّة إلى الواجهة، إنّه يفكّر في بيعها من أجل كسب ربح صغير. تبدأ عجلته بالدّوران مجدّدًا، يقرّر “جو” الاحتفاظ بالبندقيّة لفترة من الوقت، ولكنْ كان يمكنه أن يستقرّ على قرار بيعها، إذا كانت الكرة قد هبطت على رقعة أخرى، وهذا ما كان سيفعله.
بعد أسبوع، يتساءل “جو” كيف سيدفع إيجاره. يفكّر مرّةً أخرى في بيع البندقيّة، وتعود العجلة إلى الدّوران. قرّر استخدام السّلاح في متجر صغير، على الجانب الآخر من المدينة. خطّة “جو”، هي التّلويح بالبندقيّة، بينما يطالب بصوت عالٍ بالمال. إنّه واثق من أن أمين الصندوق سوف يمتثل ببساطة؛ هو بالتّأكيد ليس لديه نيّة لإطلاق النّار ! بيد أنّ لسوء الحظّ، لا تسير الأمور وفقًا للخطّته الّتي رسمها. بينما كان يتحدّث “جو” إلى الصّرّاف، آملًا أن يكون صوته شديد التّهديد، يرى الرّجل يبحث تحت الطّاولة – ربّما للحصول على سلاح. يفكّر “جو” في الهروب، ويتمّ تفعيل “الرّوليت” مجدّدًا؛ قرّر إطلاق رصاصة تحذيريّة، لكنّه متوتّر ويرتجف. قام عن طريق الخطأ بإطلاق النّار على الصرّاف مصيبًا يده. كان يمكن أن تسير الأمور بشكل مختلف للغاية.
سنعود إلى قصّة “جو” بعد قليل، أوّد أن أشير إلى ملاحظة موجزة في علم الدّماغ؛ أفاد بعض العلماء على ما يعتبرونه دليلاً على العمليّات الدّماغيّة غير المحدّدة، والّتي تؤثر على السّلوك. هذه العمليات غير المحدّدة بطبيعتها، تترك باب النتائج مفتوحًا على أكثر من نتيجة واحدة. إنّ التّجارب الّتي تدور في خاطري قد أجريت باستخدام ذباب النّدى (Fruit Flies)، وليس البشر. ولكن إذا كانت الأدمغة الدّقيقة أعضاء غير محدّدة، فقد تكون هكذا الأعضاء الكبيرة أيضًا. إنّ عجلة “الرّوليت” العصبيّة الصّغيرة، هي صورة “كرتونيّة” لكيفيّة عمل دماغ غير محدّد في اتّخاذ القرارات. لن أتكهن الآليات ذات المستوى المنخفض الّتي تعمل وفقها العمليّات الدّماغيّة غير المحدّدة، لكنّني سأذكر احتمالًا مزعومًا. في كتابه “الكون المدرك” (The Mindful Universe)، يقترح هنري ستاب (Henry Stapp)، وجود كمّ من الغيوم الاحتماليّة (Quantum probability clouds)، مرتبطة بأيونات الكالسيوم، تتحرّك نحو الأطراف العصبيّة. هذا الانفتاح المنخفض المستوى، يمكن أن يتضمّن “الانفتاح” (Openness) – بالمعنى الفلسفيّ.
نعود إلى قصّة “جو”؛ لقد كان حظّه عثيرًا، فاتخذ عددًا من القرارات السيّئة. “جو” بالتّأكيد ليس مجرمًا خطيرًا، وليس شخصًا سيّئًا للغاية. إنّه يتمتّع بسلوك جيّد؛ إذ قرّر أوّلًا عدم شراء البندقيّة، ثمّ وجد أنّه من الأفضل أن يبيعها بدلًا من استخدامها…وفي كلّ مرّةٍ، إذا استقرّت الكرة على إحدى الرّقع البعيدة عن الرّقع الّتي تمثّل الخيارات السّيئة، لكان قد اتّخذ قرارًا أفضل من السّابق. أخلّص الحظّ السّيّئ “جو” من ورطته؟ هل يخفّف من تحمّله المسؤوليّة الأخلاقيّة النّاتجة عن قراراته السّيّئة؟ هذه الأسئلة صعبة. إلّا أّنّ الإمعان بالتّفكير في أعمال “جو” الباطنيّة قد يساعد في الإجابة عن هذه الأسئلة.
