سلسلة المأزق المعرفي في الفلسفة التحليلية:
[divider style=”solid” top=”20″ bottom=”20″]
لم تقف البراجماتية التجريبية عند طبيعانية كواين وأغراضها العلمية، بل انطلقت نحو تصور نسبويّ، وضعت فلسفة لويس بذوره، وعززته فلسفة كواين ذاتها، فعجزا عن منع البراجماتية التجريبية من السقوط في تلك الهاوية. ومن ثم لم يكن غريبًا أن تأتي أولى المواقف شبه ما بعد الحداثية في الفلسفة التحليلية من أحد تلاميذ لويس وشريك كواين في فلسفته المبكرة؛ نيلسون جودمان Nelson Goodman.
فلم يكن كواين هو الوحيد الذي تمرد على أستاذه كلارنس إرفينغ لويس، بل شاركه في ذلك جودمان، الذي درس في هارفارد وأشرف لويس بنفسه على رسالته للدكتوراة. شارك جودمان كواين في بداية مسيرته في رفض الكيانات المجردة في ورقتهما «خطوات نحو اسمانية بنائية» Steps Toward a Constructive Nominalism عام 1947، وشاركه رفضه التمييز بين القضايا التحليلية والتركيبية في رسائلهما المتبادلة عام 1947، كما شاركه رفضه للمعاني العقلية وحاجج معه بضرورة تعريف المعنى بلغة ماصدقية في ورقته «عن تشابه المعنى» On Likeness of Meaning عام 1949، أو بلغة سلوكية في ورقته «الحس واليقين» Sense and Certainty عام 1951.
في تلك الورقة التي كانت موجهة ضد لويس وأطروحة المعطى التجريبي بوصفها التأسيس الوحيد الذي تمسك به لويس، قال جودمان: «في حين أن هناك معطى، إلا أنه ليس بمقدورنا القول إنه صحيح [تأسيسيًا]. وفي حين هناك ما هو غير قابل للشك، إلا أنه لا شيء يقيني […] ما حاولت القيام به هنا هو أن أقترح كيف يمكن، من منظور براجماتي لا يختلف كثيرًا عما يتبناه السيد لويس، تفسير العلاقة بين اللغة وما تصفه تفسيرًا معقولًا. في هذه الحالة، لم يعد من الضروري اعتبار هذه العلاقة فورية أو غامضة أو غير قابلة للتفسير».
وهو ما رد عليه لويس في ورقة مضادة «المعطى في المعرفة التجريبية»The Given Element of Empirical Knowledge قائلًا: «إذا عجزنا عن التأكد من تجاربنا عندما نمر بها، فلن نتمكن من تحديد أي حقيقة موضوعية [بشكل واقعي] أو حتى افتراض وجود واحدة [بشكل مثالي] أو حتى تعيين احتماليتها [بشكل براجماتي] … أخشى أن اقتراح جودمان أكثر براجماتية مما أجرؤ أن أكون […] ذلك بسبب اقتناعي بمهمة البحث الإبستيمولوجي: إن الوظيفة الرئيسية لنظرية المعرفة يتعلق بسلامة المعرفة، والسلامة ترتبط بخاصية الإدراك المبرر».
أدرك لويس أن جودمان محق في وصف أطروحته بأنها براجماتية، وأدرك أيضًا أن الطريق الذي شقه عبر التخلي عن أسسية بيرس الرياضية والمنطقية سينتهى بإتساقية نسبية بما أن دافع البراجماتية هو رفض كل معيارية واقعية مما سيهدد مفهوم الحقيقة بالوقوع في الدور. يصف بوتنام أطروحة جودمان بأنها «دائرة، أو بالأحرى دوامة […]؛ لأن جودمان يقول إنّ ممارساتنا تكون صحيحة أو خاطئة اعتمادًا على مدى توافقها مع معاييرنا. وتكون معاييرنا صحيحة أو خاطئة اعتمادًا على مدى توافقها مع ممارساتنا».
