بقلم ستيفاني كوكس، درجة الماجستير في العلوم.
النقاط الرئيسة:
- عندما نضع حدودًا في حياتنا الاجتماعية نكون أكثر قدرة على التفاعل والتواصل مع من حولنا بثقة وأمان.
- تعد هذه المهارات ذات قيمة خاصة في مدة العطلات، عندما تكون التوقعات والعواطف في أوجها.
- لا تشعر أنك مضطر للتنازل عن حدودك مع شخص تعلم أنه لا يحترمك.
لشرح مفهوم الحدود في حياتنا، أريد منك أن تتخيل كوخًا جذابًا في قرية صغيرة وجميلة، أنت تعيش في كوخك والأشخاص جميعهم الذين تعرفهم وتتواصل معهم يعيشون في هذه القرية، كرست وقتك ومالك وجهدك لتجعل هذا الكوخ ملاذًا آمنًا وملائمًا لنفسك، ولحماية ما بذلته كله من عمل شاق ورعاية في سبيل تجهيز هذا الكوخ، بنيت سورًا جميلًا وقويًّا حوله مع بوابة مزخرفة وبها قفل، تشعر بكثير من الحب تجاه كوخك لدرجة أنك تريد أيضًا مشاركة مميزاته الفريدة، وتعلم أنه لزيادة شعورك بالفرح بهذا الكوخ يجب عليك دعوة الآخرين وإحضارهم إليه، وعندما يحترم الآخرون كوخك ويستمتعون به بقدر ما تستمتع أنت به، ستتضاعف فرحتك.
بيد أنك قد تواجه بعض الأشخاص من الذين تدعوهم إلى كوخك لا يحترمونه ولا يحبون الطريقة التي زينته بها، أو يكسرون الأشياء التي تحبها بشكل غير منطقي، وعندما يحدث ذلك، نتذكر السياج والبوابة التي بنيناها حوله، وبمجرد أن نرى كيف يعامل الناس كوخنا، نقرر ما إذا كنا سندعوهم مرة أخرى أم لا. فقد تمتلئ هذه القرية التي تضم من نعرفهم كلهم ونتواصل معهم في بعض الأحيان بأشخاص سيئين أو أناس كانوا أصدقاء في السابق ولم يعودوا كذلك أو حتى أفرادًا من العائلة لا أمان لهم، في حين أنهم قد يبقون في القرية، إلا أنهم لا يحتاجون إلى البقاء في قائمة الضيوف المسموحين في كوخنا. يعمل السياج والبوابة بوصفهما وسيلة لدخول أولئك الذين يشاركوننا فرحتنا وإبعاد أولئك الذين يسلبوننا الأمان.
تمثل البوابة والسياج عمل الحدود في حياتنا، فالكوخ هو حياتنا، ذاتنا، وجوهرنا، وقيمنا، وجسدنا وعائلتنا وأي شيء يخصنا ونختار حمايته، فالسياج والبوابة هما الحدود التي نستخدمها لحماية أنفسنا.
إدارة التوقعات مع الارتباطات الاجتماعية:
سيساعدك وجود حدود شخصية صارمة في الحفاظ على صحتك العقلية ورسم خطوط واضحة بين ما ترغب في فعله وما يمكنك أن تفعله وما ستفعله. امنح نفسك الوقت للتفكير في الدعوات التي تلقيتها جميعها وكن صادقًا مع نفسك حول شعورك تجاه كل دعوة، واعترف بالمكان الذي تشعر فيه بالحماسة أو التوتر أو الإرهاق بسبب دعوات معينة، واسمح لهذه المشاعر بأن تملي عليك مشاركتك، يجب عليك أن تعطي الإذن لنفسك برفض الدعوات التي لا تشعرك بالرضا لأنك مسؤول عن الاستماع إلى نفسك، إن حضرت حدثًا ما وأنت مستاء فمن ستخدم؟ بالتأكيد ليس نفسك.
عندما تقرر رفض تلك الدعوات، افعل ذلك بطريقة تخدمك وافعله مع إتاحة الوقت الكافي للآخرين ليتصرفوا بما يناسبك عند الضرورة، فعلى سبيل المثال: إذا كان منزلك هو المكان المعتاد لتناول العشاء فأخبر الآخرين بقرارك برفض استضافة العشاء حتى يتمكنوا من اتخاذ ترتيبات جديدة أو إذا كنت تقدم عادةً الحلويات أو المشروبات، فأخبر المضيف حتى يتمكن من العثور على شخص آخر يستبدلك.
