
بدأت إرهاصات الحداثة الغربيّة حوالي القرن الخامس عشر ميلادي، ثمّ تدرّجت حتّى شرارتها الأولى مع كوبيرنيك في الفَلك، إلى أن وصلت ذروتها في القرنين السابع والثامن عشر الميلاديّين مع جاليليو في مواجهته للمُحاكمة الكنسية الشهيرة، وُصولًا إلى إسحاق نيوتن والمبادئ الفيزيائية لقانون الجاذبية، مرورًا بديكارت رائد الحداثة الأوّل بوجهِها الفلسفيّ؛ إذ أتت على الأخضر واليابس، وتسرّبت مفاهيم الحداثة من موضوعٍ إلى موضوع ومن عِلمٍ إلى عِلم ومن مجالٍ إلى مجال آخر. تفرّعت خيوطها في شتّى الاتجاهات حتّى حاصرت الحُكْم المسيحيّ، ومن خلاله العِلم الأرسطيّ الذي قاوم زهاء العشرين قرنًا.
امتاز القرن السابع عشر بمركزيّة الشمس، وهي الفكرة الجديدة، التي قَلَبَت الفكر الإنساني آنذاك رأسًا على عَقِب، فانهارت مركزية الأرض البطليمية، وانهارت الفيزياء الأرسطية، وعليه طُرح السؤال التالي: إنْ أصبح هذا التّراث الذي عَمَّر طويلًا غير صالح؛ فماذا سنفعل؟ إنّنا بالضرورة نحتاج عِلْمًا جديدًا وفيزياء جديدة وفلسفة جديدة وتفسيرًا جديدًا للّاهوت … وغيرها. من الأمور التي فاجأت الإنسان الغربيّ نفسه وجرحته اضطرارًا وليس اختيارًا؛ فأصبح كالغريق في بحر العلوم الحقّة ينظر أيَهتدي إلى سبيل للخروج أم فاته الأوان؟ والقصة معروفة بعد هذا، حيث الكوبيرنيكية هي الصياغة الفَلكية للحداثة والجاليلية هي الصياغة العِلمية لها، ثمّ جاء ديكارت بالصياغة الفلسفية التي أعادت الاعتبار للإنسان، وقال: نبدأ من الذّات أوّلًا ثمّ الطبيعة ثانيًّا، مادام أنها غير موثوقة، وعلى إثرها سُمِّي بأبي الفلسفة الحديثة.
ولكن هيمنة العلوم الفيزيائية والمشاهدات الفَلكية على الحداثة، لم يمنع من بزوغ أسماء أخرى في مجالات متنوّعة، نال منها الأدب نصيبه أيضًا، فتنفّست الحداثة أدبًا مع -صاحب مقالتنا- فرانسوا دو لاروشفوكو (1613-1680م)، الذي وُلد بعد وفاة قُطبيْ الحداثة ومُحَرِّكَيْها مكيافيلي وكوبيرنيك بفترة قليلة(1)، إذ عاصر على التّوالي؛ فرانسيسكو سواريز(2)، وفرانسيس بيكون، ويوهانس كيبلر، وجاليليو جاليلي، وتيكو براهي، ورونيه ديكارت، وتوماس هوبز، ووليام شكسبير، وباسكال بليز، وجون لوك، وباروخ سبينوزا، ونيكولا مالبرانش، وإسحاق نيوتن، ولايبنز، وجيامباتيستا فيكو وغيرهم(3) من كبار فلاسفة الحداثة وعمالقتها في القرن السّابع عشر، الذين برعوا في المجالات والتخصّصات كلّها؛ بل وقد عاصر المَلك لويس الرّابع عشر في بلاده فرنسا، وما أدراك ما لويس الرّابع عشر فهو المُلقّبُ بـ «مَلِك الشّمس». فتلقى دو لاروشفوكو من حيث لا يدري أبجديّات الحداثة، وأخرجها في حلّة أدبية ماتعة، كما سنتتبّع أدقّ تفاصيلها فيما سيأتي من كتابه «حِكم وأفكار»، المُدرَج تحت صنف التّوقيعات الأدبية.
ينتمي دو لاروشفوكو إلى أسرةٍ أرستقراطية تتمتّع بكامل نفوذها، فنشأ نشأة شابّ نبيل مرفّه، ولكنّه لم ينل تعليمًا جيّدًا، وفي سنته السّادسة عشرة انخرط في حاشية لويس الثّالث عشر، وصار يمارس السّياسة والدبلوماسيّة. ثمّ لُمح مُحاربًا في حملتَيّ 1635و 1638م، ضمن حرب الثّلاثين سنة، التي دارت رحاها بين فرنسا والنّمسا. بيْد أنّ النّجاح لم يُحالفه في مسيرته السياسيّة إثر هزيمته وإصابته بجُرح بليغ، كما أن اعتقاله في السّجن الرّهيب الباستيل(4) مهد الثّورة الفرنسيّة بعدها بقرن ونيّف فقط(5).