في كتابه «طرق تشييد العالم» Ways of Worldmaking يتحدث جودمان عن وجود عدة نسخ صائبة right ومتضاربة للعالم، دون أن يوجد واقع حقيقي واحد تستند إليه جميع تلك النسخ في صوابيتها. تختلف تلك النسخ التي نشيدها باختلاف أغراضنا [ولهذا هناك نسخ صائبة ونسخ غير صائبة من المنظور البراجماتي]. كما تختلف باختلاف المفاهيم والمقولات التي تناسب تلك الأغراض [ولهذا هناك نسخ علمية، ونسخ فنية، وهكذا]. ومن ثم يعتبر أن في كل مرة نهجر مفهومًا ونتبنى آخر فإننا «نشيد ونعيش في عالم مختلف»[1]، حيث «تقودنا ثقتنا وقناعاتنا، التي هي عرضة للتقوية أو الإضعاف أو الرفض، في خضم سعينا لتشييد عوالم صائبة. ليس هناك نقطة مطلقة أو اعتباطية سواء في البداية أو النهاية، فالنسبية تمضي على طول الطريق»[2]. وهو ما أسماه جودمان Irrealism.
يرى جودمان أنه يستكمل الطريق البراجماتي الذي «بدأه كانط عندما استبدل بنية العقل ببنية العالم، ثم لويس عندما استبدل بنية المفاهيم ببنية العقل، ثم استبدالي ببنية المفاهيم بنية العديد من منظومات الرموز للعلوم، والفلسفة، والفنون، والإدراك الحسي، والخطاب اليومي. الانتقال من حقيقة فريدة وعالم ثابت نكتشفه إلى نسخ أو عوالم متنوعة ومتضاربة في طور التكوين»[3]. ومن ثم هاجم كل من يرد العالم إلى أساس واقعي واحد، وبالأخص «المادي الذي يحاجج بوجود نظام واحد شامل، الفيزياء، بحيث يلزم رد كل نسخة أخرى إليه وإلا سيتم وصمه بأنه خطأ أو هراء»[4].
مع صدور كتاب جودمان أدرك كواين خطورة المسلك البراجماتي الذي يتبناه جودمان بالنسبة للعلم لأن جودمان تخلى عن كل تأسيس معياري ممكن، في حين أن كواين تمسك بوجود نقطة أسسية معيارية واحدة وأعتبرها هدف براجماتيته: قدرة العلم على التنبؤ التجريبي أو «التنبوء بإثارات النهايات العصبية». ومن ثم تغير موقفه من الكيانات الرياضية المجردة واعتنق وجودها على أسس براجماتية؛ فائدتها للعلم.
لاحقًا، مد ديفيد لويس David Lewis خط القبول البراجماتي لوجود الكيانات المجردة واقعيًا بحيث يشمل العوالم المنطقية الممكنة Modal Realismالتي يمليها منطق الموجهات، فيقول: «أعتقد أنه من الواضح أن الموجهات بيّنت أسئلة عديدة في فلسفة المنطق، والعقل، واللغة، والعلم، ناهيك عن الميتافيزيقا نفسها … فإذا كان عالم الكيانات الرياضية جنة الرياضيين [بتعبير هيلبرت David Hilbert]، فإن الفضاء المنطقي هو جنة الفلاسفة. علينا فقط أن نؤمن بعالم الممكنات، وهناك سنجد ما نحتاجه للمضي قدمًا في مساعينا … إذا أردنا الفوائد النظرية التي يجلبها الحديث عن الممكنات، فإن الطريقة المباشرة والأكثر صدقًا لذلك هي تقبل كونها حقيقة حرفية … تستحق الفوائد التكلفة الأنطولوجية المدفوعة هنا. واقعية الموجهات مثمرة، وهذا يعطينا سببًا وجيهًا للاعتقاد بصحتها»[5]. لكن كواين لم يقبل منطق الموجهات براجماتيًا رغم فائدته البحثية لأن بوصلته ظلت العلم المادي أو الفيزياء وحدها.
