المقالة الأولى في سلسلة المأزق المعرفي في الفلسفة التحليلية:البراجماتية والمأزق المعرفي
المقالة الثانية في سلسلة المأزق المعرفي في الفلسفة التحليلية: العودة إلى الأسسية
[divider style=”solid” top=”20″ bottom=”20″]
مرت الفلسفة البراجماتية بعدّة تغيرّات، بداية من بيرس الذي حافظ على علاقة المنطق بالحقيقة عبر تشييده لهرم المعرفة الإنسانية بشكل أسسي، وواضعًا في قاعدته الرياضيات بوصفها العلم الذي يشتق علاقات ضرورية بشكل نظري، ثم المنطق بوصفه «مذهب الحقيقة، وطبيعتها، والطريقة التي تُكتشف بها»[1]، ووصولًا إلى كواين الذي حاجج بخضوع جميع قضايا الشبكة المعرفية للمراجعة التجريبية؛ لأنه «لا توجد قضية محصنة ضد المراجعة» بحكم أن «مجمل ما يسمى بمعرفتنا أو اعتقادتنا، من أكثر الأمور عرضية في الجغرافيا والتاريخ إلى أعظم قوانين الفيزياء الذرية وحتى الرياضيات البحتة والمنطق، هو نسيج من صنع الإنسان بشكل لا يمس التجربة إلا عند أطرافه»[2].
كان كواين يرى أن أطروحته هي الحل الوحيد للمشكلة التي واجهها كارناب؛ ألا وهي: التوفيق بين المفهوم الدلالي للحقيقة وبين التجريبية الجذرية حتى تقبل الحقائق الرياضية والضرورة المنطقية. ومن ثم وصف كواين رفضه للمعاني العقلية، وللمفهوم الدلالي للحقيقة، وللتمييز بين القضايا التحليلية والتركيبية بأنه «موقف براجماتي أكثر شمولاً» مقارنة بالموقف البراجماتي الذي «يتبنّاه كارناب ولويس وآخرون من مسألة الاختيار بين أشكال اللغة والأطر العلمية» لأن «براجماتيتهم تتركهم عند الحدود المتخيلة بين التحليلي والتركيبي». ومن ثم لزم بيان براجماتية المراحل الوسيطة التي وصفها كواين في ورقته؛ كارناب وكلارنس إرفينغ لويس.
تظهر براجماتية كارناب Carnap في تبنيه لمبدأ السماحية Principle of Tolerance الذي بموجبه «يصبح لدى كل شخص الحرية في بناء منطقه الخاص، أي صورة لغته الخاصة، كما يشاء»[3]. ومن ثم تؤدي تلك النسبية الأداتية إلى التعددية المنطقية، فيقول كارناب: «لا تتمثل المهمة في تحديد أي من الأنظمة المختلفة هو المنطق الصحيح، ولكن في دراسة خصائصها الشكلية وإمكانيات تفسيرها وتطبيقها في العلم. وربما يتضح أن أحد تلك الأنظمة التي تختلف عن النموذج التقليدي يمكن توظيفه كأساس للغة العلم»[4].
أما لويس C. I. Lewis فهو أستاذ كواين في هارفارد بين عامي 1930 و1932، وعلى يده تلقى كواين أولى دروسه في الإبستيمولوجيا والتي أتت بصبغة براجماتية. فقد كان لويس براجماتيًا متأثرًا ببيرس نتيجة تحريره أوراق بيرس المنسية في أرشيف جامعة هارفارد. لكن تأثره ببراجماتية بيرس شابها تأثره ببراجماتية جيمس وبمثالية جوزايا رويس، فتخلى عن التزام بيرس بالواقعية المستندة إلى مفاهيم ميتافيزيقية مثل الواقع المستقل، والحقيقة التطابقية، والضرورة الرياضية، وتبنى براجماتية كانطية مستندة إلى «واقع تحده مفاهيمنا الناتجة عن مسالكنا العملية»[5]، رغم استناده لحقيقة الواقع المطلقة والسرمدية والتي لا سبيل للوصول لها كما هي في ذاتها لأن «عالم التجارب لا يُعطى عبر التجربة، وإنما يشيده الفكر المفاهيمي بواسطة البيانات الحسية المعطاة»[6].