في نموذج عجلة “الرّوليت” الّذي يصوّر مفهوم “الانفتاح”، وكما ذكرت، فإنّ معتقدات الشّخص ورغباته وأمنياته وآماله وعاداته وتفكيره وما إلى ذلك…ترتكز على تلك العجلة الصّغيرة وتحدّد ما تمثّله رقعاتها (بما في ذلك عدد الرّقعات الّتي تعطي النّتيجة المحتملة). كلّ هذه الأمور تتأثّر بالقرارات السّابقة الّتي اتّخذها الشّخص وبسلوكه السّابق. يمكن للنّاس أن يتعلّموا من أخطائهم ومن نجاحاتهم، وما يتعلّمونه له تأثير على كيفيّة تقسيم هذه العجلة عندما يحين وقت اتّخاذ القرار. كما يمكن أن يكون للجهود المبذولة لصقل الذّات، تأثيرًا على ذلك. من المرجّح أن يكون للشّخص الّذي أقلع عن التّدخين لمدّة عام، توزيعًا مختلفًا جدًا للرّقعات وتاليًا النّتائج، حين يقع بتجربة العودة إلى التّدخين إذا عرض عليه الآن، أكثر ممّا كان عليه قبل عام. وينطبق الأمر نفسه على الشّخص الّذي حقّق مزيدًا من التقّدم في التغلّب على الميل إلى المماطلة أو الإفراط في تناول الطّعام.
مع أخذ ما تقدّم في الاعتبار، قد نميل إلى عدم تحميل “جو” مسؤوليّة كبيرة عن كيفيّة تكوين “عجلته” حين قرّر اتّخاذ القرارات، الّتي وصفتها وتلك الّتي اتّخذها في النّهاية. بعد كلّ ما مضى، قضى “جو” سنوات في تشكيل عجلة قيادته ! من المؤكّد أنّه كلّما كان “الانفتاح” واسع النّطاق، كان هناك دور للحظّ أو الصدفة – ولكن “بعض الحظّ”، قد لا يكون كافيًا لإعفائه من المسؤوليّة تمامًا.
هناك أناس يريدون الحصول على مبتغاهم مهما كلّف الأمر؛ يسعى هؤلاء إلى إحكام سيطرتهم على قراراتهم الّتي تتضمن “انفتاحًا” ولا يتركون مجالًا للصّدفة. قد يعتقدون أنّ مثل هذا النّوع من التّحكم – سمّه سحرًا – يمكنه أن يجعلهم يصلون حقًا إلى ما يريدونه، لكنّ هذا مستحيل مثل إصراري على وجود كعكة لذيذة على طاولة المطبخ مع العلم أنّني تناولتها سابقًا. لماذا ؟ لأنّ السّيطرة اللّامحدودة في غياب الفرصة، أمر مستحيل. إذا قرّر جو بصراحة شراء البندقيّة، كان هناك – حتّى اللّحظة الّتي فكرّ فيها باتّخاذ هذا القرار – فرصة أن يعدل عنه.
إنّ من يجذبهم هذا السّحر – بشكل لا يقاوم – قد يصلون إلى استنتاج مفاده أنّ “جو” يفتقر إلى الإرادة الحرّة والمسؤوليّة الأخلاقيّة. ولكن يبدو أنّ البعض منّا لديه الحقّ، في أن يطرح هذا السّؤال: “كيف يمكن أن تتعايش الإرادة الحرّة والمسؤوليّة الأخلاقيّة مع “الانفتاح”؟” لقد عانيت من هذا السّؤال في كتابي “الإرادة الحرّة والحظّ” (Free will and Luck)، على الرّغم من أنّني لست مقتنعًا بأنّ الإرادة الحرّة، تتطلّب “انفتاحًا”.
حتّى لو كان “الانفتاح” وهمًا، فقد تبدو أنواع أخرى من الحظّ مهدّدة للإرادة الحرّة والمسؤولية الأخلاقيّة. إنّي أطرح نوعًا ثانيًا من الحظّ هنا، نوع مرتبط بالحتميّة (Determinism)، وقرّرت أن أخضع الإجابة عن هذا الموضوع، برمي عملة نقديّة معدنيّة. بالنّظر إلى النتيجة الّتي ظهرت لي، سألتزم بالحديث عن “الانفتاح”.