بعد اعتزاله السّياسة اتّجه دو لاروشفوكو إلى حياة الصّالونات الأدبية، كما دأب عليه نبلاء حقبته عند إخفاق مساعيهم السياسيّة، فصار يعقد علاقات غرام أو صداقة مع أشهر نساء ذلك الوسط، اللّائي كان أغلبهنّ يمارسن الكتابة، ويرتاد مجالسهنّ، ويلمع فيها. ولكن بعد سنوات من اللّمعان أُصيب بالنّقرس، فابتعد عن حياة الصّالونات واتّجه إلى المغامرة الأدبية النّاجحة، وبالأخصّ الأدب الحِكَمي أو أدب التّوقيعات، بالمعنى الذي كانت العرب تمنحه للعِبارات الحِكَمية المقتضبة والخطرات الفلسفية-الأدبية الوجيزة(6).
وفي السّياق نفسه، نال كتاب «حِكَم وأفكار»، شُهرة واسعة «إذ تعرّف معاصروه على أنفسهم في هذه الرّؤية المتحرِّرة من الأوهام؛ حيث قدّمها لهم في حِكَم مقتضبة ولامعة رجل قرّر أن يفيد من إخفاقاته ومن عزلته ليقدّم رؤية صاحية عن الإنسان. رؤية تبدو للوهلة الأولى متشائمة ومغرقة في السّوداوية، وهي في الحقيقة مطبوعة بقدر كبير من الصّراحة ومن إرادة التّعرية والحفْر عميقًا في أهواء البشر وإماطة اللّثام عن الدّوافع الحقيقية لأفعالهم. وهذه الرّؤية تخدمها كثيرًا هذا الاقتضاب الذي يمنح الفكرة، وقد صقلها المؤلِّف وجرّدها من كلّ إضافة نافلة. [إنها] رهافة البلّور وحِدَّتِه في آنٍ معًا»(7).
بدأ دو لاروشفوكو في كتابة حِكَمِه سنة 1658م، وصدرت في هولندا سنة 1664م، دون موافقة المؤلِّف من خلال مخطوطة وضعها لأصدقائه، فتعجّل في طبع إصدار جديد بداية سنة 1665م، ووصلت الطّبعات إلى خمس في حياته آخرها كانت سنة 1678م. تدرّجت الحِكَم من 318 حِكمة في الطّبعة الأولى إلى 504 في الطّبعة الخامسة، ثمّ صدرت الطّبعة السّادسة سنة 1693م بعد وفاته، وحملت تنقيحات من المحقّقين بإضافة ما تمّ حذفه حفاظًا على النّصّ الأصل كاملًا، وتمهيدًا لتشكيل رؤية جامعة حول تطوّر عمل المؤلِّف.
هو كِتاب على شاكلة ما ظهر عند معاصره بليز باسكال في كتابه المليء بالشّذرات الروحانيّة الدينيّة، وعند نيتشه بعده في استعاراته الفلسفية الرمزيّة، ثمّ لاحقًا عند فرويد في كشف الغرائز التي تتحكّم في الإنسان، وإن شئنا القول هو مثال للشِّعر العربيّ القديم المُتْخم بشتّى المواضيع خاصةً الجاهليّ، وهو كالأمثال العربيّة التي يتأتّى مغزاها بعد قراءة وإعادة قراءة. وبكلمة واحدة هو كتاب يتحدّث عن محبّة الذّات(8) التي هي محرّك الأشياء جميعها.
قيل إنّه حذف جميع التّوقيعات والحِكَم ذات النّبرة الدينيّة من الطّبعة الثّانية، لتأثّره بالمُفكّر اللّاهوتي الهولندي كورنيليوس جانسن (1585-1638م)، في إيمانه بالجبريّة المجبول عليها مصير الإنسان بوجود قوّة عُليا تسيطر عليه وتوجّهه؛ إذْ هو أسير أهواء غريبة تتحكّم به وتُسيّره. ولا ينقص هذا كلّه من كون الكتاب يشهد زاوية تاريخيّة مُهمّة على عصرٍ ذهبيّ مليء بالثّورات والمؤامرات والمصالح والأحداث الخالدة، ولعلَّ كون الحقبة مهد الحداثة الغربيّة لخير دليل على هذا.