ميز لويس بين المعطى بوصفه الكواليا التي «لا يخلقها تفكيرنا … ولا تتغير باختلاف اهتماماتنا وتصوراتنا … والتي تبقى عصيّة على الوصف دومًا»[7]، وبين التجربة المعرفية بوصفها تفسير العقل للمعطى بواسطة المفاهيم. فلم تعد المعرفة عنده علاقة ثلاثية (العلامة [العالم الأول] تقف بين الشيء الواقعي [العالم الثاني] وبين المؤوِّلَة [العالم الثالث]) كما هو الحال عند بيرس، وإنما أصبحت علاقة ثنائية بين العالمين الأول والثالث مباشرة. فتحول الواقع الغاشم عند بيرس إلى التجربة الغاشمة عند لويس. ومن ثم حاجج الأخير بأن عناصر المعرفة: 1- الانتباه الفوري للمعطى الحسي. 2- المفاهيم المجردة والمستقلة عن الواقع وتطبيقاته العملية، مثل الرياضيات. 3- المعرفة المقولية عند تفسير المعطى التجريبي باستخدام المفاهيم الدلالية، مثل أنواع الحيوانات. 4- معرفة الأشياء الظاهرة أمامنا. 5- القضايا العملية بوصفها تعميمات تجريبية.
لكن بما أن القضايا العلمية احتمالية بحكم أنها تعميمات ناتجة عن عمليات استقرائية للتجارب الماضية، فإنه من أجل صد هجوم الشكوكية يلزم عليها الاستناد إلى حقائق عامة يقينية، وإلا ستظل تستند إلى قضايا احتمالية في تسلسل لانهائي تنعدم معه أي إمكانية لنشوء المعرفة. وتلك القضايا اليقينية هي القضايا التحليلية السابقة على التجربة والمستقلة عن التجربة ومحتوى المعطى؛ «فمفاهيمنا التي بدونها لا يمكن التعبير عن أي معرفة، ولا يمكن التفكير في أي شيء متعلق بالتجربة، هي التي تمنحنا هذه الحقائق التحليلية والمؤكدة»[8]، و«رغم كونها حقائق صورية فحسب، إلا أنه لا يمكننا استيعاب حقيقة التجربة إذا لم يكن لدينا شبكة لاصطيادها»[9].
لكن إذا كانت التعميمات التجريبية تستند في صحتها إلى الحقائق التحليلية، فعلام تستند الأخيرة في صحتها؟ يجيب لويس بأن المفاهيم التحليلية صحيحة بحكم التعريف أو التحليل الدلالي لأن «العقل يضع التصنيفات ويحدد المعاني، وهو بذلك يخلق تلك الحقيقة التي بدونها لا يمكن أن تكون هناك حقيقة أخرى»[10]. لكن إخراج تلك المفاهيم إلى حيز المعرفة لا يخضع سوى للمعيار البراجماتي؛ لأن المعرفة عملية بالأساس عند لويس، ومن ثم يمكن لتلك المفاهيم التحليلية «أن تتغير على أسس براجماتية عندما تكشف الخبرات اللاحقة عن فشل تلك المفاهيم في أن تكون أدوات فكرية»[11]. وهو ما يشملها كلها «وحتى المنطق رغم كونه أكثر مقولاتنا ثباتًا وأقلها تأثرًا بنطاقات الخبرة الجديدة»[12].
