النقاط الرئيسية
إن معظم الجهود لتغيير السلوك قصيرة الأجل وفاشلة.
تشير الأبحاث إلى أنه يتطلب تغيير السلوك على المدى الطويل استراتيجيات مختلفة عن التغيير على المدى القصير.
يمكنك تحقيق نتائج أكثر استدامة من خلال فهم الاستراتيجيات الخاصة للتغيير طويل المدى.
سيكون عام 2024م عامًا لا يمكن التنبؤ به، فيبدو أنه من المستحيل التنبؤ بحال عالمنا الذي سنسكنه في هذا الوقت من العام المقبل بسبب كثرة الصراعات الخارجية، والانتخابات الرئاسية المثيرة للخلاف تاريخيًّا، والمخاوف المتعلقة بتغير المناخ، والتطور السريع للذكاء الاصطناعي.
ومع ذلك، وسط كل هذه الشكوك، لا يزال هناك توقع واحد يمكننا أن نطرحه بثقة بشأن عام 2024م: وهو أن الكثير من الأمريكيين سيحاولون تحسين حياتهم من خلال التغييرات السلوكية في العام المقبل، إلا أن قليلًا منهم سينجحون في فعل ذلك.
لذلك أود أن:
أ) أشرح بطريقة بسيطة وعملية لماذا يعد الفشل والنتائج قصيرة المدى هما النتائج المعتادة لجهود تغيير السلوك.
ب) أوضح كيفية الوصول للنجاح في تغيير السلوك على المدى الطويل.
ما العامل المشترك بين أهداف تغيير السلوك التالية؟
الأكل الصحي
التوقف عن المماطلة
التنظيم/عدم تضييع الوقت
فقدان الوزن الزائد
أن نصبح أكثر سعادة
اللياقة البدنية
ترك التدخين/الشرب/السجائر الإلكترونية
إذا لاحظت أن كل قرار من هذه القرارات يعد قرارًا شائعًا من أهداف السنة الجديدة، فامنح نفسك نقطة لأنك أصبت، هذا هو الشيء السهل، وإذا كنت تعلم أن معدل النجاح على المدى الطويل لتغيير كل سلوك أقل من نسبة 20% -وهي معلومة لا يعرفها الكثير- فتهانينا!
لقد أديت واجبك وحصلت على نقطةٍ أخرى، أخيرًا، وللحصول على الدرجة الكاملة، هل أدركت أيضًا أننا لم نتحسن في تغيير هذه السلوكيات مما كنا عليه قبل عقود؟ وذلك على الرغم من الهواتف الذكية والإنترنت وأجهزة اللياقة البدنية القابلة للارتداء والمؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي؟
قد تبدو هذه النقطة الأخيرة محبطة، فلماذا تستمر بالمحاولة إذا كانت معدلات النجاح منخفضة، ولا يبدو أن المعرفة ولا التكنولوجيا تساعد؟ هل النجاح يعود فقط إلى الحظ أو الجينات الجيدة؟ ومع ذلك، وبقدر ما قد تظهر هذه الإحصائية محبطة، فإنها توفر أيضًا نظرة ثاقبة للأسباب التي تجعل مجموعة مختارة من الناس ينجحون في تحسين نمط حياتهم، في حين تكافح الأغلبية في مثل هذا الأمر مع أنهم يهدفون للنتائج نفسها. 1-2
توضح الخريطة أدناه -باستخدام الصواريخ والفيزياء الفلكية كأداة استعارة- كيفية حدوث تغيير السلوك على المدى الطويل (ولماذا لا ينجح ذلك في العادة)، ادرس الخريطة للحظة، ثم دعنا نستعرض بعض النقاط الأساسية.
المصدر: توماس روتليدج
أولًا، لاحظ أن الجميع تقريبًا يبدؤون الجهود لتغيير سلوكهم في مرحلة تسمى بالإقلاع، فإن مرحلة الإقلاع لتغيير السلوك، مثل مرحلة الإقلاع الأولية للصاروخ، تتطلب قدرًا كبيرًا من الطاقة والموارد، فإن الدافع، وقوة الإرادة، والجهد، و”الإنذارات التنبيهية” للأحداث الصحية، والتشخيص الطبي، هي أحداث تدفع الشخص للتغيير، تعد أهداف السنة الجديدة، وصيحات وسائل التواصل الاجتماعي الشائعة، وقصص النجاح، والمسابقات، والحوافز، أمثلة رائعة على الموارد التي تدعم جهود الانطلاق.
ومع ذلك، لأن متطلبات الطاقة في مرحلة الإقلاع مرتفعة للغاية، مثل الصواريخ التي تحرق آلاف الجالونات من الوقود للإقلاع، ولا يمكن للإنسان أن يبقى في هذه المرحلة لفترة طويلة دون أن يفرغ من الوقود (الطاقة)، بدلًا من ذلك، فإنه من الضروري أن ينتقل الشخص من الاعتماد فقط على استراتيجيات مرحلة الإقلاع إلى اعتماد استراتيجيات مرحلة التسلق ومرحلة سرعة الإفلات للحفاظ على تقدمه.
