
تحاول هذه المقالة الكشف عن الدلالات التي تكمن وراء استخدام «حنَّا آرنت» (1906-1975) لبعض الأبعاد الرمزية في حديثها عن مفهوم الحرية في إطار فلسفة الفعل، فإذا كانت آرنت تساوي بين الحرية والفعل، فإن هذا يقودنا إلى التساؤل عن الأسس التي اعتمدت عليها في ذلك، والنتائج المترتبة عليه.
أولًا: مفهوم الحرية كفعل إبداعي
تذهب آرنت إلى أن السبيل الأوحد لتحرير الإنسان يتمثل في إيمانه بضرورة «الحرية»، والحرية عندها تتجسد في استرجاع الفعل الإبداعي في ميدان السياسة؛ لأنه الميدان الذي تظهر فيه الحرية كحقيقة من حقائق الحياة اليومية. ومن ثَمَّ فلا بُدَّ عند الحديث عن مشكلة الحرية أن نضع نُصْبَ أعيننا موضوع السياسة، باعتبار أن الإنسان مخلوقٌ وُهب موهبة «الفعل» (Action). وإن «الفعل» و«السياسة» هما الوحيدان من بين مجموع قدرات الحياة البشرية وإمكاناتها اللتين لا يمكننا حتى تصورهما من دون أن نفترض على الأقل أن الحرية موجودة([1]).
من هذا المنطلق انصب اهتمام «آرنت» في جزء كبير منه على الدفاع عن قيمة الحرية الفردية لدرجة أنها تربط بين السياسة والحرية برباط لا ينفصم، بحيث أصبحت دلالة السياسة الحقيقية كامنة في الحرية([2]). ويتمثل جوهر الحرية عندها في القدرة على الفعل الإبداعي في ميدان السياسة؛ فالحرية- على حد تعبيرها- تعني «القدرة على استدعاء شيء إلى الوجود لم يكن موجودًا من قبل، ولم يكن مُعْطًى، حتى أنه لا يمكن إدراكه أو تصوّره»([3]). وبهذا المعنى فإن تحرير الإنسان لا يمكن أن يَحصُل إلَّا عن طريق الفعل الإبداعي، وهو ما لن يتحقق إلَّا بانخراطه في ميدان السياسة.
إن تعويل آرنت على الفعل الذي ينتمي إلى دائرة «المجال العام»، يؤكد في جانب منه نزوعها التحرري الإنساني؛ فعن طريق الفعل يكشف الأفراد عن ذاتهم، وهويّتهم، وتميُّزهم الفريد، لا بوصفهم أشياء مادية، بل بما هم بشر في المقام الأول. وهذا الظهور باعتباره متميزًا عن مجرّد الوجود الجسدي- الحيواني- يستند إلى «المبادرة» Initiative، وهي مبادرة لا يمكن لأيّ كائن بشري أن يمتنع عنها إذا أراد أن يبقى إنسانًا([4]). ومن هنا يتضح مدى أهمية «الفعل» عند آرنت باعتباره السبيل الوحيد للتحرر السياسي؛ فعن طريقه يكون في وسعنا دائمًا أن نبتكر شيئًا جديدًا، ومن دونه سيكون كل مسعى إنساني مجرد سلوك تلقائي، أو سيرورة بقاء بيولوجي لا أكثر، ولذلك تضيف آرنت: «إن قدرة الإنسان على الفعل هي التي تجعله مواطنًا سياسيًا بالدرجة الأولى، وهي التي تُمكِّنه من أن يلتقي بأمثاله من البشر وأن يفعل معهم بشكل متناسق، وأن يتوصل معهم إلى تحقيق أهداف ومشاريع، ما كان له أن يقوم بها لو أنه لم يتمتع بتلك الهبة»([5]).