لم يكن النزوع الكانطي لدى لويس هو دافعه الوحيد للتخلي عن المكانة الخاصة التي أولاها بيرس للرياضيات والمنطق، وإنما ظهر دافعٌ أكثر قوة هو رفضه لتصور راسل ووايتهيد في كتابهما «مبادئ الرياضيات» للعلاقة الشرطية material conditional؛ لأنه رأى أنها تختلف كثيرًا عن الاستدلال الشرطي في لغاتنا العادية؛ حيث أن الشرط الكاذب يستلزم صدق هذه العلاقة الشرطية المنطقية سواء أكان جواب الشرط صادقا أو كاذبًا، أي أن الشرط الكاذب يستلزم أي نتيجة مهما كانت [مثل: إذا كانت البجعة البيضاء سوداء، فإن القمر أخضر اللون]، فيقول لويس: «يبني السيد راسل، على سبيل المثال، منطقه على علاقة استلزام بحيث أنه إذا قطعنا عشرين جملة من صحيفة ووضعناها في قبعة، ثم اخترنا اثنتين منها بشكل عشوائي، فإن إحداهما بالتأكيد ستستلزم الأخرى»[13].
لهذا وضع لويس صياغة أخرى للعلاقة الشرطية Strict conditional بحيث تمنع المشكلة السابقة، لأن العلاقة الجديدة تعني أنه من غير الممكن للعلاقة الشرطية الصادقة أن يجتمع الشرط الكاذب مع جواب صادق. لكن ظهرت مشكلة أخرى وهي أن جواب الشرط إذا كان ضرورة منطقية فإنه يستلزم صدق العلاقة الشرطية سواء أكانت المقدمة صادقة أو كاذبة [مثل: إذا كانت البجعة سوداء، فإن 1 +1 =2]. هذه العلاقة الشرطية تكافيء العلاقة الشرطية في نظام راسل لكن بعد إضافة رمز الضرورة المنطقية. ومن ثم ميز لويس في نظامه بين القضايا الضرورية منطقيًا والقضايا التجريبية الممكنة منطقيًا.
بذلك كان له الفضل في وضع الأنظمة الصورية الخمسة لمنطق الموجهات، وقد تبين لاحقًا أنها تضم نظام راسل داخلها، وليس كما أعتقد لويس أن «هناك العديد من الأنظمة المنطقية المختلفة، كل منها متسق ذاتيًا بشروطه الخاصة، بحيث أن من يستخدمها، إذا تجنب المقدمات الكاذبة، لن يصل أبدًا إلى نتيجة كاذبة». وفي ضوء الاعتقاد الخاطيء السابق، حاجج لويس بأن المعيار البراجماتي هو الوحيد القادر على اختيار المنطق المناسب لفهم تجربة معينة من بين الأنظمة المختلفة المتاحة، متناسيًا أن عملية الاختيار تستلزم منطقًا بحكم أن المنطق، كما يؤكد هو ذاته، «المباديء الإجرائية والقواعد التشريعية للفكر والفعل»[14].
يصف لويس براجماتيته المفاهيمية Conceptual Pragmatism بقوله: «اتُهمت البراجماتية أحيانًا بالتأرجح بين مفهومين متعارضين: الأول هو أن التجربة تتشكل حسب أغراضنا بشكل تام [تصور جيمس]؛ والآخر، أن الحقائق صلبة ولا يخلقها العقل [تصور بيرس]. هنا نحن نقدم مفهومًا وسيطًا: هناك عنصر قبليّ يمر بجميع معارفنا [الفكر المفاهيمي]، وهو بالفعل يتشكل لتحقيق أهدافنا واستجابة لاحتياجاتنا [يتشكل براجماتيًا]. ولكن هناك أيضًا عنصر آخر من عناصر الخبرة صلب ومستقل ولا يمكن لإرادتنا تغييره [البيانات الحسية المعطاة]»[15]، «فمن ناحية، هناك الجنة الأفلاطونية لمفاهيمنا، مع الوضوح الجميل لعلاقاتها المتداخلة، وحقيقتها المطلقة. ومن الناحية الأخرى، هناك فوضى المعطى التجريبي. إن الجمع بين هذين الأمرين هو مسألة تجربة وخطأ»[16]؛ لأن «ما تبنيه التجربة الآن، قد تدمره لاحقًا؛ فأدلتها لا تكتمل أبدًا»[17].
