“يوهانس فيرمير” Johannes Vermeer، أو “جان فيرمير” كما أطلق عليه النقاد لاحقًا هو ذلك الفنان الهولندي الشهير (31 أكتوبر 1632- 16 ديسمبر 1675) خلال القرن السابع عشر، وقد كان ذلك القرن يموج بكثير من التغيرات الضخمة، التي جسَّدها في لوحاته، تلك التي استعان فيها بتقنيات الخداع البصري والغُرف المظلمة. لقد حوَّل فيرمير “الغرف المظلمة” من خلال لوحاته إلى “غرف مضيئة”، كما أنه حاول أن يبتكر إحساسًا مُكثَّفًا مُرهَفًا باللون دون خشونة أو بهرجة أو زخرفة مصطنعة؛ مما جعل التأثيرات النغمية للألوان، لديه، تكتسب درجة جديدة من التماسك والجمال. كما أنه قد قام بتعزيز خصائص الظل واللون بطريقة جعلتها تتحول إلى ملامح أسلوبية مميزة له؛ فاللوحات لديه تكشف عن اهتمام مكثف بالضوء والظل واللون والمكان وأشكال التمثيل المتنوعة. وتكشف كذلك عن ولعه بتجسيد النوافذ التي كان يدخل منها الضوء، وكذلك المساحات الداخلية لبيته وحياته الخاصة، وقد تجلى ذلك أيضًا من خلال ولعه الخاص بالأنماط المتنوعة الأشكال من الأرضيات المُغطَّاة بالمطاط، والسجاجيد الشرقية، والزجاج المنقوش الملون، والخشب المحفور والمُرصَّع، وأعمال التطريز على القماش بالإبر، وكذلك القُبَّعات واللؤلؤ والفضة والخرائط والأطفال والنساء.(1)
لقد كان فيرمير أحد رواد اكتشاف الضوء في الفن الهولندي، وربما لم يُدانِه في ولعه بالضوء إلا مُعاصِره رمبرانت، وكذلك مُواطِنُه الذي وُلِد بعده بأكثر من مائتي عام؛ أقصد: فان جوخ. فقد كان هذان الفنانان شديدي الولع بالضوء، ضوء الشمس كما ينعكس في الداخل لدى فيرمير، وضوئِها كما ينعكس في الخارج لدى فان جوخ. لقد كان فيرمير وفان جوخ ينتميان إلى أسرتين تعملان في تجارة الأعمال الفنية، كما أنهما قد عاشا أيضًا في فقر مُدْقِع معظم فترات حياتهما، ومات الاثنان كذلك في وقت مبكر من حياتيهما، فيرمير في الثالثة والأربعين من عمره، وفان جوخ في السابعة والثلاثين. وقد تشابهت نهاية كل منهما؛ إذ انتهت حياة فيرمير نهاية مأساوية؛ فمات مُفلِسًا، وهو يعاني من الجنون، كما لم يُحسم مصير فان جوخ، وإذا ماكان قد مات أو قد قتل، وإن كان المؤكد أن حياته قد انتهت وهو مُفلِسٌ تمامًا. ولم ينعم أي من هذين الفنانين بالشهرة إلا بعد وفاة كل منهما.
كان فيرمير يرسم ثلاث لوحات في العام؛ بينما كان فان جوخ يرسم أحيانًا ثلاث لوحات في اليوم الواحد، وهكذا فإن المقارنات بينهما لا تنتهي.
لقد عاش فيرمير في مدينة “دلفت” التي تقع في جنوب غرب هولندا، ما بين مدينة لاهاي، ومدينة روتردام. وتُسمَّى دلفت الآن: “مدينة المعرفة”، لأنها تضم جامعة دلفت للتكنولوجيا، بالإضافة إلى مركز للبحوث العلمية التطبيقية، وهي الآن من أكثر المدن هدوءًا وجمالاً من حيث المباني المعمارية، لكنها لم تكن كذلك في ذلك العصر الذي عاش فيه فيرمير، فقد كان عصرًا يموج بالأحداث الجسام.
كانت الأراضي الواطئة ومنها هولندا قد حصلت على استقلالها عن إسبانيا عام 1609 كما أصبحت أنتويرب، وأمستردام، وأولم مراكز البنوك الكبرى في أوروبا. وتم تكوين مستعمرات هولندية وفرنسية وإنجليزية في أمريكا الشمالية وازدهرت الفنون والثقافة والتعليم، وفي إيطاليا تمت محاكمة جاليليو من خلال محاكم التفتيش في أحداث معروفة، وطرح ديكارت فلسفته حول الشك والعقل التي قوَّضَت أسس السلطة الفكرية الدينية في روما، وأصبحت فرنسا قوة كبرى في أوروبا وتم تأسيس الأكاديمية الفرنسية عام 1635 واحتكرت شركة الهند الشرقية الهولندية التجارة في جنوب شرق آسيا ورسم رمبرانت وفرانز هالز، مواطنا فيرمير، الكثير من لوحاتهما الشهيرة، وقامت الطبقة الحاكمة في هولندا برعاية الفنون المدنية والمذهب الواقعي وموضوعات الحياة اليومية.