من هذا المنطلق، تُمثِّل السياسة مجالًا للإبداع لأنها تُعلم البشر كيف يخلقون ما هو عظيم ومشرق، ويتجرؤون على فعل ما هو خارق للعادة. وتوضح «كاثي كاروث» (Cathy Caruth) ذلك بقولها: «إن تأكيد آرنت على أن السياسة تُعَدُّ مجالًا ذا أهمية كبيرة، يعود إلى أنها الميدان النموذجي الذي يستطيع الإنسان من خلاله أن يمارس قدراته الأساسية- كإنسان- على الفعل، ومن ثَمَّ قدرته على أن يخلق في العالم شيئًا جديدًا لم يكن موجودًا من قبل. وإن هذا التصور للفعل ظهر على وجه التحديد عند اليونانيين، عندما حلَّت الأقوال والأفعال محل قوة العنف العمياء، فساعد ذلك على خلق مجال عام ظهر فيه الأشخاص في مواجهة أمام بعضهم بعضًا، فأسهموا في خلق العالم من جديد بطرق غير متوقعة»([6]).
ثانيًا: الحرية وفلسفة الفعل
إن اهتمام آرنت بالفعل يمثل جزءًا من تيار أساسي في الفلسفة المعاصرة، وهو تيار «فلسفة الفعل»([7])، وبعبارة أخرى فإن تركيزها على الفعل- بوصفه الخاصية التي تميز الإنسان عن غيره ويثبت من خلاله وجوده الحقيقي- لا ينفصل عن هذا التيار الذي تبلورت ملامحه وأبعاده بشكل متكامل في القرن العشرين، سواء عند الوجوديين أو الماركسيين أو البراجماتيين. وتعني »فلسفة الفعل« بتحليل طبيعة الفعل الإنساني ومشكلاته، وتنطلق من تمييز جوهري بين »الأفعال« “Actions” من جانب، و»الأحداث« “Events” من جانب آخر([8]).
وقد ظهر هذا التيار وتطور في الفلسفة الغربية بفضل اهتمام العديد من الاتجاهات الفلسفية المعاصرة بدراسة الواقع ونقده ومحاولة تغييره أكثر من الاهتمام بالتأمل العقلاني أو التصورات الميتافيزيقية، حتى أن سارتر تحدث عن كوجيتو جديد انطلاقًا من فلسفته الوجودية التي تهتم بسلوكيات الإنسان وأفعاله المتعددة، وتقول إن الإنسان ليس في ذاته إلا ما يفعله؛ أي أنه لا يمكن معرفة شخصية الإنسان إلا من خلال ما ينجزه وما يقوم به من أفعال أثناء وجوده التاريخي الفعلي، ومن هنا ردد سارتر مع الفيلسوف الفرنسي «مان دي بيران» (Maine de Biran) (1766-1824) مقولته: «أنا أفعل إذن أنا موجود»! في مقابل الكوجيتو التقليدي، الذي يحدد وجود الإنسان من خلال التفكير وحده: «أنا أفكر إذن أنا موجود»([9]). ومن هنا وفي مقابل مقولة «ديكارت» التي اعتُبرت مقولة عقلية صرفة لا تعبأ بفاعلية الإنسان على أرض الواقع، صار الفعل هو المحدد للإنسان، فوجود الإنسان يتحدد بالفعل أو التصرف الذي يصدر عن ذاته، والذي يمكن ترجمته على هيئة أفعال. ومن هنا جاء الاهتمام بفلسفة الواقع، لأن تحقيق هدف الوجود الإنساني يتم من خلال الفعل الذي يجعل للحياة معنى.
ثالثًا: رمزية «الصحراء» و«الواحة» في التعبير عن فلسفة الفعل.
