مقالات

ما هو الامتياز؟ – رجا حلواني

ترجمة: بدر مصطفى

لتحميل المقالة بصيغة pdf: ما هو الامتياز – منصة معنى

اعتدنا في السنوات الأخيرة، على سماع أنواع مختلفة من الامتيازات، التي يتمتع بها الناس، مثل: امتياز  الأبيض، والامتياز الذكوري، وامتياز المغايرين جنسيًا (heterosexual). ويحث الناس الآن مَن يملكون امتيازًا، على “مراقبة” امتيازهم (checking privilege)، على الرغم من أن ما يعنيه هذا الأمر ليس واضحًا تمام الوضوح([1]). بيد أننا قبل أن نتمكن حتى من مناقشة ما يعنيه “مراقبة الامتياز”، نحتاج إلى فكرة وافية عمّا يعنيه مفهوم الامتياز نفسه.

سأتناول في هذا المقال ما أعده تعريفًا ملائمًا لـ”الامتياز”، وهو تعريف يتماشى مع كيفية استخدام هذا المفهوم، والغرض من استخدامه. وسأناقش كذلك وجهة نظري، التي أزعم فيها أن المفهوم لا يشير إلى أي ظواهر جديدة، أو يقوم بأي دور توضيحي مهم، في ما يتعلق بقضايا العدالة الاجتماعية. كما سأبرهن على أن مفهوم الامتياز رغم إمكانية استخدامه لزيادة وعي المرء بموقفه تجاه مختلف القضايا الاجتماعية -رغم توافر مفاهيم أخرى أيضًا يمكنها تحقيق الغرض نفسه- إلا أن استخدام مفهوم الامتياز من قِبل أطراف ثالثة، على سبيل المثال، لحث أحد الأشخاص على مراقبة امتيازه، هو من الأمور التي من الأفضل تجنبها.

تعريف الامتياز

1- أيًا ما كان معنى الامتياز، فإن من يستخدمون هذا المفهوم، غالبًا ما يفكرون في مجموعات بعينها من الأشخاص، ممن يملكون امتيازًا معينًا. على سبيل المثال، المجموعات التي يُعتقد أنها تتمتع بأكبر امتياز، هي: مجموعات البيض، أو المغايرين جنسيًا، أو من غير المعاقين، أو الطبقة الوسطى، أو الأغنياء من غير العابرين جنسيًا (cismen)([2]) (على الرغم من أن السن هنا غير محددة).

إذا كان ثمة شخص ينتمي إلى إحدى المجموعات المتقدمة، فهو في قمة هرم الامتياز، إذا جاز التعبير. تأتي بعد ذلك النساء البيض، أو المغايرات جنسيًا، أو من غير ذوي الإعاقة، أو  من الطبقة المتوسطة، أو الأغنياء من غير العابرات جنسيًا (ciswomen)، وهلم جرًا.

في هذا الصدد، لا يُقصد بمفهوم الامتياز، أن يكون قاصرًا على أي مجموعة يمتلك أعضاؤها امتيازًا. على سبيل المثال، يتمتع الشباب بمزايا هذه المرحلة العمرية؛ لذا فإن الانتماء إلى مجموعة “الشباب” هو امتياز من نوع ما، (النشاط والتفاؤل وخفة الحركة، وغير ذلك)، بيد أن هذا الشكل من الامتياز، ليس هو نوع الامتياز المقصود من هذا المفهوم؛ لأن الجماعات المميزة يجب أن تكون مرتبطة بقضايا العدالة الاجتماعية، وكونك شابًا، أو كبيرًا في السن، لا علاقة له بذلك. وبدلاً من ذلك، فإن الجماعات المميزة، هي تلك التي استفادت من بنية أو نظام اجتماعي غير عادل، مثل التحيز الجنسي، والعنصرية، ورُهاب المثلية الجنسية، ورُهاب الإعاقة (able-ism)([3]).

2- إضافة إلى ما تقدم، فإن الامتياز المعني هنا، يكون في الغالب اجتماعي وسياسي، وليس قانونيًا أو حتى اقتصاديًا، على الرغم من أن امتلاك امتياز اجتماعي، أو غيابه يمكن أن يكون له، وعادةً ما يكون له، عواقب اقتصادية أو يكون نتيجة لأسباب اقتصادية. هذا لا يعني إنكار أن بعض المجموعات في الماضي، كانت تتمتع بامتيازات قانونية، في حين لم يكن لدى مجموعات أخرى هذا الامتياز (على سبيل المثال، كان الزواج من الجنس الآخر فقط هو الزواج القانوني)، لكن التركيز على مفهوم الامتياز يكون اجتماعيًا وسياسيًا، كما سنرى في الأمثلة أدناه.

3- نظرًا لأن الفرد قد ينتمي إلى مجموعات مميزة مختلفة (على سبيل المثال، البيض المغايرون جنسيًا)([4])، فإن الامتياز يكون متعدد الجوانب. كلما زاد عدد المجموعات التي تتمتع بامتياز ينتمي المرء إليه، زاد امتياز المجموعة. في هذا الصدد، يمكن أن يتمتع بعض الناس (على سبيل المثال، الرجال البيض المغايرون جنسيًا) بامتيازات أكثر من الآخرين (مثل الرجال البيض المثليين)، اعتمادًا على المجموعات التي ينتمون إليها.

4- كما يهدف مفهوم الامتياز أيضًا، إلى أن يكون عامًا واجتماعيًا، وغير مقتصر على سياقات معينة. على سبيل المثال، حتى لو كان لاعبو كرة السلة من ذوي البشرة السوداء، قد يتمتعون بمزايا أكثر من لاعبي كرة السلة البيض، في سياق الدوري الأمريكي للمحترفين([5])، إلا أنه ما يزال لاعبو كرة السلة من ذوي البشرة السوداء، يفتقرون إلى الامتيازات الاجتماعية العامة؛ بوصفهم سودًا (قد تخفف شهرتهم ونجوميتهم من تأثير عدم امتلاكهم امتيازًا، ومع ذلك لا ينتقص هذا من فكرة افتقارهم للامتياز نتيجة كونهم سودًا). ومن ثم فإن أولئك الذين يعتقدون أن اللاعبين السود يمتلكون امتيازًا ما، في سياق الدوري الأمريكي للمحترفين في كرة السلة؛ قد يسيئون استخدام مفهوم الامتياز بالمعنى المقصود([6]). في الواقع، لمّا كان كل واحد منا ينتمي بلا شك إلى إحدى المجموعات التي تتمتع بمزايا، فسيكون لكلٍ منا امتياز في بعض النواحي. ولكن من نافلة القول إن هذه الفكرة ليست الفكرة الكامنة وراء هذا المفهوم. دعونا نؤكد مرة أخرى: يجب أن يرتبط مفهوم امتلاك الامتياز أو افتقاده، بالجماعات في علاقتها بقضايا العدالة الاجتماعية وغيابها.

مع وضع هذه المحددات الأربعة في الحسبان، دعنا نتساءل عمّا يعنيه الادعاء أن أحد الأشخاص يتمتع بامتياز. في مقال بعنوان “الامتياز الأبيض: تفريغ الحقيبة غير المرئية”([7])، صرّحت بيجي ماكينتوش (Peggy McIntosh) قائلة: “لقد جئت لأرى الامتياز الأبيض، بوصفه حزمة غير مرئية من الأصول غير المكتسبة، التي يمكنني الاعتماد عليها يوميًا، ولكننا نبقى غافلين عنها”. تقدم بيجي قائمة تضم خمسين مثالًا، مثل الذهاب للتسوق دون تعقُّب أو مضايقة (على الأرجح من قبل أمن المتجر)، وأن أطفالها سيحصلون على مقررات دراسية “تشهد على وجود عرقهم”، وأنها يمكنها الاعتماد على لون بشرتها، و”عدم الاعتماد على مظهر الجدارة المالية”، وأنها يمكنها التحدث علنًا، إلى مجموعة من الذكور الأقوياء، دون “محاكمة عرقها”، وأنها “لن يُطلب منها أبدًا، التحدث نيابةً عن جميع الأشخاص في مجموعتها العرقية”، وأنها يمكنها أن تتوقع أن ترى أشخاصًا من عرقها، يُمثَّلون على التلفاز وفي كتب التاريخ، ويمكنها السفر دون أن تتوقع التعرُّض لتجربة كراهية ممن يتعاملون معها، وأنها “ستشعر بالترحيب وبأنها “طبيعية”، في المسارات المعتادة للحياة العامة والمؤسسية والاجتماعية”.