لم يكن كواين براجماتيًا وإنما ماديًا يحاول إخفاء عيوب التجريبية الميتافيزيقية خلف ستار البراجماتية. وهو ما يظهر بوضوح في مراجعته لكتاب جودمان، حيث يقول: «يشعر المرء أن تتابع هذه العوالم أو النسخ يسير نحو العبثية. يتمثل دفاع جودمان عن أطروحته في قوله إنه لا توجد نقطة وسيطة لإنهاء هذا التتابع. لكني أرى أنه يلزم أن ينتهي بعد الخطوة الأولى: النظرية الفيزيائية. أقر بإمكانية وجود نظريات فيزيائية بديلة بحيث لا يمكن الحكم بينها؛ لكني أرى بقية عوالم جودمان مجرد تشبيهات ضعيفة. يسأل جودمان عن مبرر الاحترام الخاص للنظرية الفيزيائية؟ وأنا أجيب كالتالي: لا شيء يحدث في العالم، لا رفرفة الجفن، ولا وميض الفكر، دون إعادة توزيع بعض الحالات الفيزيائية الدقيقة […] الشمولية التامة بهذا المعنى هي عمل الفيزياء، والفيزياء فقط … ومن هنا كان احترامي الخاص للنظرية الفيزيائية بوصفها النسخة، وللعالم المادي بوصفه العالم»[6].
وهو موقف نتبين بُعده عن المنهج البراجماتي إذا قارناه برفض بوتنام لدوجما كواين القائلة بأن تكون اللعبة اللغوية للفيزياء النظرية هي اللغة الوحيدة لوصف العالم؛ لأن «هناك مستويات صورية عديدة للعالم، وليس هناك احتمالية حقيقية لاختزالها كلها في مستوى الفيزياء الأساسية»[7]. لقد تخلى كواين عن براجماتيته ليتبنى موقفًا تأسيسيًا متمثلًا في وجود حقيقة واقعية [مادية] تمكنه من الرد على براجماتية جودمان الأكثر عمومية وشمولًا. فالواقعية مثل المنطق، لا يمكن لأي محاججة عقلانية ألا تستند إلى أحد أوجهها بشكل تأسيسي يُسلم بكونه تجلي للحقيقة المعيارية، حتى لو كان محاججة ضد الواقعية ذاتها. وهو ما يتناقض ذاتيًا مع براجماتية كواين لأن البراجماتية تستند دومًا إلى غرض معين بشكل مسبق، ومن ثم تنعدم إمكانية الفصل بين الأغراض المختلفة من منطلق براجماتي، فينتفي أي إلزام عقلاني لمبررات كواين في الدفاع عن موقفه البراجماتي ضد أي موقف براجماتي آخر. لا معنى للحجاج لصالح براجماتي لأنه حجاج بين أغراض مختلفة فحسب، فمن أي موقع موضوعي يمكن توجيه سهام النقد لهذا الغرض أو ذاك؟ بدون نقطة تأسيس سينهار كل شيء.
احتوت فلسفة كواين على مشكلة أساسية منعت انتشارها بين علماء الطبيعة: أن المثال العلمي التي استندت عليه فلسفته كان الفيزياء الحديثة فحسب، والتي يكاد ينعدم فيها وجود الملاحظة المباشرة، وإنما يحل محلها الآثار البراجماتية لكياناتها. ولذلك قَصَر بيير دوهايم أطروحته القائلة بأنه «لا يمكن عزل فرضية واحدة بهدف اختبارها» على الفيزياء فحسب؛ لأن نقص التحديد underdetermination هو نتيجة مباشرة للمنهج البحثي في موضوعات الفيزياء الحديثة. وهو ما نجده لدى علماء الفيزياء الحديثة فحسب، فقد أصر أينشتاين Albert Einstein في رسائله لشيلك على أنه لا يوجد مسار منطقي من التجربة إلى النظريات لأن النظريات «إبداع حر للروح البشرية». بل إنه يقدم مثالًا يوضح حتمية الكلانية في الفيزياء الحديثة، فيقول عن مفهوم الحقل Field «إنه يعيد تعريف مفهوم القوة بشكل يمنع الوصول إليها مباشرة عبر التجربة. فتصبح القوة جزء من البناء النظري الذي يقاس صحته وخطأه بكونه متسقًا أو غير متسق مع التجربة ككل فحسب».
لكن كواين حاجج بأن أطروحة دوهايم تشمل العلوم جمعاء، وهي خطوة خاطئة إذا أخذنا في الاعتبار أن درجة اللا-تحديد تقل كلما كان المنهج البحثي أكثر اعتمادًا على الملاحظة المباشرة. فليست جميع المناهج العلمية سواء، وبالتالي ليست جميع الحقائق الإبستيمولوجية في درجة اتصالها بالحقيقة الميتافيزقية الواقعية سواء، وبالتالي تختلف في درجة الاتفاق التأسيسي بخصوص واقعيتها، فليست كل العلوم سواء في علاقتها بالتحقق المباشر، والأدلة غير المباشرة، واستنساخ التجارب، والنموذج الرياضي، والتنبوء، والتكذيب، إلخ.