تحرر لويس بمثالية كانط من قيود بيرس التأسيسية، فوضع المبدأ البراجماتي في قاعدة الهرم المعرفي بدلًا من الرياضيات والأخلاق والحقيقة والمنطق كما فعل بيرس، وبذلك خضعت تلك الأمور للمبدأ البراجماتي. كما تحرر لويس ببراجماتية بيرس من قيود كانط التجريبية؛ فأصبح بالإمكان ضم العديد من المفاهيم إلى فئة المقولات القبلية، بل وتخطئتها وتغييرها أيضًا. ومن ثم أصبحت المعرفة بأكملها براجماتية بشكل خالص، فيقول: «المعرفة لديها دور عملي يلزم أن تؤديه، مصالح الفعل التي تسعى إلى خدمته. يستجيب نشاط العقل لحاجتنا إلى الفهم في مواجهة تجربة محيرة بدرجة ما، ولحاجتنا إلى السيطرة عليها»[18].
ومن ثم تتساوى المفاهيم الرياضية مع المفاهيم الفيزيائية في إمكانية التغير، فيقول لويس: «يشكل كامل نظامنا المفاهيمي هرمًا؛ على قمته توجد أكثر القضايا شمولاً، مثل تلك الخاصة بالمنطق، وفي قاعدته توجد الأقل عمومية منها، مثل (البجع)، وما إلى ذلك. وعبر هذا النظام المعقد من المفاهيم المترابطة نتعامل مع بعض التجارب ونحاول ملاءمتها، بشكل ما، في أنماطها المُمارسَة. لكن يؤدي الفشل المستمر في ذلك إلى تعديلات؛ يتم التخلي عن قابلية تطبيق مفاهيم معينة على تلك التجارب ليحل محلها مفاهيم أخرى. وكلما زاد علو المفهوم في هرمنا، كلما ترددنا في تعديله؛ لأن النتائج ستكون جذرية وبعيدة المدى إذا تخلينا عنه»[19].
كان لويس يدرك أن البراجماتية التي يدافع عنها فتحت باب النسبية بحكم أنه تخلى عن نقاط التأسيس التي انطلق منها بيرس، ومن ثم قيدها ببعض معايير الإبستيمولوجيا العلمية فيقول: «ليس هناك ما قد يدفعنا للتخلي عن نظامنا المفاهيمي، ولا حتى الإدراك الحسي المباشر؛ لأن الوهم أو الخطأ ممكنان دائمًا، باستثناء حاجة أو غرض لدى العقل ذاته. لكن بعض الغايات المهمة، مثل الاتساق والاقتصاد الفكري، وتمام الفهم، وبساطة التفسير، تحتل مكانًا أعلى بكثير في تلبية احتياجاتنا على المدى الطويل، بحيث تكون لها الأسبقية على أي غرض شخصي أو مؤقت، ولهذا فإنه يمكن لعديد الأنظمة المفاهيمية أن تفسر التجربة بأشكال مختلفة، وأن تتسم جميعها بالموضوعية والسلامة، إذا لم يكن هناك عيب منطقي بها. إن اختيار أحد الأنظمة المفاهيمية لتفسير التجربة هو اختيار براجماتي، سواء أكان عن قصد أو بدون قصد»[20].