رسم فيرمير شخصيات من الرجال والنساء والأطفال، لكن وفي معظم أعماله كانت الشخصية المفضلة هي المرأة التي تنتمي إلى الطبقة الوسطى، وقد رسم النساء وهن يعزفن على الآلات الموسيقية أو يقمن بوزن الفضة أو يكتبن أو يقرأن الخطابات أو يقمن بصب الماء أو اللبن داخل البيت، إلخ. كما رسم فيرمير أيضًا بورتريهات دقيقة التفاصيل لهذه الشخصيات وبدرجة عالية من الواقعية، وقد كان يستخدم في رسوماته تلك الألوان الثرية من أجل خلق تأثيرات عميقة على المتلقي وموضوعات مُسْتمَدَّة من موضوعات تاريخية، توراتية وأسطورية، أو موضوعات اجتماعية غالبًا ما ترتبط بحياة النساء داخل البيت، أو ببعض المناظر الطبيعية (لوحته الشهيرة: منظر لمدينة دلفت عام 1661، ولوحة: الشارع الصغير 1657) أو لبعض العادات الاجتماعية (فارس بقبعة يخطب ود فتاة) أو أحداث العصر (الخرائطي أو العالم بالجغرافيا 1669).
وفي ذلك العصر الذي عاش فيه فيرمير، برزت دلفت أيضًا كمركز إقليمي لبيع الزبدة والملابس والبيرة وازدهرت فيها التجارة والفنون والعلوم، وقد كانت أيضًا الفترة التي تم خلالها اكتشاف بورسلين دلفت، وهي تلك الأواني الفخارية المُزجَّجة والمُزَخْرَفة بالقصدير والتي تأثرت بفنون الأواني والخزف المُصنَّعة في إنجلترا والصين، وفي دلفت استكشف فيرمير، كما قد أشرنا من قبل، التأثيرات البصرية للغُرفة المظلمة والتي أرهصت بميلاد التصوير الفوتوغرافي بعد ذلك بحوالي قرنين من الزمن (عام 1837)، كما كان يعيش في دلفت أيضًا أنطوني فان ليفنهويك والذي كان واحدًا من أوائل العلماء الذين استخدموا الميكروسكوب في دراسة الكائنات الدقيقة مثل البكتيريا، وقد وُلِد بعد فيرمير بأسبوع وعاش مثله في تلك المدينة، وقدَّم أفكارًا مهمة بعد ذلك حول العدسات والضوء، وهي أفكار سرعان ما انتشرت داخل هولندا وخارجها. وهناك من يقول إن الرجلين قد أصبحا صديقين بعد ذلك، وإن ذلك الرجل الذي رسمه فيرمير في لوحتيه الشهيرتين عالم الفلك (1668) والعالم بالجغرافيا أو الخرائطي (1669)، كان هو تاجر الألبسة والأجواخ والأب الحقيقي لعلم الأحياء الدقيقة (الميكروبيولوجي) والرجل الإنسيكلوبيدي متعدد الثقافة والمعرفة، ومسَّاح الأرض وعالم البصريات: “أنطوني فان ليفنهويك” نفسه. وقد كان ذلك الرجل شديد التوق والظمأ إلى المعرفة العلمية، ويقال إنه هو الذي قام بتكليف فيرمير برسم هاتين اللوحتين لحسابه الخاص. كما أنه قد كان هو الرجل الذي عيَّنه المجلس التشريعي في دلفت بعد وفاة فيرمير مُفْلِسًا لتصفية ما خلَّفه من موجودات وديون، والحقيقة أن ليفنهوك هذا يستحق وحده دراسة مستقلة، فقد وصلت أصداء اكتشافاته خارج هولندا وخاصة إلى إنجلترا وأصبحت موضوعًا أساسيًا للنقاش العلمي هناك في ذلك العصر.
تزوج فيرمير وهو في الحادية والعشرين من عمره (20 ابريل عام 1653)، كما أصبح عضوًا في جمعية تجارية للفنانين تُسمَّى نقابة القديس لوقا. وفي ذلك الوقت نفسه ضرب الطاعون أوروبا وانتشر فيها ووصلت ضرباته القاسية بالطبع إلى هولندا وإلى دلفت حيث كان يعيش فيرمير، وتوضِّح سجلات تلك النقابة أن فيرمير لم يستطع أن يدفع الرسوم المطلوبة للانتساب إليها، لأنه كان يعاني من ضائقة مالية، إلا أنه قد تم إعفاؤه من قبل القائمين على هذه الجمعية أو النقابة من تلك المصروفات تقديرًا منهم لموهبته.