توضح أمثلة ماكينتوش الخمسين أربعة أنواع من الامتياز([8]). يتمثل النمط الأول، والأكثر انتشارًا، في السهولة التي يمكن لأصحاب البشرة البيضاء التحرك بها داخل العالم وحوله، على الأقل مقارنةً بالأشخاص من غير ذوي البشرة البيضاء (الأمثلة أرقام 4، 5، 10*، 13، 16، 17، 18، 19، 20، 21، 23*، 25، 27، 30، 33، 34، 35، 39، 40، 41، 42، 43، 47، 48، 50)([9]). أما النمط الثاني من الامتيازات، فيتمثل في مسألة سهولة توافر الموارد غير المتوفرة للأشخاص البيض، أو غير المتوفرة بسهولة، لغير البيض (الأمثلة أرقام 3، 8، 9 *، 14، 24، 37، 38، 44، 46، 49). لمعرفة الفارق بين الاثنين، ضع في اعتبارك شخصًا أبيض يذهب إلى متجر، ويعامله صرّاف المتجر أو العاملون به بلياقة وأدب. لا يتعلق الأمر بتوافر الموارد، بل يتعلق بالتنقل بسهولة في العالم وحوله، دون مواجهة عقبات غير ضرورية. وغياب ثقافتك أو عرقك (إذا لم تكن أبيض اللون) من المقررات الدراسية؛ مثال على عدم توافر الموارد.

النمط الثالث من الامتيازات هو العثور على أشخاص من عرق المرء نفسه ممثَّلين في مجالات مختلفة، مثل الإعلام أو المقررات الدراسية (الأمثلة أرقام 6، 7، 12، 24، 26، 45). أما  النمط الرابع فيتمثل في الأعباء الإضافية، التي لا يضطر أصحاب الامتياز إلى تحملها، نتيجة لهويتهم أو ما يقولونه أو يفعلونه (الأمثلة أرقام 15، 21، 28*، 29، 31، 32، 36، 40، 42). على سبيل المثال، المثال رقم 15، الذي يدور حول عدم الاضطرار إلى توعية الأطفال بشأن العنصرية التي قد يتعرضون لها، لحمايتهم البدنية يوميًا، ما يشير إلى عبء إضافي على كاهل الأشخاص غير البيض، الذين يتعيّن عليهم تعليم أطفالهم هذا الأمر. وكما هو واضح، يختلف هذا النمط الرابع عن الثلاثة الآخرين.

تتضمن “حزمة الأصول غير المكتسبة”، التي تشير إليها ماكينتوش، الأنماط الأربعة المذكورة أعلاه. الحزمة غير مرئية وغير مكتسبة أيضًا، والشخص الذي يمتلكها ” يُفترض” أن يكون غافلًا عنها. ماذا يعني هذا؟ يعني أن الحزمة غير مرئية؛ لأن الأشخاص الذين يمتلكونها، لا يكونون في الغالب على دراية أو وعي بها. علاوة على ذلك، ليس “من المفترض” أن يكونوا على علم بذلك.

تضع ماكينتوش كلمة “يقصد” بين علامتي تنصيص؛ للإشارة، على الأرجح، إلى أنه على الرغم من عدم وجود شخص حقيقي يقصد ألا يكون الأشخاص الذين يتمتعون بامتياز على دراية بحزمة الامتيازات؛ فإن النظام “أُعِدَّ” أو تطور بطريقة تجعل هذه الامتيازات غير مرئية قدر الإمكان، لأولئك الذين يمتلكونها. الحزم غير مكتسبة، لأن اللون الأبيض لا يخوّل للمرء أي شيء. أنت، كشخص أبيض، لم تفعل أي شيء لكسب هذه الامتيازات؛ إنهم قادمون من أقليم أبيض (في سياق العرقية)([10]).

إذا كان المقصود من تصريح ماكينتوش أن يكون تعريفًا لـ “الامتياز”، فإنه يخفق في ذلك؛ لعموميته الكبيرة، التي يصعب معها الاقتناع به([11]). بصياغة أخرى، يجب أن يتضمن التعريف تلك الحزم التي تعود للأشخاص البيض فقط، في حين أن بيان ماكينتوش عن الامتياز الأبيض يتضمن الكثير. بالنظر إلى أن الأشخاص غير البيض، قد يكون لديهم حزم غير مرئية وغير مكتسبة، تفيدهم في العالم الاجتماعي، ولأنهم قد يكون لديهم موارد متاحة بسهولة أكثر من الآخرين؛ فسيكون لديهم أيضًا امتياز أبيض! وبالنظر إلى أن الأشخاص البيض، قد يكون لديهم حزم غير مكتسبة وغير مرئية، لا علاقة لها بلونهم الأبيض، فإن الامتياز الأبيض سيشمل تلك الحزم أيضًا، وفقًا لبيان ماكينتوش.

على سبيل المثال، يتمتع الأمريكيون الأفارقة والأمريكيون الكوبيون، بمجموعة كاملة من الامتيازات القانونية، التي لا يتمتع بها غير المواطنين، وهذه المزايا لا تُكتسب، ولا تكون مرئية عادةً لمن يمتلكونها. ومثال على هذا الأخير، يتمتع بعض الأشخاص البيض، بامتيازات غير مرئية وغير مكتسبة، لا علاقة لها بلونهم الأبيض، مثل امتلاك شخصية جذابة، والتمتع بصحة جيدة، والاستمتاع بهواياتهم، وهي جميعها امتيازات، ولكن لا علاقة لها بكونهم بيض البشرة([12]). قد تنطبق الأمثلة نفسها على غير البيض قطعًا، ولكن الهدف في هذا الصدد، توضيح أن الأشخاص البيض قد يتمتعون بامتيازات، لا علاقة لها بلون بشرتهم.) لذا فإن ما تقدمه ماكينتوش أعمّ من أن يكون تعريفًا.

من ثمَّ، لمّا كانت ماكينتوش لا تفكر إلا في الحزم فقط، من جهة فضيلة كونها بيضاء، ولأن توصيفها للامتياز الأبيض شديد الاتساع، فإن توصيفها لا ينهض أن يكون تعريفًا (على الرغم من أنه قد يكون نقطة انطلاق مناسبة).

هل قائمة الـخمسين مثالاً كافية للكشف عن ماهية الامتياز؟ هل يمكننا الاستغناء عن التعريف؟ لا، لأن جميع الأمثلة الموجودة في القائمة، يمكن رصدها بواسطة مفاهيم أخرى بخلاف الامتياز، وهي مفاهيم موجودة بالفعل، ما يعني أن الأمثلة فشلت في توضيح وجه التفرد في مفهوم الامتياز. على سبيل المثال، يمكن استيعاب سهولة توافر الموارد للبِيض، والأعباء المفروضة على الأشخاص غير البيض، ونقص التمثيل من خلال مفهوم العنصرية: حيث يشير هذا المفهوم إلى عدم المساواة في توافر الموارد بين السود والبيض؛ ويوضح العقبات الإضافية التي يواجهها الأشخاص غير البيض في سبيل تقدمهم إلى الأمام؛ وهذا يفسر سبب عدم تمثيل الأشخاص غير البيض بشكل كافٍ.