في جميع الأحوال يظل مسعى العلوم إلى تقديم نظريات تطابق الواقع وليس مجرد التنبوء البراجماتي. فعلى سبيل المثال يقول فاينمان Richard Feynman: «بالنسبة لأولئك الأشخاص الذين يصرون، مع ذلك، على أن الشيء الوحيد المهم هو أن النظرية تتفق مع التجربة، أود أن أسرد مناقشة خيالية بين عالِم فلك في حضارة المايا وتلميذه: كان المايا قادرين على حساب التنبؤات بدقة كبيرة لموضع القمر في السماء، وأوقات الكسوف، وما إلى ذلك. لكن كل ذلك كان يتم عن طريق الحساب. تَحسِبُ أرقامًا معينة، وتطرح بعض الأرقام، وهكذا. لم يكن هناك نقاش حول ماهية القمر، وإنما كل ما هنالك هو أن تحسب فقط. دعونا نفترض أن شابًا ذهب إلى عالِم الفلك وقال: لدي فكرة. ربما هذه الأشياء كرات من الصخور والتي تدور هناك. يمكننا حساب كيفية تحركها بطريقة مختلفة تمامًا عن مجرد حساب الوقت الذي تظهر فيه في السماء وما إلى ذلك. فسيقول عالِم الفلك: ما مدى دقة التنبؤ؟ فيرد الشاب: أنا لم أطور نموذجي لهذه الدرجة بعد. فيرد العالِم: لكننا قادرون على حساب الكسوف بشكل أكثر دقة مما تستطيع باستخدام نموذجك. لذا يجب ألا نهتم به؛ لأن مخططنا الرياضي أفضل […] إنّ تحديد ما إذا كان يلزم أن نقلق بشأن الفلسفات [طريق فهم القانون الطبيعي] وراء الأفكار أم لا هو مشكلة حقيقية»[8].
ومن ثم خالفت فلسفة كواين إملاءات الحس البديهي الميتافيزيقية مثل الحقيقة، والضرورة المنطقية، والواقعية، وغيرها، دون وجود أي سبب حقيقي لذلك. وهو ما سيشير إليه بوتنام Hilary Putnam في معرض نقده للحقيقة الإبستيمولوجية عند كواين وعواقبها النسبية: «إننا نتحدث دائمًا بلغة الزمان والمكان؛ لكن صواب وخطأ ما نقوله ليس فقط محدد بزمان أو مكان معين»[9]. وعلى هذا الأساس يحاجج بوتنام بأنه لا يمكن «طبعنة» العقل بشكل كامل؛ لأن «الفلسفة الوضعية أنتجت مفهومًا ضيقًا جدًا للعقلانية بحيث يستبعد نشاط إنتاج هذا المفهوم ذاته»[10]. ومن ثم لا يمكن التخلي عن المعيارية لأننا، بوصفنا مفكرين، «ملتزمون بأن يكون هناك نوع من الحقيقة، نوع من الحقيقة يكون جوهريًا [ميتافيزيقيًا] وليس مجرد (حذف الأقواس)»[11].
فاعتنق بوتنام مذهب الواقعية العلمية القائل بوجود «نظام حقيقي مستقل عن العقل، وكل حالة من حالاته هي حالة حقيقية مستقلة عن العقل، لكن يمكن تمثيلها بطرق مختلفة»[12] لأنه اعتبر أن الواقعية تقدم أفضل تفسير لنجاح العلم، وهذا مفاد «حجة عدم وجود معجزات» No miracles Argument. فالجمع بين الواقعية والحقيقة الإبستيمولوجية فقط، ودون أخذ الحقيقة الميتافيزيقية في الاعتبار، سيكون مثل «قولنا بوجود واقع لكننا لا نفكر فيه وإنما نكتفي بالتظاهر بالتفكير فيه، أو كقولنا: لا يوجد واقع، ولكننا نتظاهر بوجوده كلما فكرنا، ومن ثم يلزم علينا أخذ تظاهرنا على محمل الجد»[13]، مثل حال اختلاف أفعال هيوم العملية عن أقواله الشكوكية. وهو ما يعد في منظور بيرس أمرًا هزليًا، وبالأخص عندما ننظر في قدرتنا على التحكم في بيئتنا تطبيقيًا وليس فقط تنبؤيًا، بوصفنا فاعلين نشطين وليس فقط متلقين سلبيين.
