حوار مع البروفيسور رجا حلواني – أجرى الحوار وترجمه: بدر الدين مصطفى

رجاء حلواني: أستاذ الفلسفة في مدرسة الفن بمعهد شيكاغو
– يسعدنا الترحيب بك في منصة معنى الإلكترونية التي تهدف إلى نشر الثقافة والمعرفة في المحيط العربي. في حدود معلوماتي هذا هو الحوار الأول الذي يدور معك عربيًا، و رغم أنك لبناني الأصل والنشأة، إلا أنك لم تكتب بالعربية حتى الآن! لماذا؟ وهل هو موقف من الثقافة العربية؟ هل تشكل تلك الأخيرة عقبة أمام بعض أفكارك؟
ليس لدي بالتأكيد موقفٌ مضادٌ من الثقافة العربية، ومن المؤكد أيضًا أن ليس ثمة حاجز بيني وبينها، بل في الواقع أفخر بالانتماء إليها. أخشى أن تتسبب إجابتي في شعوركم بالملل، لكن إن شئتم يمكنني القول بأن ثمة أسباب ثلاثة لذلك. أولاً، حتى عندما كنت أعيش في بيروت، كان معظم تدريبي الأكاديمي باللغة الإنجليزية (في الجامعة الأمريكية في بيروت). كانت ممارستي للكتابة كلها تقريبًا باللغة الإنجليزية. مع مرور الوقت، فقدت القدرة على الكتابة باللغة العربية بطلاقة ومعها فقدت الشكل المنضبط للكتابة الملتزمة بالقواعد النحوية السليمة للغة العربية الفصحى. ما زلت أتحدث اللهجة اللبنانية بطلاقة، وأنا أقرأ اللغة العربية وأتواصل معها دون أي مشاكل، لكن الكتابة باللغة العربية الفصحى ستجعلني أرتكب الكثير من الأخطاء اللغوية، الأمر الذي سيستغرق مني وقتًا طويلاً لمعالجته. السبب الثاني، هو أن الممارسة الفلسفية الخاصة بي تنتمي إلى التقليد الغربي التحليلي، لذا فإن الكتابة عن ذلك باللغة العربية سيوجب علي دراسة هذا التقليد باللغة العربية أيضًا، حتى أستطيع التحرك بسلاسة بين المفاهيم الإنجليزية ونظيرتها العربية، دون أن يستدعي ذلك قلق لدي بشأن الترجمة الدقيقة. السبب الثالث هو أنني عشت أكثر من نصف حياتي في الولايات المتحدة الأمريكية، وبصفتي باحثًا هناك، من المتوقع والطبيعي أن أكتب إلى جمهور الإنجليزية، ولزملائي الذين يستخدمون اللغة الإنجليزية كلغة، وللطلاب الذين يستخدمون الإنجليزية في دراستهم. لهذا السبب جاءت كل كتاباتي باللغة الإنجليزية.
– العالم يتجه منذ فترة نحو التخصص الدقيق، لكنك تكتب في موضوعات شديدة التنوع، فلسفة الأخلاق، الحب، الجنس، الصراع العربي الإسرائيلي وحقوق الفلسطينين، بالإضافة إلى أن تخصصك الرئيس وهو فلسفة الفن؛ ما العلاقة؟
ليس ثمة رابط بين هذه المواضيع! بل الأمر في حقيقته على خلاف ذلك؛ أتعامل معهم جميعًا من منظور الفلسفة. وهم مثار اهتمامي دون استثناء. منذ صغري والفلسفة معشوقتي. وهناك العديد من المجالات التي تثير شغفي وأجدها رائعة، مثل الفلسفة السياسية، والفلسفة الأخلاقية، وفلسفة الدين، وفلسفة الجنس. أود أن أضيف أن الكتابة حول مواضيع متنوعة لا تعني ضياع التخصص. في واقع الأمر، كلما قررت الكتابة عن واحد من الموضوعات المذكورة أعلاه، فإن ذلك يوجب عليَّ أن أمضي، مثل أي باحث، فترة طويلة من القراءة وتدوين الملاحظات (أسميها “مرحلة الحمل العلمي scholarly gestation”) حتى أتمكن من الكتابة باضطلاع في هذا الموضوع.