وللتعمّق في الكتاب أكثر نطرح الأسئلة التّالية: كيف أصبح الأدب ينطِق حداثةً مع فرانسوا دو لاروشفوكو؟ لماذا هذا الزّواج الطّارئ بين الحداثة والأدب؟ ما هي الموضوعات التي تُظهر هذا التّلاقح؟ وهل فعلًا سلك الأدب الطريق الجديد الذي عبَّدته الحداثة؟ وأخيرًا، هل يمكن القول إنّ الأدب نجح من خلال دو لاروشفوكو لأن يُعطي صورة واضحة لماهية الحداثة؟
تدور ثيمات الكتاب حول معانٍ متعدّدة منها: حُبّ الذّات، والقناعة، والكبرياء، والغرور، والاعتدال، والصّداقة، والحُبّ، والمرأة، والسّياسة … وغيرها، وكأنّها تشريح الكائن البشريّ من حيث نوازعه كما فعل بعده دافيد هيوم في كتابه «تحقيق في الذّهن البشريّ» إذْ بحث دو لاروشفوكو عن الدّوافع الحقيقية لأفعال الإنسان؛ فكان خادمًا لبرادايم الحداثة من حيث لا يدري؛ بمعنى أنّه جرّد الدّوافع الإنسانيّة من أوهامها بالقسوة كلّها، وهي فكرة الحداثة الأولى خاصّة مع رائدها ديكارت عندما أعطى فلسفة الذّات بديلًا عن الطّبيعة بالعودة إلى الأنا من خلال «الدّوبيتو»، ثمّ «الكوجيطو»(9).
سنتحدّث في هذا الجزء الأوّل من المقالة عن مواضيع: الإنسان والمرأة، ثمّ الحبّ باعتباره تطبيقًا لهما، بحيث سنتلمّس الخيوط الحداثية الفلسفية في الأدب، انطلاقًا من هذه الثّيمات على الشّكل الآتي، وبالتّرتيب نفسه:
أوّلًا: الإنسان عند دو لاروشفوكو
من أبرز الأسس الطّارئة في القرن السّابع عشر هي العودة إلى الذّات، وكأنّها مرآة أصبح الكلّ ينظر من خلالها نحو العالَم، بعدما كانت الرّؤية عكسية من الطّبيعة ومن الخارج نحو الذّات، وحين قَسَتِ الطّبيعة على العقل وأيقظته من سُباته العِلمي المعرفي والفكري، أصبح لا يثق إلّا فيما يجرِّبه ويشرِّحه بنفسه بعيدًا عن مغالطات العالَم الطبيعي؛ فصار الإنسان المحور المركزي للحداثة عوض الطبيعة، ولا عجب في الأدب أيضًا، إذ نجد من الحِكَم الأولى التي صرّح بها دو لاروشفوكو هي: «حُبّ الذّات هو أكبر المُداهِنين»(10)، فأصبح الإنسان بئرًا من المعرفة غير محدود، وتحوّلَ في لحظة واحدة من مُستقبِل للمعرفة إلى مُنتِجها اللّامتناهي؛ إذ «مهما يكن حجم الاكتشافات التي حصلت في بلاد حُبّ الذّات، يظلّ فيها الكثير من الأراضي المجهولة»(11). لقد أضحى الإنسان كلّ شيء، وحُبّ الذّات طفا فوق السّطح عوض بقائه في الأعماق، ولا استغراب أن يكون حُبّ الذّات «أمهرَ من أمهرِ إنسانٍ في العالَم»(12)، هو حبّ فلسفيّ بركيزة وأساس حداثي، وفي قالَب أدبيّ رائع، حيث وعى الإنسان وفَهِم المنظومة التي يشتغل بها عقله، التي ما هي إلا عبارة عن بنيان مرصوص تُعضّد الفكرة منه باقي الأفكار في تكامل ونسق شامل. يقول دو لاروشفوكو شارحًا: «في عقل الإنسان توالُدٌ أبديّ للأهواء، بحيث يكون انهيار أحد الأهواء في أغلب الأحايين توطيدًا للآخر»(13).
وهي تمامًا الفكرة التي صاغها بتعبيرٍ آخر أكثر وضوحًا، فـ«لا شيء يمكنه التّقليل من الرّضا الذي نشعر به اتّجاه أنفسنا أكثر من رؤية مدى استهجاننا في وقتٍ معيّن لما كنّا نؤيّده في وقت آخر»(14)؛ فصار الإنسان يبسط هيمنته على الطّبيعة التي يعيش معها وفيها، بعدما كانت تُخيفه وتُرعِبه أصبح يتفاعل معها، يقول دو لاروشفوكو في هذا السّياق: «يبدو أنّ الطبيعة التي هيّأت بِحِكمة فائقة أعضاء جسدنا كي تجعلنا سعداء، قد أعطتنا أيضًا الكبرياء كي تُوفّر علينا ألَم معرفة عيوبنا»(15)، فما كان مستحيلًا أو شبه مستحيل أصبح متاحًا بالإرادة وجانب من القوّة الإنسانيّة، إضافة إلى وصول هذا الإنسان مرتبةً دافع فيها عن أذواقه وآرائه شيئًا فشيئًا، وهو ما كان بعيد المنال إلى عهدٍ قريب من القرن السّابع عشر.
