لا يوجد شخص كتورجنيف تجسدت فيه البشرية كلها، بل الحياة كلها لتنطق بلسانه – ارنست رينان
أركاداي: والطبيعة تفاهة أيضاً؟ سأل وهو يتأمل في أبعاد الحقول الزاهية وقد أنارتها على نحو جميل شفاف أشعة الشمس المائلة إلى المغيب.
بازاروف: الطبيعة كذلك تفاهة بالمعنى الذي تفهمه بها أنت، فالطبيعة ليست معبداً، وإنما هي ورشة، والإنسان عامل فيها.”
رواية الآباء والبنون
يُذكر أن صحفيًا طلب من الروائي الكبير رسول حمزاتوف أن يعطيه تعريفاً للأدب الروسي، فقال: إنه أدب “الآباء والبنون” و”الجريمةوالعقاب”و “الحرب والسلم”.
لم يكن يتوقع تورجنيف نفسه حين انتهى من كتابة روايته أنها ستصبح علماً بارزاً في الأدب الروسي تقف إلى جانب روايات أفذاذ من قبيل دوستيوفيسكي وتوليستوي، إذ كتب في يومياته “الأحد، 30 يوليو، قبل ساعة ونصف تقريباً فرغت أخيراً من كتابة روايتي، ولا أدري هل ستلقى نجاحاً أم لا”. وقد صدق أبو العلاء المعري حين قال: وتقدرون، فتضحك الأقدارُ.
الطريق نحو الروائي
ولد إيفان تورجنيف في عام 1818 م بمدينة أوريول الروسية في أسرة رفيعة من المجتمع الروسي، فوالده كان فارساً في إحدى كتائب الخيالة، وأمه من أسرة بورجوازية ثرية تقع في حيازتها أملاك واسعة. وحين شب الفتى عن الطوق، درس في روسيا ثم انتقل إلى ألمانيا ليدرس في جامعة برلين بين عامي 1838 و 1841، ثم عاد بعدها إلى روسيا وهو مؤمن بتفوق الغرب وحاجة روسيا إلى التغيير. (Britannica)
بدأ تورجنيف حياته الأدبية بكتابة الشعر إذ نشر أول ديوان له سنة 1834 باسم Steno منتحياً فيه منحى الشاعر الإنجليزي اللورد بيرون من حيث الأسلوب الدرامي. ولكن لم يلاقِ إنتاجه الشعري أي صدى إلا سنة 1843 حين نشر قصيدته المطولةParasha.(Britannica). وكان قد نشأت بين تورجنيف وبين الناقد الروسي بلنسكي صداقة قوية عام 1841؛ كان لها الأثر الكبير في تكريس حياته للقلم واتجاهه إلى الواقعية في الكتابة الروائية (Joe Andrew ص12) ويكفي لنعرف فضل بلنسكي عليه أنه قد أهدى رواية “آباء وبنون” لتخليد ذكرى صديقه الراحل.
وقد حدثت لتورجنيف قصة حب غريبة إذ قابل في عام 1843 المغنية الفرنسية بولين غارسيا فأُولع قلبه بها ولعاً عظيماً، ومع أنها كانت متزوجة إلا أنه قد لازمها إلى آخر حياته وتنقل مع عائلتها في أسفارها العديدة في أوربا .على أن تورجنيف لم يتزوج قط إلا أنه كانت لديه طفلة غير شرعية من فلاحة من مدينة سباسكوي عهد بتربيتها إلى حبيبته بولين. (Britannica)
نشر تورجينف دراسات نثرية مختلفة وأقصوصة بعنوان “مذكرات رجل زائد على الحياة”، ولكن لم تلتفت إليه الأنظار إلا مع القصص القصيرة التي نشرها سنة 1852 باسم “مذكرات صياد” التي لاقت قبولاً وإقبالاً في المجتمع الأدبي آنذاك. ثم نشر أول رواية له سنة 1857 باسم “رودن” ثم أتبعها بروايات متعددة منها “منزل النبلاء” و “في العشية” و”الدخان” و”آباء وبنون” التي نشرها سنة 1862.