ويمكن لمفهوم القوالب النمطية أن يفسر بسلاسة سهولة التحرك في العالم، ويمكن أن يفسر الأعباء الإضافية، التي بموجبها توجد صور نمطية عن الأشخاص غير البيض، تحُول دون قدرتهم على التحرك بسهولة في العالم الاجتماعي.

ويمكن لمفهوم العنصرية أن يفسر بسهولة عدم توفر الموارد، لأن العنصرية تقدم تفسيرًا لطبيعة عدم المساواة الاجتماعية والاقتصادية التي نواجهها غالبًا. يبدو إذًا أن الامتياز لا يضيف أي شيء مثير للاهتمام في هذا الصدد. إذا كان ثمة أي شيء، فإن مفهوم الامتياز ليس سابقًا على المفاهيم المذكورة أعلاه، ولكنه قائم عليها. بعبارة أخرى، يتمتع الناس بامتياز بسبب العنصرية، والتمييز على أساس الجنس، والتوجهات الأخرى كافة، وليس العكس. الأمر الذي من شأنه أن يمثل عبئًا على مفهوم الامتياز؛ لأننا سنحتاج إلى إيجاد سبب لاستخدامه. هل هو مجرد مفهوم ثانوي ينشأ من مفاهيم العنصرية والتمييز على أساس الجنس وغيرها؟ أم أنه يقوم بعمل تفسيري حقيقي؟ سأعود إلى هذه المسألة أدناه.

هناك تعريف مختلف “للامتياز”، قدمه دان لُو (Dan Lowe)، مؤداه أن الامتياز “ميزة الشخص بفضل انتسابه إلى مجموعة اجتماعية، في السياقات التي لا ينبغي عادةً أن يكون فيه هذا الانتساب دالًا على شيء”([13]). لفهم هذا التعريف، لاحظ المصطلحات الأساسية الخاصة به: “ميزة” و”الانتساب لمجموعة اجتماعية” و”السياق”.

يوضح المثال التالي هذا التعريف. بحكم كوني رجلًا، فإنني أنتمي إلى الفئة الاجتماعية للرجال. فكّر الآن في سياق المشي بمفردك في الشارع، في وقت متأخر من الليل. في هذا السياق، لدي ميزة  تتمثل في عدم اضطراري إلى القلق، بشأن التعرض للاعتداء الجنسي، وهي ميزة أمتلكها بفضل انتسابي إلى المجموعة الاجتماعية (أي بحكم كوني رجلًا). لكن هذا السياق لا ينبغي أن يكون مهمًا في العادة لامتلاك ميزة الأمان؛ النساء اللواتي يمشين بمفردهن في الشارع، في وقت متأخر من الليل، لا ينبغي أن يقلقن من التعرض للاعتداء الجنسي. لكن لسوء الحظ، عليهن أن يقلقن باستمرار بشأن ذلك. لذا فإن كوني رجلًا، يمنحني ميزة الشعور بالأمان، في سياق السير في الشارع، في وقت متأخر من الليل. هذا امتياز أحظى به؛ بحكم كوني رجلًا، في سياقات لا ينبغي أن أمتلك فيها هذه الميزة (مقارنةً بالنساء اللائي لا يتمتعن بها).

ما هي بعض الأمثلة على السياقات، التي لا تشكل فيها الميزة الناتجة عن الانتساب إلى مجموعة مشكلة أخلاقية؟ يقدم لُو مثالاً على امتلاك مزايا الانتماء إلى نادٍ بلدة ما([14]): يتمتع الأعضاء بـ “امتيازات” معينة بحكم كونهم أعضاءً في نادٍ من أندية إحدى البلدات، وهذه الامتيازات لا تمثل مشكلة أخلاقية؛ لأن هذا هو ما يعنيه أن تكون عضوًا في نادي إحدى البلدات. إنه أمر عادل إلى حد كبير. هل توجد أمثلة على سياقات يمنح فيها الرجل ميزة لا تمثل مشكلة من الناحية الأخلاقية؟ إذا كانت الإجابة بنعم، فلن يمثل كونك رجلًا امتيازًا في تلك السياقات([15]).

ومع ذلك، يواجه تعريف لُو أمثلة مضادة تنبع من اعتماده على فكرة السياق من جهة، ومن اعتماده على مفهوم واسع للمجموعات الاجتماعية من جهة أخرى.

ضعْ في اعتبارك أن تكون رجلًا أو امرأة في سياق عقوبة الجريمة، أو  في سياق حضانة الأطفال. لا ينبغي أن تمنح هذه السياقات ميزة على أساس كونك رجلًا أو امرأة، حيث يجب أن يقضي الرجال والنساء العقوبة نفسها على الجريمة عينها، ويجب أن يتمتع الرجال والنساء، بأشكال متساوية من الحضانة، على افتراض أن ثمة تاريخًا وحالات متطابقة تدعم ذلك (على سبيل المثال، يجب أن يحصل الوالد المدمن على الكحول على مدة الحضانة نفسها، بغض النظر عمّا إذا كان الوالد هو الأب أو الأم). ورغم ذلك، من المفترض أن الرجال يتعرضون لعقوبات أكثر صرامة من النساء، بالنسبة للجرائم نفسها، ويصعب على الرجال الاحتفاظ بحضانة أطفالهم أكثر من النساء([16]). إذا كان الأمر كذلك، فقد اتضح أن المرأة تتمتع بامتياز، في سياقات معينة لا يتمتع بها الرجل.

لماذا يعد ذلك إشكالًا بالنسبة لتعريف لُو؟ إن المشكلة تنبع من أن التعريف ينتج عنه تداعيات لا تتوافق مع الغرض من مفهوم الامتياز. لا ينبغي أن يحمل المفهوم، على نحو ضمني، ما يفيد تمتع الرجال بامتياز في أحد السياقات، في حين تتمتع النساء بامتياز في سياق آخر. بل إن المفهوم يكون مطلقًا: بحكم  كونهم رجالًا، يتمتع الرجال بامتياز على نحو دائم، وبحكم  كونهم نساء، تفتقر النساء إلى الامتياز على نحو دائم (على الرغم من أن الامتياز يزيد أو ينقص بالطبع اعتمادًا على عوامل أخرى).

وبقدر ما يُعتبر تعريف لُو إعادة بناء فلسفية لمفهوم الامتياز، فإنه يفشل في رصد هذا البعد الحاسم لتطبيق المفهوم. إنه يعني أن بعض الأفراد، اعتمادًا على السياق، لا يتمتعون دائمًا بامتياز، في حين أن الفكرة الرئيسة خلف المفهوم هي أنهم يتمتعون بامتياز على وجه التحديد، لأنهم ينتمون إلى مجموعات معينة. وهذا يعني، تجاهل التعريف للعلاقة بين الامتياز والظلم الاجتماعي، نتيجة جعل الامتياز نسبيًا داخل السياق([17]). أعتقد أن تعريف لُو يستخدم فكرة السياق لتضمين تلك الحالات، التي يمنح فيها الانتماء إلى مجموعة اجتماعية ميزة مشروعة، والسبب على ما أعتقد، هو فكرة لُو الواسعة عن المجموعات الاجتماعية. ولكن عند القيام بذلك، فإنها تفقد الجانب الحاسم -المذكور للتو- من الطريقة التي يُفترض أن يعمل وفقًا لها مفهوم الامتياز([18]).

المشكلة الثانية تتعلق بالاتساع، الذي تكون عليه فكرة المجموعة الاجتماعية. إنها تغطي عددًا غير محدد من المجموعات، التي تشمل الرجال والنساء، والأندية والنباتيين والخادمات، والآباء العُزّاب، وأصحاب المطاعم، ومنزّهي الكلاب، ومرتدي السراويل، والممرضات والمهندسين، ومحبي المثلجات ومنتجيها، وهلم جرًا. في الأساس، أي مجموعة من الأشخاص، التي تكون مجموعة بفضل امتلاكها ميزة اجتماعية -بخلاف الميزات البيولوجية أو العقلية فقط- تشكل مجموعة اجتماعية. بيد أن القصور يتمثل في هذا المفهوم الواسع للمجموعة الاجتماعية، يشمل التعريف العديد من حالات الامتياز التي لا يقصد بالمفهوم أن يشملها، لذا فإن هذه الحالات هي أيضًا أمثلة مضادة للتعريف.