– تصنف على أنك أكثر المهتمين حاليُا بموضوع الحب والجنس، وقد ظهرت الترجمة العربية لكتابك فلسفة الحب والجنس والزواج Philosophy of Love, Sex and Marriage، هل ترى أن هذا المثلث بأضلاعه الثلاثة هو الذي يشكل وجودنا في العالم ويرتبط بموضوعات أخرى تتجاوزه؛ الأخلاق والسياسة والفن على سبيل المثال؟
إنني أقل تأكيدًا أو ثقة بشأن الزواج، الذي أراه إلى حد كبير شكل من أشكال التنظيم الاقتصادي والقانوني. لكن الجنس والحب جانبان مهمان للغاية لوجودنا (لكنهما ليس الوحيدان بالطبع). خذ الحب أولاً: إذا ركزت انتباهك فقط على الحب الرومانسي، فكر في مقدار الأدب والسينما والشعر والمسعى الإنساني الهائل الذي كرس له ولا زال. إنه يستدعي جانب كبير من اهتماماتنا، لذا فإن التفكر فيه فلسفيًا هو أمر بالغ الأهمية. إذا أدرجت في مدار الحب أنواعًا أخرى منه، مثل حب الوالدين لطفلهما والعكس، والحب بين الأشقاء، والحب بين الأصدقاء، فمن السهل أن ترى أنه بدون حب لن نكون شيئًا إلى حد كبير. ستفقد الحياة تقريبًا كل معناها. من جهة أخرى يبدو الجنس على قدر كبير من الأهمية أيضًا: فكر في مقدار الوقت والجهد الذي يقضيه الأشخاص (خاصة الشباب) في تهيئة أنفسهم حتى يكونوا موضع جاذبية للآخرين. يسيطر الجنس على سيكولوجيا الكثير من الأشخاص نتيجة التفسيرات التطورية؛ نحن نتاج آليات تطورية تهدف بشكل رئيس إلى التكاثر. لذلك يكون الدافع الجنسي قوي جدًا وممتع بشكل فطري طبيعي. الجنس هو الوسيلة التي نديم بها أنفسنا والتي نُشكل أواصر الحب الرومانسي من خلالها ونحافظ عليه. كما يمكن للدوافع الجنسية المكبوتة، إذا كان فرويد على حق، أن يكون لها تداعيات خطيرة على الأفراد. لذلك نعم، الجنس مهم جدًا. ولأن الجنس والحب مهمان للبشر، فالتفلسف فيهما والنظر إليهما من خلال المنظورات الأخلاقية والسياسية، هما أمران حتميان وضروريان. فليس من المفترض أن يكون ثمة شيء أساسي بالنسبة للإنسانية، كالحب والجنس، ويفلت في النهاية من التدقيق الأخلاقي والسياسي. وبصفة عامة تستدعي الأشياء الأساسية سؤالان: كيف يمكن مقاربتها والتعامل معها بطريقة لائقة (السؤال الأخلاقي)؟ كيف ينظر إليها من وجهة نظر العدالة الاجتماعية (السؤال السياسي)؟ هذا لا يعني إنكار أن ثمة أشياء أخرى أساسية أيضًا: فبدون الفن، ستكون الحياة مملة، بل ومفتقدة للمشاعر، وربما مؤلمة. بدون مؤسسات سياسية عادلة وغير منحازة، سيعيش الناس حياة سيئة. وبدون قواعد اللياقة الأخلاقية، لكنا نحيا حتى الآن في حالة هوبز الطبيعية. لذا فإن الجنس والحب أمران مهمان، لكنهما ليسا بمفردهما الأشياء المهمة الوحيدة (وهو أمر يبدو جليًا).
– هناك حضور لافت للأخلاقي في كتاباتك..لماذا؟
اعتبر أن القواعد الأخلاقية هي أكثر القواعد التي تحكم علاقاتنا مع بعضنا البعض أولية ورسوخًا. وهي التي توجهنا إلى التفكير في الكيفية التي بها نكون ونتصرف في العالم؛ تجاه بعضنا البعض، وتجاه الكائنات الأخرى، وتجاه العالم بشكل عام. إن القواعد الأخلاقية هي النسيج الأساسي لوجودنا الإنساني، وينبغي أن تكون لها الأسبقية على عوامل أخرى (مع بعض الاستثناءات، بطبيعة الحال، بالنسبة لأولئك الأفراد قليلو العدد الذين يتوجب عليهم العمل دون وجود عائق من بشر آخرين، على الرغم من أنهم في حالتهم تلك يجب أن يكونوا حذرين حتى لا يعاملوا الآخرين معاملة سيئة). هذا لا يعني أن الجميع يتصرفون فعليًا على نحو أخلاقي (في الواقع يبدو أن معظم الناس لا يفعلون ذلك)، لكنه يعني أن الأخلاق لها أهمية مطلقة. وبدون ذلك، فإن كل ما نرغب في تحقيقه ونطمح إليه سيتم تلطيخه بوصمة الخطيئة البشرية. ستبدو كافة أشكال التكنولوجيا والتقدم العلمي لدينا مشوهة إذا تصرفنا بشكل سيئ كجنس بشري. في الواقع يميل معظم الفلاسفة إلى الاتفاق حول هذا الرأي. وعلى الرغم من أنهم تعدديون حول القيمة، وبالتالي يقبلون أنواعًا مختلفة من القيم (القيم الأخلاقية والجمالية والاقتصادية والعملية، لتقديم بعض الأمثلة)، إلا أن الكثيرون منهم يميلون نحو الاتفاق على أن القيم الأخلاقية عمومًا أكثر أهمية من القيم الأخرى، وأن لها امتياز التفوق والأسبقية على القيم الأخرى حال تعارضها معها.