وكان للعقل النّصيب الأوفر في تجربة الحداثة الغربيّة؛ إذْ هو الذي فكّر وأعطى بدائل عِلمية وتجارب فيزيائية، وملاحظات فَلكية صادمة عمَّا عرفه الإنسان طيلة قرون، ولا غرابة في كون دو لاروشفوكو قَدَّم في حِكمه نصيبًا وافرًا للعقل أيضًا، فـ«الرّشاقة بالنّسبة للجسد هي بمقام الحسّ السّليم بالنسبة للعقل»(16)؛ فقِوام التّهذيب في العقل هو التّفكير في أشياء نزيهة بمعنى صادقة في الطبيعة، ولائقة بمعنى مناسبة للمستوى المعرفيّ الذي وصله الإنسان.
فالعاقل حسب دو لاروشفوكو هو ذاك الذي يعرف العقل ويُميّزه ويَتذوّقه، وهي صورة عالية في الرُّقيّ الإنساني من مرتبة السّرد والوصف إلى مرتبة التّأمل والتّحليل وطرح الأسئلة الكبرى المُحيرة، فـ «العقول الصّغيرة تجرحها الأشياء الصّغيرة كثيرًا، أمّا العقول الكبيرة فترى الأشياء كلّها ولا يجرحها شيء»(17). وهو بالضّبط الهاجس الذي كان عند علماء المسيحيّة وأصحاب المصالح الكنسية في القرن السابع عشر، عندما بدؤوا يستشعرون ذهاب امتيازاتهم وزوالها بهذا المستجدّ العِلمي الطارئ؛ فنبذوا كلّ ما له صلة بهذه الموجة الجديدة، واعتبروا كلّ من يسبح فيها مهرطقًا وخارجًا عن الدين يستحقّ عقاب الرّبّ، كانت عقولهم صغيرة ومحدودة، وبتعبير دو لاروشفوكو: «العقول المحدودة تُدين عادةً كلّ ما يتجاوز مداها»(18)، وتَمْلِك من الكسل في عقولها أكثر ممّا يملِك الإنسان في جسده، لأنّ المُعيقات كثيرة وخارجية، لذا لا يملك أيّ شخص يحاول الثورة على الواقع قوّةَ الإرادة الكافية لاتّباع كلّ ما يدلّه عليه عقله؛ إذ يكون الصّمت والعمل المتواصل والتّراكم المعرفي الذي يُنتجه العالِم أو الفيلسوف، هو القرار الأسلم لدى مَن يرتاب مِن نفسه خوفًا من هؤلاء الذين يُشهرون السّيف باسم الربّ ضدّ الأصوات المُحِقّة؛ وعليه «أحيانًا تكون نصيحة المرء لذاته أكثر إفادة من نصيحة نصوح»(19)، ويسلك من ثمَّ الشخص سبيل لطافة العقل في قوله أشياء متملّقة بطريقةٍ مستحبّة ومستساغة، فيجب ألّا نَحْكُم على جدارة إنسان انطلاقًا من خصاله الكبيرة، بل انطلاقًا من طريقة استخدامه لتلك الخصال.
ثمّ بعد العقل عند الإنسان، يتنقل دو لاروشفوكو، كما فَعَلَتِ الحداثة، للحديث عن ثنائيّة الرّوح والجسد، وهي الثنائية التي تخطّى صيتها القرن السابع عشر إلى قرون تالية بعده، حيث يقول: «هناك سوء تسميّة لقوّة الرّوح وضعفها، فَهُمَا في الواقع ليسا إلّا تعبيرًا عن تمتّع أعضاء الجسد بالعافية أو عدم تمتّعها بها»(20)، كما أنّ هناك انتكاسات في أمراض الرّوح، كما في أمراض الجسد، «وما نأخذه على أنّه شفاؤنا ليس في أغلب الأحيان سوى استراحة أو تغيُّر للمرض»(21)، وبحسبه فعيوب الرّوح تشبه جراح الجسد؛ مهما تكن العناية في علاجها، تظلّ النّدوب ظاهرة دائمًا، وتكون مهدّدة بالانفتاق من جديد، ولعلَّ دو لاروشفوكو قد تشبّع بالحديث عن الرّوح والجسد كغيره من فلاسفة عصره الذين تأملّوا في فناء الجسد وبقاء الرّوح، ومنهم ديكارت، الذي استعملها حيلة للإيمان لِيَفلت من العقوبة الكنسيّة التي زجّت بجاليليو في السّجن حتّى الموت؛ لكن دو لاروشفوكو تحدّث عن الموضوع بحدّة أخف، فقال: «قلّة من النّاس يَعرفون الموت، فالمرء لا يتحمّل فكرته عادة بقرار؛ بل انطلاقًا من الحمق والعادة، وأغلب النّاس يموتون لأنّهم لا يستطيعون الامتناع عن الموت»(22).