خذ بعين الاعتبار المثالين المتعارضين التاليين اللذين قدمتهما تلميذتي، كلوي كوتسيركا، في اختبارها النهائي. أولاً، تخيل اثنين من السياسيين الذكور، يناقشان بعضهما البعض على خشبة المسرح، أحدهما يرتدي زوجًا أنيقًا من النظارات الطبية. كان أداء السياسي الذي يرتدي النظارات، أفضل في استطلاعات الرأي من خصمه؛ لأنه يبدو أكثر ذكاءً وأناقة. يتمتع السياسي الذي يرتدي النظارات، وفقًا لتعريف لُو، بميزة الظهور بمظهر أكثر ذكاءً، بسبب الانتماء إلى فئة اجتماعية، من الرجال الذين يرتدون النظارات، في سياق لا ينبغي أن تمنحه فيه هذه العضوية أي ميزة.

ثانيًا، ضع في اعتبارك العضوية في المجموعة الاجتماعية للرجال الذين يمتلكون كلابًا صغيرة. يتمتع الرجال في هذه المجموعة بميزة على الرجال الذين لا يمتلكون كلابًا، في سياق ضمان الحصول على مواعدة على تطبيق “تيندر” (Tinder)، والتطبيقات الأخرى المماثلة؛ لمجرد أن الفتيات أو الفتيان أحدهما أو كليهما، يحبون الجراء، ومن المرجح أن يمنحوا الفتى الذي لديه جرو فرصة للمواعدة (للتسكع مع الشاب والجرو). وفقًا لتعريف لُو، يتمتع الرجال أصحاب الجراء بامتياز؛ لأن عضويتهم الاجتماعية في تلك المجموعة، تحسن فرصهم في المواعدة. ومع ذلك، في سياق الحكم على المواعدة المحتملة في “تيندر”، لا ينبغي أن يكون وجود جرو في صالح أو ضد إمكانات المواعدة.

يوضح المثالان أعلاه أن تعريف لُو، قد يولّد عددًا غير محدد من الامتيازات، التي يتمتع بها الأشخاص بحكم الانتماء إلى مجموعات اجتماعية مختلفة وفي سياقات مختلفة. لكن قلة من المدافعين عن مفهوم الامتياز، إن وجدوا، سيقبلون هذه النتيجة. هذا لأن مفهوم الامتياز، كما أوضحت أعلاه، يُقصد به أن يكون على علاقة بمسألة العدالة الاجتماعية، ولا علاقة لارتداء النظارات الأنيقة، ولا امتلاك الجراء، بالعدالة الاجتماعية عمومًا.

أقترح تعريفًا أكثر بساطة يجسد المقصود من مفهوم الامتياز، مع إفساح المجال أمام السياق. أن يكون التعريف على النحو التالي: الامتياز هو الميزة الاجتماعية والسياسية التي يتمتع بها الفرد؛ بحكم كونه عضوًا في مجموعة، أو أكثر من المجموعات الاجتماعية المدرجة في القائمة ق، بشرط أنه لكي توضع المجموعة بشكل صحيح في القائمة ق، يجب أن تحتل، أو أن تكون محتلة بالفعل، موقعًا متميزًا اجتماعيًا وسياسيًا مقارنةً بالمجموعات الأخرى (في المجتمع نفسه) بسبب الغياب المنهجي للعدالة([19]).

لاحظ ثلاثة أمور خاصة بالتعريف. أولاً، لا يشير هو نفسه إلى المجموعة الاجتماعية الموجودة في القائمة (L)، بل يتطلب فقط أن تكون المجموعة في القائمة، متمتعة بميزة اجتماعية وسياسية، مقارنةً بالمجموعات الأخرى في المجتمع نفسه، بسبب غياب العدالة الاجتماعية. تُحدد المجموعة المميزة، التي تحافظ على وجودها في القائمة (L)، من خلال التحليل التاريخي والاجتماعي والسياسي والفلسفي للمجموعات، التي كانت تاريخيًا، إذا جاز التعبير، على القمة([20]). وبالتالي، وهذا هو ثانيًا، لا تعد (L) قائمة ثابتة، بل تختلف من مجتمع إلى آخر ومن وقت لآخر. وتلك هي ميزة هذا التعريف، حيث يقبل التطبيق على المجتمعات كافة.

ثالثًا، لا يفصح التعريف نفسه عمّا إذا كانت العضوية الاجتماعية لشخص ما في مجموعة (L) تمنح بالفعل ميزة للشخص في موقف أو سياق معين، بالنظر إلى أنه في بعض السياقات، قد تتجاوز العوامل الأخرى قدرة العضوية، على أن تكون فعالة (أي تمنح ميزة فعلية). على سبيل المثال، قد لا يمنح بياض الرجل ميزة له، في سياق الدوري الأمريكي للمحترفين، وقد لا تمنح ذكورة الرجل الأمان من الاعتداء الجنسي، في سياق وجوده في السجن. ذلك تضمين جيّد للتعريف، لأنه يسمح لنا بالقول إن المرء يتمتع بامتياز، حتى لو لم يكن “قادرًا على صرف” هذا الامتياز في كل الظروف([21]).

قد يواجه التعريف، كما صيغ، أمثلة مضادة. لكن فكرته الرئيسة سليمة: أي تعريف للامتياز، يأمل في التعرف على كيفية استخدام المفهوم، يستدعي ربط الامتياز بفكرة العضوية في المجموعات، التي كانت لها مزايا بسبب غياب العدالة الاجتماعية.

 

  1. 2. فكرة الحديث عن الامتياز

لننتقل إلى موضوع الحديث عن الامتياز: ما أسباب استخدام هذا المفهوم؟([22]) هذا السؤال غامض، وقد يعني ثلاثة أشياء على الأقل. الأول يتعلق بمرجع المفهوم: هل يشير المفهوم إلى حقيقة أو ظاهرة، لا تشير إليها المفاهيم الموجودة الأخرى؟ هل المفهوم يرصد شيئًا لم نُشر إليه؟ السؤال الثاني يتعلق بالتفسير: هل الظاهرة أو الحقيقة التي يشير إليها مفهوم الامتياز، تشرح حقائق وظواهر أخرى، لا تستطيع المفاهيم الحالية تفسيرها؟ السؤال الثالث يتعلق بالاستخدامات العملية أو السياسية، التي يمكن وضع المفهوم لها: كيف يمكن استخدام مفهوم امتياز المجتمع بشكل أفضل؟([23])

لستُ على قناعة بأن المفهوم يجسد شيئًا جديدًا.([24]) السبب الرئيس لادعائي هو أننا عرفنا دائمًا أن أشكالًا مختلفة من الظلم الاجتماعي، مثل العنصرية والتمييز على أساس الجنس (sexism)، قدمت لبعض الفئات من الناس، مزايا اجتماعية غير عادلة، في حين حرمت الآخرين من هذه المزايا. على سبيل المثال، قدمت العنصرية في الولايات المتحدة للبيض أشكالًا مختلفة من السلطة -قانونية واجتماعية وسياسية واقتصادية- لم يمتلكها غير البيض. في هذا الصدد، نحن دائمًا على علم بأن أعضاء هذه المجموعات، كانت لديهم مزايا وافتقروا إليها. لذلك من غير الواضح ما الذي يضيفه مفهوم الامتياز إلى هذه الحقائق. هل شكَّ أحد، قبل أن نتوصل إلى مفهوم “الامتياز”، في أن الأشخاص البيض، بشكل عام، بمقدورهم التحرك في مكان ما، دون قلق بشأن التنميط العرقي أو القولبة، في حين أن السود ليس بمقدورهم القيام بذلك؟

قد يجيب المرء أن ما يجسده الامتياز هو الظواهر الخفية للعنصرية، والتمييز على أساس الجنس، والتمييز ضد المعاقين، وغيرها مع استمرارها حتى يومنا هذا، لا سيما بالنظر إلى أن العديد من الناس يعتقدون -ربما خطأً- أن مجتمعنا بشكل عام لم يعد عنصريًا، ولم يعد متحيزًا جنسيًا، ولم يعد منحازًا ضد المعاقين، إلخ. وفي حين أن العنصرية، والتمييز على أساس الجنس، والتمييز ضد المعاقين، وغير ذلك، لم تعد واضحة بشكل عام، أو هي حالات “داخل الكتب”، إلا أنها ما تزال تشق طريقها إلى نسيج المجتمع، بطرق يومية خفية، والامتياز يجسد هذه الحقيقة.

