لتحميل المقالة : البراجماتية والحقيقة – من معيار النظر إلى معيار العمل
ما تأسست البراجماتية كنزوع فلسفي إلا في صلة مباشرة بإشكالية المعنى والصدق، وما فرضت نفسها في ساح الفكر إلا لكونها أحدثت إنقلابا جذريا في فكرة معيار الحقيقة. حتى أن وليم جيمس رأى في زمنه أن البراجماتية صارت تعني: “نظرية معينة للحقيقة.”([1])
غير أن دراسة البراجماتية وتحديد مواقفها المعرفية ليس بالأمر السهل؛ وذلك بسبب تنوع اجتهاداتها ومواقفها. وهذا ما وعاه مبكرا بعض الباحثين وإن أوردوه مورد الذم لا التقدير. ومثال ذلك ما كتبه جورج كانطيكور عام 1907 : “إن البراجماتية تبدو كارتجال لجمع من الفكاهيين، وعبث لمفكرين بلا مسؤولية، غير مبالين بقطع الجسور من خلفهم أو من أمامهم؛ لأنهم لا يذهبون إلى أي اتجاه، و لا يهتمون ببناء نسق.”([2]).
أجل، لا تبدو البراجماتية مذهبا جاهزا، محدد الأفكار، بل هي تفاريق من المواقف والأطاريح، عسرت على كثير من الباحثين تأطيرها في تصنيف مذهبي، فلجؤوا إلى وسائل تقريبية قاصرة. ومن أمثلة ذلك تصنيف مونطاغ W.P.Montague ([3]) الذي لم يجد من نظام يجمع به شتات فلاسفة البراجماتية سوى تعداد اهتماماتهم، حيث نجده يتحدث عما سماه بالبراجماتيين البيولوجيين، والسيكولوجيين، والأنطولوجيين، والمنطقيين، والتربويين!
ومثل هذا التصنيف لا يقدم كثيرا ؛ إذ لا يعدو أن يكون تحديدا لمجال الاختصاص، وليس بإمكانه أن يخفي التباينات الكثيرة التي توجد بين البراجماتيين المؤطرين حتى داخل الاختصاص المعرفي الواحد.
ومن علامات جذرية التباينات الفاصلة بين البراجماتيين أنه لما حاول أحد الباحثين – أعني أرثر لوفجوي Arthur O. Lovejoy([4]) – نَظْمَهُمْ في تصنيفات مميزة، انتهى إلى ثلاثة عشر نوعًا من البراجماتيات! لذا ليس مبالغة كبيرة إذا قلنا إن ثمة براجماتيات بعدد البراجماتيين.
وعليه فإن تناول هذه التقليعة الفلسفية لا ينبغي أن يتم في صيغة تصورية متماثلة، دون لحظ تعددية طروحات المنتسبين إليها.
لكن بما أن القصد من بحثنا ليس الكتابة عن البراجماتية كمذهب فلسفي ولا التوسع في استقصاء تلاوينها المذهبية؛ فإذن من “البراجماتية” أن نحصر النظر في البراجماتية في حدود ما يخصنا هنا، أي استمداد موقف هذه الفلسفة من سؤال الحقيقة ومعيارها.
ومن حسن حظ مبحثنا هذا، أي تحديد معيار الحقيقة، أننا نجد بعض التقارب بين البراجماتيين يتمثل في توافقهم على قياس صدقية الفكر بنجاعته العملية. هذا دون أن يكون الاتفاق على المعيار مانعا للاختلاف([5]) في تعيين حدود تطبيقه. بل ولايعني هذا أن نظرية معيار الحقيقة كانت متماثلة في مختلف المتون البراجماتية. إذ على الرغم من تقارب البراجماتيين في تعيين صدقية الفكر بالنجاعة، فإنه لابد من تقديم احتراس، يستوجبه اختلاف تأويلهم لدلالة ذلك التعيين . بل حتى لدى المؤلف الواحد نجد أحيانا صيغا متعددة خلال تنظيره لنظرية الحقيقة. ولا أدل على ذلك من انتهاء إلميدير Almeder في إحصائه لنظريات الحقيقة عند بيرس إلى أنها تبلغ ثلاثة عشر نظرية([6])! أو استقراء كيركهام R.Kirkham([7]) لاختلاف دلالة الصدق عند وليم جيمس حيث وجد لديه حينا تعبيرا عن نزعة ذاتية متطرفة، وحينا آخر نزعة موضوعية، وحينا ثالثا نظرية نسبية، وفي مواضع من متنه أخذا بفكرة المطابقة، بينما يجد في مواضع أخرى قولا بفكرة الاتساق!
أجل إن هذه التباينات ملحوظة للناظر المدقق، لكن إذا أردنا الأخذ بما هو طاغ وظاهر، فلابد من الاعتراف بأن المتن البراجماتي صريح في المنافحة عن صدقية المعرفة بمنطق العمل، وما يقتضيه من جعل النجاعة معيارا.