مع مرور الوقت سيتأقلم الناس على هذا الوضع، فأنت لك الحق في الاهتمام بنفسك حتى لو كان ذلك يعني أن يعتاد الآخرون على غيابك، وإذا شعر هؤلاء الناس بالغضب بسبب ابتعادك فهذا يدل على أنهم بحاجة إلى مهارات تأقلم أفضل للتعامل مع التغييرات، أنت لست مسؤولًا عن تعليمهم مهارات التأقلم هذه، وكذلك فإنك لست مسؤولًا على الحفاظ على الأنظمة المختلة.
تواصل وعبر عما ترغب في فعله، والأهم من ذلك، عبر عما لا ترغب في فعله، ولكن اقتصر على التوضيح الوجيز لأسبابك، فبعض الأشخاص يريدون معرفة الأفكار التي تُبنى عليها قراراتك حتى يتمكنوا من العبث في مبرراتك المنطقية لخدمة مصالحهم. وتذكر أن إجابتك بـ”لا” تعد جملة مكتملة.
نصائح عملية لوضع الحدود في الحياة الاجتماعية:
- تأمين سكن بديل في أثناء السفر لزيارة عائلتك، فكونك مسافرًا لقضاء عطلة لا يعني أن عليك الإقامة في منزل شخص تتوقع حدوث احتكاك معه.
- قلل من التواصل.
- لا تشارك في الثرثرة والنميمة العائلية، يمكنك أن تقول: “أفضل عدم مناقشة هذا الأمر من دون حضور…”.
- اسمح لنفسك بأن تكون حازمًا، من السهل أن تطيل التفكير فيما يجب فعله لجعل شخص ما في العائلة “سعيدًا”، ولكن قد ينتهك هذا الدور حدود استقلاليتك. يمكنك بالتأكيد أن تكون كريمًا ومضيافًا، مع الحفاظ على حزمك في قراراتك فيما يتعلق بالعائلة والأصدقاء.
- المغادرة، لديك الحق في المغادرة من دون سبب ومن دون مبرر. لمرحلة البلوغ آثار قاسية مثل دفع الضرائب والاضطرار إلى الانتظار في دائرة المرور، ولكن الفائدة الرئيسة هي أننا لم نعد الأطفال العاجزين في منزل من يرعوننا من دون خيار ولا مفر.
التعامل مع التحديات المحتملة:
هناك بعض الأشخاص الذين لن يحترموا حدودك الاجتماعية، سيعترض الناس على التغييرات، خاصةً إذا كانوا يتعرضون للمضايقات، إن الأشخاص الأكثر اعتراضًا على حدودك هم أولئك الذين استفادوا منك أكثر من غيرهم لعدم وجود هذه الحدود، ضع حدودًا اجتماعية على أي حال، حتى لو لم يحترمها شخص ما، فأنت بحاجة إلى أن تعرف مدى احترامه لك أو عدم احترامه، ستسمح لك حدودك التي وضعتها بإنهاء أي علاقة أو تكيف التوقعات المتعلقة بالعلاقة.
إذا كنت تشعر بأنك شريك متساوٍ وذو قيمة في علاقاتك، فلا بأس أن تكون منفتحًا لتحاول التحدث عن الحدود، إذا كنت تشعر ببعض الاعتراض وتشعر بالاحترام أيضًا، فاسأل الطرف الآخر ما الذي سيشعره بالراحة، وإذا كنت تشعر بالراحة في مشاركة سبب وضعك لحدود معينة فلا تتردد في فعل ذلك، تنازل حيثما كان ذلك ضروريًّا ومناسبًا، وعند تقديم التنازلات، اعلم أنك لا تطلب الإذن والسماح.
لا تشعر بأنك مجبر على التنازل عن حدودك مع شخص تعلم أنه لا يحترمك، إذا كنت تعرف بعض الأشخاص النرجسيين أو المتلاعبين في دائرة علاقاتك، ففكر مرتين قبل محاولة التحدث معهم عن حدودك، ومن المحتمل أن تخسر هذا النقاش لأن بعض الأشخاص لا يهتمون بكيفية تأثير سلوكاتهم على الآخرين، وبصرف النظر عن ذلك، ابقَ منفتحًا ومستعدًّا لرؤية الأمور من منظور آخر مع الاستمرار في التحقق من احتياجك لحدودك، وعند الضرورة، اطلب الدعم من الأشخاص الذين تعرف أنهم يحبونك ويدعمون طريقتك في الحياة.
(وفق اتفاقية خاصة بين مؤسسة معنى الثقافية، ومنصة سيكولوجي توداي).
تُرجمت هذه المقالة بدعم من مبادرة «ترجم»، إحدى مبادرات هيئة الأدب والنشر والترجمة.

الآراء والأفكار الواردة في المقالة تمثّل وِجهة نَظر المؤلف فقط.