بعد تشريح الإنسان جسدًا وروحًا وعقلًا، حيث فكّكه دو لاروشفوكو إلى أجزاء كي يسهُل فهمه من جديد، قال: «لقد تعوّدنا كثيرًا على ارتداء القناع أمام الآخرين إلى درجة أنّنا بِتنا أخيرًا نتقنّع حيال أنفسنا»(23)، يؤكّد دو لاروشفوكو على أنّ الحظّ قد يكون عاملًا مُساعدًا في رُقِيّ الإنسان، وقد لا يكون، بعبارةٍ أخرى يَمتلِك الإنسان زمام أموره في الأشياء التي تَرْفَع مقامه الفكريّ، وإن كان الحظّ خادمًا فلا بأس؛ مع تأكيده على أنّه ليس العامل الحاسم أبدًا؛ فيقول: «مهما تكن عظمة المزايا التي تهبها الطّبيعة، فليست وحدها التي تصنع الأبطال، بل مرافقة الحظّ لها»(24)، ويقول أيضًا: «سعادة البشر أو تعاستهم لا تتوقّف على الحظّ، بل على مزاجهم أيضًا»(25). يبقى الحظّ من الكماليات التي قد تخدم البارادايم خدمة جليلة، ويستفيد منها الإنسان حسب مزاجه الذي يتقلّب كما يتقلّب الحظّ؛ إذْ «الطّبيعة تصنع الجدارة والحظّ يشغّلها»(26)، ويتشرّف أولئك الذين يحسبون أنفسهم أصحاب جدارة بأن يكونوا تعساء، كي يقنعوا الآخرين ويقنعوا أنفسهم بأنّهم جديرون بالانتصار على الحظّ الذي سيُعاكسهم ذات مرّة.
وأخيرًا، في هذا الجزء الذي يتعلّق بثيمة الإنسان، يُعمّم دو لاروشفوكو الفكرة، ويقول: «معرفة الإنسان بشكلٍ عامّ، أسهل بكثير من معرفة إنسان محدّد»(27)، ويزيد قائلًا عن مبدأ التّعميم هذا: «لو لم تكن لنا عيوب قطّ، لمَا استمتعنا بملاحظة وجودها لدى الآخرين»(28)، كما يُضيف في حكمة أخرى: «أسهل على المرء أنْ يكون حكيمًا للآخرين من أنْ يكون حكيمًا لنفسه»(29)، فما مِن حادث في منتهى التّعاسة [الحداثة الجارحة آنذاك]، إلّا ويَستخلص منه النّاس المَهَرَة بعض الغُنْم، وما من حادث في منتهى السّعادة [امتيازات الكنيسة]، إلّا ويتمكّن المتسرعّون من تحويله إلى ضررٍ لهم.
ثانيًّا: المَرأة عند دو لاروشفوكو
كان موضوع المرأة وما يزال موضوعًا خصبًا بالنّظر إلى التّفرقة بين الجنسين، فتمّ تناول موضوع المرأة من زوايا متعدّدة فلسفية فكرية دينية نوعية طبيعية .. وغيرها، وكان للحداثة نصيب من هذا التّفكير، إلّا أنّه كان تفكيرًا عقلانيًّا أكثر، بالنّظر إلى المُتغيّرات العارضة آنذاك. رأينا سابقًا أنّ دو لاروشفوكو كان من مرتاديّ صالونات الأدب والحِكم الأدبية التي تنافست فيها النساء أكثر من الرجال، بحُكم الطّبقة البورجوازية التي تُهيمن عليها صفة العِلم والتّعلم، فبينما كان الرجال في ميادين الحرب والمبارزة -فالحرب تقليد بورجوازيّ- كانت النساء ترتاد صالونات التعلّم والمُدارسة والتنافس الفكري الأدبيّ، وحينما أُصيب دو لاروشفوكو بِجُرجٍ بليغ أقعده عن الحرب، برز نجمه في الأدب، ولكي لا يُقال إنّه زير نساء، فقد تحدّث عن المرأة والحُبّ بشكلٍ مقتضب، رغم أنه هو نفسه أحبَّ من ذاك الوسط؛ بل يُقال إنه تزوّج منه، قبل أن يُقعده مرض التهاب المفاصل دون حراك في مأواه.
أما المرأة عند دو لاروشفوكو، فهي مزاجٌ بالدّرجة الأولى، أنّى كان مزاجها جيّدًا كان تعاملها جيّدًا والعكس صحيح، يقول: «لا يمكن أن تكون ثمّة قاعدة في عقل النّساء ولا في قلوبهن إذا لم تتّفق والمزاج»(30)، وهذا المزاج عيْنه -بحسبه- هو الذي يجعل أغلب النّساء قليلات التأثّر بالصداقة؛ لأنّها تبدو تافهة بعد مدّة من الإحساس بشعور الحُبّ، وإذا كان من الصّعب تعليل الأذواق بشكلٍ عامّ؛ «فمن الأصعب تعليل ذوق النّساء المتغنّجات»(31)، في نيل إعجابهنّ.