إذا كانت السياسة عند آرنت تُمثِّل مجالًا للإبداع لأنها تُعلم البشر كيف يخلقون ما هو عظيم ومشرق، ويتجرؤون على فعل ما هو خارق للعادة، فإنه ومن هذه الزاوية هاجمت الأنظمة الشمولية المغلقة لأنها تدمر أساسًا خاصية «الفعل» التي تميز كل ما هو مشرق وإبداعي من الناحية السياسية، ومن هذا المنطلق رمزت آرنت إلى هذه الأنظمة «بالصحراء»، في حين رمزت إلى الأنظمة الليبرالية المفتوحة «بالواحة». وهنا نطرح تساؤلًا مؤداه: لماذا لجأت آرنت إلى رمزية الصحراء والواحة في طرحها الفلسفي لإظهار طبيعة عمل الأنظمة الشمولية من ناحية والأنظمة الليبرالية من ناحية أخرى؟
انطلاقًا من كون اللغة عاجزة عن التعبير عن المحتوى لفكري على نحو أعميق، نزعت آرنت إلى استخدام الرمز لتوظفه كوسيلة لاستحضار دلالات الحرية من جانب ودلالات القهر من جانب آخر، ولم تجد أفضل من صورة «الصحراء» لأنه يغيب فيها التنوع والاختلاف، وتتلاشى فيها قدرة الإنسان الوجودية على الفعل، نظرًا للخضوع التام للصوت الواحد([10]). ومن هنا تكشف رمزيتها للأنظمة الشمولية «بالصحراء» عن مدى الفقر السياسي والثقافي والمعرفي في هذه الأنظمة، التي لا تستهدف سوى الهيمنة والتحكم، فالصحراء أرض قاحلة، مقفرة؛ حيث يعم فيها الخوف والهلع، وينتشر الجوع، وينعدم الاستقرار، وبالتالي فهي تستنزف المصادر الطبيعية، وتدمر القدرات الإنسانية، فرمزية الصحراء إذن تنطبق على الأنظمة الشمولية المغلقة التي تمثل أدوات لإرهاب الناس وتخويفهم وقمعهم تحت سيادة الحزب الواحد.
وفي المقابل ترمز آرنت إلى الأنظمة الليبرالية «بالواحة»، ففيها تتجسد المجتمعات المفتوحة التي تحقق ماهية «السياسي»، وفيها تتوافر شروط الحرية بمعنى الفعل الإبداعي، ومن هنا كانت الواحة صورة رمزية تعبر عن المجتمعات التعددية على صعيد الفكر والثقافة، ويتحقق في ظلها التسامح والحوار، وتسود فيها مبادئ المواطنة التي لا تميز بين الأفراد على أساس من العرق أو الدين، أو الجنس([11]).
وإذا كانت رمزية الواحة عند آرنت تجسد النظام الديمقراطي الليبرالي الذي تتحقق فيه قيم الحرية والمساواة، فإن الإنسان بذلك يستطيع أن يعيش وجوده الذاتي الحقيقي بعيدًا عن أي هيمنة، أو تنميط كلي، ففيها يتحقق الأمن، ويسود السلام الاجتماعي، وتعم السكينة. وآرنت بذلك تتفق مع كارل بوبر في دفاعه عن المجتمع الديمقراطي الحر (المجتمع المفتوح)، ورفضه «للنزعة الكلية» “Holism” التي تهيمن على مجمل أنظمة الحكم الشمولي المغلق، وهي الأنظمة التي يصفها بأنها تستهدف التحكم في المجتمع وإعادة إنشائه «ككل» طبقًا لخطها الأيديولوجي([12]).
لكن السؤال الآن: هل ثمة مرجعيات محددة انطلقت منها آرنت في استعمالها لرمزية الصحراء المقفرة لتقديم هذه الصورة السلبية عن الأنظمة الشمولية، ورمزية الواحة المفتوحة للتعبير عن أهمية وضرورة الأنظمة الليبرالية في تجسيد ماهية الإنسان وقدرته على الفعل؟
رابعًا: المرجعيات الأيديولوجية لرمزية الفعل
لاشك أن استعمال آرنت لهذين الرمزين يتأسس على مرجعية سيميوطيقية معينة، وتتضح هذه المرجعية إذا وقفنا على السياق التاريخي لفكر آرنت السياسي، حيث معايشتها- باعتبارها مواطنة ألمانية- للممارسات النازية الوحشية وسياساتها التحكمية الاستبدادية. ومن هنا اتجهت إلى نقد الأنظمة الشمولية وفضحها والتنديد بها، فكان الرمز وسيلة من الوسائل التي اعتمدت عليها لتصوير هذه الأنظمة على نحو أعمق وأدق.