وبمقارنة المقولة السابقة بمبدأ التسامح عند كارناب، يظهر صدق مقولة كارناب: «يبدو أن هناك اتفاقًا على النقاط الرئيسية بين آراء حلقة فيينا، وتلك البراجماتية، كما أوضحها لويس على سبيل المثال»[21]. لكن ما ميز البراجماتية التجريبية عن الوضعية المنطقية هو أن البراجماتية لا ترفض أي سؤال فلسفي بناء على التزام مسبق، وإنما تبحث في كل الأسئلة ذات الآثار العملية في حياة البشر، والتي من بينها تلك التي رفضتها الوضعية المنطقية مثل أسئلة المعاني الميتافيزقية كالقيمة، والأخلاق، والجماليات. فالمعنى بالنسبة للبراجماتي ليس محصورًا في جمل الملاحظة التجريبية اللحظية ولا مقيدًا بقواعد صورية مسبقة، وإنما هو مرتبط بالتجربة الفينومينولوجية بمعناها الواسع[22]. وهنا يمكن القول إن كواين لم يكن امتدادًا للتيار البراجماتي ولأفكار لويس بقدر ما كان امتدادًا للوضعية المنطقية ولأفكار كارناب.
لكن تظل الحقيقة كما يقول ديفيدسون: «يمكنك إيجاد معظم إبستيمولوجيا كواين في أعمال لويس بعد طرح التمييز بين التحليلية والتركيبية [… ] لا أعتقد أن كواين يعلم بوجود تسلسل فعلي يبدأ بكانط ويمر بلويس وينتهي بكواين»[23]. فنحن نجد في ورقة كواين «عقيدتان في التجريبية» عددًا من أفكار لويس مثل براجماتية المفاهيم القبلية، وقابلية تغييرها عند فشل الفهم، والمعايير البراجماتية للاختيار مثل مدى مركزية المفهوم ومدى البساطة والاقتصاد، وغيرها.
تظل نقطة الخلاف الأساسية بين لويس وكواين هي التمييز بين التحليلي والتركيبي، فقد حاجج لويس بأنه يمكن اختيار الهيكل العقلي المناسب لتأسيس محتواه المفهوم من التجربة، وحاجج كواين بأنه لا فرق بين الهيكل العقلي ومحتواه؛ لأنه ليس هناك تأسيس عقلي من الأساس، فأصبح الاختيار البراجماتي شاملًا للهيكل العقلي ومحتواه لأنه لا فرق بينهما في منظور كواين التجريبي. ومن ثم انتقل إليه نفس التناقض المنطقي الذاتي الذي عانت منه براجماتية لويس بحكم أنها لم تتأسس على الرياضيات والأخلاق والحقيقة والمنطق كما فعل بيرس، ناهيك عن أن كواين بتخليه عن التأسيس العقلي بأكمله قد فتح الباب على مصراعيه لكل فلسفة نسبية، حتى تلك اللا-عقلانية واللا-علمية منها.
[divider style=”solid” top=”20″ bottom=”20″]
[1] Charles S. Peirce, The Logic of 1873, Unpublished
[2] W. V. Quine, Two Dogmas of Empiricism, 1951
[3] Rudolf Carnap, Logical Syntax of Language, Trans. by Amethe Smeaton, Routledge, 2001, p. 52
[4] Rudolf Carnap, Foundations of Logic and Mathematics, University of Chicago Press, 1957, p. 28-29
[5] C. I. Lewis, Review of John Dewey’s The Quest for Certainty, 1930
[6] C. I. Lewis, Mind and the World Order, Dover Publications, New York, 1929, p. 29
[7] Ibid., p. 48,52
[8] Ibid., p. 311
[9] Ibid., p. 307
[10] Ibid., p. 240
[11] C. I. Lewis, A Pragmatic Conception Of The A Priori, 1923
[12] C. I. Lewis, A Pragmatic Conception Of The A Priori, 1923
[13] C. I. Lewis, Mind and the World Order, p. 248
[14] Ibid., p. 247
[15] C. I. Lewis, A Pragmatic Conception of the A Priori, 1923
[16] C. I. Lewis, Mind and the World Order, p. 307
[17] Ibid., p. 195
[18] Ibid., p. 238
[19] Ibid., p. 305-306
[20] Ibid., p. 267, 271
[21] Rudolf Carnap, Testability and Meaning, 1936
[22] C. I. Lewis, Logical Positivism and Pragmatism, 1941
[23] Donald Davidson, Problems of Rationality, Clarendon Press, Oxford, 2004, p. 237