ومع تطور أعمال فيرمير ونضجها تم اختياره رئيسًا لنقابة القديس لوقا في دلفت أربع مرات بعد ذلك، وقد أخذت هذه الأعمال تشتهر داخل دلفت، إلا أنه لم يحظ بشهرة كبيرة خارجها في ذلك الوقت.(2)
فيرمير في ظل الوباء
خلال القرن الذي يمتد من خمسينيات القرن السادس عشر إلى ستينيات القرن السابع عشر. تفشَّى الطاعون على نحو مطرد في المجتمعات المزدحمة بالسكان. فضرب مدينة أمستردام عشر مرات على الأقل فيما بين عامي 1597 و 1664. وفي ضربته الأخيرة قتل ما يربو على أربعة وعشرين ألفًا من سكانها، كما ضرب أيضًا جنوب أوروبا بشكل أكثر قسوة.
وقد كان العام 1654 عام الطاعون والحرب والأزمة الاقتصادية، بالإضافة إلى معاناة مدينة دلفت نفسها من ذلك الانفجار الرهيب المُسمَّى “رعد دلفت” والذي دمَّر قسمًا كبيرًا منها. وفي ذلك العام كان فيرمير قد بدأ مسيرته الفنية الفعلية برسم لوحته “المسيح في بيت مارثا وماري” ثم واصل مسيرته الخاصة على طريق الإبداع.
وفي عام 1672 ضرب الطاعون هولندا وأوروبا كلها مرة أخرى. كما عانت هولندا من انهيار اقتصادي بسبب الغزو الفرنسي لها فيما سُمِّي بالحرب الفرنسية-الهولندية. واضطر فيرمير إلى اقتراض بعض النقود من بعض مصادره في أمستردام خلال السنوات الأخيرة من حياته، ثم مات وهو يعاني من حالة مرضية شديدة امتزجت فيها الحُمَّى بالهلاوس.
هكذا ضربت الأوبئة هولندا ودلفت مرات عديدة قبل وأثناء حياة فيرمير. ربما لم يكن الوباء الأول الذي ضربها كارثيًا كما كان شأنه بالنسبة لأجزاء كثيرة من أوروبا، ومع ذلك فإن تلك الأوبئة التي اجتاحت دلفت ما بين عامي 1624 و 1625 قد أبادت حوالي خُمْس سكان المدينة. وفي عام 1635 و 1636، وبينما كان فيرمير لم يزل بعد طفلاً رضيعًا يُقال إن الأمراض الوبائية قد أهلكت أكثر من ألفين من سكانها، كذلك مات المئات من سكان تلك المدينة خلال خمسينيات القرن السابع عشر وستينياته حين كان عدد سكان المدينة يبلغ فقط خمسة وعشرين ألف نسمة، وهي تلك السنوات التي كان فيرمير فيها في قمة نشاطه الفني، لكنها، كانت فيما يبدو أيضًا أوبئة ليست من النوع المُجتاح العنيف المُهلك، على العكس ممَّا كان عليه الحال في أمستردام أو بروكسل أو لندن حيث مات آلاف البشر.
وفي عام 1652 كان الناس، في الوقت الذي يضعون موتاهم في عربات نقل الموتى تمهيدًا لدفنهم يحتفظون بغلايينهم (البايب) مشتعلة في أيديهم وأفواههم اعتقادًا منهم –وهو اعتقاد لم يزل موجودا عند البعض حتى الآن- أن دخان التبغ يمنع انتشار المرض.
وخلال ذلك الوباء الذي حدث ضرب شوارع دلفت وأسواقها في منتصف ستينيات القرن السابع عشر، عزل فيرمير نفسه واهتم بأسرته ورسم لوحة الفتاة ذات القرط اللؤلؤي عام 1665 وغيرها من اللوحات خلال تلك الأعوام.
وقد كان يرسم بمعدل ثلاث لوحات كل عام كما سبق وأن ذكرنا وقد كانت بعض اللوحات تستمر معه أكثر من عام أو عامين وربما تتداخل معها لوحات أخرى فيعمل في أكثر من لوحة خلال الوقت نفسه، هكذا كانت سنوات الوباء في هولندا هي أيضًا سنوات الازدهار الإبداعي لدى فيرمير، فخلال الفترة الواقعة ما بين عامي 1654 و 1665 رسم فيرمير أشهر لوحاته ومنها، تمثيلاً لا حصرًا، ديانا ورفاقها (1655)، فتاة نائمة (1657)، البيت الصغير (1657)، فتاة تقرأ خطابًا بجوار نافذة مفتوحة (1657)، خادمة تصب اللبن (1658)، فتاة قوطعت أثناء عزفها الموسيقى (1660)، مشهد من دلفت (1661)، فتاة ترتدي ثوبًا أزرق وتقرأ خطابًا (1663)، امرأة تمسك الميزان (1664)، امرأة تمسك بإناء ماء (1664)، الفتاة ذات القرط اللؤلؤي (1665)، سيدة تكتب خطابًا (1665)، فتاة بقبعة حمراء (1665)، الحفلة (1665)، فن التصوير (1666)، بورتريه السيدة الصغيرة (1666) وغيرها.