وعلى هذا النحو اتخذت «آرنت» موقف العداء السافر ضد الأسس والمقومات الأساسية لفلسفة الأنظمة الشمولية، ومن ثَمَّ رفضت جميع حججها وأسانيدها واتجهت إلى الهجوم عليها ودحضها وتَعْرية ممارساتها القمعية في كتابها الأشهر «أصول الشمولية» (1951). وهنا يجب الوضع في الاعتبار أن ثمة نقطة تحول أساسية في حياة آرنت وفكرها السياسي؛ حيث عانت في وطنها الأم- ألمانيا- من تنامي النزعة المعادية للسامية([13])، التي بلغت ذُرْوَتها في ممارسات الاضطهاد والإبادة الجماعية ضد اليهود في ألمانيا فور صعود النازية إلى سدة الحكم سنة 1933. وعلاوة على ذلك، فإن تجربتها المؤلمة في المنفى، في باريس خلال الفترة من 1933 إلى 1941، فرضت عليها الابتعاد عن البحث الفلسفي حول السياسة بمفهومه النظري التقليدي والتوجه صوب التفكير السياسي العملي.
لكن يبدو أن هناك مرجعية أخرى تنطلق منها آرنت في استعمال هذين الرمزين، وهي مرجعية أيديولوجية: فرمز الصحراء الذي تستعمله يشير في الأساس إلى قصة نزوح بني إسرائيل من مصر إلى أرض كنعان (فلسطين وما إليها) كما ورد ذلك في سفر الخروج من الكتاب المقدس، وقد عاشوا في صحراء سيناء ما يقرب من أربعين سنة وقد استبدَّ بهم الجوع والعطش، وهي الفترة التي تُعرف باسم (التيه)؛ حيث ضياع بني إسرائيل في الصحراء القاحلة، ومنها نزحوا إلى أرض كنعان (فلسطين) وما فيها من خيرات، بحيث مثَّلت بالنسبة إليهم «الواحة» المفتوحة التي تم فيها توحيد قبائلهم وتم تأسيس مملكة إسرائيل.
ومن منطلق اعتقادها بأن الحرية تتجسد من خلال الفعل الإبداعي في مجال السياسة، تنظر آرنت إلى التحرر القومي لليهود- في عصرها- باعتباره محاولة لاستعادة الفعل الإبداعي لبني إسرائيل عن طريق انخراطهم السياسي في المجتمعات التي يقطنون فيها، وليس عن طريق القوة والعنف- كما تصور هرتزل وغيره. ومن هنا وانطلاقًا من عقيدتها اليهودية (والصهيونية كذلك([14]))، نزعت آرنت إلى الاعتقاد بأن السبيل الأوحد لتحرير اليهود يتمثل في إيمانهم «بالحرية». ولما لم يكن التاريخ اليهودي- بالنسبة لليهود أنفسهم- تراثًا ماضيًا للدرس والتاريخ فحسب، بل هو محرك وملهم لهم، عولت آرنت «الفعل» السياسي كوسيلة لإعادة مكانة الشعب اليهودي في العالم. وفي إشارة مُهِمّة، تربط «توبي إلكين» (Tobi B. Elkin) بين الفعل عند آرنت وتحرير اليهود، وتلاحظ أن ثَمَّة علاقة وثيقة بين الحرية المتجسِّدة في الفعل الإبداعي وسعيها لجعل اليهود يعيشون خارج الحدود الضيقة للذات الإنسانية([15]).