لا شك أن العنصرية والتمييز على أساس الجنس، وأشكال أخرى من عدم المساواة ما زالت مستمرة، لكننا لسنا بحاجة إلى مفهوم الامتياز لرصدها. لدينا بالفعل مفاهيم موجودة تقوم بذلك. باستخدام العنصرية والمجتمع كمثال، ضع في اعتبارك خمسة مفاهيم من هذا القبيل: عدم المساواة، وعدم التفضيل، والمعاملة المتباينة، ونقص التمثيل، والقوالب النمطية. بالتراوح بين هذه المفاهيم، ستكون أكثر من كافية لرصد العنصرية المستمرة، سواء كانت خفية أو غير خفية.

لا يبدو أن الامتياز يلعب أي دور توضيحي مهم؛ يبدو أنه غير نشط تفسيريًا. إن امتلاكي لامتياز الشعور بالأمان، أثناء السير في الشارع في وقت متأخر من الليل، حقيقة ناتجة عن نظام التمييز على أساس الجنس، وليس حقيقة تفسر التحيز الجنسي؛ إنها ظاهرة ثانوية. وعلى الرغم من أن مفهوم الامتياز قد يفسر (جزئيًا) سبب وجود رجال في الشارع بمفردهم أكثر من النساء، في وقت متأخر من الليل، إلا أن مفهوم الامتياز لا يعد بمهمة التفسير، لأن الظواهر الأخرى يمكن أن تفعل ذلك أيضًا، مثل الاعتداء الجنسي الذكوري داخل نظام متحيز جنسيًا.

يقترح لُو أننا بحاجة إلى امتياز، لشرح سبب استمرار المزايا (advantages). يقول: “إذا فكرنا فقط في المساوئ، والطرق التي يفشل بها المجتمع مجموعات معينة، يصبح الأمر محيرًا، إلى حد ما، من جهة سبب عدم معالجة هذه المساوئ بعد. بيد أننا عندما نركز على المزايا التي تكتسبها المجموعات المهيمنة، فإننا ندرك أن بعض المجموعات، لها مصلحة راسخة في بقاء المجتمع على ما هو عليه”([25]). إن لُو محق في أن مفهومًا مثل الامتياز يساعد في تفسير المصلحة الراسخة، لدى بعض الأشخاص. لكن من غير الواضح سبب حاجتنا تحديدًا إلى مفهوم الامتياز لشرح هذه الحقيقة. لماذا لا نستخدم، على سبيل المثال، مفهومًا لدينا بالفعل، مثل المزايا -التي يستخدمها لُو نفسه؟ بمعرفة ما نعرفه عن عدم المساواة الاجتماعية بين البيض والسود، على سبيل المثال، وأن البيض بوصفهم بيض يتمتعون بمزايا اجتماعية، لا يتمتع بها السود بوصفهم سودًا، فإننا ندرك على الفور أن البيض “لديهم مصلحة راسخة في بقاء المجتمع على ما هو عليه.” لا حاجة إلى اللجوء إلى مفهوم الامتياز.

ومن ثمَّ لا أرى حتى الآن أي ميزة نظرية، لاستخدام هذا المفهوم على وجه التحديد. حيث يمكن تضمين الحقائق التي يشير إليها من خلال مفاهيم أخرى، ويبدو أنه لا يلعب دورًا توضيحيًا بارزًا، عندما يتعلق الأمر بتشخيص البنى الاقتصادية والاجتماعية والسياسية غير العادلة وفهمها.

بالطبع، لا يمنعنا أي مما سبق من استخدام كلمة “امتياز” كمصطلح جديد أو إضافي، وإن كان له دلالات مختلفة إلى حد ما عن المصطلحات الأخرى (مثل “المزايا”)، للإشارة إلى ظاهرة أن بعض أفراد المجتمع، بحكم عضويتهم في مجموعات معينة، تكون لهم أنواع من المزايا بسبب غياب العدالة الاجتماعية. في الواقع، فإن “الامتياز”، على ما أعتقد، له دلالات معينة عند استخدامه للإشارة إلى الأفراد بوصفهم يتمتعون بامتياز. هذا، لأن استخدامه لا يقتصر على التحليل النظري، ولكنه غالبًا ما يكون عمليًا، ويُطبق على الأفراد (على سبيل المثال، عندما يُقال لأحد الأشخاص، “راقب من امتيازك”)، لهذا فإن المصطلح له بعض الدلالات المثيرة للاهتمام. فعلى الرغم من أن المرء قد لا يكون مذنبًا، في الحصول على الامتياز، الذي يتمتع به، فإنني أجدهم متهمين بشكل مخادع، حيث ما يزال يتعين على المرء أن يفعل شيئًا حيال امتيازه، مع الإشارة ضمنيًا إلى أنه إذا لم يفعل ذلك، يكون المرء مخطئًا أخلاقيًا، ربما من خلال التورط عن عمد في المذهبية، أو نوع من الرُهاب. الفكرة هي أنه نظرًا لكون المرء في تلك المرحلة مدركًا لامتياز أحدهم، فإن رفض فعل شيء حيال ذلك، يجعل منه مذنبًا.

ماذا يمكن أن يفعل المرء حيال امتياز أحدهم؟ لسبب واحد، يمكن للمرء أن يدرك امتياز الفرد، لأن هذا، كما كتب لُو، سيساعده على “التعاطف بشكل أفضل مع أعضاء المجموعات الاجتماعية الأخرى، لاستيعاب أنهم قد لا يتمتعون بالمزايا نفسها أو يواجهون العقبات نفسها” التي يقوم بها المرء([26]). يضيف لُو أن هذا هو ما تعنيه عبارة “راقب من امتيازك”، والمتمثل في “عدم الشعور بالخجل لامتلاكه، أو استخدامه كذريعة للتقاعس عن العمل، ولكن الاعتراف بأن تجاربك وتصوراتك للعالم قد تكون مختلفة تمامًا، عن تلك الخاصة بأعضاء المجموعات الاجتماعية الأخرى “.([27])

تبدو ملاحظات لُو معقولة لكنها غامضة. يمكن أن يكون إدراك امتياز الفرد عبارة عن نظرة عامة، أو إطار يعمل من خلاله الفرد ويوجه حياته. ويمكن أن يكون تصريحًا، أو فكرة مؤقتة يقوم بها المرء مرة أو مرتين، أو في مناسبات مختلفة (على سبيل المثال، في بداية الاجتماعات). ما أفضله هو المذكور أولًا، لأنه “الشيء الحقيقي”: إنها البصيرة التي يمكن أن تتعمق في سيكولوجية الفرد، وتعيد توجيه نظرته للعالم، في حين  يمكن أن يصبح الثاني طقسيًا ومهيمنًا، بفضل شعور المرء بضرورة القيام به (على سبيل المثال، تملُّق البعض  لعلامات الفضيلة السائدة في المجتمع).