لم يعش فيرمير فترة اجتياحات تلك الأوبئة في شبه عزلة في بيته، والذي اختار إحدى غرفه أو غرفتين منه كي تكون مرسمه، ومع ذلك فإن هناك غرفة بعينها هي التي تحضر بتفاصيلها أكثر من غيرها، إنها الغرفة نفسها التي يتكرر فيها ظهور النافذة نفسها مرة بعد أخرى، وهي الغرفة نفسها التي يتكرر فيها ظهور الأثاث نفسه والموضوعات الأخرى بداخلها نفسها ولكن بترتيبات وتنظيمات مختلفة، وهي الغرفة نفسها أيضًا التي يتكرر ظهور الشخصية الأنثوية نفسها منها، وربما كما قيل، كانت تلك الشخصية هي زوجته أو ابنته (كما قيل عن لوحة الفتاة ذات القرط اللؤلؤي والتي قيل أيضًا إنها كانت تساعده في الرسم في نهاية حياته بعد أن ضعفت صحته).(3)
كان الفرق بين فيرمير ومعاصريه يكمن أساسًا في طريقته في ترجمة أي موضوع يرسمه إلى فن. فلم يتمكن أي فنان معاصر له من أن يسيطر على فن التصوير أو يتعرف على إمكانياته التعبيرية بالدرجة التي عرفها به فيرمير وجعلته يعمل هكذا من خلال ابتكارية فنية ودقة وصرامة تعبيرية. وهكذا فإنها ليست الموضوعات التي رسمها فيرمير هي المميزة لفنه، بل طريقته في ترجمة هذه الموضوعات إلى تكوينات فنية وكذلك معالجته المبتكرة لموضوعات الحياة اليومية التقليدية. إن عالمه الفني قد يبدو للمشاهد العابر معزولاً ومنعزلاً عن العالم الخارجي ومؤثراته، لكن نظرة فاحصة سوف تكشف عن أن فيرمير قد أحضر العالم الخارجي كله إلى داخل مَرْسَمِه.
فعلى الرغم من هذه العزلة الظاهرية في لوحاته، وهذه السكينة والتوحد في عالمه، فإن فيرمير لم يكن منعزلاً أبدًا عن ذلك العالم الخارجي الذي كان يحيط به في دلفت أو في هولندا أو في العالم كله، لكنه، وبدلاً من أن يقوم برصد ذلك العالم وتسجيله بشكل مباشر أو حرفي، قام بالتركيز على الرموز والعلامات الدالة على ذلك العالم، فرسم النساء وهن يكتبن الرسائل أو يعزفن الموسيقى، ورسم كذلك الأطفال واللؤلؤ والقبعات والفضة والخرائط والفاكهة وغيرها من العلامات التي انطلق منها “تيموثي بروك” في تأليف كتابه الشهير عنه وعنوانه: “قبعة فيرمير”. القرن السابع عشر وفجر العولمة.
بيوت ورسائل
هكذا حضرت النساء الوحيدات اللاتي يقمن بأعمال المنزل أو العزف على آلة موسيقية أو يقرأن خطابًا أو يكتبنه أو يتعلمن بعض الدروس..إلخ، في لوحات عديدة لفيرمير، كما سبق وأن أشرنا، ويشير بعض مؤرخي الفنون إلى أن هذه اللوحات لها علاقتها الوثيقة بفكرة “حياة المرأة المنزلية” وكذلك فكرة البيت بالمعنى الحديث، كما أنها تُجسِّد ذلك الفهم المشترك الذي خلقته لوحات كثيرة لفيرمير وفنانين آخرين ومنهم، تمثيلاً لا حصرًا، جابرييل ميتسو وبيتر دي هوتش والتي تصوِّر تلك المشاهد الموجودة داخل البيوت والتي أدت إلى ظهور نوع من اللوحات يُسمَّى “فن تصوير المشاهد المنزلية” وهي اللوحات التي نجد فيها النساء يجلسن في بيوتهن يقرأن الخطابات أو يكتبنها أو يعزفن على الآلات الموسيقية أو يلعبن مع أطفالهن أو يقمن بالأعمال المنزلية المختلفة.. إلخ. إنها تلك المشاهد التي تُصوِّر المرأة كربة منزل، تنتمي إلى الطبقة المتوسطة في ذلك الوقت الذي برزت فيه القوة البحرية العالمية لهولندا كأمة ذات تأثير على حياة المواطنين العاديين وعلى المجتمع الهولندي بشكل عام.(4)
وقد ظهرت الأنشطة الخاصة بكتابة الرسائل أو قراءتها أو التلقي لها أو إرسالها في لوحات كثيرة للفنان فيرمير، ومن هذه اللوحات نذكر، تمثيلاً لا حصرًا، لوحات: امرأة تقرأ خطاب بجوار نافذة مفتوحة (1657) ، امرأة ترتدي ثوب أزرق وتقرأ خطابًا (1663)، امرأة تكتب (1665)، السيدة والخادمة (1667)، امرأة تكتب خطابًا وبجوارها خادمتها (1670)، خطاب عاطفي (1670)، وغير ذلك من اللوحات. لقد كان النشاط الخاص بكتابة الرسائل أحد الأنشطة البارزة في الحياة الهولندية في ذلك الوقت، إضافة إلى الاهتمام بالموسيقى والتجارة والفنون والعلوم وغيرها. وقد كانت السفن البريطانية التي تُهاجم السفن الهولندية تستولي على كل ما كانت تحمله تلك السفن وقد تدمرها أو تتركها تواصل رحلتها، وقد كان من بين الأشياء التي تم الاستيلاء عليها آلاف الرسائل التي أرسلها البحارة الهولنديون إلى زوجاتهم وأسرهم أو أرسلت إليهم من زوجاتهم، ويتم الحكي خلالها عن أحوال البيت والظروف الاقتصادية والاجتماعية التي كانوا يعيشون فيها، وقد وجدت آلاف من تلك الرسائل بعد ذلك بأكثر من قرنين في دار المحفوظات البريطانية وأجريت عليها دراسات كثيرة.