ونلاحظ أن الشخصيات الرئيسة في روايات تورجنيف تصدر عن شخصيات واقعية ملموسة وهذا ليس بالغريب على شخص انتهج المذهب الواقعي في الرواية. فمذكرات صياد كتبها بعد أن خرج في رحلة صيد مع رجلين من الفلاحين وألهموه فكرتها. ورواية “آباء وبنون” قد انقدحت في رأسه إثر لحظة إلهام حالمة وهو يستحم على ساحل بحر مدينة فينتنور بجزيرة وايت البريطانية مستنداً في تصوير بطلها بازاروف إلى شخصية طبيب حقيقي كان قد رآه ذات مرة في أحد الأقاليم فأثار دهشته وتجسدت في هذا الإنسان الرائع “تلك البداية التي ولدت للتو وكانت في دور الاختمار والتي اسميتها فيما بعد بالعدمية أو الرفض”.( المؤلفات المختارة لتورجنيف.ص495) التي يمكن أن تعرف على أنها رفض كل شيء لا يلمس ويبرهن بالتجربة وعدم الاعتراف بالأخلاق والقيم.( Donald Fangerص17) وقد ذكر هو نفسه ذات مرة أني “لم أحاول مطلقاً أن أرسم شخصية إلا إذا توفر لدي منطلق استند إليه، ومنطلقي هذا ليس فكرة بل هو شخص حي تضاف إليه العناصر المناسبة وتختلط به تدريجياً “(المؤلفات المختارة لتورجنيف.ص495)
والحق أن الفضل يعود إلى تورجنيف في نشر فكرة العدمية حيث يقول عن ذلك “عندما عدت إلى بطرسبورج سمعت آلاف الأصوات التي تكرر كلمة عدمي، وشعرت آنذاك بأحسيس متنوعة ولكنها مرهفة ممضة بقدر واحد” (المؤلفات المختارة. ص496)
دَوِيُّ الرواية
وبعد أن نشر الرواية، هوجم تورجنيف بسببها هجوماً عنيفاً من قبل المحافظين فاضطر إلى أن يغادر روسيا ويعيش في بادن بادن حيث تسكن حبيبته بولين بعد تقاعدها. ثم اضطرت بولين إلى أن تغادرها بعد نشوب الحرب بين فرنسا وألمانيا بين عامي 1870-1871 فغادر معها تورجنيف إلى لندن ثم إلى باريس حيث تعرف هناك على كبار الكتاب في أوروبا في ذلك الوقت كفلوبير وجورج ساند وايميل زولا وغيرهم، فساعد ذلك على إذاعة صيت تورجنيف حتى صار أول أديب روسي معروفاً في أوروبا كلها وأمريكا. (Britannica)
وأصاب تورجنيف شهرة عظيمة في روسيا بعد وفاة الأديب الروسي جوجل ولكن ما أسرع أن خبا بريقه بعد صعود نجم الأديبين الروسيين توليستوي ودوستيوفيسكي. ويذهب النقاد مذاهب شتى عن علة ذلك، ولكن يبدو أن أرجح الآراء هو نزوع تورجنيف في رواياته إلى الواقعية المباشرة التي تجلعه لصيقاً جداً بعصره وتقلل النصيب المشترك بينه وبين العصور التي تليه، في حين أن غريميه توليستوي ودوستيوفيسكي قد نجحا في إيجاد لغة أقدر على تجاوز الزمن لتخاطب أبناء العصر الحالي ( Joe Andrew ص10)
لقد قرأت الرواية أول مرة بالانجليزية للمترجم Richard Hare في شتاء 2011 ولكن لم أكملها لأسباب لا يتسع المقام لإجمالها. ثم قرأتها في صيف 2018 كاملة بالعربية وهي مترجمة عن الانجليزية للمترجم خيري الضامن الذي نقل إلى العربية عدة أعمال أدبية من الأدب الروسي. ولا بأس بصياغة الترجمة، لكني لا أستطيع أن أحكم على مستواها دون المقابلة بين النسخة العربية والنسخة الانجليزية، وهذا بحث من الواجب أن ينبري له أحد الباحثين حتى تنشط الحركة النقدية في الأدب.