وعليه فصرامة النساء هي ما تُحاولن به تجميل صورتهنّ أكثر من جمالِهنّ نفسه، وإلّا أصبحن عُرضة للقيل والقال، فـعند الرجل «كلّما ازداد حُبّ العشيقة؛ ازداد الدنوّ من كرهها»(32)، لذلك عالج دو لاروشفوكو موضوع المرأة بعمومية أكثر، ولم يُحاول التعمّق في المواضيع التافهة -إن صحّ التعبير- حولها، واكتفى بما يُناقش ويُقال بفكر أكثرٍ أناقة ولباقة، وهي صفة من صفات الحداثة التي اتّجهت رأسًا للمواضيع المُهمّة المُستعجلة، وتَركت الباقي للأجيال والقرون اللّاحقة، فما تمّ إغفاله زمن الحداثة لم يكن عفويًّا بل كان مقصودًا، إمّا لضيق الوقت ولاستيفاء دراسة كاملة حول موضوع ما، وإمّا لأنّه مركّب وغير واضح، ومن ثمّ يُترك لمرحلةٍ آتية.
وفي السّياق ذاته، أيّ عمومية الموضوع حول النساء، يقول دو لاروشفوكو: «قلّة من النساء اللّواتي تدوم جدارتهنّ أكثر من جمالهنّ»33)، ويضيف كذلك: «شرف النساء هو غالبًا حُبّ لصيتهنّ وراحتهنّ»(34)، فيما يؤكّد على دور الطبيعة وسيرورة الحياة قائلًا: «لا جدوى من أن تكون امرأة شابّة من دون أن تكون جميلة، ولا أن تكون جميلة من دون أن تكون شابّة»(35)، وأكبر عدوّ للنساء ليس الرجال؛ بل الشّيخوخة التي تُعتبر على حدّ قوله: «جحيم النّساء»(36).
وخلاصة القول أعطى دو لاروشفوكو مكانة للمرأة أحسن -على الأقل- من النّظرة التي كانت سائدة، مع التزامه التزاما تامًّا بأنّ ممارسة الحُبّ ممنوعة دون رغبة، بمعنى كان مُحافظًا على التقاليد ومُحترِمًا المرأة، وهو ما ظهر كما قلنا سابقًا في قلّة الحديث عنها في أدبيّاته وحِكَمِه، لأنّ المرأة لديه ليست كائنًا للحُبّ والجنس فقط؛ بل هي كائن يشترك مع الإنسان في أفكاره وأدواره وتطلّعاته؛ إذ ممارسة الحُبّ ليست المنتهى والغاية، وهو ما نلاحظه في حديثه الآتي: «أدنى عيب لدى النساء اللّائي استسلمن لممارسة الحُبّ؛ هو ممارسة الحُبّ»(37).
ثالثًا: الحُبّ عند دو لاروشفوكو
حاز موضوع الحبّ، كذلك، لدى دو لاروشفوكو نصيبًا لا بأس به من تفكيره،(38)؛ لأنّه ارتاد صالونات الأدب المليئة بالنساء من الوسط الرّاقي من جهة، ومن جهةٍ أخرى، فإنّ تفكيكه للإنسان أدبيًّا ومعرفيًّا احتاج معه التطرّق لموضوع الحبّ. ناهيك عن تجاربه التي تَحَدَّثَ عن مُلابساتها في حياته، والحبّ ليس موضوعًا حداثيًّا بامتياز؛ بل عرفه الإنسان منذ القدم، ولكن لمسة دو لاروشفوكو كانت من زاوية ظهور الحداثة التي منحت مبادئًا وأُسسًا جديدة في الحياة الغربيّة بشكلٍ عامّ. فما كان أن بدأ المُفكّر والفيلسوف والأديب والعالِم وغيرهم في التطرّق من جديد لهذا السّاحر الخفيّ الذي يتسلّل لجسم الإنسان وقلبه، ما رأي العقل فيه؟
يقول دو لاروشفوكو عن وصف الحُبّ: «يصعب وصفه، وما يمكن قوله عنه إنّه يكون في الروح رغبة في السّيطرة، وفي العقول استلطافًا، ولا يكون في الجسد إلاّ رغبة مَخْفيّة ورقيقة لامتلاك ما نحبّ بعد الكثير من الأسرار»(39)، فكثيرًا ما يعتقد الإنسان أنّه يتعامل قائدًا لنفسه في حين يكون مُنقادًا، وبينما تذهب روحه إلى هدفٍ ما، يسوقه قلبه لا شعوريًّا إلى هدفٍ آخر. ويصرّ دو لاروشفوكو على وجود حُبّ خالص ومتخلِّص من أهوائنا الأخرى لا محالة، ولكن مخفيّ، وإن بحثنا عنه، فلن يظهر لنا وبالأحرى لغيرنا.