ومبحثنا هنا موجه بشكل خاص لدراسة هذا المعيار، والكشف عن محدوديته من حيثية مآله أو مزالقه على مستوى نظرية الحقيقة. لكن لنبدأ أولا بدلالة التسمية، إذ فيها ملحظ معياري بحد ذاتها.
=1=
يرجع لفظ “براجماتية” إلى اللفظ اليوناني “براجما” Pragma الذي يعني “فعل” أو “عمل”. ومنه الصفة “براجماتيكوس” Pragmatikos أي “عملي”.
غير أن هذا اللفظ اللغوي لم يصبح “دالا فلسفيا” إلا في الزمن المعاصر، وتحديدا في نهاية القرن التاسع عشر عندما استعمله تشارلز ساندرز بيرس Charles Sanders Peirce ([8]). وفي هذا يقول وليم جيمس William James مسترجعا لحظة التأسيس تلك ([9]):
“وكان أول من أدخل اللفظ في الفلسفة تشارلز بيرس في سنة 1878. في مقال بعنوان “كيف نجعل أفكارنا واضحة؟” نشر في عدد يناير من تلك السنة في مجلة Popular Science Monthly “([10])
وفي ذلك المقال التأسيسي حدد بيرس المعيار الإبستيمولوجي للبراجماتية ” بعد أن أشار إلى أن عقائدنا هي في الواقع قواعد للعمل والأداء – إننا لكي ننشيء معنى فكرة، فكل ما نحتاجه إليه فقط هو تحديد أي سلوك تصلح لإنتاجه.”([11])
وهذه النجاعة العملية هي الوسم الذي يحدد به وليم جيمس الطريقة البراجماتية في التفكير، حيث يقول: “إن الطريقة البراجماتية … هي محاولة تفسير كل فكرة بتتبع واقتفاء أثر نتائجها العملية كلا على حدة.” ([12])
لكن إذا كانت “ماهية” هذه الفلسفة الجديدة تكمن في معيارها المعرفي القائل بأن صدقية الأفكار تقاس بفائدتها ونجاعتها العملية، فأين الجدة في هذا؟
أليس من السهل إيجاد هذا النظر العملي في كثير من لحظات الفكر الفلسفي السابقة؟
بل ألا يصح القول بأن هذا النمط من النظر حاضر أيضا في السلوك اليومي لأي انسان؟
إذن ألا تكون البراجماتية بمعيارها ذاك مجرد صياغة فلسفية مهذبة لطريقة التفكير العامي؟!
يحرص وليم جيمس على التنصيص على قدامة البراجماتية منذ العنوان الفرعي لكتابه، حيث عنونه بـ”البراجماتية: اسم جديد لبعض طرق قديمة في التفكير” ( Pragmatism: A New Name for Some Old Ways of Thinking)؛ وفي تأصيله لها يزعم جيمس أنها تبدو في أول تمظهرات الفكر الفلسفي الإغريقي. وبالفعل بالعودة نجد لدى المؤرخ اليوناني بوليبيوس Polybius استعمالا لفظ “براجماتي” كوصف لكتابه في التاريخ، قاصدا بذلك أن تلك التورايخ التي يسردها ذات نفع للقارئ. وفي سياق التأصيل يقول جيمس بأن البراجماتية “ليست شيئا جديدا جوهريا، فهي تتناغم مع كثير من الاتجاهات الفلسفية القديمة.” ([13]) ويستحضر سقراط واصفا إياه بأنه “كان بارعا حاذقا” في البراجماتية. كما يستحضر أرسطو قائلا بأنه استعمل البراجماتية “بطريقة منهجية “([14]). ومن الفلسفة الحديثة يستحضر وليم جيمس “لوك وبركلي وهيوم” ([15]) واصفا إياهم بأنهم أسهموا فيها بقسط وفير.
لكنه يستدرك بالقول: ” بيد أن هؤلاء الرائدين السابقين للبراجماتية استخدموها بعضا لا كلا، واستعملوها أجزاء وكسرا وشظايا.” وبذلك لم يكن هؤلاء سوى “ماهدين فقط. إذ لم يقدر للبراجماتية أن تعمم نفسها إلا في زماننا المعاصر، حيث أصبحت واعية برسالة عالمية.”([16])
ولا شك أن الحس العملي له تمظهرات في كثير من الأفكار والفلسفات القديمة. لكن حضور ذلك الحس لا يعني بالضرورة تشكلا نظريا ومفهوميا للتفلسف البراجماتي؛ وإلا لصح النظر إلى قول المسيح في إنجيل متى : ” من ثمارهم تعرفونهم” ([17]) دالا على البراجماتية([18])!
كما لا شك أن الحس العملي ذو حضور في الفكر العامي، لكن ثمة فارق بين الحضور العفوي للفكرة وبين التقعيد المنهجي لها.