وفي ضوء ذلك حاجج نايجل Thomas Nagel أن اشتقاق لا-واقعية العالم من حقيقة كون مفاهيمنا وقدراتنا الإدراكية غير مطلقة هو أمر خاطيء؛ لأنه يسلم بكون مفاهيمنا وقدراتنا الإدراكية خاطئة، في حين أن الاحتمال الأكثر دقة هو أننا ندرك عدد من الأوجه الواقعية للعالم بشكل أوسع من الخفاش الذي يدرك جوانب أخرى أقل والتي قد تكون مختلفة عنّا من منظور الشخص الأول. وهو ما يظهر بوضوح في قدرتنا على وصف الوسائل الإدراكية للخفاش، بل واستنساخها تطبيقيًا. وهو ما عنى لبوتنام نفس ما عناه لبيرس؛ اقترابنا تدريجيًا من الحقيقة الواقعية عبر القبول العقلاني الموضوعي، «الذي لا نملك غيره»، بأركانه الثلاثة: الاختبار، اللامعصومية، الحوار.
إن اشتقاق لا-واقعية العالم هنا لا يكون صحيحًا إلا عبر مسلكين: مسلك تأسيسي يستلزم الوقوف خارج عقولنا حتى ننقد إدراكها للواقع استنادًا على أدلة غير واقعية تحمينا من الوقوع في تناقض من نوعية الاستناد إلى أحداث واقعية صحيحة ومدركة [مثل وقائع التطور] لنحاجج ضد قدرتنا على إدراك وقائع صحيحة[14]، أو مسلك براجماتي يستلزم حدوث شك حقيقي ذي جوانب عملية تميّز تعامل أصحابه مع العالم من تعامل أنصار واقعية العالم. وغني عن الذكر أن الأمر مستحيل إبستيمولوجيًا في الحالتين. ومن ثم تهدف براجماتية بيرس وبوتنام إلى التحرر من القيود الإبستيمية بقدر الإمكان؛ أي بدرجة تقريبية وبمعدل تدريجي فحسب؛ لأننا «لن نصل إلى التحرر المطلق»[15]؛ منظور عين الإله، لكن ما لا يدرك كله لا يترك جله.
[divider style=”solid” top=”20″ bottom=”20″]
[1] Nelson Goodman, Ways Of Worldmaking, Harvester Press, 1978, p.101,
[2] Nelson Goodman, Of Mind and Other Matters, Harvard University Press, 1984, p. 40
[3] Nelson Goodman, Ways Of Worldmaking, p. x
[4] Ibid., p. 4
[5] David Lewis, On the Plurality of Worlds Oxford, Blackwell, 1986, p. 3,4
[6] W. V. Quine, Otherworldly, New York Review of Books, November 23, 1978
[7] Hilary Putnam, Reading Putnam, Edited by Maria Baghramian, Routledge, New York, 2013, p. 29
[8] Richard Feynman, Seeking New Laws, Cornell University on November 9, 1964
[9] Hilary Putnam, “Why Reason Can’t be Naturlaized” in Realism and Reason, p. 242, 247
[10] Ibid., p. 244
[11] Ibid., p. 246
[12] Hilary Putnam, Reading Putnam, Edited by Maria Baghramian, Routledge, New York, 2013, p. 28
[13] Hilary Putnam, A Comparison of Something with Something, 1985
[14] هذا ليس مضمون حجة بلانتينجا لأنه لا يشكك في قدرتنا عقولنا على إدراك وقائع صحيحة وإنما يسلم بذلك، لكنه يقول إنّ التطور لا يكفي لتحقيق ذلك وإنما تلزم أن تكون هناك غائية إلهية تربط تصميم عقولنا بالحقيقة، وليس بمجرد البقاء كما يحاجج الماديون. لكن تظل مشكلته هي تقديم أدلة حقيقية تنفي أن البقاء يستلزم درجة عالية من إدراك الحقيقة بحكم أن الحقيقة تعزز البقاء.
[15] Hilary Putnam, Reason, Truth and History, Cambridge University Press, 1981, p.55