ويستمرّ دو لاروشفوكو في التحليل، وهي خاصّية حداثيّة بامتياز -إذا تبِعه التركيب وهو ما سنراه بعد قليل- ويُفرِّق بين القلب والعقل في الحبّ، فالأوّل يخدع الثاني ولا يفهم شيئًا إلّا بعد مدّة، حيث إنّ «العقل هو دائمًا ضحيّة خداع القلب»(40)، كذلك معرفة الثاني تَصْرِف عن معرفة الأوّل فـيقول في حِكمةٍ مبيِّنًا: «كلّ الذين يعرفون عقولهم لا يعرفون قلوبهم»(41)، والأمر الآخر أنّ الثاني لا يُمكنه أن يؤدي دور الأوّل كثيرًا، في حين يكون العكس صحيحًا، فيقول: «لا يمكن للعقل أن يلعب دور القلب مطوّلًا»(42). وهي أدوار تتداخل ولكن تبقى مستقلّة، شأنها شأن الحداثة بالضّبط في تحديد المفاهيم من جديد وبداية التّأسيس المعرفي – كما قال ديكارت- على الحَجر والصّخر عوض التراب والصلصال. يُثبت دو لاروشفوكو الحُكم نفسه؛ إذ أخطأ الناس في الاعتقاد بأنّ العقل والحُكم أمران مختلفان، فليس الحُكم إلّا عظمة نور العقل، وذلك النّور يخترق عمق الأشياء لتفكيكها، فَيُلاحِظ فيها كلّ ما يجب ملاحظته، ويُدرك تلك التي تبدو غير قابلة للإدراك، وهكذا يجب التمسّك بالاتفاق المتعلّق بكون امتداد نور العقل هو الذي يُنشئ كلّ النتائج التي تُعتبَر تركيبًا وتُنسب إلى الحُكم؛ إنّه تَجَلٍّ واضحٍ للحداثة في فكر الإنسان آنذاك، يُظهِر كيف اشتغلت منظومة الحداثة في إعادة غربلة التّفكير كلّه.
وفي السّياق نفسه يمضي دو لاروشفوكو في إعادة التّفكير في الحُبّ وماهيّته، فيقول: «لا يوجد إلاّ نوع واحد من الحُبّ، لكن توجد منه ألف نسخة مختلفة»(43)، ويقول أيضًا: «يوجد نوعان من الثّبات في الحُبّ: أحدهما يتأتّى ممّا نجده بلا انقطاع في الشّخص الذي نحبّه من مواضيع جديدة للحبّ، والآخر يتأتّى من شعورنا بشرف أن نكون ثابتين في حبِّنا»(44)، فصار دو لاروشفوكو أكثر دقّة في تحديداته أكثر من ذي قبل، إذ انتقل من العامّ إلى الخاصّ، أيّ من التحليل إلى التركيب، فها هي ذي خلاصة الحبّ تكمن عنده في النّدرة التي تصل حدّ الاستثناء حتّى من الصداقة الحقيقية، يقول: «مهما يكن الحبّ الحقيقيّ نادرًا، فهو أقلّ ندرة من الصداقة الحقيقية»(45)، بينما يؤكّد أنّنا لو حَكمنا على الحبّ انطلاقًا من أغلب نتائجه، لَتبيّن أنّه أقرب إلى الحقد منه إلى الصداقة، ومع ذلك فـ«الحُبّ شأنه شأن النّار؛ لا يمكنه الاستمرار من دون حركة دؤوب، وهو يكفّ عن الحياة حالَما يكفّ عن الأمل أو الخوف»(46)، ونختم موضوع الحبّ بحكمةٍ رائعة وقّعها دو لاروشفوكو في توقيعاته، يعطي فيها أخيرًا التّعريف الأصيل للحبّ الحقيقي في تصويرٍ بديع، قائلًا: «حكاية الحُبّ الحقيقيّ، تشبه حكاية تَجَلِّي الأرواح: الجميع يتحدّثون عنها، لكنّ قلّة هم مَن شاهدوها»(47).
وفي ختام الجزء الأوّل من المقالة التي تعمّقت في مواضيع ثلاثة رئيسيّة(48)، من وجهة نظر دو لاروشفوكو الأدبية، هي الإنسان وما يشتمل عليه من جسد وعقل وروح، ثمّ المرأة باعتبارها نصف الحداثة كما هي نصف المجتمع، إلى موضوع الحُبّ الذي حيّر الإنسان منذ عهدٍ قديم جدًّا. ورأينا كيف اجتمعت المواضيع الأساسية الكبرى في خلطة سحريّة مُبتدؤها الحداثة الطارئة، ومنتهاها الحداثة أيضًا التي وصلت للمجال الأدبيّ عبر تطبيق الأدوات المنهجية الحداثية من عودة إلى الذات، ومن تحليل ثم تركيب، ومن وضوح، ومن تحديد مفاهيم جديدة متناسبة مع برادايم المعرفة الذاتية، وغيرها من الأدوات والأسس. وسنتطرّق في الجزء الثاني استكمالاً مع دو لا روشفوكو – من مُنطلق حداثيّ أيضًا – لمواضيعٍ لا تقلّ أهمية، وهي: الصداقة، ثمّ الأخلاق، فالسياسة باعتبارها تطبيقًا لهما.