ومن ثم على الرغم من تأصيل جيمس للرؤية البراجماتية في القديم، يصح أن نقول إنها نزوع فلسفي جديد، استنزل معيار الحقيقة من مقام النظر إلى مقام العمل. فجعل إدراك الآثار الواقعية مرادفا لتحقق المعرفة. يقول تشارلز بيرس: ” أن نضع في اعتبارنا الآثار العملية التي نعتقد إمكان صدورها عن موضوع تصورنا. وأن نلم بتلك الآثار كلها هو التصور الكامل للموضوع.” ([19]). صحيح أن مقالة بيرس هذه يمكن أن نرى فيها نظرية في الدلالة، لا نظرية في الصدق. غير أن هذا لا يمنع من أن نقول إن مآلها إلى نظرية في الصدق يمكن أن نستمده من قراءة آثارها هي ذاتها! إذ تم استقبال مقالة بيرس من قبل وليم جيمس كنظرية محددة لدلالة الحق على نحو آلت به إلى المدلول العملي.
وبهذا كانت البراجماتية في موقف مضاد للرؤية العقلانية المنغلقة في الكوجيتو. وهو ما يشير إليه أيضا وليم جيمس عندما يتحدث عن اختلاف في الأمزجة وطرق التفكير بين العقلاني والبراجماتي، حيث يقول: “المزاج الخاص بالمذهب العقلي … وضعته موضع التضاد من مزاج البراجماتية.”([20]).
وهذا التقابل الخلافي مع الفلسفة العقلانية، يفيد أن البراجماتية ترفض عَدَّ معيار الصدقية في انسجام الفكر مع المبادئ العقلية، لذا فالسؤال الذي تنشغل به ليس سؤالا عن الاتساق الداخلي للفكر، بل سؤالا عن فعاليته في الممارسة. وهو المعنى الذي نجد تشالرز بيرس ([21]) ينحو نحو توكيده في أعماله المتأخرة.
يقول وليم جيمس: “إذا سلمنا بأن فكرة أو معتقدا صحيحا، فما هو الفرق الملموس الذي يحدثه كونه صحيحا في الحياة الواقعية لأي إنسان؟ كيف تتحقق الحقيقة؟ ما هي الخيرات التي ستكون مختلفة عن تلك التي تحدث إذا كان المعتقد زائفا وباطلا؟ وبالاختصار ما هي القيمة الفورية للحق، اختباريا وتجريبيا وممارسة؟ “([22])؛ لأن ” البراجماتية لا تشعر بالراحة بعيدا عن الوقائع.”([23])
ويتوسع جيمس في تطبيق المعيار البراجماتي ليستوعب المعارف العلمية والمعارف الروحية أيضا. وهكذا كان قياس نجاعة المعارف العلمية الفيزيائية بالنظر في أدائها الإنتاجي وقدرتها على التأثير والتنبؤ. وقياس نجاعة المعارف الدينية يكون بالتحقق من أثرها في النفس والسلوك الاخلاقي.
ويرى جيمس أن الحاصل من تطبيق التصور البراجماتي على فعل الفكر إيجابي. وذلك عكس الحاصل من الفلسفة العقلانية؛ لأن ” الفرض الأكبر لأصحاب المذهب العقلي هو أن الحق يعني بالضرورة علاقة جامدة هامدة غير متحركة. فإذا حصلت على فكرتك الصحيحة أو الحقيقة عن أي شيء، فقد قضي الأمر، وهذه هي نهاية المسألة، فأنت مالك وحائز، أنت تعرف. لقد حققت مصيرك التفكيري … وليس ثمة حاجة إلى مزيد من تلك الذروة أو الغاية التي بلغها مصيرك العقلي.” ([24])
إذن، ففائدة المعيار البراجماتي هو أنه يجعل الفكر موصولا بالوقائع ومتفاعلا مع صيرورتها عكس معيار المذهب العقلاني.
لكن التباعد بين البراجماتية والعقلانية لا يجعلها متوافقة تمام التوافق مع النزعة التجريبية. بل إن هذه النزعة تجعل معيار الصدق المعرفي هو التحقق التجريبي، ومن ثم تؤول إلى وهم المطابقة. وبذلك فالتجريبية تثير هي أيضا في الذهن التباسا خطيرا ؛ لأنها تشعر الفكر بأن محصلته المحققة تجريبيا مطابقة للواقع. بينما تعريف المعرفة حسب البراجماتيين ليست نقلا لشيء مرئي محسوس كما يزعم التجريبيون، ولا حدسا لمعطى داخلي عقلي كما يزعم الديكارتيون. بل المعرفة فعل وتفاعل مع الواقع، مع استصحاب لحاظ الفائدة.
يقول جيمس: “إن حيازة أفكار صحيحة تعني في كل مكان حيازة أدوات للعمل والأداء “([25]) ويضيف :”في وسعك أن تقول عنها … إنها مفيدة لأنها صحيحة، أو إنها صحيحة لأنها مفيدة”([26])
إن تعريف الصدق المعرفي للأفكار بالفائدة المحصلة منها على مستوى الممارسة، يلزم عنه أن الأفكار الحقيقية في وضع ما، قد تكون غير حقيقية في وضع آخر. وهو ما تقول به البراجماتية محدثة انقلابا جذريا في مدلول الحقيقة، إذ بدل كونها معطاة مسبقا في بداهات العقل ومبادئه – كما تدعي العقلانية – أو معطاة في الواقع كما تزعم التجريبية، محددة مهمة الفكر في المطابقة مع المعطى الواقعي، صارت الحقيقة متحركة مع إيقاع الفعل والعمل.