هكذا كان الرجال يغامرون بحياتهم في البحر، بينما تبقى النساء ينتظرن وحيدات تكتبن الرسائل للغائبين الذين قد يستمر غيابهم عامًا أو أكثر من عام، وقد كانت تلك الرسائل تحمل مشاعر الحب واللوعة والاشتياق والرغبة في طمأنة الغائبين والاطمئنان عليهم وانتظار رسائلهم أيضًا لكن كثيرًا من تلك الرسائل لم تكن تصل إلى أصحابها كما قلنا، بل وصلت إلى أيدي أعدائهم فدرسوها وعرفوا من خلالها أسرار هولندا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفنية. وقد كانت من بينها رسائل مهمة تصور معاناة النساء خلال أوقات الوباء وتصور أيضًا حال النساء اللاتي كن يجلسن بجوار النوافذ ينتظرن قدوم المسافرين الغائبين حتى يخففوا عنهم آثار ذلك البلاء.
وما الذي كان يفعله فيرمير في ذلك الوقت؟
كان فيرمير في ذلك الوقت، يقيم في بيته، يرعى أسرته (زوجته ووالدة زوجته وعشرة أطفال له) ويرسم لوحاته، وقد رسم بعضها بتكليف من آخرين كما حدث ذلك في لوحتي “العالم بالفلك” و”العالم بالجغرافيا” ولحساب فان ليفنهويك كما سبق وأن أشرنا، كما كان فيرمير كذلك يتاجر في اللوحات الفنية، ويرصد أحوال الناس ويتابع شؤون نقابته ويُطلب رأيه في بعض النزاعات حول مدى أصالة بعض اللوحات، كما كان يقوم بتحصيل بعض الديون المستحقة لوالدة زوجته لدى آخرين.
أبو الهول دلفت
كان فيرمير معروفًا خلال حياته في دلفت ولاهاي، لكن شهرته تلك سرعان ما تراجعت بعد موته، فنادرًا ما ذُكر اسمه بعد ذلك في كتابات المؤرخين للفنون، بل إن مؤرخًا مثل “أرنولد هوبراكين” في مؤلفه عن فن التصوير الهولندي في القرن السابع عشر قد ذكر بالكاد اسم فيرمير في كتابه المعنون: “المسرح الكبير للمصورين الهولنديين والفنانات من النساء”. هكذا ظل فيرمير مجهولاً أو في حالة كمون، ما يقرب من قرنين بعد وفاته حتى أعاد جوستاف فردريك، وتيوفيل ثور برجر اكتشافه في مقال نُشِر لهما نسبا خلاله لفيرمير 66 لوحة لكن ما تأكد منها بعد ذلك هو 34 لوحة فقط هي التي بقيت حتى الآن، هكذا تم الاعتراف بهذا الفنان كواحد من أعظم الفنانين في العصر الذهبي للفن الهولندي والفن في العالم أيضًا.
الموناليزا الإيطالية
رسم فيرمير لوحته الشهيرة الفتاة ذات القرط اللؤلؤي عام 1655 وقد كان ذلك العام أيضًا من أعوام الوباء في أوروبا وهولندا، وهي لوحة ذات طبيعة ساحرة، حيث تظهر فيها فتاة جميلة ببشرة صافية، ورأس مُغطَّى، بما يشبه العمامة أو القلنسوة، بينما جسمها يغطيه ثوب أصفر واسع، وهي تنظر بعينيها نظرة غامضة مُغْوِية إلى المُشاهِد الذي ينظر بدوره إليها، ولذلك فقد سميت هذه اللوحة أحيانًا بــ”الموناليزا الهولندية”، وذلك لأن نظرتها المُحدِّقة هنا نظرة غامضة مثل نظرة الموناليزا، بل إنها نظرة مُركَّبة أيضًا، رقيقة ومباشرة وحميمية ومتحفظة، والضوء ينسكب فوق وجهها لكنه ينسحب أيضًا كلما اقترب من منطقة الظل عند أذنها اليسرى، تلك التي يتدلى منها قرط في أسفله يتدلى شكل يشبه اللؤلؤة.