بالإضافة إلى كون المرء متعاطفًا ويمتلك مزيدًا من الفهم لتجربة الآخرين، كيف يمكن للمرء مراقبة امتيازه في حياته الخاصة في مواقف معينة؟ بعبارة أخرى، كيف يُترجم الوعي العام للفرد بما لديه من امتياز إلى أفعال معينة من جانبه؟ خذ بعين الاعتبار مثال أَلِيس الذي يستخدمه لُو. ألِيس، وهي شخصية حقيقية، امرأة بيضاء فقيرة تسرق من المتاجر. إنها صادقة في الادعاء بأن سرقة المتاجر تكون أكثر سهولة لأنها امرأة بيضاء: لا يشك أفراد أمن المتجر في النساء البيض بقدر ما يشتبهون في الآخرين.([28]) بمناقشة هذا المثال في ما يتعلق بما يجب أن تفعله ألِيس بخصوص امتيازها، يقول لُو، “بالإضافة إلى حقيقة أنها ربما لم يكن عليها أن تقوم بالسرقة من المتاجر، ما كان ينبغي لها أن تكون مستعدة للاستفادة من استخدام الامتياز بالطريقة التي فعلت بها”([29]). لقد صدمني هذا الادعاء بغرابته عندما قرأته لأول مرة. أعني، إذا كان يتوجب على ألِيس عدم القيام بسرقة المتاجر في البداية، فستكون هذه هي نهاية القصة. ما الذي يمكن أن تفعله ألِيس أيضًا، حتى لا تستفيد من امتيازها؟ ربما يقترح لُو أنها إذا أصرت على السرقة من المتاجر، فعليها أن تسرق منها دون استخدام امتيازها. لكن ما يعنيه هذا غير واضح([30]).

لرؤية غرابة هذا الأمر على نحو أفضل، قم بتغيير المثال إلى سلوك غير ضار. بدلًا من استخدام مثال على المخالفات (مثل السرقة من متجر)، فكّر في مثال لرجل يسير في الشارع، ويأمن من تعرضه للاعتداء الجنسي. ماذا يجب أن يفعل هذا الرجل لمراقبة امتيازه؟ هل يتوقف عن المشي في وقت متأخر من الليل وحده؟ ربما. ولكن على الرغم من أنه سيكون نبلًا منه أن يفعل ذلك، فإن الإجراء غير مطلوب أخلاقيًا؛ لأنه بصفته الشخص المحدد الذي هو عليه، لم يأت هذا الامتياز على حساب المرأة([31]). إذا تمكنت النساء من الشعور بالأمان أثناء المشي بمفردهن في وقت متأخر من الليل، فلن يفقد الرجال امتيازهم بسبب ذلك؛ إنها ليست لعبة صفرية([32]). إذًا ما الذي يتحتم على الرجل فعله نتيجة إدراكه لامتيازه؟ مرة أخرى، بالإضافة إلى التعاطف مع النساء اللواتي لا يرغبن في المشي بمفردهن، في وقت متأخر من الليل، أو اللائي يطلبن من أصدقائهن الرجال مرافقتهن إلى سياراتهن، على سبيل المثال.

ثمة نقطة تعقيد إضافية، حول ما يجب فعله بشأن امتياز الفرد، وهي أن مفهوم الامتياز كما يُستخدم لا يشير إلى المزايا الخاصة التي يتفوق بامتلاكها الأشخاص المتميزون على ما هو طبيعي؛ إنه يشير إلى ما يجب أن يتمتع به كل شخص كجزء من الحياة اليومية:

المشي بمفردك في وقت متأخر من الليل مع الشعور بالأمان، وامتناع الشرطة عن سؤالك عن هويتك، هي الأحوال الطبيعية ويجب أن تكون كذلك. لذا فإن الحديث عن الامتياز، هو الحديث عن بعض المجموعات، التي لديها إمكانية الحصول على “ما هو طبيعي”، والذي لا تمتلكه المجموعات الأخرى، وإلا فإن الحديث عن غياب العدالة الاجتماعية، سيكون في الغالب في غير محله([33]).

بيد أن هذا يقود إلى نقطة ثالثة معقدة، وهي أن الحديث عن الامتياز لا يركّز على أولئك الذين في حاجة إلى الارتقاء إلى الوضع الطبيعي للأمور، ولكن على أولئك الذين يشغلون بالفعل الوضع الطبيعي. كما قال بن بورغيس: “لا يقتصر الأمر على أن النساء والسود يجب أن يحصلوا على المزيد. بل يجب أن يحصل الرجال والأشخاص البيض على ما هو أقل”([34]). بوضع هذا الإشكال جوار الإشكال  الثاني المذكور أعلاه، فإن ذلك من شأنه الإشارة إلى أنه عندما نطلب من شخص ما أن يفعل شيئًا ما حيال امتيازه -مرة أخرى، ضع جانبًا مطالبتهم أن يكونوا على دراية بذلك، وأن يكونوا متعاطفين- فإننا نطالبه بالتخلي عمّا هو طبيعي بالنسبة للجميع. إذا كان هذا صحيحًا، فليس من الواضح تمامًا لماذا يجب أن يتخلى شخص ما عن شيء، يجب أن يكون طبيعيًا للجميع، لا سيما عندما لا يكون على حساب امتلاك الآخرين له، وعندما يكون التركيز ممكنًا، ويتوجب أن يكون، على رفع أولئك الذين يفتقرون إلى ما هو طبيعي إلى المستوى الطبيعي([35]).

التعقيد الرابع والأخير يتمثل في أن الأفراد غالبًا ما يُطلب منهم مراقبة امتيازاتهم، دون معرفة الكثير عن تاريخ هؤلاء الأفراد وظروفهم. في ما يتعلق بالتعريف الذي عرضته، أشرتُ إلى أن امتياز الفرد، لا يجب أن يؤدي دائمًا إلى امتلاك الشخص أي مزايا فعلية؛ لأن السياق يمكن أن يحتوي على ميزات إضافية، تجعل امتياز الفرد غير فعال. قد يحدث هذا لأن الجوانب غير المتميزة لهوية الفرد تهزم الجوانب المميزة لها، كما هو الحال عندما تنتقص مثلية المرء من رجولته، في سياق معاد للمثليين؛ أو عندما تجعل أنثوية المرأة بياضها غير ذي صلة، في سياق العدوان الجنسي الذكوري. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يصبح امتياز الفرد غير فعّال، لأن العناصر الخارجية للشخص، تجعل الجوانب المميزة لهوية الفرد غير فعالة: تخيل شخصًا على قمة هرم الامتياز (أبيض، ومنتمي للطبقة الوسطى، وغير معاق، ومغاير جنسيًا، وفكّر في مواقف مختلفة، قصيرة وطويلة الأمد، يكون فيها امتيازه غير فعال: التعرض للهجوم في الشارع، في وقت متأخر من الليل، والإذلال في حفلة، والفشل في امتحاناته، وشعوره بعدم الاهتمام والقلق، ورعاية شخص لديه مرض عضال، وكونه يعاني من مرض عضال نفسه، وهلم جرًا.

عندما نجمع بين هذه النقاط الأربع -الامتياز الفردي لأنه لا يأتي على حساب الآخرين، الامتياز كإشارة إلى ما يجب أن يتمتع به كل شخص، الامتياز بوصفه تركيزًا على الانحدار بدلاً من الارتقاء، والسياقات التي يمكن أن تجعل امتياز الفرد غير فعّال- يصبح من غير الواضح ما يجب على الأفراد فعله لمراقبة امتيازاتهم. هذا الافتقار إلى الوضوح يدعم الشك في ضبابية مطالبة الأفراد -لا سيما بصورة علنية- بمراقبة امتيازاتهم المتمثلة في كونها تمرينًا على الشعور بالذنب والعار. بالإضافة إلى ذلك، يتفاقم التشهير والذنب من خلال سلب المتهم كرامة الرد([36]).