وهذا الرفض للحقيقة كمعطى سابق، هو ما احتفظت به البراجماتية الجديدة مع ريتشارد رورتي، الذي ركز نقده على ما سمي بـ”أسطورة المعطى” التي جعلت من المعرفة مجرد تصوير له. وضد ما سماه رورتي بـ”الابستيمولوجيا التمثيلية” كتب متنه النقدي “الفلسفة ومرآة الطبيعة” ([27]) مبرزا أن الحقيقة ليست معطى، وأن فعل التفكير ليس تصويرا للواقع.
وبنفي العلاقة المرآوية بين الوعي والواقع صارت ولابد محصلة فعل الفكر نسبية. ومن ثم فما ندعوه “حقيقة” ليس سوى معرفة نسبية؛ لأنها ليست محصلة بصفة نهائية، بل هي مرهونة بالممارسة التي تتغير حسب الأوضاع والأزمنة. وعليه تدعونا البراجماتية إلى توقيت فكرنا على زمن حركة الواقع لنضمن صلاحيته.
إن التصور الحركي (الدينامي) للحقيقة نجده لدى بيرس، كما نجده لدى جيمس الذي حرص على التوكيد على حراك الحقيقة بتطور العلم حيث يقول: “بتقدم العلوم وتطورها، رسخت فكرة أن معظم، وربما كل، قوانيننا ليست سوى تقديرات تقريبية” ([28])
ويضيف “إن صحة فكرة ليست صفة أو خاصية راكدة كاسدة متوقفة عن التقدم أو النماء ووليدة ذاتها. إن الصدق العقلي أو الحقيقة تحدث لفكرة ما . إنها تصبح صحيحة أو حقيقية؛ إن الأحداث تجعلها صحيحة أو حقيقية. إن صدقها أو حقها يكون في الواقع حدثا.”([29])
وقوله إن “الحقيقة تحدث لفكرة ما” نقلة مما هو كائن إلى ما سيكون. وهذا النزوع يجعل نمط التفكير البراجماتي مختلف عن نمط التفكير التجريبي؛ لأن هذا الأخير نازع نحو ما هو كائن، وراغب في التطابق معه، بينما النظر البراجماتي ينظر إلى الممارسة والنجاعة التي ستتحقق. كما يجعله مغايرا لنمط التفكير العقلاني بمدلوله الديكارتي، حيث أن البراجماتي يفكر بالغايات بينما الثاني يفكر بالمبادئ. وفي ذلك فرق كبير. وعليه إذا كانت فلسفة ديكارت تنشغل بنقطة انطلاق التفكير (أي تحديد البداهات المطلقة الضامنة للحقيقة)؛ فإن البراجماتية لا ترى الحقيقة في المنطلق والابتداء، بل في الغاية والأثر.
=2=
في تعليقنا على موقف بيرس ([30])، أشرنا إلى أن استبداله لفظ “البراجماتيسيزم” بالبراجماتية لم يكن سوى تحوير لفظي شكلي من أجل استبعاد براجماتية جيمس. وقلنا بأنه كان أولى به أن يعترف بأن الفلسفة البراجماتية بمنظورها المنفتح على معيار العمل والنجاعة، منفتحة على ممكنات متعددة، وأن معيارها هذا مهيأ لإثمار براجماتيات كثيرة، بدل أن يختزل البراجماتية ويحصرها في تصوره هو.
وإذ نستعيد تعليقنا هذا على بيرس، فذاك للتوكيد على أمر مهم ينبغي الوعي به في مبدأ التعليق النقدي على البراجماتية. وهي أنها ليست فلسفة مفردة، بل نزوعًا فلسفيًا ذا أشكال مختلفة وحصائل متباينة؛ وعليه ينبغي الاحتراس من تعميم نقدٍ قد لا يطابق إلا مفردًا من مفردات البراجماتيين.