ليست هذه اللوحة الوحيدة لفيرمير التي تظهر فيها اللآلئ، فهناك لآلئ قد ظهرت في لوحات أخرى له مثل: خطاب عاطفي (1669)، امرأة ترتدي عقدًا من اللؤلؤ (1664)، الفتاة ذات القبعة الحمراء (1665)، امرأة تعزف على آلة العود (1664). وهكذا فإن هناك ما لا يقل عن ثماني لوحات رسم فيها نساء بأقراط مُدلَّاة من آذانهم على شكل لؤلؤي وفوق تلك اللآلئ رسم أشكالاً باهتة أو تخطيطات عامة تشير بدورها على نحو خفي، وتعكس أشياء موجودة هناك عند أطراف الغرفة التي كانت تقطنها تلك النساء.
هناك من يقول مثل تيموثي بروك إن تلك اللؤلؤة الموجودة في لوحة “الفتاة ذات القرط اللؤلؤي” لم تكن لؤلؤة قط، لكنها ربما كانت كأسًا زجاجيًا على شكل لؤلؤة، وإنه اختفى إلى حد التلاشي، أو ابتعد أو أخفي كي يمنح ذلك القرط لمعانًا شبيهًا بلمعان اللؤلؤ، وهناك من يقول أيضًا مثل بنجامين بنستوك في كتابه “أسرار عائلة فيرمير: العبقرية والاكتشاف والتلميذ المتدرب المجهول” (2009) والذي كتبه في شكل روائي، إن الفتاة الموجودة في تلك اللوحة هي ماريا إبنة فيرمير والتي ظهرت أيضًا في لوحة “فتاة تعزف على آلة الفلوت” (1665) وإنها كانت تساعده أيضًا في رسم بعض لوحاته المتأخرة.(5)
وتُقدِّم لنا الخلفية السوداء للوحة “الفتاة ذات القرط اللؤلؤي” سياقًا ومجالاً غامضًا أيضًا حول من كانت تلك الفتاة، تلك التي كانت أحد الأسباب التي أطلق البعض من أجلها على فيرمير لقب “أبو الهول دلفت”، وخاصة بعدما تكشَّف أخيرًا عن أن تلك الخلفية لم تكن في بداية رسمه للوحة سوداء بل خضراء في النهاية.
تأثيرات متجددة وباقية
في عام 1772 قامت فرنسا، تحت حكم الملك لويس الرابع عشر بغزو الجمهورية الهولندية، فانهار اقتصادها مما أثَّر كثيرًا على فيرمير وعائلته التي كانت كثيرة العدد (ترك عند وفاته عشرة أبناء وبنات إضافة إلى زوجته ووالدة زوجته). فلم يستطع بيع لوحاته ولا لوحات الآخرين، تلك التي كان يبيعها ويحصل على عمولات من بيعها كتاجر لوحات فنية. وعندما مات فيرمير بعد ثلاث سنوات من حدوث ذلك الغزو الفرنسي ترك زوجته وأبناءه العشرة يعانون من ويلات الديون المتراكمة عليهم.
بعدها، ظل فيرمير في طي النسيان حوالي قرنين من الزمان حتى أعاد الصحفي الفرنسي تيوفيل ثور برجر اكتشافه، ثم مرت سنوات أخرى حتى وصلنا إلى نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين؛ بعدها تزايد الولع بفيرمير وعصره وأعماله واستمر هذا الولع حتى الآن.