[divider style=”solid” top=”20″ bottom=”20″]
الإحالات والهوامش:
(1) وُلد دو لاروشفوكو بعد وفاة مكيافيلي بـ 86 سنة، وبعد وفاة كوبيرنيك بـ 70 سنة فقط.
(2) فرانسيسكو سواريز (1548–1617م)، فيلسوف ولاهوتيّ وكاهن يسوعي إسباني، كان واحدًا من الشّخصيات البارزة في حركة مدرسة سلامنكا، ويعتبر واحدًا من أبرز السكولاستية (مدرسة فلسفية) بعد توما الأكويني.
(3) جيامباتيستا فيكو (1668-1744م)، مفكّر ومؤرّخ إيطالي من نابولي كان له فضل على تطوير علم التاريخ في أوروبا. وتجدر الإشارة أن معاصرة دو لاروشفوكو لهؤلاء كان منذ ولادته حتّى وفاته، بمعنى عاش مع فلاسفة كبار في السّن، ومع آخرين صغار، وفئة أخرى في سنّه، وهكذا.
(4) الباستيل هو سجن أُنشئ في فرنسا بين عامي 1370 و1383م، كحصن للدّفاع عن باريس، ومن ثمّ كسجن للمعارضين السياسيّين والمسجونين الدينيّين والمحرّضين ضدّ الدولة. وأصبح على مدار السّنين رمزًا للطّغيان والظّلم وانطلقت منه الشّرارة الأولى للثورة الفرنسية في 14 يوليو 1789م.
(5) حِكَم وأفكار، فرانسوا دو لاروشفوكو، ترجمة محمد علي اليوسفي، مراجعة كاظم جهاد، هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، مشروع كلمة، أبو ظبي، ط1/2017م، ص:7 مقدمة المُراجع بتصرف.
(6) المرجع نفسه والصفحة نفسها.
(7) المرجع نفسه، مقدمة المراجع، ص:9.
(8) العودة إلى الذّات كما نادى بذلك ديكارت، فكان «الكوجيطو» الدّيكارتي المشهور بتكرار كلمة «أنا» ثلاث مرّات: أنا أشكّ أنا أفكّر إذن أنا موجود، تأكيدًا وتثبيتًا على الذّاتية والأنا والعودة إلى الذّات.
(9) «الدّوبيتو»، بمعنى الله ليس وهْمًا وهو ضامن للحقيقة، ثمّ «الكوجيطو» أنا أشكّ أنا أفكّر إذن أنا موجود.
(10) حِكَم وأفكار، فرانسوا دو لاروشفوكو، مرجع سابق، ص:17.
(11) المرجع نفسه والصفحة نفسها.
(12) المرجع نفسه والصفحة نفسها.
(13) المرجع نفسه، ص:18.
(14) المرجع نفسه، ص:25.
(15) المرجع نفسه، ص:22-23.
(16) المرجع نفسه، ص:27.
(17) المرجع نفسه، ص:73.
(18) المرجع نفسه، ص:76.
(19) المرجع نفسه، ص:63.
(20) المرجع نفسه، ص:24.
(21) المرجع نفسه، ص:47.
(22) المرجع نفسه، ص:20.
(23) المرجع نفسه، ص:36.
(24) المرجع نفسه، ص:25.
(25) المرجع نفسه، ص:26.
(26) المرجع نفسه، ص:41.
(27) المرجع نفسه، ص:85.
(28) المرجع نفسه، ص:22.
(29) المرجع نفسه، ص:37.
(30) المرجع نفسه، ص:72.
(31) المرجع نفسه، ص:163.
(32) المرجع نفسه، ص:34.
(33) المرجع نفسه، ص:90.
(34) المرجع نفسه، ص:49.
(35) المرجع نفسه، ص:94.
(36) المرجع نفسه، ص:126.
(37) المرجع نفسه والصفحة نفسها. وتعني ممارسة الحُبّ في ذاك العصر هو حُبٌ دون رغبة.
(38) موضوع الإنسان والمرأة كما أشرنا سابقًا، يحتاج حبًّا كموضوع للتّطبيق.
(39) حِكَم وأفكار، فرانسوا دو لاروشفوكو، مرجع سابق، ص:28.
(40) المرجع نفسه، ص:33.
(41) المرجع نفسه والصفحة نفسها.
(42) المرجع نفسه، ص:34.
(43) المرجع نفسه، ص:29.
(44) المرجع نفسه، ص:44.
(45) المرجع نفسه، ص:90.
(46) المرجع نفسه، ص:29.
(47) المرجع نفسه والصفحة نفسها.
(48) هي مواضيع متناثرة على طول الكتاب، بذلت مجهودًا شخصيًّا في جمْع حِكَمِها وترتيبها، حسب المواضيع المدروسة في المقالة، لكي تُصبح على الشكل الذي قُدِّمت به.