يتبين لنا إذن كيف كانت آرنت صَهيونية بالمعنى الحقيقي للكلمة؛ فلم تنتقد الحركة الصهيونية لأنها عقيدة شمولية، استيطانية، مثلها مثل النازية تمامًا مع اختلاف الهدف الأيديولوجي، علاوة على أنها لم تهاجم إسرائيل إلَّا لكي تحاول إنقاذها من العثرات التي كانت تقع فيها آنذاك، وكأنها تقول لإسرائيل: إن تحرير عقول اليهود أهمّ وأَوْلَى من تحريرهم المادي، بل هو الطريق الوحيد لتحررهم الشامل، وإنَّ «الفعل السياسي» بأنفسهم سابق على «التمكين في الأرض».
كانت دعوة آرنت إذن «تحذيرًا» لإسرائيل، من أن الدولة اليهودية كما تصورها هرتزل لن تحل «المشكلة اليهودية» العالمية؛ لأن النتيجة المأساوية هي أن مسألة معاداة السامية تحولت إلى معاداة الصَهيونية. كما أن محاولة إسرائيل لتثبيت شرعيتها بالقوة لن يكون ممكنًا على الدوام. وبحكم أن إسرائيل دولة صغيرة تقع في منطقة محورية من صراع القوى العظمى، فسيكون مصيرها تقريبًا الخضوع لظروف لا يمكن السيطرة عليها كما كان الحال بالنسبة لمصير يهود المهجر في أوروبا. ومن ثَمَّ فإن الاعتقاد الإسرائيلي المنتشر في كثير من الأحيان، والذي مفاده أن الإسرائيليين يمكن أن يصمدوا أمام العالم كله- إذا لزم الأمر- إن هذا الاعتقاد أمرٌ غيُر واقعي، تمامًا مثل عدم اكتراث يهود المهجر بالفعل السياسي الإبداعي. وخلاصة القول: لقد كانت آرنت تخشى من أن تؤدي هذه السياسة التي تنتهجها إسرائيل إلى نهاية مأساوية لها وللشعب اليهودي ككل.
إضافة إلى هذا، فإن انتقاداتها في كتاب «أيخمان في القدس» كانت موجهة إلى تعاون القادة اليهود وتواطؤهم خلال الحرب، ولم تكن موجهة إلى اليهود أنفسهم([16]). ومن ثَمَّ فإنها إذا كانت قد وقفت ضد إسرائيل- أو على الأصح ضد بعض سياساتها؛ خاصة فيما يتعلق بكيفية تعاملها مع المسألة الفلسطينية- وإذا كانت قد نَقَمت على إسرائيل في وقت ما، فإن ذلك لا يَعنِي خروجها عن الصَهيونية وفكرة القومية اليهودية العضوية، والمتمثلة في حلم الاستيطان اليهودي عن طريق «الاندماج» والانخراط السياسي، وليس عن طريق القوة والعنف.
خاتمة.
يتضح لنا مما سبق أن استعمال آرنت للرمزية السياسية (رمزية الصحراء والواحة) للتمييز بين المجتمعات الشمولية من جانب، والمجتمعات الديمقراطية الليبرالية من جانب آخر، لا يخلو من ركائز أيديولوجية تمثل المحرك والدافع الأهم لفكر آرنت. وبالتالي ورغم وجاهة هذا التمثيل الرمزي للتفرقة بين مجتمعات الحرية ومجتمعات القهر، فإنه يَعْكِس في حقيقة الأمر توجُّه آرنت الصَهيوني، وهو توجه يَطْبَع فكرُها بأكمله، كما يَعْكِس في ذات الوقت تعصبها للحرية بالمفهوم الليبرالي المحافظ (الحرية بالمعنى السلبي، الذي يَعْنِي غياب القيود التي تُكَبِّل فعل الفرد ونشاطه).
وهكذا فعلى الرغم من أن هذين الرمزين يتضمنان دلالة سيميوطيقة معينة في ميدان السياسة، فإن توجه آرنت- على النحو السابق- يضعها في المدخل الأيديولوجي للتعامل مع الرمز، من حيث مدى قدرة هذين الرمزين على الإسقاطات الواقعية للأنظمة السياسية، واستنفار الطاقات الانفعالية الإيجابية (على مستوى القبول بالديمقراطية)، أو السلبية (على مستوى رفض الأنظمة الشمولية).
د/ حمدي الشريف
أستاذ الفلسفة السياسية المساعد
كلية الآداب – جامعة سوهاج
أهم المصادر والمراجع
( أ ) المصادر.
- آرنت، حنّـة: الوضع البشري، ترجمـة: هادية العرقي، بيروت: دار جداول للنشر والتوزيع،
- ………..: بين الماضي والمستقبل؛ ستة بحوث في الفكر السياسي، ترجمة: عبد الرحمن بشناق، مراجعة زكريا إبراهيم، بيروت: طبعة دار جداول للنشر والتوزيع، 2014.
- ………..: في العنـف، ترجمـة: إبراهيم العريس، بيروت: دار الساقي، 1992.
- ………..:
- Arendt, Hannah: The Promise of Politics, ed. and with an Introduction by: Jerome Kohn, New York: Schocken Books, 2005.
( ب ) المراجع.
- العيادي، د/ عبد العزيز: فلسفة الفعل, صفاقس: دار نهى للطباعة والنشر, 2007.
- غبريال، كمال: العولمة وصعود الحداثة، القاهرة: دار دَوّن للنشر والتوزيع، 2010.
- بوبر، كارل: عقم المذهب التاريخي، ترجمة: د/ عبد الحميد صبره، الإسكندرية: منشأة المعارف، 1959.
- الشريف، د/ حمدي: «السياسة والجنس؛ دراسة نقدية لجدلية العَلَاقة المُلْتَبَسَة بين نازيَّة هيدجر وصَهيونيَّة آرنت»، بحث منشور في كتاب المؤتمر السنوي الدولي الثالث لقسم الفلسفة- كلية الآداب- جامعة الإسكندرية، تحت عنوان: كيف نقرأ الفلسفة؟ (في الإبداع ونقد النقد)، 7-8 نوفمبر 2017.
- Berkowitz, Roger, and Others (Eds.): Thinking in Dark Times: Hannah Arendt, On Ethics and Politics, New York, Fordham Univ. Press, 2010.
- Elkin, Tobi B.: “A Study of the Pariah in Hannah Arendt’s Theory of Action”, A. Thesis in Political Science, University of Massachusetts,1990.
- Hull, Margaret Betz: The Hidden Philosophy of Hannah Arendt, London: Routledge, 2002.
- Moya, Carlos J.: The Philosophy of Action: An Introduction, Cambridge: Polity Press, 1990.
( [1] ) آرندت، حنّة: “ما هي الحرية؟“، ضمن: بين الماضي والمستقبل؛ ستة بحوث في الفكر السياسي، ترجمة: عبد الرحمن بشناق، مراجعة زكريا إبراهيم، بيروت: طبعة دار جداول للنشر والتوزيع، 2014، ص. 204.
( [2] ) Arendt, Hannah: The Promise of Politics, ed. and with an Introduction by: Jerome Kohn, New York: Schocken Books, 2005, P. P. 108, 120.
( [3] ) آرندت، حنّة: “ما هي الحرية؟“، ص. 211.
( [4] ) أرنـدت، حنّـة: الوضع البشري، ترجمـة: هادية العرقي، بيروت: دار جداول للنشر والتوزيع، 2015، ص ص. 197-198.
( [5] ) أرنـدت، حنّـة: في العنـف، ترجمـة: إبراهيم العريس، بيروت: دار الساقي، 1992، ص. 74.