التربة التاريخية للرواية
في هذه الرواية، يصور تورجنيف الأقاليم الروسية في ستينيات القرن الثامن عشر تحت الحكم القيصري الملكي، وكانت الغالبية العظمى من طبقات المجتمع الروسي في بداية القرن التاسع عشر تتكون من العبيد وطبقة قليلة جدًا من رجال الدين والبرجوازيين والطبقة الوسطى والأعيان من التجار وذوي المناصب العليا في الجيش. وكان حال المجتمع -كما يقول إدوارد سعيد- لم يتغير منذ أجيال طويلة وكأن الزمن واقف، فالحياة هادئة وشاعرية ، والافكار هي نفسها، والابناء الملاك يرثون عادات حياتهم من والديهم، فيتزوجون وينجبون،وتسير الحياة دون تغيير تقريباً،ويظل هذا الحال قائماً حتى ينفجر الموقف بظهور شخصية بازاروڤ الذي رفض كما يقول تورجنيف “أن يذيبه في محلول السكر”، أي المجتمع (سعيد.ص48).
وتصور الرواية التحولات الكبيرة التي طرأت على بنية المجتمع بدءاً من عشرينيات القرن التاسع عشر حينما انتشرت في المجتمع الروسي تيارات عديدة من بينها المحاظفون الذين يدعون للعودة إلى الثقافة السلافية الروسية والليبراليون الذين يدعون الى التغريب. وقد وقع صراع بين أحد هذه التيارات كالانشقاق الحاد في ستينيات القرن التاسع عشر الذي حدث بين الفئتين اللتين يتمحور حولهما موضوع الرواية: الليبراليين (الآباء) الذين يؤمنون بالفلسفة المثالية الألمانية وقيمة الحرية والجمال والأخلاق، والعدميين (البنون) الذين يؤمنون بمادية الفيلسوف فيورباخ والعلم والتقدم(Routledge Encyclopedia of Philosophy.ص6)
قراءة في الرواية
تبدأ الرواية برجوع الفتى أركادي إلى والده نيكولاي الذي يسكن في قرية نائية. لم يكن وحيداً كما توقع والده، بل كان معه صديقه بازاروف العنيد الخارج على كل مألوف. ويلاحظ الأب أن ابنه صار ناضجاً، وأن لديه أفكاراً صادمة يدلي بها من غير أن يتورع أو يحتاط من عواقبها. ويسأل العم ابن أخيه عن هذا الصديق المثير للريبة والخوف:
“بافل(العم): من هو بازورف
أركاداي: هل تسأل هن هو بازروف يا عمي؟
بافل: اعمل معروفاً يا ابن اخي
أركاداي: انه نهلستي(عدمي)
نيكولاي: مصطلح نهلستي على ما أظن مشتق من الكلمة اللاتينية نيهيل “Nihi” أي لا شيء، عدم. ومن ثم فإن هذه الكلمة تعني إنسانا يرفض كل شيء،أليس كذلك؟
بافل: الأصح لا يحترم شيئاً.
أركاداي: إنه الانسان الذي يعالج كل شيء من وجهة نظر انتقادية.
بافل: أليس ذلك سواء.
أركاداي: كلا ليس سواء، فالنهلستي هو الإنسان الذي لا يطاطئ رأسه أمام أية شخصية مرموقة ولا يتقبل أي مبدأ دون تمحيص.”