ثالثًا: الملخص الختامي

لقد شرحتُ سمات مفهوم الامتياز، وفنَّدتُ أحد تعريفاته الفلسفية، وقدمتُ تعريفًا مختلفًا بدلاً من ذلك. لقد حاججت أيضًا بأن المفهوم لا يرصد شيئًا جديدًا، ولا يلعب دورًا توضيحيًا نظريًا مهمًا. وعلى الرغم من ذلك، قد ما تزال لدينا الرغبة في الاحتفاظ بالمصطلح لأي غرض (نظري أو عملي). لكننا، إذا فعلنا ذلك، فأنني أحذّر من استخدامه من قبل أطراف ثالثة ضد الأفراد. وفي رأيي، فإن أفضل استخدام عملي له، هو التطبيق الذاتي: يقوم الأفراد بتطبيق المفهوم على أنفسهم، لمساعدتهم على النظر إلى العالم وتجارب الآخرين بعيون مختلفة. ولكن حتى مع هذا الوضع، لدينا مفاهيم أخرى يمكنها القيام بذلك؛ مفاهيم لا تحمل دلالات التشهير والذنب، التي شوَّهت الخطاب المحيط بـ “الامتياز”.

 

 


([1])  تداولت مجموعة من الصحفيين عبارة “مراقبة امتيازك” في الغرب بصورة واسعة في عام 2013، وسرعان ما انتقلت العبارة إلى وسائل الأعلام المختلفة، رغم أن معناها ليس واضحًا دائمًا، لأنها في كثير من الأحيان يُساء استخدامها. وهي تشير في أبسط تعريفها إلى ضرورة الاعتراف بنضالات المجموعات الأخرى، ودراسة مزايا حياتنا، وفهم أفضل لكيفية تأثير القوى الخارجية على الحياة والآراء. كما أنها طريقة تهدف إلى إخبار الشخص، الذي يُظهر وجهة نظر سياسية، بضرورة أن يتذكر أنه يتحدث من موقع متميز، لأنه ينتمي، على سبيل المثال، إلى جماعة البيض، والذكور، ومفضلي  الجنس الآخر، والقادرين جسديًا أو الأثرياء. بعبارة أخرى، إنها دعوة مباشرة (أو اتهام) يهدف إلى الاعتراف بسياسات الهوية. على سبيل المثال، إذا غردت صحفية بيضاء ضد تمثيل النساء السود في أحد البرامج التلفازية، فإنها ستواجه مجموعة من التغريدات تخبرها بضرورة مراقبة  امتيازها”. أو إذا كتب سياسي سابق من حزب المحافظين مقالاً، يقول فيه إن النسويات يجب ألا ينخرطن في معارك حول الهوية، فسيُطلب منه مراقبة امتيازه. [المترجم]

([2])  Cisgender (أحيانًا cissexual، وغالبًا ما يختصر إلى cis ومنه ciswomen و cisman) هو مصطلح يشير إلى الأشخاص الذين تتطابق هويتهم الجنسية مع جنسهم عند الولادة. على سبيل المثال، من تُعرف على أنها امرأة وتحدد هويتها “أنثى” عند الولادة تكون متطابقة الجنس. مصطلح (cisgender) هو نقيض مصطلح العابرين جنسيًا (transgender). [المترجم]

([3])  يشير المصطلح إلى الانحياز ضد المعاقين. [المترجم]

([4])  إنه سؤال مثير للاهتمام، ما إذا كان الامتياز هو في الأساس ملكية للجماعات، وعلى نحو ثانوي للأفراد، أو العكس. سأعرّف الأخير في ضوء الأول؛ لأن مزاعم الامتياز تميل إلى أن تكون من الأفراد. بيد أن ثمة احتمال مرجح أن يكون هذا التصور يضع العربة أمام الحصان. سأتطرق إلى هذا مرة أخرى أدناه، حيث أقدم تعريفي لمصطلح “الامتياز”. من أجل التبسيط، سأستخدم “الامتياز” كصفة لوصف كلٍ من المجموعات والأفراد. وعندما أستخدمه لوصف مجموعة، فإنني أعني بذلك، أن المجموعة تتمتع بمكانة متميزة اجتماعيًا، مقارنةً بالمجموعات الأخرى؛ بسبب الغياب المنهجي للعدالة الاجتماعية.

([5])  أستعير هذا المثال من دان لو (Dan Lowe)، “الامتياز: ما هو؟ ومن يمتلكه؟ وماذا يجب أن نفعل حياله؟” في:

Dan Lowe, “Privilege: What Is It, Who Has It, and What Should We Do about It?” in Ethics Left and Right, edited by Bob Fischer (New York: Oxford University Press, 2020), pp. 457–464 (the example is on pp. 459–60).

 

([6])  يعتقد لُو أن لاعبي كرة السلة السود يتمتعون بامتياز، في سياق الدوري الأمريكي للمحترفين، وهو ما يخالف الكيفية التي يستهدفها مفهوم الامتياز.

([7]) https://www.racialequitytools.org/resourcefiles/mcintosh.pdf

([8])  يصنّف بن بورغيس (Ben Burgis) أمثلة ماكينتوش إلى مجموعتين: المجموعة (أ) أمثلة فعلية للتفاوت غير العادل، بين معاملة الأشخاص البيض وأفراد الأقليات العرقية (على سبيل المثال، مثال شرطي المرور). والمجموعة (ب) أمثلة على إحباط المرء لمجرد أنه عضو في أقلية ثقافية في أحد المجتمعات (على سبيل المثال، لن يقدم كل متجر، ومنها المتاجر الكبرى، قائمة مفصلة للأطعمة الأساسية الخاصة بك). انظر مقالته:

Ben Burgis,“The Problem with ‘Privilege’ Talk”; Arc Digital, April 9, 2020 (https://arcdigital.media/the-problem-with-privilege-talk-740eea1dd06d; date of access July 21, 2020).

([9])  ثمة ثلاثة أمور هنا: (1) أضع علامة النجمة بجانب تلك التي وجدتها غير مقنعة. (2) لم أدرج تلك الأمثلة التي وجدتها غير واضحة (الأمثلة رقم 1، 2، 11، 22). (3) أعيد ذكر الأمثلة التي توضح أكثر من موضوع واحد.

([10])  قد تتعقد هذه الدعوى الأخيرة بسرعة كبيرة. لنفترض أنني شخص أبيض، أدعي أن كل ما أملكه الآن قد تحصلتُ عليه من مثابرتي وعملي واجتهادي، وغير ذلك. وعليه فقد يذهب أحدهم إلى القول إن المثابرة والعمل وما شابه ذلك أكثر سهولة بالنسبة للبيض.

([11])  استخدم كلمة “شاملة” بالمعنى الفلسفي والتعريفي، وليس المعنى الإيجابي المرتبط بـ “الوجود الشمولي” أو “الشمولية”.

([12])  ما أسهل تعقيد هذه الجزئية أيضًا، فقد يجادل أحدهم في أي ميزة تُقدّم كمثال، على أساس ربطها بالامتياز الأبيض: التصرفات المشرقة ليست كالمنّ هبة من السماء، بل قد تكون ثمرة -ولو على نحو جزئي- سهولة التحرك عبر العالم.

([13]) Lowe, “Privilege,” p. 457.

([14])  وبالتالي، وفقًا لتعريف لو، تعد الأندية مجموعات اجتماعية. هذا يعني  أن مفهوم المجموعة الاجتماعية واسع جدًا، وفقًا لتعريف لو. سأعود إلى هذا لاحقًا.

([15])  لا أقدم بعضًا من هذه الأمثلة؛ لأنه من الصعب الحصول عليها. فأي مقترحات مقدمة ستكون مثيرة للجدل، في ما يتعلق بمدى ما تمثله المزايا من إشكالية من الناحية الأخلاقية. الفكرة هنا هي ذاتها الموجودة في الحاشيتين 7 و9.

([16])  لمزيد من المعلومات الإضافية:

David Benatar, “The Second Sexism: Discrimination Against Men and Boys” (Wiley-Blackwell, 2012), pp. 50–54, and pp. 59–61.