أضف إلى ذلك وجوب الاحتراس أيضا من تلك الانتقادات اللامعرفية الشائعة. إذ يلحظ كل ناظر في المكتوبات المتداولة أن البراجماتية من أكثر الفلسفات المعاصرة تسفيها؛ بسبب النقد السطحي الشائع الذي يبتذلها بمساواتها بالنفعية بمدلولها الحسي الفرداني. بل اكتفى بعض نقادها بتعيين موطن تبلورها، أي المجتمع الأمريكي، كذريعة لاستهجان رؤيتها المعرفية، حيث قيل بأنها مجرد “التعبير الأكثر فضائحية عن الميركانتيلية الأمريكية”([31])، أي مجرد تمظهر نظري لمجتمع رأسمالي موغل في المادية والنفعية. وهو الحكم الذي نجده حتى عند برتراند راسل، الذي لم يتوان عن التهجم عليها بالقول : ” إن محبة الحقيقة مغطاة في أمريكا بالنزعة التجارية، وما البراجماتية إلا التعبير الفلسفي عن تلك النزعة.”([32])
ولا نرى في نشأة تلك الفلسفة في المجتمع الأمريكي ما يسوغ نقدها. أجل في تلك النشأة دلالة ينبغي اقتناصها، إذ ليس من الصدفة أن يكون أول تنظير فلسفي أنتجه المجتمع الأمريكي هو النظرية البراجماتية. بل لا شك أن في شروطه الثقافية والمادية ما أفاد حدس تلك النظرية وتسهيل شيوعها. إذ إن تلك الشروط المتميزة بالانتظام بالنمط الرأسمالي، وتسارع وتيرة التصنيع، وبدء شيوع التقنية، جعلت الفكر محتاجا إلى مفهومات فلسفية جديدة، على قدر من المرونة والمطاوعة يجعلها قادرة على استيعاب تطورات الواقع وتحولاته. بيد أن كون الفكر البراجماتي يحمل مفهومات متناغمة مع الاجتماع الأمريكي، ليس مسندا كافيا لنقده. بل إن كان في البراجماتية اختلالات – وهي موجودة بالتأكيد – فإن الاكتفاء بربط الفكر البراجماتي بأمريكا لنقده، كما فعل برتراند راسل – وكثير غيره – ما هو في المحصلة سوى تخفيف المسؤولية عن البراجماتيين وإلقائها على المجتمع الأمريكي!
وفي هذا نلحظ ما قلناه أعلاه وهي أن أكثر الانتقادات التي وجهت إلى البراجماتية لم تكن معرفية. حيث كان المكرر في مختلف الكتابات التي تناولتها بالنقد، هو القول بأنها فلسفة مَيَّعَتْ معيار الحقيقة، حتى جعلتها بلا مقاس ولا هوية إذ ساوتها بالنفعية.
لكن المفارقة هي أنه إذا كان راسل قد شدد في نقد وتسفيه البراجماتية، على الرغم من أنه متقارب نوعا ما معها، من حيث الرفع من قيمة النزعة العلمية والفلسفة التحليلية، وهو التقارب الذي يمكن أن نستدل عليه بمآل البراجماتية في طبعتها الجديدة مع ريشارد رورتي وريشارد شوستيرمان Richard Shusterman إذْ لم يجدا صعوبة في مزج البراجماتية بالفلسفة التحليلية، فإن الدفاع الأكبر الذي حظي به الفكر البراجماتي في بداية القرن العشرين أتاها من فيلسوف روحاني بادر إلى نقد ما وُصِمَتْ به من كونها نزعة نفعية، وأعني به الفيلسوف الفرنسي برجسون الذي قدم مرافعة قوية عن البراجماتية – أو بتعبير أدق عن براجماتية جيمس – ضد ما وُجِهَتْ به من انتقادات مستهجِنة. حيث قال :”لقد قيل بأن براغماتية جيمس ليست سوى صورة من صور الشكية، وأنه يستخف بالحقيقة، ويربطها بالمنفعة المادية، وأنه لا يشجع على البحث العلمي المتجرد. إن تأويلا كهذا لن يخطر أبدا ببال من يقرأ كتابه ([33]) بعناية .”([34]).
=3=
لا ننكر قيمة الفلسفة البراجماتية، ولا أهمية عطائها في مجال فلسفة الدين مع جيمس، وفلسفة اللغة مع بيرس، وفلسفة التربية مع ديوي … غير أنه إذا حصرنا النظر فيما يخص مبحثنا هذا، أي معيار الحقيقة فإننا لا نجد في نظريتها الابستيمولوجية تماسكا كافيا.
فعلى المستوى المعياري المنطقي يمكن قلب الاستدلال البراجماتي رأسا على عقب. و هذا ما وجدنا وليم إيرل Earle يشير إليه مؤكدا أنه ” حينما يقول البراجماتي إن عبارة ما صادقة لأن الاعتقاد بها براجماتي، فإن لصاحب نظرية التناظر ([35]) – مع قبوله للطابع البراجماتي للاعتقادات الصادقة – أن يدعى أن الاعتقاد في عبارة ما إنما يكون براجماتيا لأنها عبارة صادقة لا أكثر.”([36])
ويأتي إيرل إلى المثال الشهير المستعمل من قبل البراجماتيين، أي مثال الخريطة :
“وحين يقول البراجماتي إن الخريطة هي تمثيل للواقع لأن بإمكاننا أن نستخدمها في القيادة، فإن لصاحب نظرية التناظر أن يقول: إن بوسعنا أن نستخدمها في القيادة، لأنها تمثيل دقيق للواقع.”([37])
ثم إضافة إلى هذا يمكننا أن نستوقف البراجماتية بسؤال يدفعها إلى استشعار احتياج معيارها إلى المعيار! حيث إذا كان معيار الصدق هو النجاعة، فما معيار النجاعة؟ وكيف نقيسها؟!
وحتى إذا صرفنا النظر عن هذا الاستفهام وقبلنا بالنجاعة بمدلولها الأداتي العملي، فإن هذا لا يغطي خللا جوهريا في الابستيمولوجيا البراجماتية. إِذْ يكفي للتشكيك في مشروعية الربط بين الحقيقة والنجاعة العملية، أن نستحضر التاريخ – أي الواقع العملي الأثير لدى البراجماتيين – حيث سنلحظ أن كثيرا من الأفكار الثمينة لم يكن لها تقبل من الناس ولم تجد توقيعا لها في الواقع، بينما حظيت أوهام عرقية ساذجة بتلق واسع، وفعالية قوية في تحريك الشعوب.
فهل نسمي تلك الأغاليط العرقية حقائق نظرا لنجاحها العملي ذاك ([38])؟!
إذا كان صدق القضية يقاس بنتائجها العملية، فلازم ذلك أننا سننفي الصدقية عن كثير من الأفكار الراقية، كما سننسبها إلى كثير من الأغاليط الساذجة.
أجل لاشك أن النجاعة العملية لحاظ مفيد في قياس بعض الأفكار، لكن اعتماد هذا اللحاظ الذرائعي كمعيار أوحد لن يكون له من مآل سوى نفي الحقيقة ذاتها. وذاك بالفعل ما حصل للبراجماتية. حيث أخذت بالتدريج تتخفف من مفاهيم الصدق والحق والحقيقة؛ حتى بلغ الأمر بالكتابات البراجماتية اللاحقة للحظة التأسيس أن يهيمن عليها الاحتراس الصريح من استعمال تلك المفاهيم، وتعويضها بالدوال المعبرة عن المنظور الذرائعي، مثل النجاعة أو الفائدة كبديل عن الحقيقة، وما يضاد النجاعة كبديل عن مفاهيم الكذب والخطأ. وذاك مآل منطقي لمنظور الفكر البراجماتي.
وفي هذا السياق، وجدنا لدى بعض الباحثين المتخصصين في الفلسفة البراجماتية تأويلا بعديا للفلسفة البراجماتية، أقصد أنه لم يتنبه إلى أصولها البدئية. ومثال ذلك ما ذهب إليه الباحث الفرنسي دفيد لابوجاد D.Lapujade في دراسته “وليم جيمس: البراجماتية وتحرير الحركة” ([39]) حيث أصر على أنه من الخطأ النظر إلى فلسفة جيمس بأنها أساسا “تعريف جديد للحقيقة”([40])، في حين أنها “نفي مفهوم الحقيقة كقيمة”، حيث أن “مفهوم الحقيقة – يضيف لابوجاد – لم يكن يهم جيمس” ([41]) وبالتالي من الخطأ تقديم تلك الفلسفة بالزعم بأن مقصدها الأول “إبستيمولوجي”.
وهذا التأويل صحيح لكن بالنظر إلى مآلات البراجماتية لا إلى مبتدئها. فليس من الحصافة ولا من الدقة إنكار التركيز على نقد معيار الصدق المعرفي من قبل الفكر البراجماتي؛ ولا إنكار مركزية اشتغاله على نظرية الحقيقة. بل الدقة في توصيف وضعية المفهوم في هذه الفلسفة هو في بحث دلالة ارتحالها عنه. وهي الدلالة التي تعني في تقديرنا أن المعيار الذرائعي غير قابل لحمل فكرة الحقيقة؛ لأنه لا يراها غاية بل مجرد أداة.
يقول وليم جيمس: “إن حيازة الحقيقة أبعد ما تكون هنا عن كونها غاية في ذاتها، لا تزيد عن كونها وسيلة أو أداة أولية لبلوغ ضروب أخرى من الإشباع والسرور الحيوية.”([42])
وهذا يفسر في نظرنا انقلاب البراجماتية نحو تقدير الوهم. وهو ما يبدو جليا في براجماتية الفيلسوف الألماني هانس فاينجر Hans Vaihinger الذي ركز على دور الأوهام معمما استعمالها الذرائعي في مختلف أصناف المعارف دينية وفلسفية وعلمية. فصارت قيمة الفكر محصورة في تسهيله لأداء الفعل. ومن ثم ليست قيمة الفكرة في صدقيتها بل في أثرها الأدائي. وبهذا المعيار انفتح السبيل أمام فاينجر لمقاربة الدور الفاعلي الإيجابي للوهم ([43]). قائلا بأن الأوهام يمكن إثبات أنها كاذبة نظرية، لكن ذلك لا ينقص من قوتها على المستوى الفعل والعمل.
إن ارتحال المعجم البراجماتي عن مفهوم الحقيقة إلى الوهم يؤكد أنه كان مهيأ لنفي المثل الكبرى، لكونه استرذلها في واقع عملي حسير. بينما نظرية الحقيقة لا تقوم إلا بضمانة مثالية ترفع النظر نحو المثل، وتجعل حتى ما هو ناجع مجرد درجة في سلم التسامي نحوها. بينما مساواة الحقيقة بالنجاعة الواقعية، يؤدي حتما إلى ابتذالها. لأن مرادفة ما هو حق بما هو ناجع أو مفيد ينفي مشروعية الاستكمال.
وهذا ما لم تتنبه إليه البراجماتية. صحيح أن جيمس يقرر نسبية الحقيقة، ويربط صيرورة الفكر بحركة الزمن، مشيرا إلى أن ما هو ناجع ومفيد اليوم قد يصير غير ذلك غدا، لكن موقفه هذا يعجز عن استعياب وضعية أخرى، وهي الحالة التي يظل فيها ما هو ناجع اليوم ناجعا كذلك غدا. أليس هذا محل القول بوجوب الجمود عليه وإيقاف فعل التفكير النقدي؟!
إذن النجاعة ليست هي الحقيقة. وهو ما يلحظ في واقع الفعل البشري، حيث أن الكائن الإنساني لا يتوقف عن تطوير حتى ما هو ناجع، طلبا لمزيد من الاستكمال.
والاستكمال من صميم النزوع المثالي، ولا سبيل إلى تسويغه إلا بالمثالية وليس بالبراجماتية. لأن مقتضى البراجماتية أن ما هو ناجع يظل حقا ما لم يفقد نجاعته. بينما النزوع المثالي في التفكير والفعل يفيد نسبية كمال الناجع والمفيد وضرورة العمل دوما على مزيد من الاستكمال.
وبهذا يكون النزوع المثالي أقدر على حفز حركة الفكر والفعل من البراجماتية.
[1] – وليم جيمس، البراجماتية ، م س،ص76.
[2] – Georges Cantecor. Le pragmatisme. In: L’année psychologique. 1907 vol. 14.p. 371
[3] – Gérard Deledalle,Les pragmatistes et la nature du pragmatisme,Source,Revue philosophique de Louvain , NOVEMBRE 1979, QUATRIÈME SÉRIE, Vol. 77,No. 36 (NOVEMBRE 1979), p.473
[4] – Arthur O. Lovejoy, “The Thirteen Pragmatisme”, Journal of Philosophy, 1908, pp. 1-12, 29-39.
[5] – منذ بداية تأسيس البراجماتية حدث سجال بين المُؤسِّسَيْن بيرس وجيمس، حتى بلغ الأمر بأولهما إلى أن يتراجع عن استعمال لفظ البراجماتية مستعملا بدلا عنه لفظا متقاربا هو براجماتيسيزم Pragmaticism؛ لأنه حسب زعمه تم تحريف معنى البراجماتية من قبل جيمس عندما استعمل المعيار البراجماتي في المجال الميتافيزيقي، بدل قصره على المسائل العملية. ومعلوم أنه لم يكتب للفظ الجديد الذي اعتمده بيرس أي تداول ، وقد كان أولى به أن يعترف بوجود براجماتيات متنوعة ، لا أن يختزل البراجماتية في فهمه هو ، ويصطنع تحويرا لفظيا شكليا من أجل استبعاد براجماتية جيمس.
[6] – R. Almeder, ‘Peirce’s thirteen theories of truth’, Transactions of the CS. Peirce Soc.,XXI, 1985,7-34.
[7] – Richard L. Kirkham,Theories of Truth: A Critical Introduction,The MIT Press ,1995,pp88-89.
[8] – في النصف الأول من القرن العشرين كانت الداراسات المؤرخة للفلسفة البراجماتية لا تأت على ذكر بيرس إلا في صيغة عابرة وجيزة، بوصفه المؤسس الأول الذي حول لفظ “براجماتية” إلى وسم فلسفي . وقد بقي بيرس في الظل، ولم يتم الانتباه الى دقائق نظريته الفلسفية إلا بعد أن قامت جامعة هارفرد بجمع كتاباته غير المنشورة، التي تبلغ مئة ألف ورقة. ومع توالي البحث في ذلك المنشور أخذ اسم بيرس يكتسب بالتدريج حضورا أكبر، وهكذا تم الرفع من قيمته ليس فقط كمؤسس للبراجماتية، بل كمؤسس لعلم جديد هو السيميائيات. وذلك لأنه كان أول من بحث على نحو مُقَعَّدٍ “منطق العلامات”.
[9] – يرجع فضل تأسيس البراجماتية الى ثلاثة فلاسفة (بيرس، جيمس، ديوي) توافقوا على معيار الحقيقة، ولكنهم اختلفوا في تعيين حدوده كما تنوعت عندهم مجالات تطبيقه. إذ بينما نحى بيرس نحو تناول القضايا المنطقية والسيمولوجية، طبق جيمس المبدأ المنهجي البراجماتي على الظاهرة الدينية. بينما استعمله جون ديوي في التنظير التربوي والاجتماعي. هذا فضلا عن حصول تطورات بل تحولات نظرية عميقة لديهم ، بلغت ببعضهم كوليم جيمس إلى حد الانتقال من البراجماتية إلى موقف فلسفي جديد، تم نعته بالفلسفة “الواحدية المحايدة”. كما أن بيرس نحى في كتاباته المتأخرة نحو الاهتمام بالمنطق وفلسفة اللغة والعلامات، حيث قدم رؤى نوعية من الصعب اختزالها في المنظور البراجماتي.
[10] – وليم جيمس، البراجماتية ، ت محمد علي العريان، المركز القومي للترجمة، القاهرة 2008، ص65 .
[11] – وليم جيمس، البراجماتية ، ت محمد علي العريان، المركز القومي للترجمة، القاهرة 2008، ص65 .
[12] – وليم جيمس، البراجماتية ، م س، ص64.
[13] – وليم جيمس، البراجماتية ، م س،ص70.
[14] – وليم جيمس، البراجماتية ، م س،ص70.
[15] – وليم جيمس، البراجماتية ، م س،ص70.
[16] – وليم جيمس، البراجماتية ، م س،ص70.
[17] – Mathieu, 7,20.
[18] – ليس إيرادنا لنص الإنجيل إسقاطا على المتن البراجماتي، بل لقد استعمله بيرس :
Peirce, Collected Papers, Harvard University Press ,1935, vol. 5, § 465 .
وكذلك ديوي :
Dewey, Reconstruction in Philosophy, éd. de 1948, p. 156.
قول المسيح في إنجيل متى : ” من ثمارهم تعرفونهم”. لكن بطبيعة الحال لم يكن ذلك الاستعمال مرادا للدلالة على الأصل الديني للبراجماتية، بقدر ما كان ذلك توسلا فقط برمزية ذلك القول.
[19]– Charles Sanders Peirce ,Comment rendre nos idées claires,in Textes
anticartésiens,trd.Joseph Chenu,Paris,Aubier 1992,p297.
[20] – وليم جيمس، البراجماتية ، م س،ص90
[21] – يلاحظ في الكتابات المتأخرة لبيرس تركيزا أكثر على معنى البراجماتية كفلسفة الفعل.
أنظر مثلا مقالته لعام 1905 :
What Pragmatism Is’ ,The Monist, 15, 1905, 161–81,rpr. in Collected Papers of Charles Sanders Peirce, 6 vols., Cambridge, MA: Harvard, 1931–5, vol. 5.
[22]– وليم جيمس، البراجماتية ، م س،ص236
[23] – وليم جيمس، البراجماتية ، م س،ص90
[24] – وليم جيمس، البراجماتية ، م س،ص 237.
[25] – وليم جيمس، البراجماتية ، م س،ص239.
[26] – وليم جيمس، البراجماتية ، م س،ص241.
[27] – Richard Rorty,Philosophy and the Mirror of Nature. Princeton: Princeton University Press, 1979.Philosophy and the Mirror of Nature,1979.
أنظر بشكل خاص القسم الثاني من الكتاب، المعنون ب”الانعكاس في المرآة”.
[28] – وليم جيمس، البراجماتية ، م س، ص78.
[29] – وليم جيمس، البراجماتية ، م س،ص237.
[30] – أنظر الهامش رقم خمسة.
[31] – Gérard Deledalle,Les pragmatistes et la nature du pragmatisme,Source,Revue philosophique de Louvain , NOVEMBRE 1979, QUATRIÈME SÉRIE, Vol. 77,No. 36 (NOVEMBRE 1979), p.475
[32] – Gérard Deledalle,Les pragmatistes et la nature du pragmatisme,ibidem.
لا نختزل نقد راسل للبراجماتية في مقولته السابقة، بل ننوه أيضا إلى أنه قدم تحليلا نقديا مهما وإن كنا لا نتفق معه في مداه. ونعني بذلك التحليل النقدي ما أثبته في مقالاته لعام 1910. أنظر :
Bertrand Russel,Essais philosophiques (1910),trad.fr.PUF,Paris1997.
[33] – يقصد برجسون كتاب وليم جيمس :”البراجماتية”.
[34] – Henri Bergson, Sur le pragmatisme de William James. vérité et réalité,in La Pensée et le mouvant,PU.F, Paris 1938,p251.
[35] – استعمل المترجم لفظ التناظر بدل المطابقة للتعبير عن Correspondence.
[36] – وليم جيمس إيرل، مدخل جديد الى الفلسفة، م س، ص58.
[37] – وليم جيمس إيرل، مدخل جديد الى الفلسفة، م س، ص58.
[38] – بصرف النظر عن مآلات بعض الأفكار العرقية وسقوطها في إنتاج واقع صراعي دموي كما هو الحال مع الفاشية والنازية في الحرب العالمية الثانية، فإن هذا لا يمنع من القول بأن تلك الأوهام العرقية حققت في لحظات أخرى نجاعة وكان لها أداء واقعي فاعل.
[39] -David Lapoujade,William James: le pragmatisme et la libération du mouvement,Revue philosophique de la France et de l’etranger, Nº. 3, 1997.
[40] -David Lapoujade,ibid,p306.
[41] -David Lapoujade,ibid,p313
[42] – وليم جيمس، البراجماتية ، م س،ص239
[43] – أنظر كتابه :
Hans Vaihinger,La philosophie du comme si, trd Christophe Bouriau, Cahier spécial 8 de la revue Philosophia Scientiae éd. Kimé Paris 2008.