وفي عرض للصراع القائم بين الليبراليين والعدميين يحاول الوالد جهده أن يجاري تيار الزمن ويكون عصرياً ما أمكنه الأمر، ويبذل قصاراه لأن يكون صديقاً لابنه أكثر منه أباً، فهو مثلاً لم يحفل كثيراً بعلاقته مع الخادمة ولم يجد حرجًا من أن يعلن أنه يريد الزواج منها صادراً عن ذلك من ميوله الليبرالية، وهذا أمر مرفوض في اعتبارات المجتمع البرجوازي المحافظ في ذلك الوقت. ولكن ابنه مع ذلك يراه رجعياً ممتلئاً بمخلفات عادات الجيل السابق وأخلاقه.
وينصدم الأب والعم بافل بشخصية بازاروف، فهو يحتقر الشعر والفن والأدب ولا يرى بوشكين وشعره ولا رفائيل ولوحاته إلا محض هراء، ولا يعترف إلا بالتجربة والعلم المادي البحت. فالحقيقة لا يدخل في المقدور معرفتها إلا عن طريق الملاحظة والتجربة وكل ما عدا ذلك فهو “قمامة رومانسية” يجدر بالانسان الصارم التخلص منها، وقد ألحق في هذه الكومة من القمامة كل ما هو غير عقلاني وغير قابل للاختزال في قوانين وقياسات كمية كالأدب والفلسفة وجمال الفنون والطبيعة(. ISAIAH BERLINص182)
وتدخل الشخصيات في تحولات جوهرية مع سير الرواية قُدماً إذ لا يلبث أن يخرج بازراوف وصديقه إلى عالم المدينة، ويلتقيا بفتاتين شاءت الأقدار أن يعشقانهما كل العشق. وهنا نجد أن كل واحد منهما يباشر أعمال وتصرفات تخالف تفكيره وتوجهاته. فبازروف الذي يحتقر الحب يقع في حب امرأة تدعه يصرح لها بالحب فترفضه، ونيكولاي الذي يبجل صديقه ذلك التبجيل ينتقده لا لشيء سوى أن الفتاة التي أحبها غيرت موازين نظره إلى الحياة.
وليس في الرواية أحداث متشعبة ولا شخصيات عديدة، بل هي خط من الأحداث المترابطة جداً إلى درجة قد تبعث القارئ على الملل لولا أن كاتبها هو تورجنيف، فاللغة شعرية متوقدة وإن كانت في المجمل وصفية واقعية. وليس ذلك غريباً، إذ كان شاعراً في شبابه قبل أن ينتهج المذهب الواقعي في كتابته للروايات، وربما يجوز لنا أن نقول إنه بجمعه في لغته بين الشعرية والواقعية قد مثل نفسه أفضل تمثيل. ونلاحظ أن تورجنيف كان يأخر قدماً مع الآباء ويقدم أخرى مع البنين محاولاً إمساك العصا من المنتصف، ولكنه يجد نفسه أميل إلى الفئة الأخيرة إذ إن “موقفه من نموذج بازاروف الذي ابتدعه خال من التحيز ضده، بل هو موقف متعاطف معه”(المؤلفات المختارة. ص498). غير أنه لا يلبث أن يقول إنه يؤيد بازاروف في كل معتقداته تقريباً “ما عدا آراءه في الفن”. وهذا يجعلنا نشك في فهم تورجنيف للعدمية على نحو عميق وفي حقيقة تعاطفه مع “البنين”، فأي عدمية هذه التي تؤمن بآراء في الفن وقيم في الجمال أو الأخلاق؟
تنتهي الرواية نهاية مأساوية صادمة للتوقعات بموت بازاروف من داء عضال يصيبه. فهذا البازاروف الذي جعل كل من يراه يوقن بأنه سيصير لا محالة شخصاً عظيماً في يوم من الأيام يموت ميتة عادية في كنف أمه وأبيه ويمضي بلا مجد ولا شهرة ولا أثر يخلد ذكره في الدنيا. ولا نخطئ في الرواية شعوراً عبثياً ساخراً منسوجاً في صميمها، منذ بداية الرواية ترتسم في ذهن القارئ صورة عن بازاروف تبشر له بمستقبل عظيم في التاريخ، ولكن في النهاية يُصدم برحيله المفاجئ من غير تأثير يذكر وتستمر الحياة، وكأن شيئاً لم يكن! فالتي أحبها تزوجت، و أركاداي صديقه وحامل أفكاره صار اقتصادياً يستثمر في مزرعته، وأبوه وأمه يزوران من حين إلى آخر قبره النائي، ويطيلان النظر بحرقة إلى الحجر الصامت الذي ينام تحته ابنهما “فهل يعقل ان صلواتهما ودموعهما عقيمة يا ترى؟ … كلا! فمهما كان القلب الذي أطبقت عليه ظلمة القبر متحمساً متمرداً خاطئاً، فإن الزهور التي تنمو على ترابه تتطلع إلينا مطمئنة بعيونها البريئة، فهي لا تحدثنا فقط عن السكون الأبدي، ولجة سكون الطبيعة اللامبالية، بل تحدثنا أيضاً عن الرضوان الأبدي وعن الحياة اللانهائية”.