– كانت خاتمة كتابك الحب والجنس والزواج صادمة للقارئ؛ أنت تتخذ موقف واضح من الحياة أقرب إلى التشاؤم، تريد أن تتحرر من المشاركة في مسؤولية استمرارها. هل ترى أن الإنجاب عمل غير أخلاقي؟
أجل، إنها تبدو نتيجة متشائمة للغاية! لقد كتب الكثيرون عن الإنجاب وحول مدى أخلاقيته. لا أعتبر نفسي صاحب تفكير متفرّد في هذا القضية، فأنا أتابع ما قام به فلاسفة مثل آرثر شوبنهاور وديفيد بيناتارDavid Benatar (الفيلسوف المعاصر الذي يعيش في جنوب إفريقيا ويقوم بالتدريس فيها). لست متأكدًا مما إذا كان فعل الإنجاب غير أخلاقي. ومع ذلك، فإن جلب شخص ما إلى العالم يشتمل على إمكانية تعريضه لخطر كبير من المعاناة والأذى، بينما إذا لم نجلبه إلى العالم، فلن نحرمه من أي شيء (ليس الأمر كما لو أن الأطفال موجودون في جانب من العالم الآخر يطرقون بواباتنا الإنجابية في انتظار الاستجابة لهم). على الرغم من أن نوعية حياة الناس تختلف اختلافًا كبيرًا من شخص لآخر، إلا أن الجميع يعانون داخل تلك الحياة، ويتعين عليهم مواجهة الموت، الذي يجده معظمهم مرعبًا. هناك أيضًا عدد من الناس يعانون أكثر من غيرهم؛ الفقر، وسوء الحالة الصحية، والحوادث المأساوية في الحياة، وما إلى ذلك. لذلك في كل مرة نجلب فيها طفلًا إلى العالم، نقوم بالمساهمة في وجود كائن من المرجح له أن يعاني. فلماذا نجلبه إلى العالم بينما إن لم نفعل ذلك فنحن لا نحرمه من أي شيء؟ أضف إلى ذلك أن الحالة الراهنة في العالم تبدو بالغة السوء: إن تغير المناخ واقع علينا جميعًا، وسكان العالم يتزايدون بسرعة رهيبة، وهناك العديد من الأطفال الذين يحتاجون إلى منازل لائقة وعيش كريم. يبدو لي من الأنانية تمامًا أن يرغب الناس في التكاثر بينما يمكنهم بدلاً من ذلك تبني طفل ومساعدته على عيش حياة أفضل في عالم متخم فعليًا بالسكان، وسيعاني قريبًا من مشاكل خطيرة تتمثل في نقص الغذاء والماء (ما لم يكن لدينا طفرة تكنولوجية معجزة بمقدورها التغلب على تلك المشاكل). باختصار إذن، إذا نحينا جانبًا الطريقة التي يسير بها العالم حاليًا، فإن جلب أطفال إلى الوجود يعني إخضاعهم دائمًا لمخاطر جسيمة، لذا يبدو تجنب حدوث ذلك هو الخيار الأفضل من الناحية الأخلاقية. وإذا تذكرنا الطريقة التي يسير بها العالم حاليًا، فمن الخطأ جلب طفل إلى العالم بينما يمكننا أن نتبناه بدلاً من ذلك. أعلم أن هذا الرأي يبدو صادمًا بالنسبة للكثيرين، لكنه الحقيقة. وكلما أسرعنا في قبوله والانصات إلى صوت العقل فيه، بدلاً من الخضوع للجانب البيولوجي لدينا، كان ذلك أفضل للجميع.
– أنت من دعاة أخلاق الفضيلة؟ هل يتسق هذا الموقف معها؟
كوني مدافعًا عن أخلاقيات الفضيلة يمكن أن يعني أشياء مختلفة، وأنا مدافع عن تلك الأخلاق بمعنى إيلاء الاهتمام الفلسفي لماهية الفضائل وماذا يعني امتلاكها. فيما يتعلق بامتلاكها، فإن ذلك يعني أن يكون لدى المرء شخصية مستقرة وقوية، وتغمرها الحكمة، والقدرة على اتخاذ القرارات الصحيحة حول الكيفية التي يجب أن نتصرف بها على نحو مناسب، والقدرة على الشعور بالعاطفة الملاءمة للموقف الذي نكون فيه، وأيضًا القدرة على فهم العالم وتقييمه بالطرق الصحيحة. أما السؤال الآخر فيتعلق بماهية الفضائل على النحو الذي تكونه. وهنا، ناقش عدد قليل من الفلاسفة هذا السؤال، مع ذهاب العديد منهم، على سبيل المثال، إلى إن الفضائل الكلاسيكية أو التقليدية (مثل الشجاعة والاعتدال والعدالة والأمانة)، في ظل أوضاع غياب العدالة والقمع، ليست كافية وتحتاج إلى أن تستكمل من قبل فضائل أخرى (على الرغم من أنني لست مقتنعًا بتلك الآراء).