بناءً على النموذج أعلاه، فإن العامل الأول والأكثر شيوعًا الذي يحد من نجاح تغيير السلوك هو أن: معظم الناس لا يغيرون استراتيجيات مرحلة الانطلاق التي يعتمدونها أبدًا، ولأن استراتيجيات الانطلاق مناسبة لجهود التغيير الأولية فحسب، فإن الناس ينفد منهم الوقود العاطفي ويعودون إلى خط البداية، ونادرًا ما تكون استراتيجيات الانطلاق وحدها -على سبيل المثال، أهداف السنة الجديدة والتحفيز- كافية لكي يحقق الشخص تغييرًا سلوكيًّا طويل المدى.
ثانيًا، تساعد استراتيجيات مرحلة التسلق ومرحلة سرعة الإفلات الأشخاص على التحول من السلوك المتعمد والمستهلك للطاقة إلى السلوك التلقائي والسهل، مثلًا، تطوير العادات الجديدة قد يؤدي إلى تحويل عملية تغيير السلوك من الوعي إلى اللاوعي، من حالة الجهد إلى حالة التدفق، من المتعمد إلى الانعكاسي.
في المرحلة الأعلى (مرحلة سرعة الإفلات)، يتخرج الشخص من خلق عادة سلوكية إلى خلق هوية جديدة، إذ يكون السلوك معيارًا شخصيًّا جديدًا وقيمة أساسية، في الواقع، إلى أن تصبح السلوكيات والعادات المتعمدة جزءًا من هويتنا وصورتنا الذاتية، سنكون عرضة للانتكاس في عاداتنا.
ما السبب الأساسي الثاني الذي يجعل حتى الأشخاص ذوي النيات الحسنة وذوي الموارد الجيدة يكافحون في رحلة تغيير السلوك؟ إنهم يركزون على تغيير السلوك الخارجي بدلًا من جعل السلوك جزءًا جوهريًّا منهم، هل تريد أن تجعل من سلوكك الجديد عادة دائمة؟ إذن اجعله جزءًا من هويتك بدلًا من أن يكون مجرد شيء تفعله.
وأخيرًا، وبناءً على هذا النموذج لتغيير السلوك، يمكن تلخيص قدرة الشخص على إحداث تغييرات سلوكية دائمة في الصيغة التالية: (القوى التي تعزز التغيير وتحافظ عليه، وقوى الجاذبية تسحبها إلى الوراء).
وهذا يعطينا ثلاث طرق للتقدم:
1) تقليل قوى الجاذبية لدينا.
2) زيادة قوى التغيير لدينا.
3) وفي الناحية المثالية، افعل كلا الأمرين في الوقت نفسه.
وما السبب الثالث في أن قلة من الناس يحققون أهداف تغيير السلوك على المدى الطويل؟ ذلك لأن قوى جاذبيتها التي تأتي في شكل العوامل، مثل البيئات الاجتماعية والمادية الضارة، والنقد الذاتي وضعف الصورة الذاتية، والإدمان وحالات الصحة العقلية، والعادات السلبية، لا يتم معالجتها، ففي تلك الحالة، تتولى قوى الجاذبية المسؤولية في النهاية، مثل الحدائق الممتلئة بالحشائش.
الملخص
ليس عليك أن تتقبل نتيجة أخرى قصيرة المدى هذا العام، فإن علم تغيير السلوك يقدم خطوات عملية لتحويل أهداف تغيير السلوك لدينا إلى تحسينات دائمة لحياتنا.
المراجع
Gardner B, Lally P, Wardle J. Making health habitual: the psychology of ‘habit-formation’ and general practice. Br J Gen Pract. 2012 Dec;62(605):664-6. doi: 10.3399/bjgp12X659466.
Wood W, Rünger D. Psychology of Habit. Annu Rev Psychol. 2016; 67:289-314. doi: 10.1146/annurev-psych-122414-033417.
نبذة عن الكاتب
توماس روتليدج، حاصل على شهادة دكتوراه، هو بروفيسور مقيم في قسم الطب النفسي في جامعة كاليفورنيا في سان دييغو، وهو أخصائي نفسي في نظام الرعاية الصحية في فيرجينيا، سان دييغو.
(وفق اتفاقية خاصة بين مؤسسة معنى الثقافية، ومنصة سيكولوجي توداي).
تُرجمت هذه المقالة بدعم من مبادرة «ترجم»، إحدى مبادرات هيئة الأدب والنشر والترجمة.
الآراء والأفكار الواردة في المقالة تمثّل وِجهة نَظر المؤلف فقط.