وماذا بعدُ؟
قيل إن بازاروف هو البلشفي الأول قبل أن تظهر الثورة البلشفية مذ كان يؤمن برفض كل شيء ويطلب تغييره بالقوة( ISAIAH BERLINص184). وهنا نسأل أنفسنا لماذا حتم تورجنيف على بطله هذه النهاية المبكرة؟ ربما نجد المفتاح في إحدى رسائله حيث يقول” رأيت في المنام شخصاَ كبيرًا قاتمًا وحشيًا، قوياً مريراً صادقاً، كان نصفه نشأ من التربة – وكان مصيره الموت كأي شخص تقف قدمه فقط على عتبة المستقبل( DonaldFangerص22) فهل هذا الوحش\بازاروف الذي رآه تورجنيف – وحتم عليه هذه النهاية ربما خوفاً منه -كان نظرة استشرافية لظهور الوحش البلشفي في سنة 1917؟ ربما… ومهما يكن الأمر، فإن قيمة الرواية تكمن في أنه حين مثل تورجنيف هذا الصراع بين الآباء والبنين مثل معه كل صراع يقوم في كل مجتمع وهو يعيش مخاض التغيير، وصور كل اختلاف أزلي يخلقه الزمن بين جيل وجيل في السلوك والتفكير. وحسبها بذلك قيمة!
المراجع:
- المثقف والسلطة، إدوارد سعيد، دار رؤية 2008.
- المؤلفات المختارة ايفان تورجنيف، دار المدى 2016.
- “The Influence of Dostoevsky and Chekhov on Turgenev’s Fathers and Sons Donald Fanger “THE POETICS OF IVAN TURGENEV. Kennan Institute for Advanced Russian Studies 1989.
- “IVAN TURGENEV MICHAEL R. KATZ (TRANSLATOR) – FATHERS AND SONS (NORTON CRITICAL EDITIONS) (1995 W. W. NORTON)” Fathers and Children: Turgenev and the Liberal Predicament by SIR ISAIAH BERLIN
- Freeborn، R. H. (n.d.). Ivan Turgenev. Retrieved April 1، 2019، from https://www.britannica.com/biography/Ivan-Sergeyevich-Turgenev
- Essential Turgenev by Ivan Sergeevich Turgenev edited by Elizabeth Cheresh. Allen Northwestern University Press، 1994
- Turgenev and Russian Culture: Essays to Honour Richard Peace. (Studies in Slavic Literature and Poetics) by Joe Andrew (Editor)، Derek Offord (Editor)، Robert Reid (Editor)
- Routledge Encyclopedia of Philosophy: Volume7. 1998
- Russia in the Nineteenth Century. Autocracy، Reform، and Social Change، 1814-1914. Ed. by Larissa Zakharova، Thomas C. Owen. Armonk، NY – London: M.E.Sharpe، 2005