في عملي الخاص، كتبت كثيرًا عن فضيلة الاعتدال؛ الفضيلة التي تتحكم في رغبات الطعام والشراب والجنس والشهوة الجسدية بشكل عام. لكن المشكلة فيما يتعلق بإنجاب الأطفال هي: هل هناك أي فضائل تخبرنا بطريقة أو بأخرى هل ننجب أم لا؟ لا أعتقد في وجود مثل تلك الفضائل. العدالة، على سبيل المثال، لا تتطلب أن يكون لدينا أطفال، ولا الشجاعة أو غيرها من الفضائل. (ومع ذلك، فأنا على ثقة بأن أي من الفضائل السابقة يمكن تعديلها لتقديم استنتاج مفاده أهمية إنجابنا للأطفال؛ على سبيل المثال، يمكن لأي شخص أن يجادل بأن الشجاعة تقتضي أن ننجب أطفالاً ونتحمل مسؤولية هذا الفعل، لمواجهة الحياة بكل ما فيها من أفراح وأتراح. وقد أخبرني أحد الأصدقاء ذات مرة أن إنجاب الأطفال يجعلنا أكثر حكمة.) من ناحية أخرى، لدي اعتقاد بأن ثمة فضائل تشير إلى أنه لا ينبغي أن نسعى نحو إنجاب الأطفال: إن فضيلة التعاطف مع معاناة أولئك الذين سوف يولدون هي إحدى تلك الفضائل. كما تخبرنا فضيلة العدالة (والرحمة) تجاه أولئك الأطفال المشردين في العالم أنه إذا كان لدينا القدرة على تربية طفل، فإنه يتوجب علينا أن نختار التبني بدلاً من الإنجاب. قد تشير فضيلة الحكمة أيضًا إلى أنه في عالم يمتلئ بالمعاناة، فإن المسار الأفضل للفعل لا يتوجب في السعي نحو جلب أفراد جُدد إليه. أنا متأكد من أن الناس سوف يعارضون ذلك ويحاولون التوصل لفضائل تدعم رغبتهم في الإنجاب. غير أن فكرتي هنا أكثر تواضعًا من إقناعهم بعكس ذلك؛ فكرتي في الأساس أن كوني ضد الإنجاب وكوني داعيًا لأخلاق الفضيلة يتوافقان مع بعضهما البعض- يمكن أن يكون كلاهما صحيحًا؛ لا يوجد أي تناقض بينهما.
– رصدت في كتاباتك أشكال عديدة من علاقات الحب والزواج تختلف ثقافيًا من مجتمع لآخر؛ هل تؤمن بالخصوصية الثقافية في تناول مثل هذه الأمور؟ ما يتناسب مع المجتمع الغربي قد لا يتناسب مع المجتمع العربي مثلًا؟ أم أنك تؤمن بعولمة مثل تلك القضايا؟
من المؤكد أن هناك طابع عالمي كلي للحب والرغبة الجنسية. نمتلك الرغبة الجنسية بحكم بيولوجيتنا، كما أن الحب (بما يشمله من حب رومانسي وأشكال أخرى) موجود في كافة المجتمعات؛ القديمة والحديثة. ولكن الطريقة التي يتم التعبير بها عنها تختلف بوضوح من مجتمع إلى آخر، وتلك الاختلافات متوقعة وصحية وجيدة. ولكن يجب أن نكون حذرين أيضًا في أهمية ألا ننظر إلى كافة الاختلافات على أنها تقف جميعًا من الناحية الأخلاقية على قدم المساواة. إذا كان هناك مجتمع، على سبيل المثال، يحقر من الرغبة الجنسية للمرأة، فسيكون ذلك شأنًا يتوجب انتقاده ورفضه، لأن الرجل والمرأة متساويان في هذا الحق. لذا تعتمد إجابة السؤال على شيئين. أولاً، يعتمد الأمر على ما إذا كنا نتحدث عن الجنس والحب من ناحية جوهرهما؛ مما يجعلهما عالميان وعابران للثقافة، أو على الطريقة التي يُعبر بها عنهما، مما يظهر اختلافًا ثقافيًا بين المجتمعات في تمثيلهما. ثانيًا، يعتمد الأمر على ما إذا كنا نصف الاختلافات بين الثقافات المختلفة أو ما إذا كنا نقيّمها أخلاقيًا. إذا كنا نقيمها، فلن تفلت بعض الثقافات، الماضية أو الحالية، من التدقيق النقدي، خاصة فيما يتعلق بالتمييز ضد المرأة وضد الأقليات الجنسية.