([17])  يمكن أن يرد لُو بأن تعريفه متوافق مع الفكرة الكامنة خلف مفهوم الامتياز؛ لأن السياقات التي يتمتع فيها الرجال بامتياز تفوق عدد السياقات التي تتمتع فيها النساء  بامتياز. قد يكون هذا صحيحًا من الناحية التجريبية، لكن من شأنه أن يقطع العلاقة الحاسمة بين امتياز المجموعة وغياب العدالة الاجتماعية.

([18])  انظر الاعتراض المشابه، ولكن المختلف تمامًا في تفاصيله، الذي قدمه سبنسر كايس (Spencer Case)على تعريف لُو:

“Reply to Lowe,” in Ethics Left and Right, 476–478 (the objection is on pp. 476–477).

([19])  لرصد فكرة من الحاشية رقم (1)، إذا كنا نعتقد أن تعريف الامتياز يتمثل في المجموعات، التي يجب أن ينطبق عليها، وليس الأفراد، فإن هذا التعريف خطأ. لذلك أقترح ما يلي: تتمتع المجموعة بامتياز، إذا احتلت أو شغلت موقعًا مفيدًا، اجتماعيًا وسياسيًا، مقارنةً بالمجموعات الأخرى، في المجتمع نفسه، بسبب الغياب المنهجي للعدالة. إذًا، يتمتع الفرد بامتياز (قابل للتنفيذ أو مؤقت) بحكم كونه عضوًا في مجموعة ذات امتياز. امتياز الفرد غير القابل للتنفيذ، أو إلى حد ما، لأنه في بعض السياقات قد تتجاوز بعض العوامل هذا الامتياز.

([20]) يمكن بالطبع أن تكون لدينا قائمة كبرى لجميع المجموعات التي احتلت مثل هذه المناصب الاجتماعية. قد تكون هذه القائمة معقدة لأسباب مختلفة، بما في ذلك تحديد المجموعات على أنها دائمة عبر ثقافات مختلفة وأزمنة متباينة.

([21])  ثمة خيار آخر يتمثل في بناء السياق داخل التعريف، بالقول إن المرء لديه امتياز مؤقت، أو امتياز لكل الأشياء التي تعتبر امتيازًا. قلقي الرئيس بشأن هذا الخيار يتعلق بمدى حجب أو تجاوز الظروف القهرية لامتياز الفرد، أو أنها تلغيه. الأول ينسجم مع القصد الكامن وراء مفهوم الامتياز، في حين لا يكون الثاني كذلك، بقدر ما نريد أن نقول إن الرجل الأبيض يتمتع دائمًا بامتياز، في كل سياق.

([22])  لا يتعلق هذا السؤال بالأسباب النفسية، التي تكون لدى الأفراد لاستخدام هذا المفهوم، لأنها يمكن أن تختلف على نطاق واسع.

([23])  يثير لُو مسألة الحديث عن الامتياز، لكنه لا يميز بين هذه الجوانب الثلاثة لها.

([24])  هذا لا يمنعنا من استخدامه كمسمى جديد، لأي ظواهر قمنا بتغطيتها بالفعل بمفاهيم أخرى، إذا كان ذلك يفي بشروط معينة، مثل المنفعة السياسية أو الاجتماعية، أو تسليط الضوء على تلك الظواهر. سنقدم المزيد عن هذه الفكرة قريبًا.

([25])  Lowe, “Privilege”, p. 463.

أفترض أن لُو يقصد ذلك كتفسير جزئي، بالنظر إلى أن مثل هذه الظواهر الاجتماعية، عادةً ما يكون لها تفسيرات أكثر تعقيدًا، ولا يمكن اختزال السبب وراء استمرارها في المصالح المكتسبة فقط.

([26])  لكشف بعض أوراقي، أصبحت أكره كلمة “التعاطف” لفرط استخدامها، أو كما اقترح زميلي، لأنها تُستخدم “بشكل انتقائي”.

([27]) Lowe, “Privilege”, p. 462.

أشك في أننا بحاجة إلى هذا المفهوم ليكون لدينا مثل هذا الوعي.

([28]) Lowe, “Privilege”, p. 457.

([29]) Lowe, “Privilege”, p. 462.

([30])  ربما أراد لُو اقتراح أن ما يجب أن يكون دافعًا لعدم سرقة ألِيس للمتاجر، أن السرقة خطأ وأن السرقة من قبل امرأة بيضاء تساعد في ترسيخ ممارسات معينة ضد السود.

([31])  لا يكون ذلك واضحًا، حتى عندما يتعلق الأمر بالامتياز الذي تتمتع به المجموعات ذات الامتيازات، على حساب المجموعات التي لا تمتلكها. في رده على كايس، يدعي لُو أن الحديث العادي عن الامتياز “لا ينطوي على حكم بشأن ما إذا كان الضرر الذي يتعرض له السود، يعود بالفائدة على البيض”.

(“Reply to Case,” p. 475, my emphasis; in Ethics Left and Right”, edited by Bob Fischer (New York: Oxford University Press, 2020, pp. 474–475).

([32])  يشير كايس إلى فكرة مماثلة مفادها أن الامتياز بالمعنى القوي يعني أن المجموعة المتميزة هي المجموعة الجائرة. انظر:

White Privilege: “A Conservative Perspective”, in Ethics Left and Right”, edited by Bob Fischer (Oxford University Press, 2020), pp. 465–472.

وقد نوقشت هذه الفكرة على امتداد المقال، لكنها معروضة بصورة أساسية في الصفحات 467–468.

([33])  أشكر خوسيه أنطونيو فرنانديز (José Antonio Fernández) لتوضيحه وتقديم النصح لي لمناقشة هذه النقطة.

([34])  “The Problem with ‘Privilege’ Talk”.

([35])  ضع في الحسبان ملاحظة ماكينتوش في الفقرة الأولى من مقالها “الامتياز الأبيض: الحقيبة غير المرئية” التي تقول فيها: “إنها تذكر أن الرجال يخبرونها، بأنهم على استعداد للمساعدة في تعزيز مكانة المرأة في المجتمع، والجامعة، والمقررات الدراسية، لكنهم لا يستطيعون أو لن يدعموا فكرة التقليل من مكانة الرجال“.

([36])  ضع في اعتبارك هذه الفقرة الأخيرة من مقال كارا ليبوويتز Cara Liebowitz حول التمتع بامتياز مع وجود تمييز ضد الإعاقة: “ليس عليك أن تعرف أن الانحياز ضد الأشخاص المعاقين موجودًا لتكون منحازًا. كما أن كونك منحازًا لا يعني أنك شخص مرعب عديم الإنسانية. أن تكون منحازًا ضد المعاقين يعني فقط أن لديك الامتياز الذي تحتاج إلى الاعتراف به، وأنماط التفكير التي تحتاج إلى تغييرها. إذًا ماذا يجب أن تفعل إذا استدعى أحد الأشخاص انحيازك؟ خذ خطوة للوراء. فكّر في امتيازك وما قلته أو فعلته. تعرف على السبب وراء اتخاذ أحد الأشخاص موقفًا عدائيًا من ذلك. إذا كنت لا تفهم سبب انحيازه، فلا تبدأ في توجيه أصابع الاتهام إلى الشخص الآخر، بدعوى أنه شديد الحساسية. اسأل بأدب وفكر في إجابته. اعتذر وتعلم الدرس. أنت لست شريرًا لأنك منحازًا. لذا اغتنم الفرصة للتعرف على امتيازك الخاص. آمل أن تخرج وأنت تعرف أكثر مما كنت تعرفه من قبل”. انظر:

“Just Because It’s Ableist Doesn’t Mean It’s Bad,” in Privilege: A Reader [4th edition], edited by Michael S. Kimmel and Abby L. Ferber [Westview Press, 2017], pp. 153–155, at p. 155.

 

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى