
تعالج هذه المقالة بالغة الأهمية “الحرية والاستياء Freedom and Resentment”، التي قدمها ستراوسن P.F. Strawson عام 1962، مشكلة الحتمية والمسؤولية التي هي لب موضوع الإرادة الحرة. وتعود الأهمية الكبيرة لهذه المقالة لما أحدثته من تأثير نوعي على كيفية بحث هذا الموضوع، فقبل ستراوسن كان يُفترض أن الحتمية إما متوافقة مع الإرادة الحرة (المذهب التوافقي) أو أن الحتمية غير متوافقة مع الإرادة الحرة (المذهب اللاتوافقي)، وكان هناك المذهب الليبرتاري، الذي يشترط اللاحتمية من أجل وجود إرادة حرة، ويندرج تحت كل مذهب من هذه المذاهب مذاهب أخرى. ومما يسهل قراءة هذه المقالة معرفة أن ستراوسن يعبر عن التوافقيين بـ “المتفائلين”، وعن الليبرتاريين بـ “المتشائمين”.
أما ستراوسن فقد رأى أن المسؤولية لا علاقة لها بالحتمية، ويقدم من أجل ذلك منظورين مختلفين متقابلين، المنظور الموضوعي (الذي يرى الناس كعناصر طبيعية في “يد” الطبيعة، كأي شيء آخر) والمنظور البين-شخصي (الذي يرى فيه الشخص الآخرين كمشاركين له في علاقات مختلفة ويحملهم مسؤولية أخلاقية). وخلاصة حجج ستراوسن هي أن المنظور البين-شخصي منظور طبيعي لا يمكن الانقطاع عنه، فهو جزء من الطبيعة البشرية، ولذلك حتى إذا كانت الحتمية صحيحة فإن هذا لا يؤثر على التزامنا الطبيعي. ويقدم ستراوسن فلسفة أخلاقية بسيطة، تعتمد على عواطفنا (لا على نظرية ميتافيزيقية ذات تبرير خارجي)، أو بالأحرى على نوع مميز من عواطفنا، وهو تفاعلنا مع الآخر الذي قام بما يسرنا أو يضرنا، ويسمي ستراوسن هذه العواطف التفاعلية، المجملة في الامتنان أو الاستياء، بالمصطلح الذي اشتهر من بعده “المواقف التفاعلية Reactive Attitudes”.
للتحميل: الحرية والاستياء – منصة معنى