– كيف ترى العالم الآن؟ إلى أين يتجه؟
لا أحب عادةً الإدلاء بتصريحات حول المستقبل، لذلك لست متأكدًا من قدرتي على الإجابة عن هذا السؤال. أعلم أننا أحرزنا تقدمًا أخلاقيًا على بعض المستويات: تنتشر القناعات والمعتقدات في مجال حقوق الإنسان اليوم على نطاق واسع، ولا نعتقد، في إمكانية عودة بعض أنماط الهيمنة الطبيعية القديمة (كما في العبودية، على سبيل المثال). ونؤمن بالمساواة الأساسية لجميع البشر. لكن هذا التقدم هو في الأساس على المستويين الفكري والقانوني، ولست متأكدًا من المدى الأخلاقي الذي أحرزه البشر على المستوى النفسي، كأفراد ومجموعات؛ وكموجودات اجتماعية وفردية. من الناحية الفردية، لا تزال الرذائل البشرية ذاتها التي طالما عانينا منها في الماضي: الجشع والحسد والغيرة والغباء والأنانية والحمق وحب الذات والغطرسة والثقة المفرطة والطموح الجامح والتمركز حول الذات والجهل والافتقار إلى التفكير المستقل، وهلم جرًا. من الناحية الجماعية، لا يزال هناك العديد من المجتمعات والبلدان التي تتشابه في ذهنيتها، فتحظر مناقشة مواضيع معينة لأنها تجدها “مسيئة” أو “مُهينة للدين”، كما لو أن الله يريدنا أن نضع قيودًا على عقولنا!. في الغرب، نشهد أسوأ أشكال سياسات الهوية التي تأكلنا أحياء من الداخل. في الشرق وفي الغرب، تتحصن المجموعات خلف متاريس ثقافاتها اتقاء النقد، كما لو أن الثقافات لابد أن تظل معصومة وتشكل دومًا موجهات أخلاقية صائبة.
والأهم من ذلك، أن البشر في يومنا هذا، على المستوى الجماعي والفردي، يسلكون مسلكًا لا عقلاني كما كانوا دائمًا، وهذا أمر أجده مُحبطًا تمامًا. هذا لا يقدم لي الكثير من الأمل بشأن إمكانية أن يسير العالم على نحو أفضل، خلال الفترة القادمة. هل هناك تقدم أخلاقي على المستويين الفكري والقانوني؟ نعم. هل هناك تقدم على المستويين العملي والنفسي؟ ليس كثيرًا، وبالتأكيد ليس كافيًا تقريبًا.
– ننتقل إلى دائرة تخصصك الرئيس؛ فلسفة الفن..هناك دعاوى منتشرة عن موت الفن؛ بمعنى غياب الحدود الفاصلة بين الفني واللافني! ماذا تقول لطلابك في هذه المسألة؟ وكيف ترى مفهوم الجمال في ظل قيم الليبرالية الجديدة؟
مسألة طمس الحدود بين الفني وغير الفني هي مسألة مختلفة تمامًا عن قضية الجمال، ويمكن فصل كل واحدة عن الأخرى ومعالجتها بشكل مستقل. فيما يتعلق بالأولى، أعتقد أن الحدود لا يمكن محوها أبدًا. مادمنا نعتقد أن هناك أشياء أو أحداث في هذا العالم تمثل فنًا، فسوف نتعامل معها دائمًا بطريقة معينة، وبشكل ما محدد، مع مسافة معينة (يُطلق عليها “المسافة الجمالية”)، بغض النظر عن مدى اقتراب العمل الفني من محاكاة حدث حقيقي أم لا. إذا ذهبت إلى المشاركة في عمل أدائي ما مع مجموعة من الأشخاص يجلسون حول طاولة يتقاسمون عليها وجبة من الطعام، فإن موقفك من هذا الحدث والطريقة التي تنسجم بها ذاتك معه، وكذا التي تشعر بها، وما إلى ذلك، سوف تتأثر بمعرفة أنك جزء من هذا العمل الأدائي. الطريقة الوحيدة لمحو الحدود هي التوقف عن التفكير في الفن كشيء مستقل عن الأشياء الأخرى؛ أن تجلب نفسك حقًا إلى الاعتقاد بأن كافة القطع الفنية على اختلافها هي محض أشياء عادية، وهو اعتقاد لا أرى أنه يشكل جزء من قناعات أي شخص قريبًا.
في محاضراتي عن فلسفة الفن، أناقش مع طلابي مفهوم الجمال beauty والجمالية aesthetic. هناك شك عام في هذه المفاهيم ينبع من بعض القناعات التي ترسخت في مرحلة ما بعد الحداثة؛ النسبية، وذاتية القيم، ورفض المعايير الغربية للجمال. لكن بالطبع حتى لو كان من الصعب علينا تحديد الجمال، فإن هذا لا يعني أنه غير موجود، وحتى لو تباينت الثقافات المختلفة في تصوراتها للأشياء الجميلة، فهذا لا يعني أن الثقافات لا تجد الجمال في بعض الأشياء أو تتمسك بضرورته. في صفي الدراسي، أطلب من طلابي قراءة مقالات عن العلاقات بين الفن والجمالية، وكذا المقالات التي تستكشف الروابط بينهما، وبعضها يؤكد على أهمية الجمال والجمالية للفن. في النهاية، إذا كان الفن، كما جادل الفيلسوف ريتشارد شوسترمانRichard Shusterman ذات مرة، قد انفصل تمامًا عن الجمالية، فماذا سيكون الهدف من ذلك؟ هل نحن بحاجة إلى أن يتحول الفنانون إلى الاستغراق في الحالة السياسية للعالم؟ لدينا معلقون سياسيون وعلماء وصحفيون وفلاسفة للقيام بذلك. إذا أراد الفنانون التعليق على العالم، فدعهم يفعلون ذلك على نحو جمالي، ومن خلال الجميل. أخشى أن يكون الجمهور قد فقد اتصاله بالكثير من الفن المعاصر، وأن ذلك قد حدث على وجه التحديد لأن الكثير من الفن المعاصر قد تخلى عن الجمالية. غير أن البشر سيكونون دائمًا منشغلين بالجمال ومنجذبين إليه. في الواقع، هناك دليل على أن اهتمامنا بالجمال هو مسألة وثيقة الصلة بالبيولوجيا. وهناك أدلة على أن الحيوانات أيضًا تستمتع بالجمال الطبيعي. (دعوني أقدم مثال تعليمي حتى لو كان يحمل قدر من البساطة: قطي أليف أرماندو Aleef Armando، يحب الجلوس وشم الزهور التي أحضرها إلى المنزل. إنه يقفز على طاولة الطعام، وهو ما لا يفعله أبدًا إلا في حال وجود الزهور عليها؛ حتى يتمكن من الجلوس بجانبها والاستمتاع بشم رائحتها!) لهذا إذا كان الفن يتخلى عن الجمال، فإنه يفعل ذلك على حسابه الخاص.
– هل ثمة علاقة بين الجمالي والأخلاقي؟
هذه قضية نوقشت على نحو واسع في فلسفة الفن. أعتقد أن ثمة علاقة، لكن يجب علينا أيضًا توخي الحذر في فهمنا لها: هل هي سببية أم مفاهيمية أم تأسيسية؟ علينا أيضًا أن نكون واضحين بشأن أطراف تلك العلاقة: هل هي ضمن حدود عمل فني؟ هل هي بين العمل فني والجمهور؟ مع الفنان بينما يصنع العمل الفني؟ أخيرًا، علينا أن نسأل عن حدود تلك العلاقة.
وللتوضيح، فإنني أشك في وجود أي علاقات ذات معنى بين الفن والناس؛ إذا كان ذلك يعني أن الفن يمكن أن يجعل الناس أفضل من الناحية الأخلاقية أو أسوأ. هذا لأن كيفية تفاعل الأفراد مع الأعمال الفنية يعتمد على شخصياتهم وسماتهم الفردية وعلى كيفية تفسيرهم للعمل الفني. وحتى إذا كانت الأعمال الفنية يمكن أن تؤثر على الناس بطريقة ما، فمن غير الواضح أن هناك علاقة نسب مباشرة بين الفن الجيد ( من الناحية الجمالية) والتحسين الأخلاقي. نعلم أنه كلما كان العمل الفني أقل في جودته، كلما كان تأثيرة الإيجابي من الناحية الأخلاقية أكثر. على سبيل المثال، تخيل عملًا فنيًا معاصرًا يهدف إلى الإدلاء بتصريح سياسي ما، لكنه غارق في إشارات من النوع الشخصي والفني بحيث يتطلب شخصًا متبحرًا في تاريخ الفن والنقد لتفسيره بشكل صحيح. من المرجح أن يفقد معناها معظم الناس. الآن تخيل رواية مكتوبة بأبسط الطرق (ليس من الناحية الأسلوبية، ولكن نتيجة نقص الموهبة) غير أن قصتها جذابة للكثير من الناس. سيقرأونها وقد يتحسنوا أخلاقيًا بسببها إذا كانت تحمل جانبًا أخلاقيًا. وبالتالي فإن العلاقات السببية بين الفن وآثاره الأخلاقية على الناس غير واضحة إلى حد ما.
أعتقد، مع بعض الفلاسفة الآخرين، أن هناك علاقات بين الجوانب الجمالية والأخلاقية في الأعمال الفنية. بعض الأنواع الفنية لن تكون كما هي إذا لم تكن لها خصائص أخلاقية معينة. إذا لم يكن بطل الدراما خيرًا من الناحية الأخلاقية أو معصومًا من الخطأ، لما كانت التراجيديا اليونانية (القديمة). الأهم من ذلك، وكما جادل بعض الفلاسفة، عندما تقدم الأعمال الفنية وجهة نظرها الأخلاقية الخاصة حول موضوع ما، يمكن أن يؤثر ذلك على تقييمها الجمالي العام. على سبيل المثال، إذا كان العمل الفني يدافع أو يدعم الرأي القائل بأن بعض المجموعات الأشخاص تستحق معاملة أقل مما يستحقه الإنسان (لأنها، على سبيل المثال، تمتلك أصولًا عرقية ما)، فإن هذا العمل الفني قد يكون أسوأ من الناحية الجمالية نتيجة هذا الرأي الأخلاقي الذي يطرحه. إذا كانت تلك النظرية، التي تسمى في الأدبيات الفلسفية “النزعة الأخلاقية ethicism” كما يسميها بيريس غوت Bery Gaut أو “الأخلاقية المعتدلة moderate moralism” كما يفضل نويل كارول Noël Carroll تسميتها، صحيحة، فعندئذ يمكن للأعمال الفنية أن تكون أفضل من الناحية الجمالية أو أسوأ نتيجة ما تقدمه من رؤى أخلاقية أو ما تدعمه من قيم. تكمن المشكلة في أن هذا الادعاء يبدو أنه يواجه أمثلة معاكسة: يمكننا أن نتخيل أعمالًا فنية رائعة من الناحية الجمالية على الرغم من أنها تدعم وجهة نظر غير أخلاقية، بحيث لا يفضي ما تحمله من رؤى لا أخلاقية إلى تراجع قيمتها الجمالية (لا تؤثر عليه). لذلك من غير الواضح كيفية التوصل إلى حجة سليمة لتلك الدعوى.
حتى لو كانت النظرية صحيحة، ستكون محدودة. بعض الأعمال الفنية لا تعالج قضايا أخلاقية، وجمال الطبيعة غير أخلاقي (على الرغم من أن جانب من قبحها قد يكون بالفعل أخلاقيًا: فالحيوانات التي تأكل بعضها بعضًا تجسد مشهدًا مرعبًا، وهي مرعبة على الأقل جزئيًا نتيجة ما يترتب عليها من أذى؛ كون الفريسة تعاني). إضافة إلى هذا، تثير العديد من الأعمال الفنية أسئلة أخلاقية بدلاً من الإجابة عنها، وفي هذه الحالة لا يمكن تطبيق المعيار الأخلاقي. ومع ذلك، هناك حجة يجب طرحها مؤداها أن الأعمال الفنية الجيدة عمومًا والتي تثير أسئلة أخلاقية، هي في الواقع أكثر قيمة من الناحية الجمالية من الأعمال الفنية الجيدة التي لا تفعل ذلك، فقط إذا كانت الأسئلة الأخلاقية قريبة جدًا من الحالة الإنسانية والقضايا المتعلقة بالطبيعة البشرية، فإن الأعمال الفنية التي تتعامل مع تلك المسائل (والتي تمثل غالبية الأعمال الفنية) ستكون بالتالي أكثر ثقلًا وأهمية وربما أكثر قيمة.
في هذا السياق، جادلت الفيلسوفة كارولين كورسمير Carolyn Korsmeyer جيدًا في مقال فكرته تتمحور حول أن ما يميز الجميل beautiful عن الحسن pretty هو الموضوع على وجه التحديد: يتعامل الجميل مع موضوعات عميقة، في حين أن الحسن لا يفعل: خلفية أو لوحة مكونة من زهرة جميلة تكون حسنة، ولكن لن ينطبق الوصف ذاته على لوحة تجسد الموت ومنفذة ببراعة (على سبيل المثال، بعض “اللوحات السوداء black paintings” الخاصة بغويا Goya أو كما يطلق عليها بالإسبانية pinturas negras)، والتي ستكون بالتأكيد جميلة. في الفن، يمتزج الجمال بالقضايا العميقة. تقدم كورسمير مثالاً مثيرًا للتفكير يتعلق باختيار مايكل كاكويانيس Cacoyannis مخرج فيلم نساء طروادة (1971) لإيرين باباس للقيام بدور هيلين الطرواديةHelen of Troy[1]، مدعية بأنه ليس ثمة جمال من النوع الذي نجده على أغلفة المجلات، حتى لو كان مذهلاً، بمقدوره التعامل مع ثقل شخصية تاريخية كهيلين. يجب أن يكون جمالها شرسًا، وقويًا، ومتحديًا.
– ماذا عن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي؟
كان الصراع الإسرائيلي الفلسطيني دائمًا عالقًا بشؤون عربية أخرى، ولا سيما في حاجة الفلسطينيين إلى الدعم العربي لقضيتهم؛ وهو الدعم الذي ظل في حاجة إلى المزيد دائمًا. حتى أولئك الذين يدعمون نظام بشار الأسد اليوم وهم على قناعة بأنه مؤيد للفلسطينيين يتناسون أن والده كان على شفا إحراز صفقة مع إسرائيل، وهي صفقة لم تكلل بالنجاح لوجود خلاف لم يحسم أمره حول قضية المياه في بحيرة طبريا. في الواقع استمر الدعم العربي للفلسطينيين لفترة وجيزة بعد عام 1948، وأثناء فترة رئاسة عبد الناصر. أما الدول العربية التي أبرمت معاهدات سلام مع إسرائيل، فقد فعلتها دون اعتبار كبير للفلسطينيين. والآن تبدو الأمور بالغة الحساسية. فقد أقدمت إدارة ترامب أيضًا على فعل أشياء مهمة (نقل السفارة، وتصريحها حول المستوطنات) والتي، كما هو متوقع، لن يحدث فيها أي تغيير حتى مع قدوم رئيس أمريكي جديد لأنه من الصعب جدًا على أي رئيس أمريكي أن يتصرف بطرق يُنظر إليها على أنها معادية لإسرائيل. يبدو أن الفلسطينيون في أحلك ساعاتهم الآن. ربما سيكونون محظوظين إذا امتلكوا دولة حتى لو كانت مجزأة. إن حدسي هو أن إسرائيل تريد تقليص وجودهم إلى وضع مماثل لذلك الذي حدث مع الأمريكيين الأصليين (الهنود الحمر) داخل الولايات المتحدة: مجزأة، مع سلطة سياسية محدودة، ومعتمدة من الناحية الاقتصادية على إسرائيل ودول أخرى. وحقيقة أن الوضع العربي يمر بفترة عصيبة، سيجعل الفرصة سانحة أمام إسرائيل للقيام بذلك.