وقد أجريت دراسات كثيرة حول فيرمير، ونذكر منها، تمثيلاً لا حصرًا، كتاب المؤرخ الكندي المهتم بتاريخ الصين والفنون “تيموثي بروك”: “قبعة فيرمير”، وأيضًا تلك الدراسة المهمة التي أجريت على فيرمير وعالمه، وقام بها جون مايكل مونتياس (1928-2005) عالم الاقتصاد والمؤرخ الفني الأمريكي المولود في باريس والدارس الخبير للفن الهولندي في عصره الذهبي أي خلال القرن السابع عشر والذي تحول نحو دراسة اقتصاديات الفن منذ سبعينيات القرن الماضي وصاحب عدد من الدراسات المهمة فيه منها: “المزادات الفنية في القرن السابع عشر” (2002)، “الفنانون والصُّنَّاع المهرة في دلفت” (1982) ، “فيرمير وعالمه: شبكة فن التاريخ الاجتماعي” (1989)، وفي هذا الكتاب الأخير استمر مونتياس أكثر من عشر سنين يدرس حياة فيرمير ولوحاته، وما كُتِب عنه، والعصر الذي عاش فيه. كما قام كذلك بالتجميع لأكثر من 454 مادة وثائقية عن فيرمير مثل: الأحكام القانونية والوصايا والصكوك والسندات المالية، والمذكرات الشخصية وقوائم الجرد السنوية للموجودات في المؤسسات المختلفة وغيرها، من أجل أن يكون صورة عن واحد من أعظم الفنانين الذين عاشوا في القرن السابع عشر وعن عائلته وتأثيراته، وقد وصل في النهاية إلى أن حياة فيرمير وفنه لم يُكْتشَفا بعد على نحو كامل، فلم يزالا يحتاجان إلى كثير من الدراسات.(6)
كان الصحفي والناقد الفني وجامع اللوحات الفرنسي تيوفيل ثور برجر (1807-1869) هو، كما سبق أن ذكرنا، المُكتشِف الحقيقي للوحات فيرمير وذلك عندما بدأ اهتمامه بأعمال هذا الفنان عام 1842 عندما شاهد لوحته “مشهد من دلفت” في متحف “موريشيوس” بمدينة لاهاي وظل هناك لأكثر من عام يبحث عن أعماله ويحققها ثم نشر كتالوج عن هذه الأعمال احتوى على ست وستين لوحة لفيرمير لكن ما تأكد منها أربع وثلاثون لوحة فقط؛ فقد كان برجر يخطئ أحيانًا وينسب لوحات آخرين إليه ربما بسبب ذلك التشابه الظاهري بين أعمال فيرمير وأعمال فنانين آخرين كانوا معاصرين له وخاصة بيتر دي هوتش وفرانز فان ميريس الأكبر وجيريت دو وغيرهم، ويُذكَر هنا كذلك أن توجي برجر (أو تيوفيل ثور برجر) هو الذي اكتشف أعمال الفنان الهولندي الشهير فرانز هالز (1582-1666) أيضًا، أشهر من رسم بورتريهات لشخصيات ضاحكة في تاريخ الفن العالمي وربما كان هو أيضا ذلك الناقد هو الذي كان في خيال مارسيل بروست (1871-1922) عندما كتب عن عاشق لوحة مشهد من دلفت في روايته الشهيرة: “البحث عن الزمن الضائع” حيث قام بتحويل لوحة “مشهد من دلفت” لفيرمير إلى رمز أدبي، حيث نجد أن إحدى شخصيات هذه الرواية، وبعد أن تمرض مرضًا شديدًا، تقول إن غاية ما تتمناه قبل موتها أن ترى هذه اللوحة، ثم إنها تذهب كي تشاهدها وتموت أمامها بالفعل.
كذلك كان الزعيم النازي أدولف هتلر مُولعًا بأعمال فيرمير الفنية على نحو يقترب من ولعه بأعمال فاجنر الموسيقية، ولذلك فقد أمر قواته بسرقة واحدة من أعمال فيرمير التي كانت مُفضَّلة لديه وهي لوحة “عالم الفلك” من عائلة روتشيلد اليهودية الباذخة الثراء، وقد كان يتمنى أن توضع كأول لوحة في متحف كان يُخطِّط لبنائه، وقد أعيدت تلك اللوحة بعد الحرب.
وأيضًا رسم الفنان الإسباني الشهير سلفادور دالي لوحة بعنوان “شبح فيرمير في دلفت، والذي يمكن استخدامه كطاولة” (1934) وقد استلهم فيها لوحة فيرمير المُسمَّاة “عصر التصوير” وكذلك تقنيات التصوير الفوتوغرافي فأنتج لوحة سيريالية معروفة.
كذلك كتبت الروائية الأمريكية تريسي شيفالييه رواية بعنوان “الفتاة ذات القرط اللؤلؤي” عام 1999 مستوحية عنوانها وعالمها من لوحة فيرمير الشهيرة، عن دلفت وكذلك عن حياته فيها، وفيها تخيلت حدوث علاقة عاطفية بين فيرمير وهذه الفتاة المُتجسِّدة في اللوحة وهي خادمة كانت تسمى في الرواية “جرايت” وقد تحمَّس المخرج “بيتر ويبر” للرواية فأخرجها للسينما عام 2003 في فيلم من بطولة سكارلت جوهانسون وكولن فيرث. وقد وصلت ميزانية هذا الفيلم إلى 12 مليون دولار، وعندما عُرِض في قاعات العرض العربية لم يهتم به أحد ورُفِع بعد أسبوع أو أقل من هذه القاعات.
بعد الاجتياح الكبير لوباء الكورونا خلال العام 2020 والذي لم نزل نعيش في ظلاله المُخيفة، وبعد تتابع الابتكارات والتصميمات الخاصة بالمستلزمات الطبية الوقائية ومنها الأقنعة أو الكمامات ظهرت تصميمات ولوحات تستلهم لوحة فيرمير الشهيرة هذه مثلما استلهمت أعمالا أخرى لوحة الصرخة للفنان النرويجي إدفار دي مونش.