( [6] ) Caruth, Cathy: “Lying and History”, in: Thinking in Dark Times: Hannah Arendt, On Ethics and Politics, ed. by: Roger Berkowitz and Others, New York, Fordham Univ. Press, 2010, P. 79.
( [7] ) تهتم «فلسفة الفعل» (Philosophy of Action) بدراسة صيغة الوجود التامة للإنسان من خلال الانتقال المتبادل بين صعيدي النظر والعمل؛ أو النظرية والممارسة، ومن ثَمَّ فهي نشاط إجرائي يضطلع بالصيرورة والتغير، وهي لا ترتد إلى فلسفة سياسية ولا إلى أنثروبولوجيا فلسفية، بل هي فلسفة عامة بالمعنى الذي تكون به الفلسفة خطابًا مفتوحًا حول الطبيعة، وحول صيرورة أفعال التفرد الإنساني التي تُعبِّر عن جملة مراحل الكينونة البشرية، وخاصة الإنسان الذي يدخل بفعله في العالم ويشكل فعله بُعدًا من أبعاد العالم. (العيادي، د/ عبد العزيز: فلسفة الفعل, صفاقس: دار نهى للطباعة والنشر, 2007، ص. 9).
( [8] ) Moya, Carlos J.: The Philosophy of Action: An Introduction, Cambridge: Polity Press, 1990, PP. 2-3.
( [9] ) غبريال، كمال: العولمة وصعود الحداثة، القاهرة: دار دَوّن للنشر والتوزيع، 2010، ص. 235.
( [10] ) Arendt, H.: The Promise of Politics, op. cit., PP. 201-202.
( [12] ) بوبر، كارل: عقم المذهب التاريخي، ترجمة: د/ عبد الحميد صبره، الإسكندرية: منشأة المعارف، 1959، ص. 102.
( [13] ) يجب أن يكون واضحًا أن «معاداة اليهودية» تعني “العداء الديني لليهود”، وهي حركة مسيحية تكافح اليهودية على أساس ديني وثقافي بسبب عدم اعتراف اليهود بأن “يسوع المسيح هو المُخلص”، وهي حركة قديمة ترجع إلى أوائل القرن الرابع الميلادي واستمرت حتى منتصف القرن التاسع عشر أما «معاداة السامية» فتعني العداء العرقي، أو البيولوجي، للجنس السامي عمومًا، وهي حركة عنصرية حديثة العهد نسبيًا. والنازية كانت تعادي الاثنين معًا على المستوى السياسي والمستوى الثقافي.
( [14] ) برهنت- في بحثي- عن السياسة والجنس بين هيدجر وآرنت- عن مدى التزام آرنت بفكر الحركة الصَهيونية، عن طريق تأويل نصوصها الفلسفية والسياسية في ضوء اللحظة التاريخية التي كُتبت فيها وعبر سياقها الاجتماعي المُنْتِج لها وكذا في ضوء العوامل السياسية والتاريخية المُشَكِّلة لها والمُؤثِّرة فيها. (انظر: الشريف، د/ حمدي: «السياسة والجنس؛ دراسة نقدية لجدلية العَلَاقة المُلْتَبَسَة بين نازيَّة هيدجر وصَهيونيَّة أرندت»، بحث منشور في كتاب المؤتمر السنوي الدولي الثالث لقسم الفلسفة- كلية الآداب- جامعة الإسكندرية، تحت عنوان: كيف نقرأ الفلسفة؟ (في الإبداع ونقد النقد)، 7-8 نوفمبر 2017، ص ص. 1799-1805، 1823-1832).
( [15] ) Elkin, Tobi B.: “A Study of the Pariah in Hannah Arendt’s Theory of Action”, M. A. Thesis in Political Science, University of Massachusetts,1990, PP. 101ff.
( [16] ) Hull, Margaret Betz: The Hidden Philosophy of Hannah Arendt, London: Routledge, 2002, PP. 125-126.