تتضمّن العديد من الألعاب مزيجًا من الحظّ والمهارة. في لعبة “البلاك جاك”، يتنافس اللاّعبون فقط مع الموزّع، الّذي تملي كلّ تحرّكاته، قواعد اللّعبة. على عكس الموزّع، لدى اللاّعبين خيارات مفتوحة. على سبيل المثال، يمكنهم الضرب (طلب بطاقة أخرى)، والوقوف (رفض بطاقات إضافيّة)، ومضاعفة رهاناتهم في مواقف معيّنة، وتقسيم بطاقتهم أزواجًا (آصيتان، مثلًا) في كلّ يد. إنّ البطاقات الّتي يحصل عليها المرء هي مسألة حظّ، كما أنّ اللّاعبين الماهرين، قد حفظوا جداول موثوقة واسترشدوا بها، لمعرفة متى يجب أن يضربوا أو يقفوا، وما إلى ذلك من خيارات…
يتتبّع اللّاعبون الماهرون للغاية، البطاقات الّتي رأوْها – وهم “يحسبون البطاقات” – ويقومون بتعديل استراتيجيّة اللّعب وفقًا لذلك.
قد تتضمّن الإرادة الحرّة أيضًا، مزجًا بين الحظّ والمهارة؛ وفقًا لإحدى طرق التّفكير المعتمدة في النّظر إلى الإرادة الحرّة، يظهر الحظّ على أنّه جزء أساسيّ من لعبة “بلاك جاك” المرخّصة – فإنّ نوع الحظّ الّذي يشتمل عليه “الانفتاح”، هو جزء أساسيّ، ليصبح المرء سيّدًا حرًا. ولكن في حين، أنّ الحظّ جزء لا يتجزأ من لعبة “بلاك جاك” المرخّصة، فقد يسعى الفرد الحرّ، بشكل عقلانيّ، إلى القضاء على أو على الأقل تقليل، الحظّ في المجال ذي الأهميّة في الحياة. يجب أن يتعلّم لاعبو “باك جاك”، الّذين يرغبون في زيادة فرصهم في الفوز (من الناحية القانونية ، بالطّبع)، كيفيّة تقليل قوّة النّتائج المحتملة لسوء الحظّ من جهة، وتعزيز الفرص الّتي تؤدّي إلى حظّ موفّق من جهة أخرى . لذلك يجب أن يتعلّموا حساب البطاقات، واستذكار مجموعة لا بأس بها من طاولات البلاك جاك، واللّعب وفقًا لذلك. بالنّظر إلى تطلّعاته، ما الّذي يمكن أن يفعله العقلانيّ بشأن الحظّ المتضمّن في “الانفتاح”؟ شيءٌ واحد قد يفعله ألا وهو، محاولة أن يصبح جيّدًا بما يكفي، لمقاومة التّجارب المغرية، لدرجة أنّه تنعدم فيها الفرصة أن يتّخذ قرارًا معاكسًا لما حكم عليه بالصّواب. إذا كنْت لا ترى أيّ سبب وجيه لتفضيل المسار الأيسر على الأيمن أو العكس، فإنّ العجلة الّتي تمنحك فرصة بنسبة خمسين بالمئة لكلّ قرار، من الفترض أن تكون عمليّة صائبة. ولكنْ عندما تعلم أنه سيكون من الأفضل أن تذهب يسارًا بدلاً من أن تسير يمينًا، فإنّ العجلة الّتي تمنحك فرصة لاتّخاذ القرار في الاتّجاه الأيمن قد تكون خطيرة. يحاول الأشخاص العقلانيّون أيضًا، التعلّم من فشلهم ونجاحاتهم، ويشرعون أحيانًا في البدء بمشاريع تحسين الذّات.
زد على ذلك، أنّه في نموذج “عجلة الرّوليت” الّتي تصوّر لنا الإرادة الحرّة، تشكّل هذه الجهود عجلات القرار. في “Gimme Shelter”، حذّر ميك جاغر (Mick Jagger) من أنّ الحرب تنشب من طلقة واحدة. في اتّخاذ قرار محكوم “بالانفتاح”، قد تكون الحرب مجرّد رقعة في مكان ما من العجلة. لحسن الحظّ، فإن صانع القرار الّذي يمكنه تشكيل عجلته، ليس تحت رحمة الحظّ تمامًا. ومع قليل من الحظ، قد يتمكّن المرء الحرّ من تكوين عجلته بطريقة معيّنة، تقصي الفرص الّتي يمكن أن تؤدّي به إلى اتّخاذ قرارات سيّئة للغاية.
ألفريد ميل هو أستاذ الفلسفة في جامعة فلوريدا ومؤلّف كتاب “الإرادة الحرّة والحظّ”.