وفي نوع من المحاكاة التهكمية استوحى الفنان البريطاني المعروف والمجهول في الوقت نفسه “بانكسي”، المعروف بأعماله والمجهول بشخصيته لأن لا أحد يعرف من هو حتى الآن، لكن أعماله التي ينشرها على صفحته على الإنستجرام وتتحول بعد ذلك إلى جداريات معروفة أو لوحات في معارض للفنون التشكيلية قد أصبحت حديث العالم. المهم أن ذلك الفنان قد استلهم لوحة “الفتاة ذات القرط اللؤلؤي” لفيرمير عام 2014 ووضع بدلا من “القرط اللؤلؤي” شكلا يمثل إنذارًا سداسي الأضلاع، وكانت لوحته تلك معروضة على أحد الجدران في مدينة بريستول بإنجلترا، لكن الوجه الذي عرضه بانكسي لتلك الفتاة كان وجهًا مكشوفًا، ثم جاء شخص ما، لا أحد يعرف هل هو بانكسي نفسه أم أحد غيره!! فوضع كمامة فوق وجه الفتاة ذات القرط اللؤلؤي على نحو يُماثِل تلك الكمامات التي يرتديها الطاقم الصحي البريطاني مع الاحتفاظ بجرس جهاز الإنذار الذي سبق أن وضعه بانكسي عليها.
إنها محاكاة تهكمية أخرى من عمل فني لم يزل يُحيِّر الناس، مثلما لم تزل موناليزا دافنشي تُحيِّرهم أيضًا.
لم تكتشف أهمية فيرمير إلا بعد وفاته بأكثر من قرنين من الزمن، ثم أنه وبعد اكتشافه قد أصبح موضوعًا لولع الفنانين ومؤرخي الفنون والدارسين لها والمتذوقين بشكل عام. لقد عاد فيرمير إلى الدنيا من بعد غياب، عاد وكانت عودته غريبة ومُدهِشة، لقد عاد بروحه بعد غياب جسَّده، وعاد بفنه بعد أن اختفى عالمه، عاد ليؤكد خلود الفن الجميل وإن طال غيابه أو غطَّاه غبار النسيان حينًا أو بعض حين.
وقد كانت اللوحات الأخيرة لفيرمير تصور نساء يعزفن الموسيقى ومنها تمثيلاً لا حصرًا: امرأة تعزف على آلة الجيتار (1672)، امرأة تقف بجوار آلة العذراوية virginal (1673)، سيدة تجلس بجوار آلة العذراوية (1673) والعذراوية آلة تشبه البيانو الصغير، ومثلما ظهرت الموسيقى في لوحات كثيرة لهذا الفنان ومنها: درس الموسيقى (1664)، امرأة تعزف على العود (1663).. إلخ. فقد كانت هي المُميِّزة أيضًا لتلك الأيام الأخيرة الزاخرة بالألم والمرض والفقر والديون والشقاء؛ وكأنه كان يريد أن يقول لنا شيئًا شبيهًا بما قاله مؤلف موسيقي ألماني شهير عاش بعده بأكثر من مائة وخمسين عامًا وهو روبرت شومان والذي قال: “في الأوقات كلها، تأتي المسرات والأحزان معًا، كن على ثقة أثناء السرور، وواجه الحزن بشجاعة مطلقة“، لقد كان فيرمير يحاول أن يواجه أحزانه بشجاعة مطلقة.
كان تيوفيل ثور برجر والذي أعاد اكتشاف أعمال فيرمير وهالز، هو أيضا الذي أطلق على فيرمير أيضًا لقب “أبو الهول دلفت” في إشارة منه إلى ذلك الغموض الذي كان يكتنف حياة هذا الفنان وأعماله، غموض يُشبِه ما يكتنف تمثال “أبو الهول” من غموض، ولم يكن برجر يعتقد في عام 1842 أن أعمال فيرمير ستحظى بالشعبية التي هي عليها اليوم، فلم تزل أعماله تأسر الوجدان وتحرك الخيال، لم تزل تعبر حدود الزمان والمكان والثقافات. لم يزل فيرمير يحتفظ –مثل أبي الهول- بالكثير من أسراره لنفسه، لم يزل الغموض يحيط به وبتقنياته وبأعماله وبالعصر الذي عاشه، لم تزل الهالة تحيط به، لم تزل تومض وتشع هنا وهناك. وفي كل يوم.
مراجع
1- تيموثي بروك (2012) قبعة فيرمير، القرن السابع عشر وفجر العولمة (ترجمة: شاكر عبد الحميد) أبوظبي. هيئة أبوظبي للثقافة. مشروع كلمة للترجمة. المقدمة.
2- https://en.wikipedia.org/wiki/Johannes_Vermeer
3- Netta, L. (2004) Vermeer’s World, An Artist and His Town. N.Y: Prestel, P.24
4- Cieraad, I. (2019) Rocking The Cradle of Dutch Domesticity: A Radical Reinterpretation Of Seventeenth Century “Homescapes”. The Journal of Architecture, Design and Domestic Space. Volume 15, 2018 issue 1
5- Benjamin, B. (2008), Vermeer’s Family Secrets: Genius, Discovery, and the Unknown Apprentice. London: Routledge
6- Montias, J. M. (1991). Vermeer and his Milieu, A Web of Social History. Princeton: Princeton Univ. Press