– كتبت أيضًا عن حقوق الحيوان كما أنك من أصحاب النشاط البارز في مناهضة الحروب والدعوة إلى السلام؛ هل أنت من أصحاب التصورات الحالمة للعالم؟
أنا بالطبع شخص مناهض للحرب، لكني لا أعتبر نفسي مناهضًا بإطلاق؛ إذا كان هذا الأخير يعني أن العنف لا مبرر له على الإطلاق. هناك العديد من الحالات التي يكون فيها اللجوء إلى الحرب مبررًا، مثل الحالات التي يحدث فيها ظلم جسيم يتوجب إيقافه. هكذا أنا، مثل معظم الناس، أكره الحروب وأراها على ما هي عليه؛ مدمرة وبشعة، لهذا ينبغي أن تكون الملاذ الأخير. لكنها للأسف ضرورية في بعض الأحيان.
ليس لدي في الواقع أي تصورات حالمة حول العالم. إن أكثر ما يمكن تحقيقه حال وضع الطبيعة البشرية في حسباننا، هو حالة تتعامل فيها الدول مع بعضها البعض بشكل عادل وبطريقة مدنية، وتتعاون في القضايا العالمية الرئيسة؛ مثل الغذاء والمياه، والسيطرة على الأمراض، وتخفيض الميزانيات العسكرية لتجنب الحروب المدمرة على نطاق واسع. أرى أيضًا أن هناك الكثير والكثير من الناس، معظمهم في العالم الغربي في الوقت الحالي، بدأوا ينظرون إلى علاقتنا بالحيوانات بشكل مختلف؛ بمزيد من التعاطف، مع وعيٍ متنام بأنهم ليسوا متاحين للاستخدام بالطريقة ذاتها التي نستخدم بها المطرقة والمسمار. لذلك آمل أن توافق البلدان، كجزء من التعاون العالمي، على تقليل استهلاكها للمنتجات الحيوانية، وحظر استخدام الحيوانات للترفيه، وحظر المنتجات الحيوانية التي يتم الحصول عليها لمجرد إرضاء جشعنا (على سبيل المثال، العاج) أو تجاوبًا مع بعض الخرافات (على سبيل المثال، أن الأعضاء الجنسية للنمور لها قوى مضاعفة للشهوة الجنسية).
– على ماذا تعمل الآن؟
لقد انتهيت للتو من كتابة مقالين، أحدهما عن حق العودة الفلسطيني والآخر عن فضيلة الاعتدال وأكل اللحم. أشارك حاليًا (على مراحل مختلفة) في كتابة مقالات متنوعة: واحدة عن التمييز بين الميول الجنسية والتفضيلات الجنسية، وواحد عن العلاقة بين فضيلة الاعتدال والتشيؤ الكانطيان، ومقال آخر عن الحب الرومانسي بوصفه عاطفة أخلاقية، وواحد على العلاقة بين الرغبة الجنسية والمتعة الجنسية. سأبدأ قريبًا كتابًا عن فضيلة الاعتدال، كما يفهمها الأرسطيين المعاصرين، على الرغم من أنه من المحتمل أن يحتوي على فصل يوضح آراء بعض الفلاسفة الآخرين. بالطبع ، أواصل النشر على مدونتي، وإذا كان القراء مهتمين بالتواصل معها فيمكنهم متابعتها على: (http://rajasmusingsconfusings.blogspot.com/)
ننتظر مقالتك القادمة على منصة معنى؛ ماذا سيكون موضوعها؟
ستحمل المقالة التالية عنوان “القيمة المُلطفة للفن”. أخصصها لمناقشة واحدة من القيم الذرائعية للفن، والمتمثلة في قدراته التلطيفية، وأهميتها. بالنسة للمقالات المستقبلية،أفكر في كتابة شيء عن الحيوانات وعلاقتنا بها. أو أستطيع أن أكتب شيئًا عن الانتحار والكرامة.
كل الشكر للبروفيسور رجا حلواني على هذا الحوار.
[1] هيلين في إلياذة هوميروس هي أجمل نساء الأرض قاطبة. خطب ودها جميع ملوك الإغريق وتسابقو للفوز بقلبها، إلى أن اختارت منيلاوس زوجًا لها، ولكنها وقعت في غرام باريس بسبب سحر آلهة الجمال عند الإغريق، عندما كان في ضيافة زوجها. وقد اختارت الفرار معه إلى طروادة، متسببة باندلاع حرب لمدة 11 سنة انتهت بسقوط طروادة ومقتل ملكها بريام وأميرها. غير أن هيلين استطاعت الفرار من باريس بعد انتهاء سحر فينوس، وعادت إلى زوجها منيلاوس ولم ينجبا إلاّ ابنة واحدة هي هرميون. المترجم